01-نوفمبر-2021

كانت وزارة المالية قد أكدت أن الوثيقة المسربة لمشروع القانون ليست رسمية (Getty)

الترا تونس - فريق التحرير

 

تداولت عديد صفحات موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وثيقة مسرّبة لمشروع قانون المالية لسنة 2022، ما دفع بوزارة المالية إلى نشر بلاغ توضيحي أكدت فيه أن "الوثيقة المسربة التي تداولتها وسائل إعلام على أنها نسخة غير نهائية لمشروع قانون المالية لسنة 2022، ليست وثيقة رسمية"، وفقها.

وقد أعطى المختص في الاقتصاد والجامعي رضا الشكندالي ملاحظاته فيما يخص النسخة المتداولة لمشروع قانون المالية لسنة 2022، الذي قال إنه ضبط هذا 4 أهداف أساسية وهي مساندة المؤسسات الاقتصادية ودفع التشغيل ودعم الاستثمار، ومواصلة الإصلاح الجبائي ورقمنة الإدارة، وتحسين استخلاص الأداء ومقاومة التهرب الضريبي، وتحسين الظروف الصحية والاجتماعية.

رضا الشكندالي (مختص في الاقتصاد): الإجراءات المبوّبة في قانون المالية لسنة 2022 هي إجراءات ناعمة لا تنمّ عن رؤية اقتصادية واجتماعية للتحديات الاقتصادية والاجتماعية للسنة القادمة وهي لا تختلف عن قوانين المالية السابقة

واعتبر الشكندالي أنّ ما يهم المواطن التونسي بالأساس هي الإجراءات الموجهة إلى بعض القطاعات كالفلاحة والصيد البحري والبناء والأدوية قصد التقليص من الكلفة وبالتالي التقليص من أسعار هذه المواد، لكن الاستفادة من هذه الإجراءات يخضع إلى شروط قد لا تتوفر في العديد من المنتمين إلى هذه القطاعات. 

وأشار الشكندالي إلى أنّ تأثير هذه الإجراءات على المقدرة الشرائية للمواطن التونسي غير مؤكّد، وتساءل: "هل ستؤدي هذه الإجراءات إلى انخفاض في أسعار الأدوية والمساكن والخضر والغلال واللحوم الحمراء والبيضاء؟ وبكم ستنخفض هذه الأسعار؟ هذا فعلًا غير مؤكّد خاصة وأن قيمة الدينار التونسي في تراجع مستمر أمام اليورو هذه الأيام، وقد تبطل مفعول هذه الإجراءات إن كانت هذه الأخيرة ستؤدي فعلًا إلى التخفيض في الأسعار".

وينتظر من الإجراءات المتعلقة بالمهاجرين التونسيين وفق رضا الشكندالي، الترفيع من مخزون العملة الصعبة، لكنه تساءل إن كانت هذه الإجراءات المتعلقة بامتياز التسجيل بالمعلوم القار تكفي لإقناعهم على الإقدام لاقتناء العقارات والأراضي.

وقال الشكندالي إنّ الإجراءات المبوّبة في قانون المالية لسنة 2022 هي إجراءات ناعمة لا تنمّ عن رؤية اقتصادية واجتماعية للتحديات الاقتصادية والاجتماعية للسنة القادمة، وأضاف: "وهي لا تختلف عن قوانين المالية السابقة، فأين الإجراءات المتعلقة بضرورة النهوض بالقطاع السياحي؟ والحال أن البنك المركزي أشار في بيانه الأخير الى ضرورة العناية بهذا القطاع لما له من أهمية في جلب العملة الصعبة. وهل يكفي هذا الإجراء اليتيم المتعلق بامتياز التسجيل بالمعلوم القار لإقناع المهاجرين التونسيين للاستثمار في بلدهم؟".

