"نساء تونس بين العنف والإقصاء".. تقرير لرابطة حقوق الإنسان يكشف واقع المرأة التونسية
15 أغسطس 2025
بمناسبة الذكرى 69 لإصدار مجلة الأحوال الشخصية، نشرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان تقريرًا حول أوضاع النساء في تونس، يوم الخميس 14 أوت/أغسطس 2025، تحت عنوان: "نساء تونس بين العنف والإقصاء: تقرير حول الانتهاكات وتحديات النضال النسوي" وتضمّن التقرير معطيات كمية ونوعية ترصد أبرز التحديات والانتهاكات التي ما زالت تواجه النساء في مجالات متعددة، من بينها العمل المدني، ظروف النساء السجينات وسوق العمل.
ووفق ما جاء في التقرير الذي اطلع عليه "الترا تونس"، شهدت السنوات الأخيرة تغيرات في الإطار القانوني والتنظيمي الذي يضبط عمل المجتمع المدني، من بينها مقترحات تعديل المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المنظم للجمعيات، بما يشمل تشديد الرقابة على أنشطة رابطة حقوق الإنسان، وفقها.
سجّلت الرابطة حالات ملاحقة قضائية وإيقافات في صفوف ناشطات، ومنع لقاءات أو أنشطة عامة، إلى جانب حملات تشويه عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي
كما سجّلت الرابطة حالات ملاحقة قضائية وإيقافات في صفوف ناشطات، ومنع لقاءات أو أنشطة عامة، إلى جانب حملات تشويه عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي. وأشارت إلى أن هذه التطورات أثّرت على قدرة الجمعيات على توفير خدمات الدعم القانوني والنفسي للنساء، خاصة ضحايا العنف.
أوضاع النساء السجينات
وكانت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان قد رصدت في تقرير السجون الصادر عنها، جملة من الانتهاكات التي سلطت على النساء السجينات، منها:
- انتهاك الكرامة والحقوق الإنسانية: وجود ممارسات حاطة بالكرامة ومذلة، مثل الاعتداءات على الحرمات الجسدية، والتنكيل باللمسات، والشتم، والضرب، بالإضافة إلى اعتماد تفتيش جسدي مهني إضافي، وفرض ارتداء "السفساري" عند حضورهن للمحكمة. وجميع هذه الممارسات تصنف كتعذيب وسوء معاملة.
- تجاهل النداءات المتكررة لإطلاق سراح سجينات الرأي وضرورة احترام استقلالية القضاء والنأي به عن التوظيفات السياسية، خاصةً مع تصاعد اعتقالات النساء الناشطات في الحقل المدني والإعلامي والسياسي.
- الاكتظاظ وتدهور البيئة: اكتظاظ السجون بشكل كبير يفوق طاقتها، حيث يبلغ عدد السجناء في تونس أكثر من 32 ألف سجين، منهم حوالي 5% نساء، أي نحو 730 نزيلاً وفق إحصاءات 2024. وهو ظرف يزيد من صعوبة الظروف المعيشية والصحية للسجينات، ويؤدي إلى تفاقم الانتهاكات والحرمان من الخدمات الأساسية مثل النظافة، والغذاء الجيد، والهواء النظيف، وفق تعبير الرابطة.
- وجود حالات معاملة مهينة وتعذيب نفسي: وثقت منظمات حقوقية اعتداءات لفظية، وحرمانًا من الرعاية الصحية، وعزلًا متعمدًا داخل السجن، وسلوكيات تهدف إلى تحطيم النفسية وغرس الخوف.
- الاعتقال التعسفي والحرمان من الحق في محاكمة عادلة: مثل ما تعرضت له المدافعة الحقوقية ورئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، سهام بن سدرين، التي احتُجزت في أوت/أغسطس 2024 بتهم وصفتها الرابطة بـ"الملفقة" مثل "التآمر على أمن الدولة". ورغم إصدار محكمة أمرًا بالإفراج عنها في فيفري/شباط 2025، ظل الاعتقال بمثابة عقاب بسبب نشاطها الحقوقي. كذلك تم توقيف صحفيات وسياسيات مثل شيماء عيسى وغيرها، وفق تعبيرها.
- الإهمال الطبي والتشفي: وهو ما واجهته، وفق التقرير الصحفية السجينة شذى الحاج مبارك، حيث بالرغم من اضطراب حالتها الصحية والنفسية، تم حرمانها من العلاج المناسب ودواء الاكتئاب، وتعرضت للاعتداء من سجينات أخريات، مما يعكس وجود سياسات متعمدة لتجاهل احتياجات السجينات الصحية والنفسية، واستخدام الإهمال كأداة عقاب وتشفٍ، وفق الرابطة.
