05-يناير-2024
أحمد صواب

أحمد صواب يقدم قراءته في مشروع القانون المتعلق بتنقيح مرسوم الصلح الجزائي في تونس

الترا تونس - فريق التحرير

 

قدم القاضي الإداري السابق أحمد صواب، الجمعة 5 جانفي/يناير 2023، قراءته في مشروع القانون المتعلق بتنقيح مرسوم الصلح الجزائي في تونس، في مقارنة بين ما جاء في النصّ الأصلي وفي النصّ المقترح للتنقيح المقدم من قبل الرئيس التونسي قيس سعيّد ليصادق عليه البرلمان التونسي، علمًا وأنّ النصّ الأصلي كان من إعداده أيضًا.

وقال أحمد صواب، في مقابلة له على إذاعة "موزاييك"، إن النصّ الأصلي للصلح الجزائي تضمن 50 فصلًا، تمّ تعديل 15 فصلًا منها أي حوالي 30% منها، بتنقيح فصلين بصفة جزئية و13 فصلًا بصفة كلية، وفيما يلي أبرز التعديلات:

 

  • مدة لجنة الصلح الجزائي وعضوية مكوناتها

ذكر صواب أنّ المسألة الأولى التي تم تعديلها هي مدة اللجنة الوطنية للصلح الجزائي، إذ أن النص الأصلي لم يتحدث عن مدة اللجنة، بينما سلط عليها الضوء في مشروع القانون، مستدركًا القول: لكن لم يقع تحديد هذه المدة وإنما تركت المسألة لرئيس الجمهورية ليحددها لاحقًا بأمر، وفقه.

أحمد صواب: في مشروع القانون المتعلق بالصلح الجزائي أصبحت مدة عضوية مكونات اللجنة غير محددة بزمن وظلت التسمية والعزل من مهام رئيس الجمهورية

كذلك، تحدث القاضي الإداري السابق عن أعضاء لجنة الصلح الجزائي، وعددهم 8، موضحًا أنه في النصّ الأصلي حددت مدة عضويتهم بـ6 أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة، بينما في النص الجديد أصبحت مدة عضويتهم غير محددة بزمن، وظلت التسمية والعزل من مهام رئيس الجمهورية.

 

  • "إضعاف لجنة الصلح الجزائي وتقليص صلاحياتها"

ويرى أحمد صواب أنّ القول إنه "تم تدعيم صلاحيات لجنة الصلح الجزائي" غير صحيح، بل وقع إضعافها وتقليص صلاحياتها وتحولت إلى مجرد "هيئة تحضيرية للسلطة التقريرية".

أحمد صواب:  القول إنه "تم تدعيم صلاحيات لجنة الصلح الجزائي" غير صحيح بل وقع إضعافها وتقليص صلاحياتها وتحولت إلى مجرد "هيئة تحضيرية للسلطة التقريرية"

وأوضح، في هذا الصدد، أن لجنة الصلح الجزائي كانت تتفاوض وتقرر وتُمضي الاتفاق، بينما أصبحت وفق مشروع القانون تحضّر فقط ولا تقرر ولا تُمضي، فيما تحولت السلطة التقريرية في ظاهرها إلى مجلس الأمن القومي وفعليًا إلى رئيس الجمهورية دون سواه، حسب رأيه.

وتابع قائلًا إنّ صلاحيات اللجنة تراجعت من جهتين:

  • سحب منها التقرير، لتتحول هذه الصلاحية إلى رئيس الجمهورية
  • سحب منها إمضاء الاتفاق ومتابعة التنفيذ، وحُولت هاتين الصلاحيتين إلى المكلف العام بنزاعات الدولة

وأردف القاضي الإداري السابق أحمد صواب أنّ الدخيل الجديد في مسألة الصلح الجزائي هو مجلس الأمن القومي الذي دخل بقوة وأصبح هو من يقرر إما برفض ما اقتُرح من مبالغ أو بالقبول أو بالترفيع.

أحمد صواب: الدخيل الجديد في مسألة الصلح الجزائي هو مجلس الأمن القومي ومن المفروض أن مهام مجلس الأمن مرتبطة بالمسائل الكبرى التي تمسّ أمن الدولة ومصالحها الحيوية ووحدتها وسيادتها وديمومتها

واستدرك قائلًا إنّ "من المفروض أن مهام مجلس الأمن القومي مرتبطة بالمسائل الكبرى التي تمسّ أمن الدولة ومصالحها الحيوية ووحدتها وسيادتها وديمومتها"، معقبًا: "لا أرى أي علاقة لا من قريب ولا من بعيد لمجلس الأمن القومي بمسألة الصلح الجزائي"، حسب رأيه.

