04-يونيو-2022
 حسناء بن سليمان

حوار خاص لـ"الترا تونس" مع القاضية والعضوة السابقة في هيئة الانتخابات والتي تقلدت سابقًا عدة مناصب وزارية حسناء بن سليمان

 

حسناء بن سليمان، قاضية وعضوة سابقة في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وقد تقلدت في آن واحد سابقًا منصب وزيرة للوظيفة العمومية ووزيرة للعدل بالنيابة وناطقة رسمية باسم حكومة هشام المشيشي، وبعد صمت اختياري منها، كما تقول لـ"الترا تونس"، تعود بن سليمان، في هذا الحوار الخاص، لتقدم تقييمها لقرار عزل 57 قاضيًا وتكشف ما تعتبره إخلالات قانونية تخص المواعيد الانتخابية المقبلة ودور هيئة الانتخابات في ذلك. وإليكم الحوار كاملًا:

  • كقاضية، ما تعليقك على قرار عزل 57 قاضيًا وهل تعتبرينه بداية إصلاح المؤسسة القضائية في تونس؟

كقاضية ووزيرة عدل بالنيابة سابقًا، فأنا ضد ما حدث أو لنقل خاصة ضد الطريقة التي تم بها عزل القضاة، لأن بعض الناس ينسون أن أهم شيء في الديمقراطية هي الإجراءات والطريقة لأنها المفتاح لتعرف إن كنت في الطريق الصحيح أم لا، ففي الديمقراطيات نبني المسارات قبل المآلات، فإذا كانت المسارات خاطئة فلن نصل إلى مآلات صحيحة ومستدامة.

بن سليمان لـ"الترا تونس": أنا ضد العزل الجماعي للقضاة الذي وقع، وخاصة ضد الطريقة التي تم بها لأن أهم شيء في الديمقراطية هي الإجراءات والطريقة لتكون المآلات صحيحة فعلًا

وأعني أننا اليوم في حاجة إلى أن نصل إلى محاسبة مستدامة بمعنى أن نعرف ماذا حدث ثم يحاسب الجميع ونضمن عدم تكرار ذلك وتحصين المؤسسات من الإخلالات التي يمكن أن تمس من مصداقية هذه الإجراءات.

هذا الموقف قلناه منذ سنة 2012، أي أن العزل لا يتم إلا إذا كان هناك ملفات تنجز وفق الإجراءات وهي حقوق الدفاع ويتم التثبت فيها وإعطاء الضمانات للذين يتم تتبعهم. فخطأ واحد في تتبع جماعي آثاره جسيمة على القضاء ككل وعلى إمكانية أن يعطي القضاة حقوق الناس، فمن لا يأخذ حقه لا يمكن أن يعطي حقوق الآخرين. وطبعًا القيام بكل هذا التمشي أصعب بكثير من أن تعلن في قائمة عزل 57 قاضيًا فليس أسهل من ذلك ولكن هو في الحقيقة أخطر ما يمكن أن يحدث.

  • قد يرى البعض أن القاضية حسناء بن سليمان لا يمكن أن يكون موقفها إلا رافضًا لأنك كنت وزيرة للعدل في الحكومة السابقة، ما قبل 25 جويلية 2021، وبالتالي ستعارضين قرار عزل القضاة؟

أعلم أن كل من يدافع عن المبادئ يواجه بالقدح وبالاتهامات بأنه يدافع عن زيد أو عمر، ولكن هذا هو التاريخ والوقائع أثبتت أنه ما حدث لم يكن صحيحًا واكتشف كثيرون ذلك ولو بعد حين. وها نحن اليوم أمام تحد جديد ونقول إنه ليس صحيحًا أيضًا ونحن لا ندافع عن أحد وإنما ندافع عن المبادئ وحتى النهاية. ومن يملك أي ملف ضد حسناء بن سليمان فليتقدم به للقضاء هذا ما قلته وأكرره.

بن سليمان لـ"الترا تونس": من يملك أي ملف ضد حسناء بن سليمان فليتقدم به للقضاء

 

 

  • كعضو سابق في هيئة الانتخابات، ما تقييمك للخارطة الانتخابية المقبلة وجملة التنقيحات التي صدرت على القانون الانتخابي بمرسوم رئاسي؟

حسب المرسوم 22، تم الإبقاء على هيئة الانتخابات مع تنقيحها وتنقيح تركيبتها  وأبقينا على القانون الانتخابي مع إدخال تنقيحات 1 جوان/يونيو 2022 وبالتالي فإن الفلسفة العامة المعلنة وبصريح النصوص، نحن أمام استمرار للمؤسسات مع إدخال تنقيحات. ولكن استمرار المؤسسات ليس مجرد كلمات بل هو حقيقة لابد أن تثبت بالقرائن.

