31-مارس-2022
خليل الزاوية

خليل الزاوية لـ"الترا تونس": الحوار الذي لا يقصي أحدًا هو الحل الوحيد للأزمة

في ظل السياقات المتوتّرة التي تعيش على وقعها تونس، على مختلف الأصعدة، خصوصًا مع ما تشهده الساحة السياسية من تأسيس لعدة أحزاب وإطلاق لمبادرات جديدة، منها انصهار أحزاب التيار والجمهوري والتكتل في كيان سياسي جديد، كان لـ"الترا تونس" لقاء مع أمين عام حزب التكتل من أجل العمل والحريات خليل الزاوية، للحديث عن هذا الكيان، وبعض الملفات الأخرى التي تجدون تفاصيلها في هذا الحوار.

خليل الزاوية لـ"الترا تونس": دور رئيس الجمهوريّة توحيد الصفوف، لكنّ سعيّد بأسلوبه وخطّته يفرّق التونسيين، وهذا مسّ من الوحدة الوطنية

  • تقييمك للمشهد السياسي الحاليّ؟

المشهد السياسي الحالي رديء ومتشظّ، وقد أضيف معطى جديد للساحة وهو عنصر الإقصاء والتخوين الذي أصبح موجودًا منذ انتخابات 2019.

الخلافات كانت موجودة من قبل، لكنّها تفاقمت بعد 25 جويلية/ يوليو 2021 بسبب خطاب قيس سعيّد المفرّق والذي دائمًا ما يتحدّث عن الوطنيين والخونة واللقاءات في الغرف المظلمة والخمّارات.. وهذا مسّ من الوحدة الوطنية.

أعتقد أنّ الفرقاء السياسيين غير متفقين على قاعدة لعبة موحّدة، ودور رئيس الجمهوريّة توحيد الصفوف، لكنّ أسلوبه وخطّته تفرّق التونسيين.

  • ما هو موقفكم من انعقاد جلسة البرلمان عن بعد مؤخرًا؟

إنّ اجتماع البرلمان هو محاولة لليّ ذراع الرئيس، والإشكال فيه أنّ من بين الموقّعين على الحضور نواب كانوا مؤيدين للوضع بعد 25 جويلية/ يوليو، ومنهم أيضًا من يمثّلون أحزابًا ساندت قيس سعيّد مثل حزب "تحيا تونس".

لا يمكن أن أجزم بمدى أحقيّتهم في الاجتماع، فالجانب القانوني معقّد جدًا، ولكن سياسيًا، عندما لا يتماشى فعل الرئيس مع الواقع، فإنّه لن يجد الصدى، قيس سعيّد غير مقنع في مساره و"يحب يخش الخلاء". في المقابل فإنّ المجموعة التي ساندت راشد الغنوشي في عودة البرلمان وجدت صدى وتوافقت نسبيًا.

  • كيف ترون العلاقة مع حزب حركة النهضة والحزب الدستوري الحر؟

أعتقد أنّ حركة النهضة أضرّت بالثورة التونسية بشكل كبير، ولكنّ هذا لا يعني تصفيتهم أو إقصاءهم، إذ لهم قاعدة انتخابية وليسوا بالخونة. والدستوري الحر ينحدر من مدرسة قديمة ولكنه يضم أناسًا جيّدين.

كلّ طرف ينفي الآخر، وهذا المشكل لن يتقدم بالبلاد، هم خصوم سياسيين وليسوا أعداءً.

خليل الزاوية لـ"الترا تونس": المسار الذي اتّخذه قيس سعيّد مسار بطيء جدًا وليس تشاركيًا، ولا يمكن أن يبقى الوضع في حالة استرخاء إلى حدود ديسمبر 2022

  • ما هو تعليقكم على المسار الذي اتخذه الرئيس التونسي قيس سعيّد؟

إنّ المسار الذي اتّخذه قيس سعيّد مسار بطيء جدًا وليس تشاركيًا، ولا يمكن أن يبقى الوضع في حالة استرخاء إلى حدود ديسمبر/ كانون الأول القادم. وبالعودة للتجارب السابقة وخاصّة للأزمة السياسيّة التي حصلت في 2013، فإنّ الحوار الوطني كان الحل الوحيد الذي أخرجنا من عنق الزجاجة.

الحكومة اليوم تعاني من صعوبات كبيرة على مستوى الماليّة العموميّة والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وتمرّ بأزمة اقتصادية سيّئة وأزمة سياسية معقّدة.

في المقابل، فإنّ الرئيس متمترس في تصوّراته وغير قابل للنقاش ولا يريد رؤية الواقع، وأبرز مثال على ذلك الاستشارة الإلكترونية التي يقول إنّها ناجحة وهي في الواقع فاشلة ونتائجها تعتبر صفعة لقيس سعيّد وتعبّر عن الرّفض لتمشّياته.