تقرير رابطة حقوق الإنسان: الصحفية السجينة شذى الحاج مبارك، بالرغم من اضطراب حالتها الصحية والنفسية، تم حرمانها من العلاج المناسب ودواء الاكتئاب، وتعرضت للاعتداء من سجينات أخريات
وبيّن التقرير أن الأمهات السجينات يواجهن صعوبات في الحفاظ على الروابط الأسرية مع أطفالهن، وأن برامج إعادة الإدماج بعد الإفراج محدودة، ما يؤثر على فرص عودتهن للحياة الاجتماعية والمهنية.
اقرأ أيضًا: عيد المرأة في تونس.. دعوات للإفراج عن السجينات السياسيات والتصدي للعنف ضد النساء
النساء في سوق العمل
بالنسبة للانتهاكات في سوق العمل، أبرزت الرابطة وضعية العاملات في القطاع الفلاحي، خاصة في المناطق الريفية، حيث يتقاضين أجورًا منخفضة لا تتجاوز في كثير من الأحيان نصف الأجر الأدنى، مع غياب التغطية الاجتماعية والصحية، إضافة إلى مخاطر حوادث النقل التي تؤدي أحيانًا إلى وفيات أو إصابات بليغة، وفقها.
وأشار التقرير أيضًا إلى فجوة في الأجور بين النساء والرجال تصل في بعض القطاعات إلى 50%، وإلى معدلات بطالة مرتفعة لدى خريجات التعليم العالي، التي تفوق ضعف معدلات بطالة الذكور. كما لفت إلى تسجيل حالات عنف جنسي أو تحرش في الوسط الجامعي، ما قد يؤثر على المسار التعليمي والمستقبلي لبعض الطالبات.
ارتفاع عدد جرائم قتل النساء في تونس
بين تقرير رابطة حقوق الإنسان أن العنف ضد النساء تفاقم بشكل ملفت، وقد سجلت جرائم قتل النساء ارتفاعًا مهولًا رغم القوانين المتقدمة التي تم سنها لمكافحة هذه الظاهرة، وفق ما ورد في التقرير وففي عام 2024، سجلت تونس 26 جريمة قتل للنساء.
رابطة حقوق الإنسان: كل هذا العنف البشع، بما في ذلك قتل امرأة بشوكة طعام بحجة شعوذة كاذبة وأفكار رجعية، هو جحيم مؤلم ومؤسف تعيشه المستهدفات من الضحايا
وبحسب الرابطة فإن عدد جرائم قتل النساء سنة 2023، بلغت 25 جريمة قتل، بينما سجلت 23 جريمة في سنة 2022، مما يعكس تنامي هذه الظاهرة. بمعدل جريمة كل خمسة أيام، رُصدت بداية 2025 أي خلال حوالي 7 أشهر، 15 جريمة قتل للنساء، جميعها ارتكبت أشكالًا جد عنيفة ومفزعة من قبل أقارب مثل الأزواج والآباء والأبناء، مما حول الفضاء العائلي والزوجي إلى فضاء خطير على النساء، وفق وصف الرابطة.
وقالت الرابطة في تقريرها:" لعل أبشع الجرائم تلك التي جدت بتاريخ 5 جوان/يونيو 2025 بجهة جندوبة تحديدا في بوسالم، حيث قام زوج خمسيني بطعن زوجته عدة مرات بآلة حادة ثم سكب عليها سائلاً قابلًا للاشتعال وأحرقها بالكامل. وأخرى جدت في الفضاء العام بجهة منوبة، حيث قتلت امرأة في العقد الرابع على يد زوجها بعدة طعنات، واعتدى على ابنتها البالغة 16 سنة مخلفًا لها عدة جروح.
وأضافت الرابطة:" كل هذا العنف البشع، بما في ذلك قتل امرأة بشوكة طعام بحجة شعوذة كاذبة وأفكار رجعية، هو جحيم مؤلم ومؤسف تعيشه المستهدفات من الضحايا".
اقرأ أيضًا: رابطة حقوق الإنسان: نرفض المساس بمجلة الأحوال الشخصية أو تقليص الحقوق التي أقرتها
هذا وخلصت الرابطة في تقريرها إلى أن أوضاع النساء في تونس تتأثر بجملة من العوامل المترابطة، من بينها الإطار القانوني، واقع السجون، ظروف العمل، والوضع الاجتماعي العام. وأوصت باتخاذ إجراءات تشريعية وتنفيذية لتحسين حماية النساء، وضمان تطبيق القوانين القائمة، وتعزيز برامج الدعم الموجهة للفئات الهشة.
ويجدر بالذكر أن مجموعة واسعة من الجمعيات والمنظمات والأحزاب الديمقراطية والتقدمية بما فيهم رابطة حقوق الإنسان، أصدروا يوم الثلاثاء 12 أوت/أغسطس 2025، بيانًا مشتركًا بمناسبة الذكرى 69 لصدور مجلة الأحوال الشخصية، اعتبروا فيه "هذه المناسبة يومًا نضاليًا لا احتفاليًا، تحتج فيه النساء وكل القوى الحية في المجتمع على الأوضاع السياسية العامة وعلى أوضاع النساء للتنديد بالأوضاع التي تعيشها البلاد منذ 25 جويلية/يوليو 2021".
الكلمات المفتاحية

