16-نوفمبر-2021

باسم المحفوظي لـ"الترا تونس": سأعمل على أن يحقق ابني هذا المشروع مستقبلًا

 

تغرق تونس في أزمة نفاياتها.. فيتحول الصراع من سياسي إلى أمني إلى اجتماعي، وتسقط ورقة التوت مرة أخرى عن وضع بيئي معقد تخمد نيرانه حينًا لتعود أشد التهابًا من جديد! مصب عقارب كان آخرها، وهو واحد من جملة 11 مصبًا مرخصًا له من قبل الدولة، بلغ حسب القضاء طاقة استيعاب قصوى ليصدر قرار قضائي في جويلية/ يوليو 2019 يقضي بإغلاقه فيما توشك المصبات الأخرى على الامتلاء.

باسم المحفوظي (باعث شاب) لـ"الترا تونس": مشروعي الذي ظل حلمًا للأسف، يتمثل في تحويل الفضلات المنزلية وفضلات المطاعم إلى غاز بيولوجي، أردت بعث مشروعي سنة 2006 بعد أن أتعبني انتظار الانتداب في القطاع العمومي

ويتحدث المسؤولون في وزارة البيئة التونسية عن وضع معقد وحلول أشد تعقيدًا، والغريب أن التشخيص وتصورات الحلول الجذرية المتعلقة بالتصرف في النفايات، في دراسات تعدّ بالمئات، لكنها لم تغادر رفوف المؤسسات البحثية وقاعات الاجتماعات والندوات. والأدهى أنّ هناك من الشبان من تقدم بمشاريع في الطاقات البديلة كتثمين النفايات المنزلية (والتي تعتبر معضلة في كامل ولايات الجمهورية التي وإن لم تتوفر فيها مصبات رسمية فإن المصبات العشوائية تملؤها)، إلا أن العراقيل منعتهم من تنفيذ هذه المشاريع.

أراد الشاب باسم المحفوظي أصيل محافظة الكاف أن ينشئ مشروعًا يحافظ به على البيئة ويحل أزمة النفايات ويستغلها من أجل توليد الطاقة، خاصة وأنّ تونس تنتج يوميًا أكثر من 2.6 مليون طن من النفايات المنزلية.

اقرأ/ي أيضًا: باعث مشروع العلف المركّب بقفصة لـ"الترا تونس": مشروعي معطّل من لوبيات الأعلاف

يقول باسم لـ"الترا تونس": "مشروعي الذي ظل حلمًا للأسف، يتمثل في تحويل الفضلات المنزلية وفضلات المطاعم إلى غاز بيولوجي، وتحديدًا إلى غاز الميثان.. أنا مهندس في الآلية وأردت بعث مشروعي الخاص سنة 2006 بعد أن أتعبني انتظار الانتداب في القطاع العمومي، وكان هذا المشروع حلمي، طرقت كل الأبواب في الكاف والعاصمة لأحصل على الموافقة ووفرت كل الشروط، وتلقيت التكوين اللازم وقد قوبلت في كل مرة بالتصفيق من قبل المسؤولين" على حد تعبيره.

وتابع المحفوظي: "قدمت من مالي ومن جهدي ومن وقتي الكثير.. درست وتنقلت وقابلت واتصلت إلى أن حصلت على موافقة مبدئية على المشروع في انتظار أن أحصل على موافقة الشركة التونسية للكهرباء والغاز المتعهدة باقتناء الغاز الذي سأنتجه. وتقدمت بمطلب في الغرض مستوفيًا الشروط، من مقر المشروع الذي تم وضعه على طاولة المجلس الجهوي ويمتد على مساحة 1000 متر مربع في المنطقة الصناعية في الكاف..".

باسم المحفوظي (باعث شاب) لـ"الترا تونس": تلقيت مكالمة من شخص غريب وقابلني ليعرض عليّ نيّته في مشاركتي مشروعي فرفضت.. بعدها أعلمتني "الستاغ" أنها لن تشتري ما سأنتجه من الغاز

وأضاف الباعث الشاب أنه تلقى في الأثناء مكالمة من شخص وصفه بـ"الغريب"، طلب منه أن يلتقيه، فقال: "أذكر أن سيارة مرسيدس سوداء قدم فيها شخص أعلمني أنه على علم بمشروعي وأنه مشروع ممتاز ويرغب في أن يكون شريكًا معي.. في الحقيقة، رفضت رفضًا قاطعًا واستغربت من الموضوع، وأصررت أن يبقى المشروع لي وحدي، فهو فكرتي التي عملت عليها مطولًا". 

