الترا تونس - فريق التحرير
نشر الساعة: 15:05 بتوقيت تونس
كشفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن الحكومة التونسية "زادت قمعها للأصوات الناقدة، خلال سنة 2024 وكثّفت قمع المعارضة السياسية والأصوات الناقدة الأخرى بتنفيذ حملات اعتقالات جماعية، وسجن الصحفيين، واستهداف منظمات المجتمع المدني"، وذلك وفق ما جاء في التقرير السنوي العالمي للمنظمة في نسخته الـ35 بشأن أوضاع الحقوق والحريات في أكثر من 100 بلد في مختلف أنحاء العالم.
هيومن رايتس ووتش: الحكومة التونسية كثّفت قمع الأصوات الناقدة وتم اعتقال أكثر من 80 شخصًا سنة 2024 لأسباب سياسية أو لممارسة حقوقهم الأساسية
وورد في "التقرير العالمي 2025" لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" الصادر على موقعها بتاريخ 16 جانفي/يناير 2025، أنه تم "اعتقال أكثر من 80 شخصًا لأسباب سياسية أو لممارسة حقوقهم الأساسية، حتى نوفمبر/تشرين الثاني، ومن بينهم معارضون سياسيون، وناشطون، ومحامون، وصحفيون، ومدافعون عن حقوق الإنسان، ومستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي.
كما دعت المنظمة الحقوقية، السلطات التونسيّة إلى "الإفراج عن المحتجزين تعسّفًا، والسماح لمنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام بالعمل بحريّة".
-
"حملة قمع سياسية شاملة وتقويض نزاهة الانتخابات الرئاسية"
ولفتت المنظمة إلى أن "السلطات في تونس قوّضت نزاهة الانتخابات الرئاسية خلال شهر أكتوبر/تشرين الأوّل، وكثفت الاعتقالات بدوافع سياسيّة والاحتجازات التعسفيّة، بما في ذلك ضدّ منافسين محتملين، إذ أدانت أو احتجزت 10 مرشحين محتملين على الأقل، وعددًا من أعضاء فرق حملاتهم الانتخابية، وضايقت آخرين وأرهبتهم، كما عدّلت قانون الانتخابات قبل أيّام من الاقتراع".
وقال نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش" بسّام خواجا: "من الواضح أنّ السلطات التونسية بذلت أقصى جهودها لإسكات منتقدي ومعارضي الرئيس قيس سعيّد، ومحاكمتهم، وسجنهم من أجل تسهيل إعادة انتخابه. استهدفت في الوقت نفسه أعضاء المجتمع المدني ووسائل الإعلام الذين تجرّأوا على التشكيك في سياساته، ما تسبّب فعليًّا في خنق الفضاء العام الذي اكتسبه التونسيّون بشق الأنفس".
نائب مديرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في "هيومن رايتس ووتش": السلطات التونسية بذلت أقصى جهودها لإسكات منتقدي ومعارضي الرئيس ومحاكمتهم وسجنهم وخنق الفضاء العام الذي اكتسبه التونسيّون بشق الأنفس
ولفتت المنظمة إلى أن "السلطات نفذت حملة قمع سياسية شاملة قبل انتخابات أكتوبر/تشرين الأول 2024، وذكرت "اعتقال أكثر من 100 عضو أو مؤيد لـ "حركة النهضة" المعارضة بموجب قانون مكافحة الإرهاب التونسي في سبتمبر/أيلول"، فضلاً عن الأحكام الصادرة ضدّ رئيس حزب "الاتحاد الشعبي الجمهوري" لطفي المرايحي و5 مرشحين محتملين آخرين للرئاسة، وهم عبد اللطيف المكي، ونزار الشعري، ومراد المسعودي، ومحمد عادل ضو، وليلى الهمامي، بالسَّجن ثمانية أشهر لكل منهم، مع منعهم من الترشح مدى الحياة".
كما ذكّرت "بالحكم الصادر ضدّ عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر، القاضي بسجنها لمدة سنتين بموجب المرسوم 54 بتهمة "نشر أخبار كاذبة" عن هيئة الانتخابات، والحكم بالسجن لمدة 4 سنوات ضدّ مغني الراب والمرشح المحتمل كريم الغربي مع منعه مدى الحياة من الترشح، بتهمة شراء تواقيع تزكيات".
-
"تقويض" استقلالية القضاء و"قمع" حرية الإعلام
ورد في التقرير السنوي لمنظمة هيومن رايتس ووتش أيضًا أن "حكومة الرئيس التونسي قيس سعيّد واصلت منهجيًا تقويض استقلالية القضاء، واستهداف القضاة واستخدام القضاء لخدمة أغراضه السياسية"، وذكّرت "بإصدار مجلس نواب الشعب التونسي قانونًا جديًدا يجرّد المحكمة الإدارية من الاختصاص في المسائل الانتخابية، ما يمنعها من تأدية دور في ردع الانتهاكات"، وفقها.
أما فيما يتعلق بحرية التعبير في تونس، فقد لفتت المنظمة إلى "مواصلة السلطات استخدام القوانين القمعية لتكميم حرية التعبير، بما فيها المرسوم 54 بشأن الجرائم الإلكترونية، الذي ينتهك الحق في الخصوصية وينص على عقوبات قاسية بشكل مبهم".
