مهندسة فلاحية تختار الزراعة المائية لمواجهة الفقر المائي
11 مايو 2025
هي أول مزرعة مائية في ولاية سوسة وهي تجربة فريدة ولدت من رحم أفكار المهندسة الفلاحية الشابة هنيدة بن علالة، التي آمنت أنّ تغيير الطُّرق الزراعية في البلاد أصبح مهمًا للصمود أمام آثار التغيرات المناخية والفقر المائي.
والزراعة المائية هي طريقة حديثة تنمو فيها النباتات مباشرة في الماء دون الحاجة إلى التربة، ويتوقع خبراء أن تحل مستقبلاً مشكلة نقص الغذاء في العالم وتُنقذ الملايين من الجوع.
هنيدة بن علالة: الزراعة المائية تجربة تستحق التعميم
وتروي هنيدة (27 عامًا) تجربتها لـ"الترا تونس" بكل فخر، فهي كافحت كثيرًا لتطبيق فكرة إنشاء مشروع للزراعات المائية على أرض الواقع، ليتحول اليوم إلى مزرعة منتجة للخضروات والورقيات وتحقق الاكتفاء الذاتي لنحو 8 مطاعم وفندقين في ولاية سوسة.
المهندسة الفلاحية التونسية هنيدة بن علالة تتوجه للزراعة المائية لإنتاج أصناف متنوعة من الخضر والورقيات، لمواجهة آثار التغيرات المناخية والفقر المائي
ووفق حديث الشابة التونسية، فإنّ هذا المشروع الذي يعدّ تجربة نموذجية فريدة، تم بعثه منذ سنة 2023 لكنه بدأ فعليًا في الإنتاج في جانفي/يناير 2024. تضيف: "بعد أن رأى المشروع النور بدأت في إقناع عدد من المطاعم والفنادق باقتناء الخضروات والورقيات التي نُنتجها في مزرعتنا فنجحنا في تحقيق الاكتفاء الذاتي لكل الذين وافقوا على شرائها منّا، في حين نقوم ببيع بقية المنتجات في الأسواق التونسية".

مواجهة ندرة المياه في تونس
تواصل المهندسة الفلاحية حديثها لتقول: "الزراعة المائية هي زراعة المستقبل وهي طريقة حديثة تساعد أولاً على ترشيد استهلاك المياه مع إنتاج وفير في مدة زمنية قصيرة ما يساعد على تحقيق الاكتفاء الذاتي ومكافحة الجوع الذي يهدد ملايين السكان حول العالم".
وتُنتج المزرعة التي تُدريها هنيدة في الوقت الحالي أصنافًا متنوعة من الخضر والورقيات على غرار الطماطم والفلفل والسبانخ والجرجير والحَبق والبقدونس وغيرها من الأصناف الأخرى التي تُستهلك بشكل لافت في الأطباق التونسية ويكون الطلب عليها مرتفعًا.

