27-سبتمبر-2020

جدل مستمرّ حول عقوبة الإعدام في تونس (Getty)

الترا تونس - فريق التحرير

 

إثر كل جريمة بشعة تهزّ الرأي العام في تونس، دائمًا ما يعود للسطح الحديث، في منصات التواصل الاجتماعي وفي أوساط الحقوقيين، حول عقوبة الإعدام الذي تنصّ عليها المجلة الجزائية ومجلة المرافعات والعقوبات العسكرية، وتصدر الأحكام القضائية بشأنها، ولكن يظلّ تنفيذها معلقًا منذ عام 1991، تاريخ آخر تنفيذ لعقوبة الإعدام في تونس.

ويتواصل الجدل في تونس تحديدًا بين فريق أوّل يدعو إلى مواصلة تعليق تنفيذ حكم الإعدام مع المطالبة بإلغاء العقوبة برمّتها من النصوص القانونية، فيما تتصاعد، في المقابل، أصوات من الفريق الثاني تطالب بإعادة تفعيل تطبيق هذه العقوبة.

فما هي الجرائم التي يُعاقب عليها القانون التونسي بالإعدام؟ وما خصوصيات هذا الحكم؟ وماهي أهم حجج كل فريق من هذه العقوبة؟

اقرأ/ي أيضًا: عقوبة الإعدام .. بين العدالة الجنائية والحق في الحياة

هذه الجرائم يُعاقب عليها بالإعدام

نصّت المجلة الجزائية على عقوبة الإعدام في هذه الجرائم حصرًا:

  • بعض الجرائم المتعلقة بالاعتداء على أمن الدولة الخارجي.
  • بعض جرائم المتعلقة بالاعتداء على أمن الدولة الداخلي منها الاعتداء على حياة رئيس الدولة أو الاعتداء لتبديل هيئة الدولة وحمل السكان على مهاجمة بعضهم البعض.
  • الاعتداء بالعنف باستعمال السلاح أو التهديد به ضد قاض بالجلسة.
  • القتل مع سابقية القصد.
  • قتل الأصول (الأباء/الأجداد).
  • القتل العمد إن كان القتل يرتبط بجريمة أخرى عقوبتها السجن أو الهدف من القتل هو الاستعداد لارتكاب تلك الجريمة أو تسهيل ارتكابها أو مساعدة فاعليها أو مشاركيهم على الفرار أو ضمان عدم عقابهم.
  • الموت المُصاحب لاختطاف شخص أو تحويل وجهته باستعمال الحيلة أو العنف أو التهديد.
  • الحريق المتعمّد المتسبّب في الموت.

يُذكر أن عقوبة جريمة الاغتصاب باستعمال العنف أو السلاح أو التهديد به كانت الإعدام قبل إصدار قانون القضاء على العنف ضد المرأة عام 2017 وأصبحت بموجب هذا القانون السجن لبقية العمر.

لازالت عقوبة الإعدام موجودة في النظام القانوني التونسي، كما لازالت تصدر المحاكم أحكامًا بالإعدام، ولكن اختارت تونس منذ 3 عقود تعليق تنفيذ هذه العقوبة بموجب العفو من رئيس الجمهورية

كما نصّت مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية بدورها على عدة جرائم عقوبتها الإعدام من بينها:

  • جريمة الفرار الى العدو ( الفصل 69)
  • من ثبت ارتكابه لجريمة الفرار زمن الحرب بمؤامرة أمام العدو ورئيس المؤامرة على الفرار إلى الخارج (الفصل 70).
  • الامتناع عن الأوامر زمن مجابهة العدو أو المتمرّدين إذ سبب التمنّع ضررًا جسيمًا (الفصل 71).
  • عدم إطاعة الأمر بالهجوم على العدو أو المتمرّدين (الفصل 71).
  • كل عسكري تونسي أو في خدمة الجيش التونسي يحمل السلاح ضد تونس (الفصل 117).
  • الجوسسة (الفصل 121).
  • كل تونسي يجند نفسه أو غيره لصالح دولة هي في حالة حرب مع البلاد التونسية أو ينضم إلى المتمردين (الفصل 123).

خصوصيات حكم الإعدام

يتميّز الحكم القضائي الصادر بعقوبة الإعدام بخصوصيات منها أن الدائرة الجنائية (تتكوّن من 5 قضاة) التي تصدر حكم الإعدام تستلزم موافقة 4 قضاة على الأقل على هذه العقوبة، وذلك استثناء لقاعدة الحكم بأغلبية الأصوات.

اقرأ/ي أيضًا: لتنقيح المجلة الجزائية.. إليكم مقترحات لجنة الحريات الفردية والمساواة

كما يجب إذا صدر حكم بالإعدام أن يقع إعلام وزير العدل الذي يعرض الحكم على رئيس الجمهورية لممارسة حقه في العفو، ولا يمكن تنفيذ الحكم إلاّ إذا لم يمنح العفو، وفق الفصل 342 من المجلة الجزائية.