 

  • توزيع مداخيل الصلح الجزائي

كما أشار أحمد صواب إلى أنه في النص القديم، كانت 80% من مداخيل الصلح الجزائي توجه للمشاريع المحلية بالمعتمديات فقط، أما في مشروع القانون فتم إضافة المشاريع الوطنية إليها بما معناه أنّ الأموال ستوجه إلى الدولة لا إلى المعتمديات، معتبرًا أنّ هذا "تغيير كبير جدًا"، حسب تقديره.

أحمد صواب: في النص الأصلي كانت 80% من مداخيل الصلح الجزائي توجه للمشاريع المحلية بالمعتمديات فقط، أما في مشروع القانون فتم إضافة المشاريع الوطنية إليها بما معناه أنّ الأموال ستوجه للدولة لا للمعتمديات

أما بخصوص الـ20% المتبقية من المداخيل، فقط كانت في النص القديم موجهة إلى الشركات الأهلية والشركات الاستثمارية والشركات التجارية، أما في مشروع القانون المقترح فقد تم حذف الشركات الاستثمارية والتجارية وأصبحت كامل الـ20% من المداخيل موجهة للشركات الأهلية.

 

  • منظومة الصلح الجزائي بمثابة "المحكمة الاستثنائية"

ويرى القاضي السابق أنه تم إضعاف دور القضاء، في علاقة بمسألة الصلح الجزائي، معتبرًا أنّ "هذه المنظومة هي بمثابة المحكمة الاستثنائية".

وأوضح في هذا الصدد، أنه قد ذُكر في النص القديم أنه "يخضع التصرف في الأموال إلى رقابة محكمة المحاسبات"، إلا أنه تم حذف هذه الجملة في مشروع القانون المقترح.

وتابع قائلًا: "هذه سمات المحاكم الاستثنائية، بغياب مقومات المحاكمة العادلة وغياب الرقابة"، حسب رأيه.

أحمد صواب:  ذُكر في النص القديم أنه "يخضع التصرف في الأموال إلى رقابة محكمة المحاسبات"، إلا أنه تم حذف هذه الجملة في مشروع القانون ما يحيل إلى أن هذه المنظومة بمثابة المحكمة الاستثنائية في غياب الرقابة ومقومات المحاكمة العادلة

جدير بالذكر أنّ مكتب البرلمان التونسي كان قد نظر، الأربعاء 3 جانفي/يناير 2024، في مشروع قانون تقدم به الرئيس التونسي قيس سعيّد بتاريخ 28 ديسمبر/كانون الأول المنقضي يتعلّق بتنقيح المرسوم عدد 13 لسنة 2022 المتعلّق بالصلح الجزائي وتوظيف عائداته. وقرّر مكتب المجلس، وفق بلاغ له، بالإجماع إحالة مشروع القانون المتعلق بتنقيح مرسوم الصلح الجزائي إلى لجنة التشريع العام بالبرلمان التونسي للنظر فيه.

وفي هذا الصدد، كان رئيس لجنة التشريع العام ياسر القوراري قد أفاد، مساء الأربعاء في تصريح للإذاعة ذاتها، أنّ أمام لجنة التشريع العام أسبوع واحد لإعداد تقريرها حول مشروع القانون وإرجاعه إلى مكتب المجلس لعقد الجلسة العامة في الغرض، وفقه.

وذكر رئيس لجنة التشريع العام أنّ عملية الصلح الجزائي باتت، حسب التنقيحات الواردة في مشروع القانون، مرتبطة بثلاثة أطراف ممثلة في مجلس الأمن القومي تحت إشراف رئيس الجمهورية ووزارة العدل والمكلف بنزاعات الدولة، معتبرًا أنّ من شأن ذلك أن يضفي مزيدًا من النجاعة على الصلح الجزائي وضمان جدية المتصالحين، على حد تصوره.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد أصدر مرسومًا يتعلق بالصلح الجزائي مع المتورطين في جرائم اقتصادية ومالية وهو قائم على تركيز ما أسماها اللجنة الوطنية للصلح الجزائي، التي يقوم بتعيين أعضائها وتشرف على أحكام الصلح وتتمتع بصلاحيات واسعة، إضافة إلى لجان لمتابعة تنفيذ الأحكام وحساب عائدات لدى الخزينة خاضع إلى رقابة محكمة المحاسبات.

وقد تضمن مرسوم الصلح الجزائي، الذي أقره سعيّد بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية (الجريدة الرسمية) بتاريخ 21 مارس/آذار 2022، 50 فصلًا دققت في طريقة تطبيق الصلح والأشخاص المعنيين به وكيفية توظيف العائدات المالية للصلح الجزائي. تجدون تفاصيله في التقرير التالي: ما يجب أن تعرفه عن مرسوم الصلح مع المتورطين في قضايا فساد في تونس.