18-مارس-2018

صورة تجمع الحبيب بورقيبة ومحمد الأمين باي والطاهر بن عمار (أ.ف.ب)

الترا تونس - فريق التحرير

 

تحتفل تونس بذكرى عيد الاستقلال، ولكن لا نعرف كثيرًا حول مسيرة النضال الوطني التي أدت لتوقيع اتفاقية الاستقلال يوم 20 مارس 1956، وعلى الأرجح كذلك أننا نسينا عديد المحطات من هذه المسيرة كما درسناها في مادة التاريخ في المدرسة.

لذلك، نقدّم لكم أبرز 10 تواريخ فارقة في مسيرة استقلال تونس بين سنة 1952 تاريخ اندلاع المقاومة المسلّحة إلى سنة 1956 تاريخ إعلان الاستقلال التام.

1- 18 جانفي/يناير 1952

هو تاريخ انعقاد المؤتمر الرابع السرّي للحزب الدستوري الجديد والذي طالب بإلغاء الحماية وإعلان استقلال تونس. وهو أيضًا تاريخ اندلاع المقاومة المسلحة التونسية ضد الاستعمار الفرنسي استجابة لدعوة الحزب. وقد انعقد المؤتمر وقتها بعد أيام قليلة من تقديم وفد تونسي يضم صالح بن يوسف ومحمد بدرة شكاية ضد المحتل الفرنسي لدى الأمم المتحدة.

وقد ردّت السلطات الفرنسية بعنف، حيث اعتقلت يوم عقد المؤتمر رئيس الحزب الحبيب بورقيبة ومديره المنجي سليم وتم نفيهما لطبرقة، كما اعتقلت بعد خمسة أيام رئيس المؤتمر الهادي شاكر.

وبذلك مثل يوم 18 جانفي/يناير 1952 علامة فارقة على درب الحصول على الاستقلال لاحقًا. ويوجد اليوم شارع شهير في وسط مدينة صفاقس يحمل اسم 18 جانفي/يناير، كما يوجد شارع بنفس الاسم بوسط محافظة أريانة.

صورة الوفد التونسي الذي قدم شكوى ضد فرنسا أمام مجلس الأمن في جانفي/يناير 1952

2- 5 ديسمبر/كانون الأول 1952

هو تاريخ اغتيال فرحات حشاد الأمين العام لاتحاد العام التونسي الشغل في جهة رادس، جنوب العاصمة، على يد عصابة اليد الحمراء الفرنسية. كان حشاد أبرز وجوه النضال الوطني، حيث سافر لأوروبا والولايات المتحدة للتعريف بالقضية التونسية، وقاد الحراك النقابي ضد الاستعمار.

وقد أدى اغتياله لمزيد تحشيد المقاومة المسلحة ضد الفرنسيين.

3- 13 سبتمبر/أيلول 1953

هو تاريخ اغتيال الهادي شاكر القيادي في الحزب الحر الدستوري ورئيس مؤتمر 1952 في جهة نابل، علي يد مجموعة تونسية يرجّح ارتباطها بعصابة اليد الحمراء الفرنسية. وكان شاكر ممثلّا للحزب في جهة صفاقس. وتخليدا لذكراه أطلق اسمه لاحقًا على عدة شوارع في عديد المدن التونسية إضافة لعديد المؤسسات منها المستشفى الجامعي بصفاقس.

اغتالت عصابة اليد الحمراء الفرنسية الزعيمين الوطنيين  فرحات حشاد والهادي شاكر بين 1952 و1953 

4- 16 جوان/يونيو 1954

هو تاريخ يعكس صمود القيادات الوطنية والتونسيين في مواجهة المشاريع الإصلاحية الشكلية للمستعمر الفرنسي. حيث استقالت يومها حكومة محمد صالح المزالي بعد 3 أشهر فقط من تكوينها، وكانت قد قبلت هذه الحكومة إصلاحات المقيم القام فوازار التي رفضتها القيادات الوطنية لأنها تكرّس دائما ازدواجية السيادة.

5- 7 أوت/أغسطس 1954

بعد انسداد الآفاق داخل تونس وتضييق الخناق عليها خاصة بعد خسارتها في الفيتنام، أعلن رئيس حكومتها الجديد منداس فرانس في قرطاج أمام الباي نهاية جويلية/يوليو 1954 استعداد بلاده منح تونس استقلالها الداخلي. بذلك، تكونت بتاريخ 7 أوت/أغسطس 1954 حكومة تفاوضية برئاسة الطاهر بن عمار، وقد ضمت شخصيات وطنية من بينها الهادي نويرة والمنجي سليم.

وقد ألغت السلطات الفرنسية لاحقًا بتاريخ 4 سبتمبر/ أيلول قرارها السابق بحلّ الحزب الدستوري، لتنطلق في باريس بتاريخ 13 سبتمبر/أيلول 1954 مفاوضات الاستقلال الداخلي بشكل رسمي.