وتابع المحفوظي: "في نهاية الانتظار، وصلني وصل بتاريخ الموافقة نفسه، لكنه هذه المرة بالرفض، وأعلمتني الستاغ أنها لن تشتري ما سأنتجه من الغاز"، وواصل بأسف وحسرة حديثه لـ"الترا تونس": "بعد الثورة التقيت في أحد المعارض صدفة مسؤولًا محليًا تذكّرني وقال لي بالحرف الواحد: (بربي سامحنا لقد وقف الطرابلسية في وجه مشروعك)" على حد قوله.

اقرأ/ي أيضًا: صاحب مشروع تربية الذباب: سنعتمد بروتين الذباب في صناعة الخبز والمعكرونة

محدّثنا شدّد على أنّه عبّر عن صدمته للمسؤول وسأله كيف للطرابلسية (أصهار الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي) أن يعرفوه وأن يعلموا بمشروعه، فأجابه أن المسؤولين الذين قابلهم "لم يكونوا سوى سماسرة لدى الطرابلسية" وفقه، مضيفًا: "بعد الثورة حاولت، لكن الأمر كان معقدًا ولم تكن هناك أرضية واضحة لإعادة المشروع ولإيجاد المسؤول الذي سيسمعني، كما أن العلاقة بين الدولة والباعثين الشبان أو المستثمر تخللتها أزمة ثقة.. أنا أتابع بعض الشباب ممّن استثمروا في الطاقة الشمسية مثلًا، لكن شركة الكهرباء والغاز امتنعت عن اقتناء الطاقة وهو ما يعتبر إفلاسًا للمشروع" وفقه.

باسم المحفوظي ما زال يصر على أهمية هذا المشروع القائم على الطاقات المتجددة والذي سينقذ البلاد من أزمات بيئية تهدد صحة أجيال ويقول لـ"الترا تونس": "إن كنت فشلت في تحقيق هذا المشروع فسأعمل على أن يحقق ابني يوسف هذا المشروع مستقبلًا".

 مشروع باسم المحفوظي واحد من جملة من المشاريع في الطاقات المتجددة التي لم تر النور لأسباب تتعلق بالبيروقراطية حينًا وبلوبيات الفساد أحيانًا أخرى، فيما تدير 3 شركات فقط، 11 مصبًا تحت مراقبة الدولة. 

باسم المحفوظي (باعث شاب) لـ"الترا تونس": بعد الثورة حاولت مع مشروعي من جديد، لكن الأمر كان معقدًا ولم تكن هناك أرضية واضحة.. كما أن العلاقة بين الدولة والباعثين الشبان أو المستثمر تخللتها أزمة ثقة

وفي الوقت الذي تقدّر فيه الإحصاءات الرسمية لمحكمة المحاسبات كمية النفايات الخطرة التي يجري إلقاؤها في المحيط البيئي بـ 142 ألف طن سنوياً من دون اكتراث بتداعياتها البيئية أو بتكاليف إزالتها التي تقدّر بـ 670 مليون دينار تونسي سنوياً، نلحظ أنّ الدولة عاجزة عن إيجاد حلول سواء من خلال إغلاق المصبات أو إعادة تأهيلها فضلًا عن عجزها عن الحد من المصبات العشوائية بالقرب من المجمعات السكنية وما تمثله من خطر على صحة المواطنين لما تنتجه من غازات الميثان وثاني أكسيد الكربون.

ويجدر القول أن الدولة التونسية تضرب عرض الحائط باتفاقياتها الدولية ومن بينها اتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون التي انضمت إليها تونس بموجب القانون عدد 54 لسنة 1989، خاصة أن ارتفاع نسبة هذه الغازات يؤدي إلى الانحباس الحراري.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تواصل تراكم النفايات في شوارع صفاقس وتخوّف من الانعكاسات.. أين الحل؟

في تونس.. شركة رائدة في مجال البيئة تشتري منك قمامتك المنزلية

شباب يبدع.. تحويل النفايات إلى قطع فنية