رضا الشكندالي (مختص في الاقتصاد): لا يوجد في هذا القانون من الإجراءات ما يمكّن من تنفيذ ما أعلن عنه رئيس الجمهورية من إعادة للدور الاجتماعي للدولة من خلال تحسين خدمات الصحة والتعليم والنقل والتقليص من تكاليفها على المواطن التونسي، بل هناك انفصال

ولاحظ الشكندالي أنّ هناك نوعًا من الانفصال بين ما صرّح به رئيس الجمهورية في خطابه الأخير وقانون المالية لسنة 2022. "فلا يوجد في هذا القانون من الإجراءات ما يمكّن من تنفيذ ما أعلن عنه رئيس الجمهورية من إعادة للدور الاجتماعي للدولة من خلال تحسين خدمات الصحة والتعليم والنقل والتقليص من تكاليفها على المواطن التونسي. كذلك لا يوجد في هذا القانون إجراءات تمكّن من السيطرة على مسالك التوزيع ولا على ترشيد الواردات ولا حتى التشجيع على استهلاك المنتوج المحلي. كما أنه لا توجد أية إجراءات تشجع على الاستثمار في مشاريع الطاقات المتجددة قصد التقليص من العجز التجاري والحال أن الطاقة لوحدها تمثّل 40% منه" وفق وصفه.

ورأى المختص في الاقتصاد، أنه ليس هناك ما يفيد أن هذا القانون يمكّن من إعداد ميزانية دولة للسنة القادمة "خاصة وأنه لا يمكن إعداد هذه الميزانية بدون إمضاء اتفاق مع صندوق النقد الدولي.. ولم نلمس من خلال هذا القانون توجهًا واضحًا مع ما يريده الصندوق من إصلاحات تخص المؤسسات العمومية والدعم والوظيفة العمومية، بل لم تكن هناك أية مفاوضات مع الصندوق وهي ضرورية للاتفاق حول التوجهات الكبرى".

وخلص الشكندالي إلى أن قانون المالية للسنة القادمة لا بد أن يجيب على جملة التحديات القادمة والتي  تخص أساسًا: تحسين المقدرة الشرائية بعد الانفلات الأخير للأسعار، تحفيز القطاعات المدرة على تونس العملة الصعبة التي تحتاجها وخلق موارد رزق للشباب التونسي، وفقه.

وارتأى الأستاذ الجامعي والباحث المختص في الاقتصاد أرام بلحاج أن يطرح بدوره جملة من التساؤلات بخصوص مشروع قانون المالية لسنة 2022، فقال: "هو مشروع من؟ الحكومة؟ الرئيس؟ الإدارة؟ ما هي الأهداف الاستراتيجية من وراء هذا المشروع: إنقاذ الاقتصاد؟ الإنعاش؟ السيطرة على التوازنات المالية؟ محاربة الفساد؟ كيف يمكن الحديث عن التقشف في حين أن جزءًا كبيرًا من الإجراءات تمثل امتيازات أو اعفاءات أو تشجيعات مكلفة للدولة؟" وفقه.

وأضاف بلحاج: "من أين ستمول هاته الميزانية "الطموحة" (في انتظار التأكد عبر الأرقام) في حين تشهد تونس أكبر أزمة مالية في تاريخها؟ وكيف سيتم سد النقص الحاصل للموارد من جرّاء الامتيازات الجبائية التي جاء بها مشروع قانون المالية لسنة 2022؟ وأين الإصلاحات الكبرى ضمن هذا المشروع: الدعم، المؤسسات العمومية، محاربة الفساد، الوظيفة العمومية..؟ وأخيرًا، أين قانون المالية التعديلي لسنة 2021؟" وفق ما نشره.

وعبّر الخبير الممحاسب والقيادي بحزب التيار الديمقراطي هشام العجبوني من جهته في تصريحه لإذاعة "موزاييك أف أم"، أنّ تونس لن تكون قادرة على جلب أي مستثمر أجنبي بمزيد تعقيد الإجراءات الجبائية وغياب تسقيف زمني للإجراءات الاستثنائية التي تمر بها البلاد، معتبرًا أنّ النسخة المُسربة لمشروع قانون المالية لسنة 2022 تضمّنت عديد الإجراءات الجبائية رغم أنّ الحكومة الحالية مؤقتة.

