03-مارس-2022

رئيس الجمعية التونسية للتربية والتنمية: "كلّ محاولة لتدريس الدارجة تدخل في إطار مشروع مُدَمّر لثوابت الأمّة ولرصيدها الحضاري" (Getty)

 

يقود رمزي الشريف، رئيس جمعية "دارجة"، حملة لاعتماد اللهجة التونسية "كلغة" رسمية بالإضافة إلى اللغة العربية في تونس، وقد دعمها  بتقديم مطلب رسمي إلى الرئاسة التونسية يدعو فيه إلى اعتماد "اللسان التونسي" في الإدارات وفي التعليم القاعدي ما قبل الدراسي، ذلك أن الدراسات أثبتت أن "التعليم بلغة الأم يساهم في تكوين شخصية الطفل ونبوغه"، حسب تعبيره.

رئيس جمعية "دارجة" يقود حملة لاعتماد اللهجة التونسية "كلغة" رسمية بالإضافة إلى العربية في تونس، وقد دعمها  بتقديم مطلب رسمي إلى الرئاسة التونسية 

ويقول الشريف لـ"الترا تونس"، في هذا السياق، إن التوجه إلى رئاسة الجمهورية بهذه الدعوة له مبرراته باعتبار أن للقضية زاوية سياسية وقانونية ودستورية تتطلب أخذ  قرار سياسي يمكن من خلاله إضافة اللغة العامية التونسية/الدارجة كلغة رسمية  مطالبًا في الوقت ذاته السياسيين بدعم هذا المقترح.

اقرأ/ي أيضًا: الكتابة السردية بـ"الدارجة".. جدل قديم متجدد

وتعتمد تونس في الفصل الأول من دستور سنة 2014 اللغة العربية كلغة رسمية حيث يدخل ذلك في سياق تعريف هوية الدولة التونسية حيث تعرف تونس كدولة حرة مستقلة ذات سيادة الإسلام دينها والعربية لغتها والجمهورية نظامها، وقد أشار المشرع التونسي أنه لا يجوز تعديل هذا الفصل.

ويضيف رئيس جمعية "دارجة" أن "اعتماد اللغة اليومية التونسية يسهل كثيرًا من عملية التواصل وإبلاغ المعلومة سواء من خلال استعمالها في الخطاب السياسي أو اعتمادها في الإدارات التونسية وكذلك في وسائل الإعلام"، التي يستعمل عدد منها الدارجة التونسية لتقديم الأخبار والتقارير الإخبارية أو للتواصل مع الجمهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

رئيس جمعية "دارجة": سأسعى لقيادة حملة انطلقت من الفضاء الافتراضي عبر هاشتاغ "اللغة التونسية لغة رسمية" ومن خلال طلب لقاء مع الرئيس قيس سعيّد

ويقول الشريف، خلال حديثه لـ"الترا تونس"، إنه سيسعى لقيادة حملة في هذا السياق انطلقت من الفضاء الافتراضي عبر هاشتاغ "اللغة التونسية لغة رسمية" ومن خلال طلب لقاء مع الرئيس التونسي قيس سعيّد، الذي يمسك بكافة السلطات منذ إعلانه المرحلة الاستثنائية في 25 جويلية/يوليو 2021.

اقرأ/ي أيضًا: لغتنا ولغتهم

وتعمل جمعية "دارجة" التي تأسست سنة 2016 على المحافظة على خصوصية الهوية التونسية، عبر جمع الكلمات التونسية في معجم وتثمين كل ما له علاقة بالشخصية التونسية، وفقها. يشير الشريف لـ"التر تونس" أن اللغة العامية هي جزء من هذه الشخصية التي تكونت بفضل تعدد الحضارات التي مرت بتونس وتركت أثرها في عادات سكانها وكذلك في اللغة المستعملة التي تتميز بمفردات مختلفة بين العربية ولغات أجنبية أخرى.

