02-مارس-2019

حجز 19 رسالة بريدية تحتوي مواد سامة (صورة أرشيفية توضيحية/ فتحي بلعيد/ أ ف ب)

 

تعكف الوحدة الوطنية للبحث في جرائم الإرهاب والجرائم المنظمة والماسة بسلامة التراب الوطني التابعة للإدارة العامة للمصالح المختصة على البحث في حادثة إرسال رسائل بريدية إلى شخصيات عامة تحتوي مواد سامة. وكانت المصالح التابعة للإدارة العامة للأمن الوطني قد تمكّنت في عملية استباقية وبعد التنسيق مع النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، من حجز 19 رسالة بريدية تمت إحالتها على المصالح الأمنية المختصة لإجراء الاختبارات الفنية اللازمة التي أكّدت احتواءها على مواد سامة، وفق ما ورد في بلاغ صادر عن وزارة الداخلية التونسية.

الداخلية: توجيه رسائل بريدية تحتوي مواد سامة إلى شخصيات عامة سابقة في تاريخ تونس

اقرأ/ي أيضًا: تعرف على أبرز التنقيحات في قانون مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال

سابقة في تاريخ تونس!

في هذا السياق، قال وزير الداخلية التونسي هشام الفوراتي "إنّ توجيه رسائل بريدية تحتوي مواد سامة إلى شخصيات عامة، "سابقة في تاريخ تونس"، معتبرًا أنه لو لم يقع اعتراض تلك الرسائل "لحصلت كارثة".

وبيّن الفوراتي في تصريح إعلامي، أوردته وكالة تونس افريقيا للأنباء (الوكالة الرسمية)، أنّه تمّ "اعتراض 19 رسالة تحتوي على مواد سامّة، اتّضح عند تحليلها بمخابر المصالح الأمنية أنها خليط يؤدي في صورة استنشاقه إلى إصابة الشخص المُستهدف"، داعيًا الشخصيات الرسميّة والعامّة إلى الحيطة والحذر.

وأضاف أن "الوضع الأمني في تونس عمومًا مستقر، لكن لا بدّ أن يظلّ الحذر قائمًا، سواء على مستوى المناطق الحدوديّة الغربية أو الشرقية"، مشيرًا إلى أنّ "منسوب التهديدات مرتفع لكنّ اليقظة الأمنية موجودة".

ليس بالأمر الجديد!

ولئن وصف وزير الداخلية استهداف شخصيات عامة عبر رسائل سامة بالسابقة في تاريخ تونس فإن رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل رفيق الشلي يؤكّد أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها اللجوء إلى الطرود البريدية لاستهداف بعض الشخصيات.

وبيّن الشلي في تصريح لـ"ألترا تونس"، أن تونس عرفت مثل هذه الحوادث في فترة السبعينيات والثمانينيات إذ تم الكشف عن طرود تحوي مواد سامة ومتفجرات في نطاق مراقبة الطرود في مراكز البريد وفي المصالح الأمنية، على حدّ تعبيره.

وأشار إلى أنّ الطرود البريدية هي إحدى الوسائل التي يمكن أن يستعملها الإرهابيون أو المعارضون للنظام لأنها تستهدف أشخاصًا معيّنين على اعتبار أن الطرد أو الرسالة توجّه فقط إلى الشخص المستهدف.

رفيق الشلي (رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل) لـ"ألترا تونس": التضييق على الإرهابيين يدفعهم إلى استعمال طرق أخرى في عملياتهم على غرار الرسائل والطرود البريدية

اقرأ/ي أيضًا: خاص: هل يقع ترحيل الحارس الشخصي السابق لأسامة بن لادن إلى تونس خلال ساعات؟

ولفت إلى أنّ "تونس لم تعش هذه الحوادث منذ مدّة طويلة وهو ما يجعل الأمر غريبًا، ولكن هي من الوسائل التي يلجأ إليها الإرهابيون خاصة وأنهم لا يزالون موجودين في الجبال والمدن وبعضهم الآخر عائد من بؤر التوتر"، على حدّ تعبيره.

وأوضح أنّ "التضييق على الإرهابيين يدفعهم إلى استعمال طرق أخرى في عملياتهم على غرار الرسائل والطرود البريدية"، مشيرًا إلى أنّ الطرود البريدية الموجّهة إلى إدارات هامة وشخصيات سياسية تمرّ وجوبًا على أجهزة المراقبة للتثبت من محتوياتها، طبقًا لقوله.

مؤشر خطير..

من جهته، قال المدير العام السّابق للأمن العسكري والمخابرات الجنرال أحمد شابير إنّ انتقال الإرهابيين إلى هجمات بأسلحة بيولوجية في إشارة إلى الرسائل المسمومة باستعمال المسحوق الأبيض أو ما يسمى بـ"الجمرة الخبيثة"، "مؤشر خطير". وبيّن شابير، في تصريح لـ"ألترا تونس"، أنّ خطورة استهداف شخصيات عامة عبر رسائل مسمومة تكمن في استعمال أسلحة غير تقليدية (بيولوجية) وليست في متناول أي كان، على حدّ قوله.

ولفت إلى أنّ الإرهاب يستعمل كل الوسائل المتاحة ويبتكر كل مرة طريقة جديدة ليجعل الطرف المقابل في حالة حذر ويقظة، مضيفًا" الإرهابيون يعلمون أن حالة اليقظة لن تدوم فيمعنون في إنهاك الأطراف التي تحاربهم حتّى يجدوا ثغرة لضربة موجعة". وتابع "هي حرب نفسية تشمل عدة مستويات على اعتبار أن محاربة الإرهاب لا تعتمد على السلاح فحسب وإنّما تشمل العمليات الاستباقية التي تندرج في إطار التوقي وهي من مشمولات أجهزة الاستخبارات وتشمل أيضًا التدخل الميداني".

الجنرال أحمد شابير لـ"ألترا تونس": الإرهابيون يعلمون أن حالة اليقظة لن تدوم فيمعنون في إنهاك الأطراف التي تحاربهم حتّى يجدوا ثغرة لضربة موجعة

واعتبر محدّثنا أن المخطّط الإرهابي الأخير رسالة مفادها أن الإرهابيين موجودون ويمتلكون أسلحة غير تقليدية، وهو أيضًا رسالة إلى بعض الجهات المعروفة بمعارضتها العلنية للإرهابيين، الأمر الذي يفسّر أنّ الرسائل المسمومة استهدفت إعلاميين وصحافيين وأطرافًا كانت لها مواقف "عدائية" من حادثة الرقاب الأخيرة بما فيها نقابيون، وفق قوله.

وأشار إلى أنّ المخطّط الإرهابي الأخير فيه دعوة إلى مزيد اليقظة، مشيرًا إلى وجود تعاون بين مركز الفرز التابع للبريد ووزارة الداخلية في مجال مراقبة الرسائل والطرود، على حدّ تعبيره. وشدد على أن "دولتنا لا تزال مستهدفة"، لافتًا إلى أنّه لا يمكن القضاء نهائيًا على الإرهاب في ظل وجود الذئاب المنفردة، على حدّ قوله.

ويعدّ المخطط الإرهابي الأخير الذي تمكنت وحدات المصالح المختصة من إحباطه تحوّلًا نوعيًا في تحركات الإرهابيين في تونس، وفيه نقلة من استعمال الأسلحة التقليدية إلى استعمال الأسلحة غير التقليدية على غرار التهديدات البيولوجية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الإرهاب.. احتطاب من البنوك وسط ارتخاء أمني

تحت غطاء مكافحة الإرهاب.. حملة تضييق على الجمعيات