31-مارس-2024
لأجبانها وحلوياتها.. باجة قبلة آلاف الزوار كل شهر رمضان

عديد التجار يتوافدون بدورهم على باجة لشراء حلوياتها وأجبانها لبيعها بولايات أخرى (مريم الناصري/ الترا تونس)

 

تتشابه أجواء شهر رمضان في كل المدن التونسية تقريبًا، مع اختلافات بسيطة حسب عادات وتقاليد كل جهة. وحدها بعض المدن والجهات المميزة ببعض المنتجات تشهد إقبالًا كبيرًا خلال هذا الشهر. ولولاية باجة بهجة مختلفة عن بقية الولايات، لما تزخر به من عادات فريدة ومنتجات غذائية خاصة.

يتوافد التونسيون على مدينة باجة، خصوصًا لشراء حلويات "الزلابية والمخارق" التي عرفت بها الولاية فضلًا عن منتجات الحليب ومشتقاته

فخلال شهر رمضان، يتوافد التونسيون على مدينة باجة، خصوصًا لشراء حلويات "الزلابية والمخارق" التي عرفت بها الولاية. فتشهد المدينة خلال هذا الشهر حركية غير عادية بسبب كثرة الزوار والوافدين الذين يأتون لاقتناء ما تيسّر من تلك الحلويات.

 

أجبان باجة
ترتكز عمليات التسوق بشكل أساسي في أسواق باجة في رمضان، على المواد الغذائية واللحوم والألبان والأجبان (مريم الناصري/ الترا تونس)

 

وتشهد الأسواق فيها زيارات يومية من المدن والولايات المجاورة، ولا سيما خلال العطلة الأسبوعية. وتعزى كثافة عمليات التسوق في باجة خلال شهر رمضان إلى الإقبال الكبير على شراء "المخارق" و"الزلابية" وغيرها من الحلويات التقليدية الخاصة بالجهة. إضافة إلى شراء الألبان ومختلف أنواع الأجبان التي تتميز بها الولاية بصفة عامة. فترتكز عمليات التسوق بشكل أساسي في أسواقها على المواد الغذائية واللحوم والألبان والأجبان.

 

زلابية ومخارق
زائر لباجة لـ"لالترا تونس": "المخارق والزلابية باجية أو لا تكون.. فهنا يتم صنعها بطريقة ومذاق مختلف جدًا عما يوجد في بقية الأسواق" (مريم الناصري/ الترا تونس)

 

  • الزلابية والمخارق

وقد احتلت الزلابية والمخارق الباجية صدارة الحلويات التي يقبل عليها سكان المنطقة والجهات المجاورة لها. وأصبحت وثيقة الصلة بعادات العائلات التونسية خلال شهر رمضان. فعلى الرغم من انتشار صنعها وبيعها في جميع المدن التونسية، فإنّ مدينة باجة تحتل المرتبة الأولى في صناعة تلك الحلويات التقليدية. التي قيل إنّها دخلت المدينة عن طريق جندي تركي.

صانع زلابية ومخارق لـ"الترا تونس": "أغلب سكان الجهة يقولون إنّ أصل هذه الحلويات تركية ودخلت المنطقة عبر جندي تركي عاش في مدينة باجة، فتعلمها منه سكان الجهة

إذ يشير عامر بالحاج أحمد -أحد صناع تلك الحلويات- في ولاية باجة إلى أنّ "أغلب سكان الجهة يقولون إنّ أصل تلك الحلويات تركية ودخلت المنطقة عبر جندي تركي عاش في مدينة باجة، وكان أول من أعد المخارق والزلابية فتعلمها سكان الجهة ثم انتشرت في بقية الولايات. ولكن ظلّت تلك التي تُصنع في مدينة باجة الأحسن والأفضل لدى التونسيين. وبقيت صناعتها تتوارث في الجهة جيلًا بعد جيل بنفس الطريقة".

ويضيف عامر أنّ "العديد من التونسيين يتوافدون على مدينة باجة وحتى المدن المجاورة على غرار تبرسق وتستور خصيصًا لشراء المخارق والزلابية التي تشهد إقبالًا كبيرًا خلال شهر الصيام. وهو ما يخلق حركية كبيرة في المنطقة، وينعش حتى بقية الأسواق والتجارة".

 

البرزقان
حركية كبيرة بمنطقة باجة بسبب تزايد الإقبال عليها في رمضان، ينعش حتى بقية الأسواق والتجارة (مريم الناصري/ الترا تونس)

 

من جهته، يشير عبد الحميد النفزي (48 سنة) إلى أنّه يتنقل كل عطلة أسبوعية من الكاف إلى باجة خصيصًا لشراء تلك الحلويات التي لا يحبذ شراءها من أي منطقة أو دكان سوى من مدينة باجة. كما أنّه يقتني منها لأقربائه وجيرانه وكل من يوصيه بقليل منها. مضيفًا: "المخارق والزلابية باجية أو لا تكون.. فهنا يتم صنعها بطريقة ومذاق مختلف جدًا عما يوجد في بقية الأسواق. خاصة وأنّ البعض يعتمد في صنعها على السمن الذي يضفي عليها مذاقًا مختلفًا".