هيئة الانتخابات في الفصل 2 من قانونها الذي يقول إنه ينص على أن "تسهر على ضمان انتخابات واستفتاءات لا بد أن تتوفر فيها 5 شروط وهي:

أولاً أن تكون ديمقراطية، ثانياً حرة، ثالثًا تعددية، رابعًا نزيهة، خامسًا شفافة ولا بد من الانتباه لأن كل كلمة دقيقة ولها معنى لأن المشرع لم يكن يعبث وإذا كانت لها معنى واحد لكان اختصرها في كلمة واحدة.

وإذا ما انطلقنا من الشرط الأول وهي الديمقراطية فإن أول شرط هو أن تخضع العملية الانتخابية أو الاستفتاء  للقوانين الجاري بها العمل وأهم شيء هو أن يوجد من يراقب مدى خضوعها للقوانين والمبادئ الجاري بها العمل. كما لا بد أن تكون حرة أي في مناخ يتم فيه ضمان حرية الاختيار دون خوف أو هرسلة أو تشويه وهو ما نفتقده في مناخنا الحالي.

وأنا ركزت على هذين الشرطين لعدد من الأسباب وهي: أننا عرفنا انتقادات للمسارات الانتخابية السابقة فقد كان اللوم على الهيئة يتعلق بأن العملية الانتخابية لم تتم وفق ما يتطلعون إليه، والهيئة بدورها وعلى إثر كل عملية انتخابية تقول في تقاريرها إن الانتخابات لم تكن مائة في المائة كما يستوجب، ولكن هذا لا يمكن أن يسمح بأن يكون المستوى في تراجع يعني لا بد أن تكون ديمقراطية وحرة ولهذا لم يتم التشكيك في نتائجها منذ سنة 2011 وإلى سنة 2019.

بن سليمان لـ"الترا تونس": لا بد أن تكون الانتخابات أو الاستفتاء حرًا، وفق القانون، أي في مناخ يتم فيه ضمان حرية الاختيار دون خوف أو هرسلة أو تشويه وهو ما نفتقده في مناخنا الحالي

خضعت الانتخابات السابقة للقوانين والدستور والمعايير الدولية وتطورت العملية الانتخابية فيما يتعلق بكل شروط الرقابة وكان تطورًا كبيرًا سواء من حيث الرقابة  القضائية والمجتمعية من الداخل أو من الخارج ورقابة الإعلام. وكانت أيضًا تعددية ولم يكن ذلك محل تشكيك وكذلك شفافية الصناديق التي لم يشكك فيها أحد.

أما فيما يتعلق بالنزاهة، فلا بد أن نعلم أن المناخ العام للعملية الانتخابية الذي يتميز بكثرة المتدخلين فيه إلى جانب الآليات والقوانين التي لم يتم مراجعتها ويمكن الرجوع إلى تقارير الهيئة 2011 و2014 و2019  وقد وردت فيها توصيات في ذلك، ولم يتم تطبيقها من جميع الأطراف المتدخلة من وسائل الإعلام والأحزاب والمشرع وهي ليست محكومة من الهيئة فقط بل بتفاعل من الجميع وهو المطلوب. ولهذا فإن كثيرين يدعون إلى التشاركية والحوار من أجل أن نحقق هذا الهدف وهو نزاهة الانتخابات فدون  تشاركية لكل الأطراف لا يتحقق.

وسأعود هنا إلى نقطة مهمة وهي ضرورة أن يكون هناك قضاء مستقل من أجل ضمان ديمقراطية الانتخابات من خلال مراقبته  للعملية الانتخابية وهذا لم يتغير في القانون ولا يزال ينص على الرقابة القضائية في العملية الانتخابية الخاضعة للمعايير الديمقراطية، إذ يجب أن يكون القضاء مستقلاً وغير خاضع للهرسلة خاصة وسط مسار انتخابي.

ونحن اليوم كان من المفروض أن يكون القضاء بصدد التحضير من أجل الرقابة على العملية الانتخابية ولكن القضاة اليوم يتناقشون في من أصبح دون مرتب وفي من لم يتم توفير حقوق الدفاع له..الخ.