رئيس الحكومة التونسية الطاهر بن عمار مع رئيس الحكومة الفرنسية منداس فرانس - أوت/ أغسطس 1954 (getty)

6- 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1954

هو تاريخ توجيه السلطات التونسية نداء إلى المقاومين بضرورة وضع حد للعمليات المسلحة وتسليم السلاح وذلك بعد التزام الفرنسيين بمنح الأمان للمقاومين وعدم مقاضاتهم. وكان هذا الاتفاق ضمن المفاوضات الجارية وقتها في باريس.

وقد كلّف الحزب الدستوري وقتها 22 من قياداته، من بينهم الرئيس الباجي قايد السبسي، بمهمّة تجميع الأسلحة. وكان كلما سلّم أحد المقاومين سلاحه يتحصل على شهادة من طرف المقيم العام الفرنسي حول عدم تتبّع صاحبها.

وجهت السلطات التونسية نداء إلى المقاومين بتسليم أسلحتهم في نوفمبر/تشرين الثاني 1954 وذلك في إطار مفاوضات الاستقلال الداخلي 

7- 3 جوان/يونيو 1955

هو تاريخ الإمضاء الرسمي على اتفاقيات الاستقلال الذاتي بباريس من قبل رئيس الحكومة التونسية الطاهر بن عمار ونظيره الفرنسي ادغار فور، وذلك بعد ثمانية أشهر من المفاوضات العسيرة. وقد عاد الحبيب بورقيبة قبل الإمضاء بيومين أي بتاريخ 1 جوان/يونيو، إلى تونس عبر ميناء حلق الوادي.

وقد منحت اتفاقيات الاستقلال الداخلي بعض الصلاحيات لتونس ولكنها تركت مسألة الدفاع والشؤون الخارجية لفرنسا، وأكدت على تواصل التواجد العسكري الفرنسي وتحديدًا في بنزرت والجنوب والمناطق الحدودية مع الجزائر، كما سمحت للفرنسيين بالحفاظ على محاكمهم، واعتبرت اللغة الفرنسية ليست لغة أجنبية.

ومثلت بذلك هذه الاتفاقيات حجر الأساس في الخلاف داخل الحركة الوطنية وأرضية للانقسام فيما بعد.

اعتبار الجنوب منطقة أمنية كما وردت في اتفاقيات الاستقلال الداخلي سنة 1955

8- 13 سبتمبر/أيلول 1955

هو تاريخ عودة الأمين العام للحزب الدستوري صالح بن يوسف إلى تونس ليقود المعارضة ضد اتفاقيات الاستقلال الداخلي، وكان مدعومًا من لجنة صوت الطالب الزيتوني وقيادة الاتحاد العام للفلاحة التونسية ودوائر جامع الزيتونة.

حيث اعتبر بن صالح أن اتفاقيات الاستقلال الداخلي "خطوة إلى الوراء"، وألقى خطابًا شهيرًا بتاريخ 7 أكتوبر/تشرين الأول أمام جامع الزّيتونة للتعبير عن رفضه للاتفاقيات مطالبًا المقاومين بمواصلة الكفاح المسلّح.  لتكون الأشهر اللاحقة مرحلة مصيرية داخل الحركة الوطنية.

9- 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1955

هو تاريخ عقد مؤتمر الحزب الدستوري في صفاقس، وربّما هو أهمّ مؤتمر في تاريخ الحزب نظرًا لتبعاته، حيث تمّ بموجبه طرد صالح بن يوسف من الأمانة العامة، فيما استطاع بورقيبة تثبيت سيطرته على الحزب ليقوده لنحو ثلاثين سنة، وذلك بعد فشل المحاولات لتقريب وجهات النظر بين الزعيمين.

وقد انتظم المؤتمر وقتها في أجواء مشحونة تحت حماية الاتحاد العام التونسي للشغل خاصة عبر القيادي البارز وقتها الحبيب عاشور الذي دعم بورقيبة في مواجهة بن يوسف.

ليظلّ مؤتمر صفاقس علامة فارقة في تاريخ تونس المعاصر.

الحبيب بورقيبة أثناء مؤتمر صفاقس 1955 (getty)

10- 20 مارس/آذار 1956

ومن لا يعرف هذا التاريخ، هو يوم إمضاء بروتوكول الاستقلال النهائي بعد استئناف المفاوضات عبر حكومة الطاهر بن عمار الثانية في سبتمبر/أيلول 1955، والتي انتهت بإعلان الاستقلال التام بتاريخ 20 مارس/آذار 1956.

غير أنّه ظلّ الانقسام يشقّ الحركة الوطنية ليتحوّل لحملات قمع وتنكيل من السلطات التونسية التي أمسكت بزمام الدولة الجديدة ضد معارضيها. وقد تركّز من وقتها الاستفراد بالسلطة والاستبداد إلى تاريخ اندلاع الثورة التونسية.

يُذكر أن عهدة مسار العدالة الانتقالية في تونس تبدأ منذ جويلية/يوليو 1955، وذلك بغاية معالجة جذرية للانقسام السياسي والمجتمعي الذي ظلّ موروثًا لعقود للوصول لمصالحة وطنية شاملة تنهي عقود الصراع والأحقاد بين التونسيين.

توقيع اتفاقية الاستقلال في باريس - 20 مارس 1956 (getty)