وأرجو أن يعود الناس لوعيهم ويقرّون بأن الحوار الذي لا يقصي أحدًا هو الحل الوحيد للأزمة، وأن الوقت غير مناسب للمناكفات لعودة البرلمان، خاصّة وأنّ التونسيين غير قابلين لعودته أو للرجوع لما قبل 25 جويلية/ يوليو.

  • لو تحدّثنا عن الكيان السياسي الجديد الذي أعلنتم عنه؟ ما هي أهدافه ومبادئه الأساسيّة؟

هذا الكيان له أسس فكريّة ومبادئ أساسيّة وهي الديمقراطية الاجتماعية، ويمكن تصنيفه كيسار معتدل "غير ماركسي"، لكنّه يؤسّس للديمقراطية والحريات العامّة والفردية للجميع، وتلعب فيه الدولة دورًا أساسيًا كمعدّل وقاطرة نمو وحامية للمجتمع والمواطنين.

وفي تمشّيه، يدافع عن هويّة البلاد ويؤمن بالمراكمة انطلاقًا من حركة التحرّر وصولًا للحركة الوطنية التي أتت بالاستقلال، ويدافع على دولة القانون والمؤسسات والتداول السلمي على السلط.

خليل الزاوية لـ"الترا تونس": نتائج الاستشارة الإلكترونية تعتبر صفعة لقيس سعيّد وتعبّر عن الرّفض لتمشّياته، فهو يقول إنّها ناجحة وهي في الواقع فاشلة

وفي المجال السياسي الحالي، نؤمن بالثورة التونسية كثورة شعبيّة وإيجابية فيها أخطاء مثل بقيّة الثورات وتمر الآن بصعوبات منها الاقتصاديّ ومنها تداخل الإيديولوجي بالسياسي الذي بدأ مع حركة النهضة، إضافة إلى الجزء الإقصائي الذي اعتمدته بعض الأحزاب الأخرى، ومن أكبر الصعوبات هو غياب برنامج الإصلاح الحقيقي.

لذلك بدأنا بالأسس والحوار وبمنتدى أسميناه "المنتدى الاجتماعي الديمقراطي" أين وحّدنا الرؤى بخصوص الإصلاح السياسي والاقتصادي، وهذا ما ولّد تناغمًا بين مناضلي وقيادات الأحزاب الثلاثة.

  • كيف ترون شكل هذا الكيان السياسي؟

مازلنا بصدد مناقشة شكل التنظيم فإمّا أن يكون جبهة أو تنظيمًا موحّدًا. يمكن تسميته حزبًا أو حركة، لكن المهم هو أن يحمل برنامجًا سياسيًا واقتراحات عملية تُخرج تونس من الأزمة. ويجب أن يكون أيضًا سلسًا يحقّق التشاركيّة ويكون أفقيًا وليس عموديًا، وسيكون الإعلان عنه في شهر رمضان.

  • من كان صاحب المبادرة؟ ومن هي الشخصيات التي تواصلتم معها؟

انطلقت لقاءاتنا بعد انتخابات 2019، وخاصّة بعد إقرارنا أنّ حكومة المشيشي هي حكومة أزمة، وتطوّرت النقاشات وتوحّدت الرؤى، أمّا زعيمنا فهو البرنامج وليس الشخص.

هناك العديد من الشخصيّات التي ساندت الفكرة، وهناك من يريد التريّث ليرى المشروع من ثمّ يتّخد قرار الانخراط. ومن بين هذه الشخصيّات العيّاشي الهمّامي وأنور القوسري..

  • بعض التجارب السابقة والتحالفات السياسية كانت فاشلة.. فما مدى ثقتكم في نجاح هذا الكيان وقدرته على كسب ثقة الناخب؟

كلام كثير يقال عن انعدام ثقة التونسي في الأحزاب و"العشرية السوداء".. ولكن الواقع يفسده. فالانتخابات البلدية الأخيرة التي وقع تنظيمها في طبرقة أبرزت نجاح قائمتين حزبيتين: الأولى للنهضة والثانية لحركة الشعب.

لذلك، ورغم نفور الناس من الأحزاب، إلّا أنّها تبقى التنظيم السياسي الأفضل. وخير دليل هو تجارب القائمات المستقلة في الانتخابات السابقة مثل "عيش تونسي" و"تيار المحبّة" التي فشلت في كسب ثقة الناخبين.

أعتقد أنّ نجاحنا مرهون في مستويين، الأوّل فكريّ، إذ يجب أن يكون البرنامج قويًا وجلّابًا للمواطنين، والثاني ميداني، وهو مدى قدرتنا على الانتشار والتّرويج لهذا البرنامج، وهذا لن ينجح إلّا بوجود "ماكينة" انتخابية.

