من عرض البحر.. مشاركون في أسطول الصمود يروون تجربتهم الإنسانية

تواصل سفن أسطول الصمود العالمي شق طريقها نحو غزة المنكوبة، في مهمة إنسانية يشارك فيها نشطاء وناشطات من نحو 44 دولة بينهم تونس، بهدف كسر الحصار عن المدنيين العزل وإيصال الأدوية لهم.

ولم تكن هذه المهمة سهلة على المشاركين، خصوصًا مع وجودهم في مرمى نيران الاحتلال الذي أطلق مسيّراته على السفن، وجنّد صفحاته وإعلامه لشيطنتهم ونشر معلومات مضللة، في تهديد واضح لسلامتهم الجسدية.

تواصل سفن أسطول الصمود شق طريقها نحو غزة، في مهمة إنسانية بمشاركة نشطاء من نحو 44 دولة بينهم تونس، تحدث عدد منهم لـ"الترا تونس" عن تجربتهم وأهداف رحلتهم 

ورغم هذه التهديدات، واصل المشاركون مسيرتهم بشجاعة، متحدين الأمواج العاتية والمخاطر المحتملة، حاملين رسالة سلام وكرامة إلى غزة، ليؤكدوا أنّ إرادة الشعوب أقوى من أي حصار أو تهديد.

أيمن البحيري.. مهمتنا إنسانية والتهديدات لا تخيفنا

على متن سفينة الشهيد عمران المقدمي، يُبحر الشاب التونسي أيمن البحيري (32 عامًا) برفقة نشطاء من بريطانيا وألمانيا وفرنسا نحو غزة، جمعتهم إنسانيتهم الرافضة لكل أشكال التقتيل والتهجير التي تُمارس ضد شعبٍ أعزل.

وفي حديثه مع "الترا تونس"، يؤكد أيمن، أصيل مدينة جبنيانة، أنه اختار عن قناعة المشاركة في هذا الأسطول الإنساني السلمي الذي لا هدف آخر له سوى إيصال المساعدات إلى سكان غزة المحاصرين والمجوّعين.

اقرأ/ي أيضًا: أسطول الصمود.. رحلة كسر حصار غزة متواصلة ومُسيرات تقترب من السفن

يضيف "هدفنا واضح نحن نريد فقط إيصال المساعدات إلى سكان غزة في ظل المعاناة التي يفرضها الكيان الغاشم عليهم بهدف تشريدهم وتهجيرهم ودفعهم إلى التخلي عن أرضهم".

يُبحر أيمن على متن سفينة تحمل نشطاء من تونس وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، يقضون يومهم في تقاسم مهام التنظيف والطبخ والحراسة وتبادل الآراء والنقاش في القضايا الهامة وفي القضية الفلسطينية، وفقه.

أيمن البحيري لـ"الترا تونس": منذ أن قررت المشاركة في الأسطول، أدركت أننا قد نواجه مخاطر وتهديدات، لكن كل الاستهدافات وحملات التشويه التي يمارسها الاحتلال لن تخيفنا أو ثثنينا عن مواصلة مهمتنا الإنسانية

كما يُمضي المشاركون ما تبقى لهم من وقت في الغناء وتبادل الثقافات وتعليم بعض الكلمات العربية للأجانب، وهي لحظات يعتبرها أيمن ثمينة ومهمة تزيد من عزيمتهم لتحدي التهديدات الإسرائيلية لهم ومواصلة طريقهم نحو غزة.

لا يخفي أيمن شعوره بالفخر والاعتزاز واسمه يُتداول ضمن مئات الناشطين/ـات الذين اختاروا طريق الحرية لخوض مهمة إنسانية لإنقاذ شعبٍ عانى ويعاني من التهجير والتقتيل والتجويع.

شارك أيمن أيضًا في قافلة الصمود البرية، وهو يؤمن أن الإرادة قادرة فعلًا على كسر الحصار وإيصال رسالة الأمل والكرامة إلى غزة.

وفي رسالته إلى أهالي غزة، يقول الشاب التونسي: لم يحالفنا الحظ للوصول إليهم عن طريق البر وتم إغلاق المنافذ في وجوهنا، وها نحن لم نستسلم وقررنا العودة عن طريق البحر في أسطول ضخم يضم مئات المشاركين من 44 دولة لدعم إخواننا الذين يتعرضون لإبادة منذ عامين.

ووفق الشاب التونسي، فإنّ كل الاستهدافات والتهديدات وحملات التشويه التي يمارسها الاحتلال ضد المشاركين في أسطول الصمود لن تخيفهم ولن تثنيهم عن مواصلة مهمتهم الإنسانية.

اقرأ/ي أيضًا: قافلة الصمود.. "الترا تونس" يحاور مشاركين قرروا خوض المغامرة

ويضيف محدثنا: منذ أن قررت المشاركة في هذه المهمة النبيلة، أدركت أننا قد نواجه مخاطر وتهديدات من كيان مجرم لا إنساني. ومع ذلك، أنا عازم على مواصلة المشوار مع رفقاء الدرب، وسنبذل قصارى جهدنا لإيصال المساعدات إلى شعب غزة.

يأمُل أيمن أن تصل سفن أسطول الصمود إلى غزة خلال الأيام القليلة القادمة ويدعو من هم في البر من تونسيين وعرب إلى دعم أسطول الصمود وعدم التوقف عن الحديث عن ما يتعرض له أهل غزة.