بن سليمان لـ"الترا تونس": كان من المفروض أن يكون القضاء بصدد التحضير من أجل الرقابة على الاستفتاء ولكن القضاة اليوم يتناقشون حول من أصبح دون مرتب ومن لم يتم توفير حقوق الدفاع له

وهو ما يجعلنا نطرح السؤال التالي: هل أن القضاء قادر على تنظيم آلياته وتجميع قدراته من أجل الرقابة الفاعلة لضمان عملية انتخابية ديمقراطية ونزيهة؟ والإجابة واضحة "لا"، كما أن مرسوم 1 جوان فيه إشكاليات  كبرى.

فمن الشروط الأساسية لتنظيم الانتخابات والاستفتاءات وضمان توفر الديمقراطية والوثوقية يجب أن يكون هناك معيار أساسي لا يمكن التخلي عنه وهو تقييم الانتخابات السابقة والاطلاع  على الإخلالات التي شهدتها والانطلاق منها من أجل البناء لكن تقرير انتخابات 2019 لم يصدر.

 

 

  • ولماذا لم يصدر تقرير انتخابات 2019؟

قانون الهيئة ينص على تقديم تقرير بعد 3 أشهر من العملية الانتخابية ينشر ويقدم للسلطات. قبل خروجي من الهيئة، ولن أعود على الظروف التي خرجت بها من الهيئة، لكن أصريت على أن يوضع في محضر 25 أوت/أغسطس 2019 أنه نظرًا للتعطيل الذي حدث في إنجاز وإتمام تقرير انتخابات 2019 سيتم العمل على إتمام التقرير وتم إدراج أن حسناء بن سليمان قامت بوضع نسخة أولية لتسهيل العمل قبل مغادرتي حتى يكون ضميري مرتاحًا والمحضر منشور على موقع الهيئة ويمكن الاطلاع عليه. اكتشفت لاحقًا عند دخولي موقع الهيئة أن التقرير موجود لكن رغم  أهميته، لم يتم الإعلان عنه وتقديمه للإعلام والرأي العام وللسلطات.

  • ولماذا لم يتم تقديمه طالما نشر على موقع هيئة الانتخابات؟

لا أعلم الأسباب، لكن من المفروض الهيئات الرسمية والسلطات المعنية تسأل عنه وتطالب به وتعرف الأسباب لكني أشاهد تصريحات أعضاء هيئة الانتخابات وأتابع نقاشاتهم وأرى أنهم يبحثون مثلاً في موضوع إمكانية وجود ملاحظين أجانب للعملية الاستفتائية في وقت يعتبر هذا معيارًا دوليًا ضروريًا.

بن سليمان لـ"الترا تونس": لاحظت أن أعضاء هيئة الانتخابات يناقشون مثلاً إمكانية وجود ملاحظين أجانب للاستفتاء في وقت يعتبر هذا معيارًا دوليًا ضروريًا، فهل غيرت الهيئة خياراتها؟

بالعودة للتقرير المذكور، في صفحته 66، هو ينص على أن الهيئة تعتمد المعايير الدولية فكيف تناقش هذه النقطة أصلًا؟ فهل تم التراجع عن الخيارات المؤسساتية لهيئة الانتخابات دون أن يتم إعلامنا؟

والذين يناقشون موضوع الملاحظين والمراقبين والفرق بينهما فإنني أعتبر هذا نقاشًا أجوف لأن كلمة ملاحظين ومراقبين هي إشكالية في الترجمة بين المشارقة وبين بلدان أخرى كتونس فهي الكلمة نفسها observateur.

والملاحظون هم من الداخل من خلال الجمعيات والمنظمات التونسية وكذلك الجمعيات الدولية وهي معيار من المعايير الدولية من أجل شفافية الانتخابات وإذا تراجعت عنها الهيئة فقد تراجعت عن مبدأ الشفافية، فلا يمكن أن تتحدث عن الإصلاح وأنت لا تتقدم إلى الأمام بل تتراجع إلى الوراء. أما النقطة الثانية فإن الصفحة 140 من التقرير نظمت عملية التواصل بين الهيئة والمتابعين الدوليين  وتضع طرق ضمان استقلاليتها رغم تعاملها مع هذه الأطراف.