هيومن رايتس ووتش: حكومة الرئيس التونسي واصلت منهجيًا تقويض استقلالية القضاء، واستهداف القضاة واستخدام القضاء لخدمة أغراضه السياسية
وأتت المنظمة في تقريرها على ذكر جملة من الأحكام الصادرة خلال سنة 2024 في علاقة بحرية التعبير، ومنها أحكام بالسجن ضد عديد المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي على خلفية محتوى اعتُبر مسيئًا للآداب العامة، وأحكام بالسجن ضدّ رسام الغرافيتي رشاد طمبورة والمدون نصر الدين حليمي.
وقالت المنظمة إن "السلطات كثّفت قمع حرية الإعلام، ما أدى تدريجيًا إلى القضاء على النقد والتنوع في المشهد الإعلامي. يقبع خمسة إعلاميين على الأقل خلف القضبان بسبب عملهم أو آرائهم حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2024".
وذكرت أنه تم "رفع 39 قضية على الأقل ضد صحفيين بسبب عملهم منذ ماي/أيار 2023، بموجب قوانين شملت قانون الجرائم الإلكترونية وقانون مكافحة الإرهاب، نقلاً عن نقابة الصحفيين التونسيين".
هيومن رايتس ووتش: السلطات التونسية واصلت استخدام القوانين القمعية لتكميم حرية التعبير وكثّفت قمع حرية الإعلام ما أدى تدريجيًا إلى القضاء على النقد والتنوع في المشهد الإعلامي
-
هجمات على المجتمع المدني و"انتهاكات" ضد المهاجرين وطالبي اللجوء
وقالت المنظمة الحقوقية في تقريرها إن "قوات الأمن استمرت في انتهاكاتها ضد المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين دون محاسبة، وهو ما أدانته "الأمم المتحدة" في أكتوبر/تشرين الأول 2024. استمر أيضًا موت اللاجئين والمهاجرين الفارّين إلى أوروبا عبر البحر. وفي ماي/أيار، اعتقلت السلطات تعسفًا أعضاء منظمات تقدم مساعدة لطالبي اللجوء واللاجئين. كما استمر الاتحاد الأوروبي في دعم السلطات التونسية بهدف السيطرة على الهجرة، رغم الانتهاكات المستمرة"، وفقها.
وتابعت في تقريرها: "استهدفت السلطات عديد من جماعات المجتمع المدني والناشطين بالاعتقالات والاستجوابات وفتح تحقيقات في تمويلهم. كما شنت السلطات حملة صارمة على التضامن مع المهاجرين واعتقلت أعضاء المنظمات التي تقدم المساعدة لطالبي اللجوء واللاجئين، ما أدى إلى تفاقم الوضع السيئ أصلاً".
هيومن رايتس ووتش: السلطات استهدفت عديد جماعات المجتمع المدني والناشطين بالاعتقالات والاستجوابات وفتح تحقيقات في تمويلهم واستمرت قوات الأمن في انتهاكاتها ضد المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين دون محاسبة
وأفادت بأنه تم بين 3 و13 ماي/أيار، "اعتقال ستة أعضاء على الأقل من ثلاث منظمات غير حكومية مسجلة قانونًا تعمل في مجال الهجرة واللجوء والعدالة العرقية وهي "منامتي"، و"المجلس التونسي للاجئين"، و "أرض اللجوء تونس"، كما تم التحقيق مع أعضاء منظمات أخرى واستدعاؤهم من طرف قوات الأمن خلال نفس الفترة".
وأفادت المنظمة أن وحتى تاريخ أكتوبر/تشرين الأول 2024، كان هناك أكثر من 15.600 لاجئ وطالب لجوء مسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في تونس، منهم أكثر من 7.400 مواطن سوداني فر العديد منهم إثر النزاع في السودان منذ أفريل/نيسان 2023.
وذكرت أنه "تم طرد مئات المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء من أفارقة جنوب الصحراء، واعتُقل 80 منهم على الأقل، وطُرد 400 أو أكثر خارج حدود البلاد، بمن فيهم طالبو لجوء سودانيون".
-
"أزمة اقتصادية مع ارتفاع الدين العام والتضخم"
لفتت المنظمة في تقريرها السنوي إلى أن تونس "لا تزال تواجه أزمة اقتصادية مع ارتفاع الدين العام والتضخم، ما يؤثر على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، وأشارت إلى أن" الدين العام بلغ في 2024 حوالي 80% من الناتج المحلي الإجمالي، ووفقا لـ "المعهد الوطني للإحصاء"، بلغ التضخم 6.7% حتى سبتمبر/أيلول وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 9.2% مقارنة بعام 2023".
هيومن رايتس ووتش: تونس لا تزال تواجه أزمة اقتصادية مع ارتفاع الدين العام والتضخم ما يؤثر على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
كما بيّنت أن "مئات الأشخاص كان مصيرهم السجن لمجرد تحرير شيكات وإصدارها دون التمكن من سدادها لاحقًا، وهو ما يعادل السجن بسبب الديون وينتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان"، وفقًا للمنظمة.
وتحدثت المنظمة في تقريرها عن تبني مجلس الشعب قانونًا جديدًا في 30 جويلية/يوليو 2025، "خفف عقوبات السجن والعقوبات المالية على الشيكات غير المدفوعة. وتم وفقًا لوزارة العدل، إطلاق سراح أكثر من 500 شخص منذ دخول القانون الجديد التنفيذ في 2 أوت/أغسطس".