خليل الزاوية لـ"الترا تونس": سيكون الإعلان عن الكيان السياسي الجديد في شهر رمضان، ومازلنا بصدد مناقشة شكل التنظيم فإمّا أن يكون جبهة أو تنظيمًا موحّدًا

  • هل هذا الائتلاف معنيّ بانتخابات 17 ديسمبر/ كانون الأول؟

الكيان الجديد معنيّ بكل الاستحقاقات الانتخابيّة لكن في ظلّ الديموقراطية والحريّة. فإن كانت الأمور غير جديّة والرؤية غير واضحة خاصة مع ما يروّج من أخبار بأنّ وزارة الداخلية هي من سينظّم الانتخابات، فهذه كارثة كبرى للديمقراطية في تونس.

وللتذكير، فإنّ حزب التكتّل قاطع انتخابات 2004 لأنّه اعتبر أنّ الظروف غير ملائمة للقيام بانتخابات ديمقراطيّة.

  • طالت بعض الانتقادات الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي بعد تصريحاته حول دعوة أطراف أجنبية لفرض الحوار الوطني؟ هل تتبنون هذا الموقف؟

لا علم لي بهذا، ولم نطلب أبدًا من أطراف أجنبيّة تأمين الحوار. أعرف عصام الشابي منذ أربعين سنة، وأعرف مدى وطنيّته وأنّه لا يقبل بالتدخّل الأجنبي. لا أعتقد أنّه يعني ما يروّج له، هذا إن قاله أصلًا.. أرجّح أنه يقصد أن الأطراف الأجنبية التي تريد دعم الاقتصاد التونسي هي التي تدعو لحوار وطني وتقول إنّ حل أزمة تونس هو سياسي واقتصادي. والجهات المستعدّة لدعم تونس اقتصاديًا هي من تطالب بتوافق سياسي في المرحلة القادمة.

  • ما هي تصوراتكم للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد؟ وأي حلول تطرحونها لإنقاذ المالية العمومية؟

كل المسائل العالقة مربوطة بالتوافق على خطّة، وليس الطرف الحاكم هو الذي يقرّر، والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل كان واضحًا في خطابه، وقال إننا لسنا مستعدّين لقبول هذا الوضع.

هناك أشياء غير منطقية، إذ لا يمكن قبول تجميد الأجور لمدّة خمس سنوات ولدينا نسبة تضخّم بـ 6.5%.

خليل الزاوية لـ"الترا تونس": الكيان السياسي الجديد معنيّ بكل الاستحقاقات الانتخابيّة لكن في ظلّ الديمقراطية والحريّة. فكارثة كبرى للديمقراطية في تونس إن كانت وزارة الداخلية هي من ستنظّم الانتخابات كما يراج

ومن الحلول التي نطرحها، أوّلًا الضغط على مصاريف الحكومة، فليس من المعقول أن ترتفع ميزانية وزارتي الدفاع والداخليّة كلّ سنة. ثانيًا، فتح المجال الاقتصادي ورفع القيود على القطاع الخاص لفائدة الاستثمار. ثالثًا، إعادة هيكلة القوانين وإرجاع الدور الاستثماري للدولة.

وأخيرًا، إيجاد حل للتصدير خاصّة بالنسبة لقطاع البترول وقطاع الفسفاط الذي نخسر فيه 1000 مليار في السنة.

  • دعت تنسيقيّة الأحزاب الديموقراطية الاجتماعيّة إلى الحوار في وقت سابق.. ما مدى تطور هذا الملف؟ وهل سيقبل الرئيس قيس سعيّد هذه الدعوة؟

نتمنى أن يقبل الرئيس الدعوة للحوار كي لا نصل لـ"ثورة الجياع"، فكلّ طرف يقصي الآخر، الرئيس يقول إنّه لا حوار إلا مع الوطنيين الذي لا يملك حتى قائمتهم، والنهضة تقرّ بضرورة عودة البرلمان، ولا أحد يقبل بالتنازل من أجل المصلحة الوطنيّة رغم أنها السبيل الوحيد.

أخاف أن تشتد الأزمة وينزل الشعب للشارع ليقوم بثورة أخرى، والذي يحدث اليوم يذكّرني بالأزمات الاجتماعية في 1978 التي أدّت إلى ثورة الخبز. فشرارة بسيطة يمكن أن تُهيج الشارع الذي سينقلب على السلطة التنفيذية وأساسًا على رئيس الجمهورية.

 

  • تم إجراء هذا الحوار قبل قرار حلّ البرلمان في تونس