وفي مؤتمر التكنولوجيا الخضراء الذي عُقد بمدينة أمستردام سنة 2021، اتفق العلماء والباحثون المشاركون أن المستقبل هو للزراعة المائية، وفي تونس بدأ هذا النوع من الزراعات ينتشر بشكل لافت في ظل تفاقم آثار التغيرات المناخية وتراجع التساقطات.
وتعمل هنيدة على تدريب عشرات الفلاحين والمواطنين والأطفال على آليات وطرق تطبيق هذا النوع من الزراعات، ووفق حديثها، فإن التونسيين باتوا يقبلون على تعلم طرق الزراعة في الماء بهدف تطبيقها إما في مزارعهم أو في أسطح البيوت والحدائق الضيقة، إضافة إلى تدريبها لمواطنين أجانب من اليابان وبعض الدول الأخرى.
هنيدة بن علالة لـ"الترا تونس": تساهم الزراعة المائية في زيادة الإنتاج بشكل لافت لأنّ النباتات تنمو أسرع في الماء مقارنة بنموها في التربة، كما أنها تساعد الفلاحة على تقليص تكاليف الإنتاج
وتؤكد محدثة "الترا تونس"، أنّ التونسيين أصبحوا واعيين أكثر من أي وقت مضى بأهمية أن تُنتج ما تأكل لتحقيق الاكتفاء الذاتي وهو ما دفع العديد منهم إلى إنشاء مزارع مائية صغيرة داخل منازلهم وفي مكاتبهم لزراعة الخضروات مثل الفلفل والطماطم والخيار، في حين اختار أصحاب المطاعم زراعة الورقيات مثل الجرجير والحَبق لاستخدامها في تزيين الأطباق التي تُقدم للزبائن.
ووفق هنيدة، فإنّ الزراعة المائية تحتاج كميات أقل من الماء على عكس الزراعة في التربة، حيث يتم سقيها عن طريق إعادة تدوير المياه في دورة مغلقة ويُضاف إليه خلطات مغذية تساعد النباتات على النمو بطريقة صحية.
تواصل حديثها قائلة: "تساهم هذه التقنية أيضًا في زيادة الإنتاج بشكل لافت لأنّ النباتات تنمو أسرع في الماء مقارنة بنموها في التربة، كما أنها تساعد الفلاحة على تقليص تكاليف الإنتاج لأنهم لن يحتاجوا ليدٍ عاملة لحرث الأرض وسقي الزرع واقتلاع النباتات الطفيلية وسيحتاجونها فقط عند جمع الصابة، إضافة إلى عدم حاجتهم إلى كميات كبيرة من المبيدات الحشرية".

وتُعتبر المحاصيل المزروعة في الأنظمة المائية صحية أكثر من تلك المزروعة في التربة، فوفق محدثة "الترا تونس"، لا تُصاب الزراعات المائية بالأمراض والفطريات وتكون نسبة إصابتها أقل بكثير من الزراعات التقليدية.
ويمكن إنتاج الخضروات والورقيات في مساحة زراعية صغيرة، حيث يتمّ استخدام أنظمة متنوعة منها الأفقي والعمودي، إضافة إلى نظام الطاولات أو الهرم والزراعة المائية الهوائية، وجميعها طرق مستحدثة وتؤدي إلى إنتاج وفير واقتصاد في الماء وفي مصاريف الإنتاج، وفق هنيدة علالة.
وتؤكد هنيدة أنّ الاعتماد على أنظمة مغلقة لتوزيع الماء وإعادة تدويرها يساهم في اقتصاد المياه بنسبة 90% مقارنة بالزراعة التقليدية، مشيرة إلى أنهم يخططون مستقبلاً لتشغيل مضخات المياه عن طريق الطاقة الشمسية عوضًا الكهرباء، في إطار استراتيجيتها للمحافظة على البيئة والتقليل في استهلاك الطاقة.

وأشارت في السياق ذاته، إلى أنّ المنتجات المزروعة بدون تربة تحتوي على قيمة غذائية عالية أكثر من تلك المزروعة في التربية، خصوصًا في ظل تدهور الأراضي الزراعية وانتشار الأمراض ولجوء الفلاحة إلى استخدام المبيدات الحشرية.
وأوضحت المهندسة الشابة، أنّ العاملات الفلاحيات وجدن أنفسهنّ أيضًا يعملن في بيئة نظيفة ومريحة لجمع المحاصيل بدون مواد كيميائية أو أعشاب طفيلية، مشيرة إلى أنّ هذا النوع من الزراعات له إيجابيات على جميع الاطراف.
وتحلم هنيدة بن علالة أن ترى مستقبلاً مزرعة مائية في كل منزل تونسي وفي كل مكتب عمل وفي المطاعم والفنادق في إطار العمل المشترك لمواجهة الشحّ المائي والاقتصاد في استهلاكه، مشيرة إلى أنّ تحقيق الاكتفاء الذاتي يجب أن يكون أولوية بالتزامن مع مخاوف من انتشار المجاعة حول العالم في المستقبل.

