هيئة الدفاع في قضية "التآمر": خروقات غير مسبوقة لم نشهدها في تاريخ القضاء

عقدت هيئة الدفاع فيما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة"، مساء الجمعة 18 أفريل/نيسان 2025، نقطة إعلامية طارئة، سلطت فيها الضوء على ما قالت إنها "خروقات خطيرة وغير مسبوقة"، شهدتها الجلسة الثالثة للمحاكمة عن بعد في القضية.

وقال المحامي سمير ديلو إنّ الجلسة شهدت "مستجدات بالغة الخطورة وفي جزء منها غير مسبوقة"، معتبرًا أنه بعد مرحلة "العبث القانوني" بتنا في مرحلة "الجنون القانوني"، حسب توصيفه.

سمير ديلو: الجلسة الثالثة في قضية "التآمر" شهدت حيثيات بالغة الخطورة وغير مسبوقة وانتقلنا من مرحلة العبث إلى مرحلة الجنون القانوني

ولفت سمير ديلو إلى أنه تم خلال الجلسة التقدم بجملة من الطلبات، وتم تقديم ما يفيد أن 3 متهمين في هذه القضية تقدموا بطعن في قرار دائرة الاتّهام، مع تقديم شهادة نشر تفيد حرفيًّا بأنّ هذه القضيّة "لا تزال على بساط النّشر" أمام محكمة، تم تقديم تجريح في القاضي من قبل أحد المتهمين الموقوفين في سجن المرناقية، وقال إن هناك عداء شخصي بينهما، عن طريق محاميته.

واستدرك قائلًا: "لكننا فوجئنا بأنه بدل شطب الملف، تم شطب المعقّبين الثلاثة، أي أنه وقع تفكيك الملفّ"،

وأردف أنّ "المدّة التي استغرقتها تلاوة رئيس الدائرة الخامسة لدى المحكمة الابتدائية بتونس في  القضيّة لبضع أسطر من قرار دائرة الاتّهام دامت 30 ثانية فقط، قبل أن يعلن، وسط احتجاجات عارمة للمحامين الحاضرين، عن حجز الملفّ للمفاوضة والتّصريح بالحكم إثر الجلسة، دون استنطاقات ولا مرافعات ولا إعذار ولا تلاوة لقرار دائرة الاتّهام"، حسب تعبيره.

من جانبه، وصف القاضي الإداري السابق والمحامي أحمد صواب، في كلمة له خلال النقطة الإعلامية ذاتها، ما شهدته جلسة المحاكمة بـ"المهزلة".

وأضاف صواب: "لم أشهد البتة طيلة حياتي ما شهدته في جلسة اليوم"، مردفًا: "لم تشهد القضية لا مكافحات ولا استنطاقات، ويضاف إلى ذلك أنه لم تقبل أيّ من التحفظات الشكلية التي تقدمت بها هيئة الدفاع، ولم يقع البتّ في التجريح ولم يُقدّم لنا أي قرار في المفاوضة لأيٍّ من تحفظاتنا واحترازاتنا الشكلية، يضاف إلى ذلك أنّ كامل الملف ليس فيه أي دليل مادي"، وفقه.

أحمد صواب: ما شهدناه في الجلسة دليل على الانحراف بالسلطة القضائية وما حصل فضيحة ومهزلة وسيظل وصمة عار على جبين القضاء التونسي

وتابع المحامي أنّ "تقارب التواريخ المعينة دليل على الانحراف بالسلطة القضائية"، واصفًا ما حصل بـ"المهزلة والفضيحة القضائية، ووصمة العار على جبين القضاء التونسي"، حسب تعبيره. 

بدوره، قال المحامي سامي بن غازي، في كلمة له خلال النقطة الإعلامية، إنّ "ما حصل في جلسة اليوم ليس له أي علاقة بما هو وارد في المجلات القانونية والفقه القانوني وبما يطبق في مستوى الإجراءات وطريقة سير المحاكمات".

وتابع قائلًا: "لم أشهد في حياتي توجّه قاضٍ للحكم دون أن يستنطق متهمين، فيهم من هم في حالة سراح وحاضرون منذ الجلسة الأولى وأبدوا رغبتهم في الاستنطاق لكن القاضي يرفض ذلك"، متسائلًا: "إلى أين يتوجه إذًا؟".

واستطرد القول: "ما نعرفه هو أن القاضي يبحث عن الحقيقة وينطق بها، لكن ذلك لا يحصل في قضية الحال"، حسب تصريحه.

ومن جهته، صريح المحامي يوسف الباجي بأنّ مرفق العدالة في تونس شهد "يومًا حزينًا آخر"، معقبًا: "نأسف للوضع الذي بلغه وضع القضاء اليوم، حيث باتت أهم مقومات المحاكمة العادلة مفقودة".

يوسف الباجي: نعتبر أن ملف قضية "التآمر" اليوم مر في ظروف استثنائية، بل كارثية، انتفت فيها كل ضمانات المحاكمة عادلة

وتابع قائلًا: "منذ انطلق هذا الملف ونحن نعاني التضييقات.. هم  لا يريدون أن يعلم الشعب ما يحدث داخل قاعة الجلسة، في ظل ما شهدته من تضييقات ومنع حضور الجلسة"، مستطردًا: "اليوم هُضم حق الدفاع في تونس".

وأردف المحامي قائلًا: "في مدة 30 ثانية قرر رئيس الجلسة حجز القضية للنطق بالحكم.. حكم لم يقع فيه لا استنطاق ولا تلاوة لقرار دائرة الاتهام كاملًا"، معتبرًا أنّ ما حصل يحيل إلى أنّ الأحكام في القضية جاهزة، على ما يبدو، حسب قوله.

وعتبر الباجي أن "ما حصل في هذه المحكمة التفاف على إرادة التونسيين بالقانون، واستعمال تأويلات خاطئة لنصوص القانون بهدف أن تجري المحاكمة إرضاءً لبعض الجهات".

وخلص إلى القول: "نعتبر أن الملف اليوم مر في ظروف استثنائية بل كارثية، انتفت فيها كل ضمانات المحاكمة عادلة"، مردفًا: "عار علينا في تونس أن ملفًا بحجم هذا الملف الذي يحصل مرة في الـ100 سنة في تاريخ الأمم، يمرّر بهذه الطريقة"، حسب ما جاء على لسانه.

المحامية هيفاء الشابي: نعتبر أنّ الحكم في قضية الحال "ظالم وجاهز" منذ سنتين ونصف

بدورها، شددت المحامية هيفاء الشابي، في كلمة لها خلال النقطة الإعلامية ذاتها، على أنّ الحكم في قضية الحال "ظالم وجاهز منذ سنتين ونصف"، حسب تقديرها، معتبرة أنّ ما شهدته المحاماة اليوم في هذه الجلسة يعدّ "اغتصابًا"، حسب تعبيرها.

وكانت قد انعقدت، الجمعة 18 أفريل/نيسان 2025، بالدائرة الجنائية المختصة بالنظر في القضايا الإرهابية في المحكمة الابتدائية بتونس، الجلسة الثالثة للمحاكمة عن بعد فيما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي".

ويُحاكم في هذه القضية نحو 40 شخصًا، بينهم معارضون سياسيون، ونشطاء، ومحامون، وشخصيات عامة أخرى اتُّهموا "بالتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي" والإرهاب بزعم التخطيط للإطاحة بحكومة الرئيس التونسي قيس سعيّد.