22-يونيو-2022
الفقر تونس

انتقد غياب التمشي التشاركي والبعد السياسي في برنامج "الإصلاحات" (الشاذلي بن إبراهيم/ NurPhoto)

الترا تونس - فريق التحرير

 

سجل المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الأربعاء 22 جوان/يونيو 2022، ما قال إنه "تعدد وتسارع وتيرة إصدار الوثائق الرسمية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية من طرف الحكومة الحالية في الأشهر الأخيرة"، مشيرًا إلى أن من أبرزها الوثيقة السريّة المسربة بعنوان "برنامج الإصلاحات للخروج من الأزمة" التي وقع توجيهها إلى صندوق النقد الدولي والمنشور حول إعداد مشروع ميزانية 2023 الصادر عن رئيسة الوزراء في 20 ماي/أيار 2022 والبرنامج الوطني لـ"الإصلاحات" الصادر يوم 3 جوان/يونيو 2022، وفقه.

وقال، في بيان له، إن الوثائق الصادرة "أثارت عديد النقاشات والمواقف وهيمن عليها شعور الاستياء والتنديد والتخوف من المستقبل ومثلت في كل الحالات تناقضًا صارخًا بين الخطاب الشعبوي السائد والبرامج الاقتصادية والاجتماعية المعلنة من طرف حكومة بودن"، حسب تقييمه.

منتدى الحقوق الاقتصادية: الوثائق الصادرة عن حكومة بودن هيمن عليها شعور الاستياء والتخوف من المستقبل ومثلت تناقضًا صارخًا بين الخطاب الشعبوي السائد والبرامج الاقتصادية والاجتماعية المعلنة

وأضاف المنتدى، في ذات الصدد، أنه بالإضافة إلى هذا التناقض الذي قال إنه قد "تسبب في خيبة أمل كبيرة حتى من طرف المناصرين لعمليّة 25 جويلية/يوليو 2021"، يجب الإشارة إلى أهم ما يميّز كل هذه الوثائق رغم تعدّدها، حسب تصوره:

  • "استمرار كل هذه الوثائق في التشبث بنفس منوال التنمية المتآكل والذي أصبح يمثل عائقًا هيكليًا كبيرًا أمام تحقيق انتعاش الاقتصاد ومواجهة التحديات المعقدة والمتعدّدة والمتغيرات المترقبة بعد جائحة فيروس كورونا والصراع الروسي الأطلسي في أكرانيا. ومواصلة الانخراط الأعمى والساذج في منظومة فكريّة نيوليبرالية
  • غياب تام للتقييم الموضوعي والجدي للسياسات المعتمدة وللنتائج المسجلة منذ 2011 مع الاقتصار على عرض تطور الإحصائيات في مجالات متعددة مثل النمو والتضخم وعجز الميزانية والمديونية العمومية والدعم وكتلة الأجور في الوظيفة العمومية وعجز المؤسسات العمومية… إلخ. وهذا العرض يهدف بالأساس إلى إبراز قتامة الوضع الاقتصادي والمالي والوضع الكارثي الناتج عن ممارسات سلطة ما قبل 25 جويلية/يوليو وثقل الموروث بالنسبة للسلطة الجديدة وذلك دون أي تحليل للأسباب والمسببات على مستوى الاختيارات والسياسات والأولويات ومسؤوليات الأطراف. وقد نتج عن غياب مثل هذا التقييم الضروري من الناحية المنهجية مواصلة التشبث بنفس الإطار التنموي وبنفس المنظومة الفكريّة النيوليبرالية.
 

قدّم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة اليوم 22 جوان 2022 في ندوة صحفيّة بمقرّ النقابة الوطنيّة للصّحفيّين...

Posted by Forum Tunisien pour les Droits Economiques et Sociaux on Wednesday, June 22, 2022

  • غياب التمشي التشاركي الواسع والاكتفاء بمساهمة الإطارات الإدارية العليا (400 إطار حسب الوثائق) في إنتاج الوثائق الصادرة. وقد تسبب هذا التمشي في إعطاء الوثائق صبغة فنيّة تكنوقراطية وغياب النفس النقدي والبعد السياسي مع هيمنة السلوك الروتيني الذي يميز كل عمل بيروقراطي خاصة فيما يخص الإصلاحات المقترحة والإجراءات والسياسات المعتمدة والأهداف المعلنة. علما أن الاقتصاد هو بالأساس سياسي لأن تحديد الاختيارات الكبرى وضبط الأولويات والحرص على التوازنات الاجتماعية والاقتصادية والقطاعية والجهوية والجندرية واختيار مصادر التمويل يبقى شأن سياسي بامتياز ولا يمكن للفنيين الحسم فيها. وغياب التمشي التشاركي والبعد السياسي أثر سلبًا على مضمون هذه الوثائق التي تميّزت بغياب الأولويات والأهداف المرقمة والمراحل ومصادر التمويل باستثناء ما يخص الضغط على كتلة الأجور بالوظيفة العمومية والتخلي عن الدعم.

