مع انطلاق السنة الجامعية، يشهد ديوان الخدمات الجامعية للشمال كالعادة جملة من الاحتجاجات الطلابية إذ يتكرّر مشهد مئات الطلبة وهم يرابطون يوميًا لمدة طويلة في مقر الديوان علّهم يظفرون بمبيت جامعي يأويهم خاصة وأن أغلبهم من ولايات بعيدة عن العاصمة.
وقد فُقدت نكهة العودة الجامعية لدى الكثيرين ككلّ سنة نظرًا للسعي المتواصل وراء المنحة والسكن الجامعيين رغم انطلاق السنة الجامعية. هي عودة جامعية وصفها بعض الطلبة المرابطين أمام الديوان بالمريرة إذ اضطر أغلبهم لإنفاق أموالهم في التنقل اليومي بين العاصمة وبقية الولايات، في حين لجأ بعضهم إلى إيجاد حلول وقتية للتمكن من مواكبة العودة الجامعية.
فُقدت نكهة العودة الجامعية لدى الكثيرين ككلّ سنة نظرًا للسعي المتواصل وراء المنحة والسكن الجامعيين رغم انطلاق السنة الجامعية
معاناة الطلبة خلال العودة الجامعية ليست جديدة، إذ يتكرر المشهد بل ويتضاعف كل سنة، ويجمع المتابعون على عجز وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عن إيجاد حلول ناجعة للصعوبات الإدارية الروتينية التي ترافق كل عودة جامعية. فالحرمان من السكن والمنح إضافة إلى إشكاليات الترسيم والتوجيه الجامعي هي وقائع تتكرّر كل سنة مع اختلاف حدّتها.
اقرأ/ي أيضًا: "صفاء" طالبة تحرم من حقها في التعليم.. ووزارة التعليم العالي تتدخل
ورغم أن وزارة التعليم العالي تشير سنويًا إلى الترفيع في طاقة الإيواء بالمبيتات وإلى السعي نحو تطوير الأكلة الجامعية والترفيع في عدد الوجبات الموزعة، فإن النقابات الطلابية تجمع على أن الخدمات الجامعية تنخرها المشاكل والشوائب وتتدهور من سنة إلى أخرى.
إذ أكد الاتحاد العام التونسي للطلبة، من جهته، عن تعدّد الصعوبات التي رافقت العودة الجامعية لهذه السنة مثل تأخر فتح المطاعم الجامعية لمدة فاتت الشهر إضافة إلى تعدد إشكاليات التسجيل بخدمات السكن الجامعي والترسيم بالجامعات. وهي إشكاليات أرجعها الاتحاد لنقص الاستعداد اللوجستي والتقني للوزارة داعيًا إلى تشريك مختلف المتدخلين في عملية تطوير الحياة الجامعية وتعصيرها.
كما تحدث الاتحاد العالم لطلبة تونس في بلاغه السنوي بمناسبة العودة الجامعية لسنة 2018 عن تواصل "غياب الإرادة الحقيقية في تحسين وتطوير الخدمات الجامعية من خلال عدم التوسيع في نسبة المنتفعين بالمنحة الجامعية وتردي أوضاع المبيتات والمطاعم وبقاء نسبة الإيواء في مستويات منخفضة".
رقمنة الخدمات الجامعية: أي جدوى؟
رقمنة الخدمات الجامعية بحلول سنة 2019 كان شعار وزير التعليم العالي والبحث العلمي مع تأكيده المتواصل على دور الرقمنة في تسهيل مهمة الطالب وفي الحد من الضغوطات التي تعيشها الدواوين الجامعية. لكن انطلاق العمل بخدمة المطالب الالكترونية وتوسيع دائرتها لتشمل لا فقط علاقة الطالب بالديوان بل بمقدم الخدمة الجامعية أي المبيتات والأحياء الجامعية شهد فشلًا ذريعًا حسب متابعين. إذ عانت منظومة الخدمات الجامعية على الخط من صعوبات كبيرة خاصة وأن العمل بها قد تقرر قبل حوالي شهرين فقط من انطلاق السنة الجامعية.