ولاحظ العجبوني أنّ عديد الإجراءات المضمّنة في هذا المشروع تكتسي صبغة ترقيعية، وقال إن الالتجاء إلى فرض إجراءات جبائية جديدة كل سنة وتغيير الإجراءات السابقة يجعل الجباية في تونس معقدة للغاية، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى استقرار تشريعي في القطاع الجبائي، مشددًا على ضرورة أن يتضمن قانون المالية أحكام ميزانية متوازنة وواقعية مع فرضيات معقولة ومدروسة وغير مضخّمة مع عجز ميزانية يكون قريبًا من الواقع، وفق وصفه.

هشام العجبوني:  الالتجاء إلى فرض إجراءات جبائية جديدة كل سنة وتغيير الإجراءات السابقة يجعل الجباية في تونس معقدة للغاية، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى استقرار تشريعي في القطاع الجبائي

ورفض رئيس هيئة الخبراء المحاسبين وليد بن صالح التعليق عن النسخة المتداولة لمشروع قانون المالية 2022، باعتبارها غير رسمية، لكنه تطرّق إلى الأزمة الكبيرة على المستوى الاقتصادي وتداعياتها على مؤشرات أخرى بالبلاد، خاصة في علاقة بنسبة النمو "التي كانت طوال 10 سنوات ضعيفة بمعدل 1.7% لتنخفض في سنة 2021 مقارنة بالثلاثي الأول من سنة 2020 بـ 2%" وفقه.

واعتبر بن صالح أنّ تونس تعاني من ارتفاع نسبة الضغط الجبائي إلى حدود 32.5% وتوزيعه غير العادل، في الوقت الذي يجب أن يتمتع المواطن الذي يتحمل كل هذا الضغط الجبائي، بخدمات ممتازة في قطاعات الصحة والنقل والتعليم على سبيل المثال، مشيرًا إلى أنّ الإجراءات الجبائية الجديدة يجب أن تكون في اتجاه إصلاح جبائي حقيقي عبر إعادة التفكير في نسبة الضغط الجبائي وإعادة توزيعها بطريقة منصفة، مع ضرورة تبسيطها.

واعتبر بن صالح أنّ وضعية المالية العمومية صعبة ومعقدة ولهذا لا يجب في تقديره أن نواصل بالطريقة الكلاسيكية نفسها التي أعددنا بها قوانين المالية في السنوات السابقة، بل يجب وضع عامل المتغير السياسي بعين الاعتبار.

اقرأ/ي أيضًا: العباسي: تخفيض ترقيم تونس السيادي هو ضريبة ضبابية الرؤية السياسية والاقتصادية

ويشار إلى أنّ وزارة المالية، قد أكدت الاثنين 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أن "مشروع قانون المالية لسنة 2022 لايزال بصدد الإنجاز ويتم العمل على استكمال الاحكام التي يتضمّنها"، وذلك على خلفية تداول عدد من وسائل الإعلام العمومية والخاصة أخبارًا تخص مشروع القانون بناء على وثيقة قيل إنها "مسربة".

وأضافت الوزارة، في بلاغ توضيحي نشرته على صفحتها الرسمية بموقع التواصل فيسبوك، أن "الوثيقة المسربة التي تداولتها وسائل إعلام على أنها نسخة غير نهائية لمشروع قانون المالية لسنة 2022، ليست وثيقة رسمية"، وفقها.

ودعت، في هذا الإطار، إلى ضرورة "التثبّت لدى المصادر الرسميّة والحرص على نشر معطيات صحيحة حتى لا يتم تضليل الرأي العام"، وفق ما ورد في نص البلاغ.

يذكر أن عددًا من وسائل الإعلام المحلية، العمومية والخاصة، تتداول خلال اليومين الأخيرين معطيات تخص مشروع قانون المالية لسنة 2022، قالت إنها استقتها من نسخة غير نهائية لمشروع القانون قالت إنها تحصلت عليها من مصادرها الخاصة من وزارة المالية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تداوُل معطيات عن مشروع قانون المالية لسنة 2022.. وزارة المالية توضح

هل يعني التقشف التخفيض في الأجور؟ أنيس الوهابي يوضح لـ"الترا تونس"