هيئة المحامين: مقاضاة المواطنين مرتين عن نفس التهم يمثل تهديدًا لمسار العدالة

أصدرت الهيئة الوطنية للمحامين بتونس يوم الخميس 3 جويلية/يوليو 2025 بيانًا عبّرت فيه عن "إدانتها الشديدة للخروقات القانونية والإجرائية التي طالت محاكمات عدد من المحامين والإعلاميين والنشطاء السياسيين بسبب آرائهم ومواقفهم".

وأكد مجلس الهيئة، في بيانه، أنّ "ما يحصل من تواصل الإيقافات ومقاضاة المحامين من أجل نفس الأفعال مرتين، إلى جانب استفحال التضييقات على حقوق الدفاع، يمثّل تهديدًا خطيرًا لمسار العدالة، خاصة في ظل واقع تشهده الحريات العامة في تونس، حيث أصبحت ممارسة حرية الرأي والتعبير موجبًا للتتبعات الجزائية طبقًا للمرسوم عدد 54"، الذي وصفه البيان بـ"الخطير على الحريات"، وأيضًا بموجب قانون الإرهاب"، وفق البيان.

هيئة المحامين: أصبحت ممارسة حرية الرأي والتعبير موجبًا للتتبعات الجزائية طبقًا للمرسوم عدد 54

وأعلنت الهيئة إدانتها "للخروقات القانونية والإجرائية التي رافقت هذه المحاكمات"، معتبرة أنها تمثل "مساسًا صارخًا بأبسط ضمانات الدفاع، من ذلك حرمان المتهمين من الحضور بالجلسة ومناقشة التهم المنسوبة إليهم، فضلًا عن انتهاك قرينة البراءة، ومقاضاة المواطنين مرتين من أجل نفس التهم".

كما أدانت الهيئة "الاعتداءات على حق الدفاع، والممارسات التي استهدفت لسان الدفاع أثناء الجلسات بغرض التأثير عليه، مؤكدة أن استقلالية الدفاع وحريته تمثّلان الضمانة الأساسية لأي محاكمة عادلة".

الهيئة الوطنية للمحامين بتونس: ما يحصل من تواصل الإيقافات ومقاضاة المحامين من أجل نفس الأفعال مرتين، إلى جانب استفحال التضييقات على حقوق الدفاع، يمثّل تهديدًا خطيرًا لمسار العدالة

وفي السياق ذاته، استنكرت الهيئة ما وصفته بـ "التضييقات الخطيرة" على المحامين أثناء قيامهم بمهامهم، ولا سيما "الحد من حق الزيارة والاطلاع، وتقييد عدد المحامين المسموح لهم بحضور الجلسات إلى جانب منوبيهم، معتبرة أن ذلك يمثل انتهاكًا صارخًا للواجبات المحمولة على المحامي بموجب القانون"، وفق الهيئة.

وأشار البيان إلى أن مثل هذه الإجراءات "تُعدّ انحرافًا خطيرًا بالمسار القضائي، في ظل غياب شروط القضاء المستقل والنزيه، وخرقًا واضحًا لمبادئ دولة القانون التي من المفترض أن ترعى حقوق مواطنيها وتكفل لهم محاكمات عادلة تضمن فيها حقوق الدفاع".

وأكدت الهيئة أنها "لن تقبل بهذه الخروقات، وأنها متمسكة بمبادئ المحاكمة العادلة لجميع المواطنين دون استثناء، وستواصل الدفاع عنها بجميع الأشكال الممكنة".

وفي ختام البيان، دعا مجلس الهيئة السلطة إلى تحمّل مسؤوليتها التاريخية تجاه الشعب والوطن، من خلال الانخراط الجدي في إصلاح المنظومة التشريعية، وتركيز المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء، باعتبارهما "ركيزتان لضمان استقلال القضاء، إلى جانب المصادقة على القانون الأساسي لمهنة المحاماة"، وفق الهيئة.

ويذكر أن الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائية بتونس، قضت مساء الاثنين 30 جوان/يونيو 2025 بالسجن لمدة عامين اثنين في حق الإعلامية والمحامية سنية الدهماني، "بعد انتهاك حق الدفاع ورفض مطلب التأخير المقدم من قبل المحامين وانسحاب فريق الدفاع" وفق إعلان المحامي بسام الطريفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وسبق أن أكد سامي بن غازي، محامي سنية الدهماني، أنّ المحكمة الابتدائية بتونس 1، "رفضت طلب التأخير الذي قدّمه لسان الدفاع لتمكينه من إحضار نسخة قانونية من حكم استئنافي يتعلق بالأقوال نفسها التي حوكمت من أجلها سابقًا" وفقه.

جدير بالذكر أن الدائرة الجناحية، بالمحكمة الابتدائية بتونس، كانت قد قضت بتاريخ 24 أكتوبر/تشرين الأول 2024، بالسجن لمدة سنتين في حق المحامية والإعلامية سنية الدهماني، استنادًا للمرسوم عدد 54، وذلك بسبب تصريحات إعلامية سابقة أدلت بها سنية الدهماني، في إذاعة محلية.

كما أعلنت هيئة الدفاع عن رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي مساء الاثنين 30 جوان/يونيو 2025 "منع المحامي نافـع العريبي، عضو هيئة الـدفـاع من زيارة عبير موسي في سجن بلاريجيا بجندوبة رغم استظهاره ببطاقة زيارة قانونيّة مسلمة له من محكمة الاستئناف بتونس بتعلّة عدم السماح لأكثر من محاميين بزيارة موسي يوميًا في خرق صارخ للقانون الذي لا يضيّق عدد الزيارات وهضم فادح لحقوق الدفاع وعرقلة ممنهجة لعمل المحامين"، ونددت هيئة الدفاع بهذه "التجاوزات التي ضربت مهنة المحاماة بصفة غير مسبوقة"، داعية "هياكل المهنة للتدخّل الفوري لوضع حدّ لهذه الاعتداءات المتكررة"، وفقها.