طرح هذه القضية من هذه الزاوية لم يستسغه رئيس الجمعية التونسية للتربية والتنمية رضا كشتبان، الذي صرح لـ"الترا تونس" أن الدارجة هي لهجة تنحدر من الفصحى وليست مستقلة بذاتها وهي منظومة لهجية لها طقوسها وتراكيبها ومعجمها تتحرّك في الكون اللغوي الكبير للغة الأم يتخذها الناس وسيلة للتخاطب والتواصل والتعبير عمّا يجيش في النفوس وتُخوّل لمن لم يُتقن الفصحى التواصل مع الآخرين من بني الأمّة الواحدة لِخلوّها من الإعراب والحركات بحيث تُخوّل للمتكلّم التعبير بعيدًا عن الرقابة الصارمة والحركات الدقيقة.

رئيس الجمعية التونسية للتربية والتنمية لـ"الترا تونس": الدارجة هي لهجة تنحدر من الفصحى وليست مستقلة بذاتها وهي منظومة لهجية لها طقوسها وتراكيبها ومعجمها تتحرّك في الكون اللغوي الكبير للغة الأم

الكشتبان اعتبر أنّ البحث عن مكانة الدارجة في دائرة المؤسسة التعليمية ليسَ وَجيهًا ومجانبًا للصواب لأنّ هذه الفكرة لا تَخلُو من بعد مُدمّر للعربية الفصحى تجعل من المتعلّم يتلقّى لهجة ليست بمعزل عن أساسيات اللغة الأم.. وبالتالي فإنّ الدارجة، وفق تقديره، تبقى موجودة في إطار التّواصل الشفوي بين أهلها ليس إلاّ،  مشيرًا إلى أن كلّ محاولة لتدريسها تدخل في إطار مشروع مُدَمّر لثوابت الأمّة ولرصيدها الحضاري.

ولم يخف رضا الكشتبان وجود أبعاد وصفها بالمريبة من خلال طرح هذا الموضوع في هذا الوقت بالذات، معتبرًا أن هناك أجندة تحاول تدمير اللغة العربية وهي اللغة الأم التي تعبر عن هوية الشعب التونسي، وفقه، متسائلاً عن الجدوى من اعتماد الدارجة كلغة رسمية ثانية والحال أنها سليلة اللغة العربية الفصحى. 

اقرأ/ي أيضًا: تونس واللغة العربية.. لا تقدّم لمجتمع بغير لغته الوطنيّة

من جهته، وفي تصريح لـ"الترا تونس"، تساءل أستاذ الدراسات العليا للأدب وتطبيق اللسانيات التداولية في الأدب العربي صالح بن رمضان عن الجدوى من اعتماد العامية في الدراسة وعن أي لهجة نتحدث فهي متنوعة حسب المناطق والجهات، بن رمضان اعتبر أن الدارجة التونسية هي تعبيرة من تعبيرات اللغة العربية فتوجد لغة عربية تتفرع منها تعبيرات ثقافية واجتماعية بل أن عددًا من مشتقات الدارجة المتأتية من المعجم الفرنسي قالبها عربي.

أستاذ الدراسات العليا للأدب صالح بن رمضان: "تونس في مراحل تاريخية مختلفة اعتمدت على الدارجة في النصوص الأدبية أو الحكايات الشعبية وكذلك الصحافة الساخرة غير أن ذلك ظل يدور في سياق التنوع الذي يميز الشخصية التونسية دون أن يصل إلى اعتمادها كلغة ثانية"

ويضيف الأستاذ صالح بن رمضان أن لا جدوى من طرح هذه القضية لأن استعمال اللهجة العامية موجود في تونس من عشرينيات القرن الماضي في الكتابات الأدبية وكذلك في التراث الحكواتي التونسي مثل حكايات الصحفي ورجل الإذاعة التونسي عبد العزيز العروي.

ويقول بن رمضان إن "تونس في مراحل تاريخية مختلفة اعتمدت على  العامية أو الدارجة في النصوص الأدبية أو الحكايات الشعبية وكذلك الصحافة الساخرة غير أن ذلك ظل يدور في سياق التنوع الذي يميز الشخصية التونسية دون أن يصل إلى اعتمادها كلغة ثانية والحال أنها تنبع من اللغة الأم..العربية الفصحى"، وفق تقديره.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الفرنكفونيون في تونس..."أيتام فرنسا"؟ (2/1)

الفرنكفونيون في تونس..."أيتام فرنسا"؟ (2/2)