وفي الجرائم العسكرية، لا يمكن أيضًا تنفيذ الحكم بالإعدام إلا بعد عرضه على رئيس الجمهورية، الذي له الحق في العفو على المحكوم عليه وفي إبدال العقوبة المحكوم بها بأخرى.

كيف يُنفّذ الإعدام؟

ينفذ حكم الإعدام بالنسبة للجرائم غير العسكرية شنقًا حتى الموت، فيما ينفذ بالنسبة للجرائم العسكرية رميًا بالرصاص.

ولا ينفذ حكم الإعدام في أيام الأعياد، ولا ينفذ على المحكوم عليها الحامل إلا بعد وضعها.

تعليق عقوبة الإعدام في تونس

لا يُطبق حكم الإعدام في تونس منذ عقود، إذ يعود تاريخ آخر تنفيذ للعقوبة لعام 1991 في قضية الناصر الدامرجي الشهير باسم "سفاح نابل"، الذي ثبتت إدانته في جرائم اغتصاب وقتل أطفال.

ينفذ حكم الإعدام بالنسبة للجرائم غير العسكرية شنقًا حتى الموت، فيما ينفذ بالنسبة للجرائم العسكرية رميًا بالرصاص

وقبل ذلك التاريخ، بلغ عدد الأشخاص الذين نفذ فيهم حكم الإعدام منذ الاستقلال إلى غاية اليوم، 135 شخصًا من بينهم 129 شخصًا في عهد الرئيس السابق الحبيب بورقيبة.

جدل مستمرّ حول العقوبة

تشهد عقوبة الإعدام جدلًا دائمًا في تونس يتجدّد بالخصوص بمناسبة الصدى الذي تلاقيه الجرائم البشعة، وبخصوص جرائم القتل، في أوساط الرأي العام.

لازالت هذه العقوبة موجودة في النظام القانوني التونسي، كما لازالت تصدر المحاكم أحكامًا بالإعدام، ولكن اختارت تونس منذ 3 عقود تعليق تنفيذ هذه الحكومة بموجب العفو من رئيس الجمهورية.

تتصاعد في الأثناء دعوات لإعادة تطبيق عقوبة الإعدام، ويقدّم أصحابها عدة حجج من بينها أن الإعدام هو عقوبة وردت في النص الديني لتحقيق مفهوم العدالة، واعتبار الإعدام ضمانًا للردع في المجتمع للحيلولة دون وقوع الجرائم الموحشة.

الفصل 22 من الدستور: الحق في الحياة مقدس، لا يجوز المساس به إلا في حالات قصوى يضبطها القانون

في المقابل، تطالب جمعيات حقوقية بإلغاء عقوبة الإعدام من النظام القانوني التونسي أو على الأقل إبقاء تعليق العقوبة لحجج منها قدسية الحق في الحياة، مع الإشارة إلى أن الإعدام لا رجعة فيه أمام فرضية وقوع أخطاء في المحاكمة عدا عن محدودية تحقيق الردع مع استمرار حدوث جرائم موحشة في الدول التي تطبق العقوبة.

وقد اُثير النقاش حول الإعدام في تونس بالخصوص حين فترة صياغة الدستور ليُتفق بالنهاية على صيغة توافقية للفصل 22 مفاده أن "الحق في الحياة مقدس، لا يجوز المساس به إلا في حالات قصوى يضبطها القانون"، وهو ما يعني تكريسًا لعقوبة الإعدام من حيث المبدأ.

كما انتهت، عام 2018، لجنة مراجعة المجلة الجزائية من كتابة المشروع الأول لتنقيح الكتاب الثاني من المجلة الجزائية والمتعلّق بـ"الجرائم ضدّ الأشخاص"، واقترحت الإبقاء على عقوبة الإعدام وخاصة في جرائم القتل العمد مع سابقية الإضمار.

وأمام منع ثلثيْ دول العالم لعقوبة الإعدام أو تعليق تنفيذها وفق أرقام رسمية، وتشجيع الاتفاقيات الدولية لإلغاء العقوبة، يتجه السؤال إن كان ستواصل تونس البقاء في المنزلة بين منزلتين أي التنصيص على العقوبة دون تطبيقها أو ستتجه نحو موقف واضح: إلغاء العقوبة بشكل تام من النظام القانوني التونسي أو إعادة تطبيق العقوبة بعد عقود من التعليق.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"في بيتهم وحش".. قصص عن اغتصاب أطفال من ذوي القربى

قصص اغتصاب الذكور.. مأساة تقوّض ثوابت المجتمع الذكوري