نقابة متفقدي التعليم الثانوي: الوضع التربوي يتسم بالفوضى والوزارة عاجزة
النقابة العامة لمتفقدي التَعليم الثانوي: الوضع التربوي العامَ بالبلاد يتسم بكثير من الارتباك والفوضى وضعف الأداء نتيجة سوء إدارة الشأن التربوي، وعجز وزارة التربية عن إيجاد حلول

تجدد الاحتجاجات جرّاء التلوث في قابس وأولياء يرفضون التحاق أبنائهم بالدراسة
عضو حملة "أوقفوا التلوث" لـ"الترا تونس": نأسف لإشعال النيران في حافلة بمنطقة النزلة، وننبذ العنف مهما كان مصدره

احتجاجات شط السلام بقابس.. الأهالي يواجهون تسربات المجمع والغاز المسيل للدموع
شهدت منطقة شطّ السلام بولاية قابس، مساء السبت 15 نوفمبر 2025، احتجاجات ليلية للمواطنين على تسربات الغاز الملوّث الصادرة عن المجمع الكيميائي، وهو ما أدى إلى تدخل أمني استخدم فيه الغاز المسيل للدموع بشكل مكثف، ما أسفر عن حالات اختناق واعتقالات في صفوف المتظاهرين، وفق ما أكده رئيس فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بقابس، أحمد شلبي لـ"الترا تونس"

طقس تونس.. غيوم جزئية مع أمطار في عدد من المناطق
معهد الرصد الجوي: درجات الحرارة القصوى تتراوح بين 21 و25 درجة بالشمال والوسط، وتصل إلى 30 درجة في بقية المناطق

التمديد للهيئة التسييرية للنادي الرياضي الصفاقسي لثلاثة أشهر
انعقد مساء السبت 15 نوفمبر 2025، اجتماع اللجنة العليا للدعم بالنادي الرياضي الصفاقسي، بمركب الفريق، بحضور رئيسها سفيان لوعزيز، ونائبيه عماد المسدي وعبد الرحمان الفندري، إلى جانب عدد من الأعضاء ورؤساء سابقين وممثلي هيكل السوسيوس والهيئة التسييرية

احتجاجات شط السلام بقابس.. الأهالي يواجهون تسربات المجمع والغاز المسيل للدموع
شهدت منطقة شطّ السلام بولاية قابس، مساء السبت 15 نوفمبر 2025، احتجاجات ليلية للمواطنين على تسربات الغاز الملوّث الصادرة عن المجمع الكيميائي، وهو ما أدى إلى تدخل أمني استخدم فيه الغاز المسيل للدموع بشكل مكثف، ما أسفر عن حالات اختناق واعتقالات في صفوف المتظاهرين، وفق ما أكده رئيس فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بقابس، أحمد شلبي لـ"الترا تونس"

نائب في البرلمان: "المناخ العام لم يعد آمنًا والشعب يشعر بأنه في حالة سراح مؤقت"
شدّد النائب في البرلمان التونسي مليك كمون، يوم السبت 15 نوفمبر 2025، خلال جلسة عامة عُقدت السبت للنظر في ميزانية وزارة العدل، على أنّ "أخطر ما يهدد الدولة اليوم هو فقدان المواطن ثقته في المنظومة القضائية وقدرة مؤسساتها على ضمان محاكمة عادلة وشفافة دون وساطات أو ضغوط". وقال في مداخلته: "الخطر اليوم هو أزمة الثقة بين المواطن وقدرة الدولة على ضمان محاكمة عادلة وشفافة"، وفق تعبيره