ويُشار إلى أنّ الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، سبق له أن خاض تجربة مشتركة مع إيطاليا لتجربة الزراعة بدون ماء، بهدف تثمين الفلاحة المستدامة في حوض البحر الأبيض المتوسط.
وسبق أن أكد المسؤول بالاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري بيرم حمادة، لـ"الترا تونس"، أن الزراعات المائية تساعد على الاقتصاد في الماء مقارنة بالزراعات التقليدية بما قدره بين 80 و90%، ويقلل من استعمال الأسمدة الكيميائية بنسبة تتراوح بين 70 و80%.
ودعا حمادة، الدولة إلى ضرورة الاهتمام بهذا النوع من الزراعات التي تعتبر حلًا في مواجهة التحديات المناخية ومجابهة ندرة المياه فهي زراعات مستقبلية قادرة على توفير الأمن الغذائي الوطني، وفقه.
الكلمات المفتاحية

قافلة الصمود.. "الترا تونس" يحاور مشاركين قرروا خوض المغامرة
كانت قافلة الصمود البرية، أشبه بالحجر الذي ألقي في بركة توشك على الركود كل مرة، فأعادت إحداث دوائر فيها لا تكاد تنتهي

تتعدّد الدوافع والمصير واحد.. عن تجارب تونسيين ضحّوا بحياتهم في سبيل إنقاذ غيرهم
روح التضحية في سبيل إنقاذ الآخر مبثوثة في الجنسين ذكورًا وإناثًا.. تصدر عن المربّي والطبيب والعاطل وغيرهم من الفئات الاجتماعيّة، لكنّ لا بدّ أن نعترف بأنّ الشباب أكثر اندفاعًا إلى التضحية من أجل الآخرين

"علوش En ligne".. الأضحية في تونس بين الأصالة والرقمنة
تخيّل أنك بلمسة زر من بيتك تستطيع أن تتجوّل وسط "رحبة الأضاحي". لا ضجيج ولا أجواء مشحونة، فقط خراف مصوّرة من كل الزوايا وخدمة توصيل مجانية..

حريق ضخم في باجة يلتهم مساحات مزروعة بالقمح
رئيس الاتحاد الجهوي للفلاحة والصيد البحري بباجة لـ"الترا تونس": كل متر من الأراضي الزراعية يحترق يمثل خسارة فادحة للاقتصاد الوطني، والحرارة المرتفعة لعبت دورًا مباشرًا في توسع رقعة الحريق

مدير أمن معبر رأس جدير يؤكد دخول قافلة الصمود إلى ليبيا بشكل قانوني
مدير أمن معبر رأس جدير: التعامل مع قافلة الصمود تمّ وفق الإجراءات المعمول بها، حيث خضعت جميع الحافلات والسيارات للتفتيش الكامل، ولم يُسمح لأي شخص بالدخول قبل استيفاء الشروط القانونية

منظمة الأطباء الشبان: نستنكر بشدة التدخل الأمني في اختيار مراكز التربصات
المنظمة التونسية للأطباء الشبان: هناك عنصر أمني داخل الاجتماع بين ممثلي المنظمة والوزارة مع رفضه الإفصاح عن هويته، ما يشكل تجاوزًا خطيرًا ويثير تساؤلات المنظمة والأطباء الشبان حول الرسالة التي تريد سلطة الإشراف إيصالها

أصحاب المشارب الشاطئية بالمنستير يحتجون ويلوّحون باللجوء إلى القضاء
عدد من أصحاب المشارب الشاطئية بالمنستير: نتحصل على رخص الإشغال الوقتي مباشرة من وكالة حماية الشريط الساحلي، وليس من البلدية، ويتم خلاص معلوم التمركز في القباضة المالية لفائدة الوكالة المذكورة