وبالنسبة لعمل الهيئة فإن التقرير فيه الانتقادات والإخلالات الأساسية للعملية الانتخابية في سنة 2019 والتي من المفروض أننا انطلقنا في العمل عليها منذ 2019. ولهذا أطرح السؤال لماذا لم تنطلق الهيئة في العمل منذ ذلك الوقت؟

ومن توصيات التقرير العمل على التسجيل المستمر بنسق كبير حتى نكون جاهزين حتى في صورة حدوث أي عملية فجئية، يكون السجل حاضرًا وهذا لم يحدث. لنجد  أنفسنا سنة 2022 بصدد اعتماد حلول لم يتم النقاش فيها دون تشاركية وكان من المفروض أن تسبق العملية الانتخابية.

كما أن تنقيح 1 جوان/يونيو 2022 جاء بعد انطلاق المسار الذي تحددت بدايته وفق القواعد القانونية منذ صدور أمر دعوة الناخبين. وبالتالي نحن اليوم أمام إشكال: فالمسار تم تغيير قواعده بعد انطلاقه وهذا خلل في ديمقراطية العملية الانتخابية.

ومن النقاط الأساسية التي وردت في التقرير أيضًا إشكاليات الحملة الانتخابية وهو ما تم إعلانه في الجلسة الأولى للهيئة والتي تابعناها واعترفت فيها بتسجيل إخلالات خلال الحملة الانتخابية دون أن تجيبنا من قصر في مراقبة هذه الحملات؟ من كان مكلفًا داخل الهيئة بمراقبة الحملة وقام بالتقصير؟ من كان يرأس لجنة مراقبة الحملة ولم يقم بعمله؟ وكيف يخرج بنفسه ليقول إن هناك تجاوزات في الحملة الانتخابية. أين المسؤولية؟

بن سليمان لـ"الترا تونس": تنقيح 1 جوان جاء بعد انطلاق المسار الذي تحددت بدايته منذ صدور أمر دعوة الناخبين، المسار تم تغيير قواعده بعد انطلاقه وهذا خلل في ديمقراطية العملية الانتخابية

ومن التوصيات في ذات التقرير أيضًا منع الإشهار السياسي طيلة الفترة الانتخابية ونحن الآن أمام فترة الاستفتاء، فهل هناك من يعمل على مراقبة الإشهار السياسي؟ هل طرحت الهيئة الموضوع؟ وهذا إشكال كبير جدًا. ومن النقاط الأساسية حول الإشهار السياسي أيضًا ووردت في الصفحتين 115 و117 طرح موضوع إشكاليات الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي خلال انتخابات 2019 وأذكر أن الحملة كانت أساسًا على هذه المواقع. فهل تم العمل على هذا الإخلال الذي يحتاج إلى عمل كبير.

ومن أكبر الإخلالات السابقة أيضًا العنف والتشهير على وسائل التواصل الاجتماعي فهل سنكرر هذا في المرحلة المقبلة؟ كما أن هناك إشكالية أخرى وهي عدم القدرة على مراقبة الحملات الانتخابية على المجموعات المغلقة في فيسبوك وهذا ما أعلنته هيئة الانتخابات وأنا شخصيًا وجهت سابقًا تقريرًا عن طريق مكتب الضبط أقول فيه إن هذا الإشكال لابد أن نعمل عليه ولم أجد أي تفاعل.

وأضيف أن تقرير انتخابات سنة 2019 في الصفحة 187، أكد ضرورة متابعة وسائل التواصل الاجتماعي قبل موعد الاقتراع وبناء على المتابعة لفترة طويلة سابقة للصفحات التي يمكن أن نتوقع أن تكون مؤثرة على النتائج ففي سنة 2019 اكتشفنا أن صفحات مختصة في الطبخ أصبحت صفحات سياسية تقوم بالدعاية.

بن سليمان لـ"الترا تونس": من أكبر الإخلالات السابقة العنف والتشهير على وسائل التواصل وعدم القدرة على مراقبة الحملات الانتخابية على مجموعات فيسبوك.. هل عالجت هيئة الانتخابات هذه الإشكالات؟

كل هذه الإشكاليات لم يتم العمل عليها ولا أرى من يطرحها أصلاً ونحن بصدد التوجه للاستفتاء. والمرسوم الذي صدر يوم 1 جوان/يونيو 2022 يجعلنا في حيرة فأنا أؤمن بالمؤسسات وبتواصلها ومن المفروض أن تتابع هيئة الانتخابات توصياتها وإذا قامت بتغييرها فلتعلمنا وتشرح لنا الأسباب وهل قدمت هذه التوصيات للسلطة ولم تأخذ بعين الاعتبار؟