منتدى الحقوق الاقتصادية: الاستمرار في توخي السياسات الفاشلة يؤكد تغول اللوبيات وقدرتهم على إعاقة الإصلاحات الجدية أمام ضحالة الطبقة السياسية وتفكك الدولة وتراجع دورها وأدائها

واعتبر منتدى الحقوق الاقتصادية ان "كل الوثائق، رغم ما تؤكده من أنها من صنع تونسي خالص، إلا أنها مثلت بالأساس في منهجيتها ومضامينها وأهدافها رسائل مطمئنة موجهة إلى صندوق النقد الدولي المتبني والمروج الرئيسي للمنظومة الفكرية النيوليبرالية ولمفاهيمها وأدواتها وأهدافها ومشاريعها التي وقع اعتمادها لإنتاج هذه الوثائق"، حسب تقديره.

وأكد المنتدى أن كل الوثائق "تعطي الأولوية للـ"إصلاحات" الهادفة إلى تحقيق استقرار التوازنات المالية الكلية من خلال الضغط على كتلة الأجور بالوظيفة العمومية ونسبتها من الناتج المحلي ومن خلال برمجة إلغاء الدعم والاكتفاء بتوجيهه إلى مستحقيه، متابعًا أنه  "بجانب هذه الملفات وقع الالتزام بإصلاح المؤسسات العمومية في اتجاه الحد من حجمها وفي غياب تحديد دورها التنموي وجعلها مؤسسات ككل المؤسسات فاقدة لأي دور متميز في النسيج الاقتصادي"، وفق ما ورد في نص البيان.

واعتبر أن ما يسمى بالبرنامج الوطني لـ"الإصلاحات" يمثل في الحقيقة "مجرد برامج عمل لمختلف الوزارات وقع تقديمها بتفاصيل وجزئيات مملة في غياب طرح جدي للإشكاليات الكبرى التي تمثل عراقيل هيكلية خطيرة للعمل التنموي مع غياب ضبط استراتيجيات طموحة وواضحة وعملية لمعالجتها"، حسب تقديره.

وأكد أن "الوثائق كانت منشغلة بالأساس بالتوازنات المالية الكليّة مع إهمال تام للبعد التنموي وغياب كلي لتمشٍ إرادي والاكتفاء باعتماد تمشٍ إصلاحي قائم بالأساس على إصلاح الأطر التشريعية والترتيبية والتنظيمية والمؤسساتية بجانب تقديم مزيد من الإعفاءات والامتيازات الجبائية والمالية قصد تحفيز المبادرة الفردية وتحسين مناخ الأعمال مع الاكتفاء بترقب النتائج التي ستحصل عن منطق السوق وسلوك الأفراد"، وفق نص البيان.

منتدى الحقوق الاقتصادية يؤكد ضرورة اتخاذ إجراءات استثنائية وصارمة لمزيد تعبئة موارد عمومية إضافية واعتماد أولويات محددة وواضحة وفتح حوار جدي حول بديل تنموي

وفي هذا الصدد، شدد منتدى الحقوق الاقتصادية على أن "الاستمرار في توخي الاختيارات والسياسات الفاشلة يؤكد بالأساس تغول المافيات واللوبيات وقدرتهم على إعاقة الإصلاحات الجدية أمام ضحالة الطبقة السياسية وتفكك الدولة وتراجع دورها وأدائها ومصداقياتها، مما يجعل من الإصلاح الإداري والمؤسساتي ومن اعتماد تمشٍّ إرادي في مجال التنمية من الأولويات والضروريات القصوى"، حسب رأيه.

وأكد المنتدى في هذا الإطار ضرورة: 

  • "اتخاذ إجراءات استثنائية وصارمة لمزيد تعبئة موارد عمومية إضافية من جهة والعمل على الحفاظ على مستوى مقبول للمدخرات الصافية بالعملات الأجنبية.
  • عدم الاكتفاء بإجراءات تهدف إلى تحسين التوازنات المالية الكلية لأنها لا تقود آليًا إلى إنعاش الاقتصاد التونسي والرفع من نموه
  • ضرورة التركيز على الاستثمارات العمومية كي تلعب دور القاطرة لأن تقديم الامتيازات المالية والجبائية لا تكفي لتحفيز الاستثمار الخاص في ظل الوضع الحالي الذي تمر به البلاد
  • اعتماد أولويات محددة وواضحة في ظل محدودية الإمكانيات. والتطورات الأخيرة تؤكد ضرورة إعطاء الفلاحة والسيادة الغذائية أولوية مطلقة بجانب التركيز على إنجاز التحول الطاقي بكل جديّة والنهوض بالبيئة خاصة فيما يخص ملف الفضلات الذي أصبح محل استياء عارم في عديد الجهات.
  • فتح حوار جدي حول بديل تنموي لأن المنوال الحالي تآكل ولا يمكن له أن يحقق الانتعاشة الاقتصادية في المستوى المطلوب ولا يمكن من رفع التحديات ومواكبة التحولات المترقبة سواء كانت المناخية أو الناتجة عن جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا"، وفق ما ورد في البيان ذاته.
 

ما يسمى بالبرنامج الوطني للإصلاحات يمثل في الحقيقة وفي أحسن الحالات مجرد برامج عمل لمختلف الوزارات وقع تقديمها بتفاصيل...

Posted by Forum Tunisien pour les Droits Economiques et Sociaux on Wednesday, June 22, 2022