ولشهرة المنطقة بصناعة هذه الحلويات خصوصًا خلال شهر رمضان، تتحول بعض مطاعم الأكلات السريعة إلى محلات لصنع المخارق والزلابية بصفة موسمية خلال شهر رمضان، لا سيما وأنّ أغلبهم يعرفون طريقة صنعها. فتوفر لهم تلك الحلويات عملًا موسميًا هامًا، يوفر لهم مداخيل كبيرة نتيجة الإقبال الكبير الذي تشهده الجهة لشراء هذا النوع من الحلويات بالذات.

تتحول بعض مطاعم الأكلات السريعة إلى محلات لصنع المخارق والزلابية بصفة موسمية خلال شهر رمضان ما يوفر لأصحابها مداخيل كبيرة نتيجة الإقبال الكبير الذي تشهده الجهة

وتوفر صناعة المخارق على مدار السنة عدّة فرص من العمل لأبناء الجهة، ويتضاعف خلال شهر رمضان كما يتضاعف الإنتاج. خصوصًا وأنّ العديد من التجار يتوافدون بدورهم على الجهة لشراء تلك الحلويات وبيعها في بعض الجهات على غرار العاصمة وتونس الكبرى وحتى الكاف.

والزائر لتلك المدينة لا يتقيّد فقط بشراء حلوياتها، بل تنتعش السوق القديمة فيها، حيث تباع العديد من المواد الغذائية كالمكسرات وبعض الحلويات التقليدية الأخرى. فيما تنتعش أسواق بيع منتجات الحليب ومشتقاته، لا سيما وأنّ ولاية باجة تشتهر أيضًا بصناعة الألبان والأجبان.

 

أجبان باجة
تنتعش أسواق بيع منتجات الحليب ومشتقاته، لا سيما وأنّ ولاية باجة تشتهر أيضًا بصناعة الألبان والأجبان (مريم الناصري/ الترا تونس)

 

  • صناعة الأجبان التقليدية

وتنتشر في جميع الشوارع الرئيسية للمدينة وفي أسواقها القديمة محلات صناعة وبيع الألبان والأجبان بمختلف أنواعها. فمنذ أكثر من قرن، عاش الإيطاليون بولاية باجة، حيث أسسوا صناعة الأجبان التي تشتهر بها إيطاليا، وتعلم العديد من السكان في الجهة تلك المهنة، فباتت مشهورة بأجود أنواع الأجبان محلية الصنع، خاصة وأنّها تزخر بثروة حيوانية كبيرة.

منذ أكثر من قرن، عاش الإيطاليون بولاية باجة، وأسسوا صناعة الأجبان التي تشتهر بها إيطاليا، فتعلم العديد من سكان الجهة تلك المهنة عنهم

ولأن الحليب ومشتقاته وخاصة الأجبان تعتبر من بين أبرز المواد الغذائية التي يقبل عليها التونسيين، فإنّ ولاية باجة تكون وجهة العديد منهم خلال شهر الصيام لاقتناء ما يكفيهم خلال شهر رمضان. إذ يشير فادي حمزاوي أحد صناع أجود أنواع الأجبان في ولاية باجة إلى أنّ الجهة تتميز بتلك الصناعة منذ عقود، وقد توارثها أبناء الجهة حتى باتوا ينافسون تلك التي تصنع في إيطاليا، وفقه. ولهذا تشهد الجهة إقبالًا كبيرًا على شراء جميع أنواع الأجبان التي تصنع بطرق تقليدية، ويتضاعف هذا الإقبال كثيرًا خلال شهر رمضان.

ونظرًا لتوافد التونسيين على شراء تلك المواد الغذائية التي تميّز الجهة، فإنّ جميع الأسواق بها تعرف حركية كبيرة خلال شهر رمضان، خاصة في السوق العتيقة بمدينة باجة، والتي تكتظ بالزوار يوميًا، لتنعش الحركة الاقتصادية بها.

 

أجبان باجة
أحد صناع الأجبان في ولاية باجة: "الجهة تتميز بهذه الصناعة منذ عقود، حتى باتت تنافس تلك التي تصنع في إيطاليا" (مريم الناصري/ الترا تونس)

 

يقول "شمس الدين" أحد باعة المكسرات بالسوق إنّ "التجار بالجهة يبتهجون كثيرًا بقدوم رمضان الذي يخلق حركية كبيرة في السوق طيلة الشهر ولا سيما في العطل الأسبوعية وليلة منتصف الشهر، إضافة إلى ليلة القدر. وهو ما ينعش الحركة التجارية كثيرًا بالجهة وتدب الحركة في أسواقها طيلة اليوم وخلال ساعات الليل حتى مطلع الفجر خصوصًا في النصف الثاني من الشهر".