فقد صدر في تقرير الهيئة ومن توصياتها:
* يمكن للأحزاب وجمعيات المجتمع المدني المشاركة في حملات الاستفتاء 
* ويجب أن يتم التنصيص على تقديم تصريح في الغرض 
* ويجب التنصيص على أنه تعمل الهيئة على ضمان المساواة في استعمال وسائل الإعلام العمومية والأماكن المخصصة للمعلقات الانتخابية التي أودعت تصريحًا برغبتها في المشاركة في الاستفتاء

في المقابل، نلاحظ أن مرسوم 1 جوان/يونيو 2022 يقول إنه يتم تقديم تصريح للهيئة للمشاركة في حملة الاستفتاء ويتخلى عن الأحزاب والجمعيات والمجتمع المدني ونسأل لماذا؟ ويتخلى عن نقطة ضمان المساواة في استعمال وسائل الإعلام، وبالتالي فإن فتح الحملة للعموم ليس قرارًا صائباً كما يعتقد البعض لأن ذلك يعني أن 12 مليون تونسي بإمكانهم أن يشاركوا ويطالبوا بالقيام بحملة استفتاء.

بن سليمان لـ"الترا تونس": لم يذكر المرسوم الرئاسي الأحزاب والمجتمع المدني للمشاركة في حملة الاستفتاء وترك المشاركة مفتوحة ومرتبطة بالحصول على تصريح لكن وفق أي محددات؟ هل ستكون الحملة وحشية ومفتوحة؟

فهل هذا معقول؟ القانون جاء ليضبط ممارسة الحقوق، بالقانون لا بد أن نضع المعايير الموضوعية للاختيار والسلطة التشريعية هي التي تضعها والهيئة تطبقها. لكن نحن نرى أنه لا يوجد أي تحديد، كيف يمكن أن ترفض الهيئة أن تمكن أحدهم من تصريح للقيام بالحملة وعلى أي أساس إذا لم تتوفر وتحدد الشروط؟ والقانون وحده من يضع الحدود وليس الهيئة بالقرارات الترتيبية. ولماذا حذفت الأحزاب والجمعيات؟ وماذا يعني فتحها المشاركة للعموم؟ فهل يعني أن أي تشكيلة لا تنخرط في المنظومة القانونية للجمعيات يمكن أن تشارك في الحملة مثلًا.

أي أن مجموعة من الناس لا وجود قانوني لهم وليس لديهم حساب جاري لنعرف تمويلهم  يكفي أن يجتمعوا  ولكل واحد منهم 10 دنانير ويشاركوا في حملة الاستفتاء؟ وهو ما يعني أن الحملة ستكون "وحشية" ولن يكون هناك أي آلية للرقابة وبالتالي ستكون مفتوحة؟

الأحزاب والجمعيات يمكن مراقبة تمويلها وضبط سقفه ومتابعتها، لكن على هذه الشاكلة  فإن ما حدث هو رفع الرقابة سواء للهيئة أو القضاء وبالتالي نحن أمام هيئة عليا للانتخابات تخلت عن كل ما كانت تقترح منذ 2014 إلى 2019. كما تخلت الهيئة بذلك عن اقتراحها تحجير كل تمويل للحملة يكون مقنعًا أو مجهولاً أو غير مشروع.

بن سليمان لـ"الترا تونس": قررت أن أطعن في أمر تسمية وتركيبة هيئة الانتخابات حتى نتأكد بأن عملية الاستفتاء تسير في الطريق الصحيح

والسؤال المطروح هل تمت استشارة الهيئة في مرسوم تنقيح القانون الانتخابي أي مرسوم 1 جوان 2022 أم لا؟ وإذا تمت استشارتها فهل قدمت توصياتها ومقترحاتها وفقاً لما قدمته المؤسسة في تقاريرها السابقة أم أنها غيرت فيها؟ وبما أني عضوة سابقة للهيئة وتحفظت ولم أتحدث منذ صدر المرسوم وتمت التسميات فإني من باب المسؤولية الأخلاقية والتاريخية وما قدمته في الهيئة من مجهودي ووقتي وعمري فإني قررت أن أطعن في أمر التسمية والتركيبة حتى نتأكد بأن عملية الاستفتاء تسير في الطريق الصحيح.