نبيل الشنوفي: أحمل هدية لطفلة من غزة

من المياه الإقليمية اليونانية، تحدث عضو الهيئة التسييرية لأسطول الصمود، نبيل الشنوفي عن هذه المهمة الإنسانية بكل فخر واعتزاز، ليؤكد أن مشاركته جاءت أولًا من واجبه الإنساني، وثانيًا كمسلم تجاه إخوته في الدين والعرق، وانطلاقًا من عقيدتنا الإسلامية التي تأمر المسلم بالنفور دفاعًا عن أخيه المسلم.

وفي حديثه مع "الترا تونس"، يقول الشنوفي إنّه شخص دائم الترحال والسفر لكن هذه الرحلة بالنسبة له مختلفة عن كل الرحلات التي سبقتها لأنها بكل بساطة مهمة إنسانية.

ويضيف، "كانت لحظة انطلاق سفينتنا "دير ياسين" من ميناء سيدي بوسعيد من أجمل اللحظات في حياتي، فبعدها بدأنا تجربة لا مثيل لها في محاولة منا لكسر الحصار عن إخوتنا في العرق والدين داخل غزة المحاصرة".

نبيل الشنوفي لـ"الترا تونس": مصمم على إيصال هدية لطفلة بقيت وحيدة في غزة بعد استشهاد والدتها وشقيقها، حمّلني إياها والدها الذي رافق ابنته الأخرى إلى تونس لتلقي العلاج إثر إصابتها في بداية الحرب

يحمل نبيل معه هدية صغيرة، وهي عبارة عن دمية مصنوعة من القماش على شكل غزال نائم، أرسلها أب غزي متواجد في تونس إلى ابنته سارة المحاصرة في قطاع غزة، والتي نجت بأعجوبة من قصف إسرائيلي راح ضحيته والدتها وشقيقها.

يقول نبيل إن والد سارة جاء إلى تونس لعلاج ابنته زينة التي أصيبت هي الأخرى في بداية الحرب، بينما بقيت سارة وحيدة في غزة بعد استشهاد والدتها وشقيقها.

 ويضيف: أنا مصمم على إيصال هدية صديقي محمد إلى ابنته سارة في مدينة خانيونس، بل إنّ هدفي الوحيد في الحياة حاليًا هو الوصول إليها وتسليمها لعبتها. 

ويقول نبيل الشنوفي، إنه يبحر الآن على سفينة دير ياسين مع نشطاء من جنسيات مختلفة لا يتحدثون نفس اللغة لكن يجمعهم هدف واحد وهو كسر الحصار عن غزة، وهدا يعطي نفسًا قويًا لهذه المهمة الإنسانية النبيلة.

يضيف الشنوفي في حديثه مع "الترا تونس" أن مشاركة أكثر من 44 جنسية في هذه المهمة الإنسانية تعدّ من أسمى صور التضامن الإنساني، مؤكّدًا أنّ هذا المشهد ترك أثرًا بالغًا فيه وفي غيره من المشاركين.

ويواصل محدثنا: قد نصل إلى شواطئ غزة خلال الأيام القليلة القادمة وهذا حلم لطالما تمنيته، الجميع هنا ينتظر تلك اللحظة التاريخية والإنسانية التي تمكنهم من كسر حصار شعبٍ أعزل.

نذير معمر: أحمل في قلبي صرخات أطفال غزة

اختار نذير معمر، أصيل ولاية بنزرت، أن يشارك هو الآخر في هذه المهمة الإنسانية، وهو يبحر الآن برفقة 12 مشاركًا من جنسيات مختلفة بالقرب من المياه الإيطالية للالتحاق ببقية سفن أسطول الصمود، بعد أن توقفت سفينتهم مؤقتًا للخضوع للصيانة.

يقول نذير، في حديثه مع "الترا تونس"، إنهم اختاروا البحر هذه المرة بعد أن واجهوا حصارًا في البرّ، مشيرًا إلى أنه يحمل في قلبه صرخات الأطفال ونداءات الشيوخ التي تخرج يوميًا من غزة بينما تقتلهم إسرائيل بجميع الطرق.

نذير معمر لـ"الترا تونس": مهما تصاعدت اعتداءات إسرائيل ضد المشاركين في أسطول الصمود، فإن ذلك لا يقارن بما يتعرض له إخوتنا في قطاع غزة وفلسطين

يضيف، أرجو أن نصل إلى وجهتنا بسلام لكسر الحصار عن سكان غزة وتخفيف معاناتهم وإيصال بعض المساعدات الإنسانية لهم من دواء وحليب وحفاضات أطفال. 

ويواصل نذير الذي يبحر على متن سفينة "فاميليا"، حديثه مع "الترا تونس": مهما تصاعدت اعتداءات إسرائيل ضد المشاركين في أسطول الصمود، فإن ذلك لا يقارن بما يتعرض له إخوتنا في قطاع غزة وفلسطين، الذين يعانون منذ عقود أبشع أشكال الانتهاكات.

اقرأ/ي أيضًا: جمعيات ومنظمات تونسية تساند أسطول الصمود بعد اعتداءات متكررة من الاحتلال

يُشار إلى أنّ سفن أسطول الصمود تعرضت، ولا تزال، لاعتداءات متكررة بواسطة مسيرات إسرائيلية، في محاولة لتعطيل مسارها وإلحاق الأذى بالمشاركين فيها، وثنيهم عن استكمال مهمتهم الإنسانية نحو غزة.

وعبرت منظمات وجمعيات تونسية عن دعمها لأسطول الصمود العالمي في مهمته لمحاولة كسر الحصار الظالم عن قطاع غزة، مستنكرة الاعتداءات الوحشية التي يشنّها الاحتلال ضد المشاركين السلميين.