عانت منظومة الخدمات الجامعية على الخط من صعوبات كبيرة خاصة وأن العمل بها قد تقرر قبل حوالي شهرين فقط من انطلاق السنة الجامعية
حسن الفري مدير ديوان الخدمات الجامعية للشمال أكد في حديثنا معه، أن الصعوبات في منظومة "الواب" المتعلقة بخلاص معاليم الإيواء بالمبيتات والأحياء الجامعية هي صعوبات طبيعية باعتبار أن المنظومة جديدة، مشيرًا إلى السعي نحو تلافي الإشكاليات التقنية خلال السنوات الجامعية القادمة. ونفى الفري مسؤولية الديوان عن الإشكاليات التقنية مؤكدًا على تجاوب الشركة المصممة للمنظومة مع الإشكاليات الطارئة على عملها.
وكان قد تعاقد ديوان الخدمات الجامعية منذ حوالي سنة مع شركة خاصة كُلفت بتصميم وتطوير منظومة "الواب" المخصصة لخلاص معاليم الإيواء بالمبيتات والأحياء الجامعية، لكنّ المنظومة لاحت هزيلة، وتعاني من عديد الإشكاليات التقنية والفنية التي أجمع عديد الطلبة على تسببها في فشل العودة الجامعية.
هي منظومة الكترونية كلفت ديوان الخدمات الجامعية للشمال حوالي سبعة وعشرون ألف دينار، رغم أنها معقّدة وغير جاهزة لحل الإشكاليات التقليدية التي قد يلاقيها الطالب. وكانت النتيجة، بالنهاية، ازدحام المكتب المخصص للإعلامية بالديوان يوميًا منذ حوالي شهر في مسعى لحلحلة الإشكاليات المتواصلة التي يعيشها الطلبة عند استعمال المنظومة المذكورة.
اقرأ/ي أيضًا: مطبّات العودة الجامعية في تونس
من يحمي المعطيات الشخصية للطلبة؟
حسب العقد المبرم بين الديوان والشركة المتعهدة بتطوير منظومة الخلاص الإلكترونية، فإن الشركة الخاصة يمكنها، مثل مصالح الديوان، الاطلاع على مئات الآلاف من المعطيات الشخصية السرية الخاصة بالطلبة، وهو ما قد يمثل خطرًا كبيرًا خاصة مع تطور ورواج سوق بيع المعطيات الشخصية في تونس والعالم. معطيات ستكون عرضة لسوء الاستعمال خاصة مع عجز الديوان تقنيًا عن التحكم في المنظومة وصيانتها.
تجدر الإشارة بالمناسبة إلى تكاثر المخاوف من مدى قدرة بعض الوزارات على حماية المعطيات الشخصية بحوزتها خاصة مع اللجوء إلى شركات خاصة لتطوير وصيانة المواقع ومنظومات التحكم في الخدمات التي يتم إسدائها. ولعل منظومة "الواب" المخصصة لخلاص معاليم الإيواء بالمبيتات والأحياء الجامعية خير مثال على ما يصفه العديد باستهتار الدولة في حماية المعطيات الشخصية لعشرات الألاف من الطلبة.
وزارة التعليم العالي هي واحدة من 21 وزارة لا تحترم مقتضيات الفصل 6 من قانون النفاذ المعلومة المعلق بالنشر الاستباقي للمعلومة
في الأثناء، ومنذ صدور القانون الأساسي المتعلق بالنفاذ إلى المعلومة، توالت التصنيفات السلبية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي التي لم تجتهد في تطبيق القانون المذكور سواء من حيث النشر التلقائي للمعلومة أو من حيث الاستجابة لمطالب النفاذ من جهة ثانية. إذ أكد مؤخرًا تقرير لمنظمة "أنا يقظ" أن وزارة التعليم العالي هي واحدة من 21 وزارة لا تحترم مقتضيات الفصل 6 من قانون النفاذ المعلومة المعلق بالنشر الاستباقي للمعلومة.
ولئن احتوى ديوان الخدمات الجامعية للشمال مثلًا في موقعه الإلكتروني على نافذة خاصة بالنفاذ إلى المعلومة، فإن المعلومات الواردة حول هويات المكلفين بالنفاذ منقوصة من غياب بعض المعطيات الضرورية والواجبة قانونًا مثل البريد الإلكتروني المهني.
اقرأ/ي أيضًا: