هيومن رايتس ووتش: السلطات تستخدم الاحتجاز التعسفي لسحق المعارضة في تونس

قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير نشرته يوم الأربعاء 16 أفريل/نيسان 2025، واطّلع عليه "الترا تونس" إن "الحكومة التونسية حوّلت الاحتجاز التعسفي إلى ركيزة أساسية في سياستها القمعية التي تهدف إلى حرمان الناس من حقوقهم المدنية والسياسية". 

وأضافت أنه "يتعين على السلطات التونسية أن تضع حدًا لحملتها القمعية ضد من تعتبرهم منتقدين لها، وأن تفرج عن جميع المحتجزين تعسفيًا لمجرد ممارستهم لحقوقهم الإنسانية في كثير من الحالات".

وبدوره قال بسام خواجا، نائب مديرة لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش: "لم يحدث منذ ثورة 2011 أن شنّت السلطات التونسية مثل حملات القمع هذه. أعادت حكومة الرئيس قيس سعيّد البلاد إلى حقبة السجناء السياسيين، وسلبت التونسيين حرياتهم المدنية التي اكتسبوها بشقّ الأنفس".

هيومن رايتس ووتش: الحكومة التونسية حولت الاحتجاز التعسفي إلى ركيزة أساسية في سياستها القمعية التي تهدف إلى حرمان الناس من حقوقهم المدنية والسياسية

وقالت المنظمة إنه "عقب استيلاء الرئيس قيس سعيّد على مؤسسات الدولة التونسية في 25 جويلية/يوليو 2021، كثفت السلطات بشكل كبير من قمعها للمعارضة. ومنذ أوائل سنة 2023، كثفت السلطات من الاعتقالات التعسفية والاحتجازات ضد الأشخاص الذين يُنظر إليهم على أنهم منتقدون للحكومة، مستهدفة المعارضين من مختلف الأطياف السياسية".

وتعتبر هيومن رايتس ووتش أن "الرئيس قيس سعيّد يغذي استهداف قوات الأمن والسلطات القضائية للمعارضة. وغالبًا ما اتهم علنًا منتقدي الحكومة وخصومه السياسيين الذين لم يسمهم بأنهم "خونة" بل و"إرهابيون"".

ويوثّق تقرير المنظمة الصادر في 40 صفحة، بعنوان "’كلنا متآمرون‘: استخدام الاحتجاز التعسفي في تونس لسحق المعارضة"، "اعتماد الحكومة المتزايد على الاحتجاز التعسفي والملاحقات القضائية ذات الدوافع السياسية لترهيب ومعاقبة وإسكات منتقديها"، وفقًا للمنظمة. 

وقد وثّقت منظمة هيومن رايتس ووتش "حالات 22 شخصًا محتجزين بتهم تعسفية، بما في ذلك الإرهاب، على خلفية تصريحاتهم العلنية أو أنشطتهم السياسية. ومن بين هؤلاء محامون ومعارضون سياسيون ونشطاء وصحفيون ومستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي ومدافعون عن حقوق الإنسان". 

هيومن رايتس ووتش: على السلطات التونسية أن تضع حدًا لحملتها القمعية ضد من تعتبرهم منتقدين لها وأن تفرج عن جميع المحتجزين تعسفيًا

ووفق ذات التقرير فإن "ما لا يقل عن 14 محتجزًا قد يواجهون عقوبة الإعدام في حال إدانتهم". كما أن "هناك أكثر من 50 شخصًا كانوا محتجزين لأسباب سياسية أو لممارستهم حقوقهم إلى غاية جانفي/يناير 2025".

ولفتت المنظمة في تقريرها إلى أن "السلطات اعتمدت على مجموعة من الأدوات القانونية العدائية، بما في ذلك التهم الأمنية والإرهابية التي لا أساس لها من الصحة بموجب "المجلة الجزائية" و"قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2015"، الذي يمنح قوات الأمن صلاحيات واسعة للمراقبة والرصد، ويسمح باحتجاز المشتبه بهم لمدة تصل إلى 15 يومًا، ويسمح بعدم الكشف عن هوية المخبرين والشهود". 

كما اعتبرت أن "السلطات استخدمت أيضًا القوانين التي تنتهك حرية التعبير والحق في الخصوصية، بما في ذلك أحكام المجلّة الجزائية و"مجلّة الاتصالات" إضافة إلى "المرسوم عدد 54 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال"، ووجهت إلى العديد من المحتجزين الذين تم توثيق حالاتهم في التقرير تهمة "محاولة تبديل هيئة الدولة"، وهي تهمة قد تصل عقوبتها إلى الإعدام".

وقال بسام خواجا، نائب مديرة لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش: "يتجاهل شركاء تونس الدوليون باستمرار تدهور أوضاع حقوق الإنسان في تونس، في الوقت الذي يتلقى فيه المعارضون والمنتقدون السياسيون أحكامًا ثقيلة بالسجن واحدًا تلو الآخر. تقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية ملحة لبذل قصارى جهده للسعي للإفراج عن جميع المحتجزين ظلمًا".

هيومن رايتس ووتش: حكومة الرئيس قيس سعيّد أعادت تونس إلى حقبة السجناء السياسيين وسلبت التونسيين حرياتهم المدنية

ودعت منظمة هيومن رايتس ووتش السلطات التونسية إلى "الإفراج الفوري عن جميع المحتجزين تعسفًا وإسقاط التهم التعسفية الموجهة إليهم، والتوقف عن ملاحقة الأفراد بسبب ممارستهم لحقوقهم الإنسانية"، مضيفة أنه "يتعين على شركاء تونس الدوليين أن يحثوا الحكومة التونسية على إنهاء حملتها القمعية وحماية مساحة حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع".

كما أكدت أنه "على الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، الذين امتنعوا إلى حد كبير عن التحدث عن الوضع المزري لحقوق الإنسان، أن يُعربوا علنًا عن قلقهم بشأن تدهور حالة حقوق الإنسان في تونس، وأن يُراجعوا أي تعاون مع تونس لضمان ربطه بالامتثال للالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان"، مضيفة من جهة أخرى أنه "ينبغي على اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب أن تحث تونس على الامتثال الفوري للأحكام المُلزمة الصادرة عن المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب".