04-نوفمبر-2021

أشارت إلى أن بعض إحالات المدونين أمام القضاء العسكري تكون على خلفية تدوينات موجهة ضد الرئيس التونسي (صورة توضيحية/الشاذلي بن ابراهيم/Nurphoto)

 

تعرضت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب (منظمة حقوقية تونسية)، في تقريرها الخاص بشهر أكتوبر/ تشرين الأول 2021، والذي نشرته الأربعاء 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021، إلى عدة قضايا تخص الشأن العام والحقوقي في تونس والتي ميزت شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وركزت المنظمة على وضعية عدد من المدونين التونسيين الذين يتعرضون إلى محاكمات أمام القضاء العسكري والعدلي، بسبب تدوينات نشروها على مواقع التواصل الاجتماعي، وفق المنظمة. وأكدت، في هذا السياق، معارضتها عقوبة السجن في قضايا النشر والصحافة "باستثناء جنح التحريض أو التهديد التي يمكن الحكم فيها بعقوبات سالبة للحرية في حالة ما إذا كان التحريض أو التهديد جديا طبق معايير موضوعية يقدرها القضاء".

اقرأ/ي أيضًا: الاتحاد الدولي للصحفيين: "قلقون جدًا لاعتقال صحفيين ينتقدون السلطة في تونس"


  • المدون سليم الجبالي

تعرضت المنظمة إلى وضعية المدون سليم الجبالي، التي تقول في تقريرها لشهر أكتوبر السابق إنه أحيل أمام القضاء العسكري بالمحكمة العسكرية بالكاف "بسبب تدوينات على موقع التواصل الإجتماعي"، وذلك في مناسبتين، موضحة أنه حكم عليه بالسجن أولًا لمدة شهر واحد بتاريخ 21 جوان/ يونيو 2021، يلي ذلك حكم ابتدائي بالسجن النافذ لمدة عام واحد بجلسة يوم 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2021.

وأوضحت المنظمة الحقوقية أن فرقة الأبحاث العدلية ببن عروس قد وجهت استدعاء بالهاتف إلى الجبالي للحضور لديها يوم 6 أكتوبر الماضي وتم سماعه والاحتفاظ به ثم أحيل الملف إلى النيابة العسكرية التي أحالته بدورها أمام المحكمة العسكرية بالكاف وقد تم استئناف الحكم المذكور على أن تنظر فيه لاحقًا المحكمة العسكرية الاستئنافية بتونس.

المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب: المدون سليم الجبالي موقوف بسجن السرس من ولاية الكاف حاليًا، وقد دخل في إضراب عن الطعام احتجاجًا على الحكم الصادر ضده

وأضافت أن المدون سليم الجبالي موقوف بسجن السرس من ولاية الكاف حاليًا، وقد دخل في إضراب عن الطعام احتجاجًا على الحكم الصادر ضده.

  • المدون شرف الدين الضيفلي

تطرقت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب، في تقريرها الأخير أيضًا، إلى إيقاف المدون شرف الدين الضيفلي (أصيل مدينة الكاف) والذي تؤكد أنه تم أيضًا "على خلفية نشره تدوينات على مواقع التواصل الإجتماعي"، وتم الإيقاف بتاريخ 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، موضحة أنه قد تمت إحالته من النيابة بمحكمة الكاف الابتدائية إلى النيابة العسكرية إلا أن هذه الأخيرة أعادت إحالته على نيابة المحكمة الابتدائية. وقد عينت جلسة للنظر في القضية أمام ابتدائية الكاف – جناحي في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.

وذكرت المنظمة، في تقريرها الأخير، بقضايا أخرى لإحالة مدونين على القضاء المدني والعسكري بسبب منشورات ومن بينهم المدونة أمينة منصور (جلسة أمام القضاء العسكري في 28 جوان/ يونيو 2021) ونزار غرياني وكانت له جلسة في ابتدائية تونس بتاريخ 22 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وهاجر وسلاتي عن موقع الرادار (جلسة في ابتدائية تونس في 28 أفريل/ نيسان 2021 طبق الفصل 86 من مجلة الاتصالات).

أكدت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب معارضتها لمحاكمة المدنيين بمن فيهم المدونين أمام القضاء العسكري لتعارض تلك المحاكمات مع الدستور والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها تونس

وأكدت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب، في ذات السياق، معارضتها لمحاكمة المدنيين بمن فيهم المدونين أمام القضاء العسكري لتعارض تلك المحاكمات مع الدستور والاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها تونس.

وأشارت إلى أن بعض إحالات المدونين أمام القضاء العسكري تكون على خلفية تدوينات موجهة ضد الرئيس التونسي قيس سعيّد، وفي هذه الحالة تعتبر النيابة العسكرية أنها مختصة بالنظر في إحالة الملف أمام القضاء العسكري باعتبار أن رئيس الدولة هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وفق تقديرها.

في المقابل، تؤكد المنظمة، في ذات التقرير، أن "التدوينات موضوع الإحالة هي مواقف سياسية وشخصية لأصحابها تجاه رئيس الدولة بوصفه شخصية سياسية ومدنية، وإذا كانت محل تجريم فإن القاضي الطبيعي المختص هو القاضي العدلي وليس القاضي العسكري".

المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب: التدوينات موضوع الإحالة هي مواقف سياسية وشخصية لأصحابها تجاه رئيس الدولة بوصفه شخصية سياسية ومدنية، وإذا كانت محل تجريم فإن القاضي الطبيعي المختص هو القاضي العدلي

في سياق متصل، كان المحامي والنائب السابق بالمجلس الوطني التأسيسي محمد نجيب حسني قد تعرض لمحاكمات المدونين الأخيرة، وكتب في صفحته بموقع فيسبوك، الاثنين 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، عن جملة من الإيقافات بجهة الكاف شملت عددًا من الشبان على خلفية تدوينات نشروها على منصات التواصل الاجتماعي مناهضة للرئيس قيس سعيّد وقراراته منذ 25 جويلية/يوليو 2021. 

وبخصوص إيقاف شرف الدين الضيفلي فقد قال إنه "رغم إعاقته العضوية وإصابته بمرض نفسي مزمن فقد قرر وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بالكاف إيقافه وإحالته على المحكمة العسكرية الدائمة بالكاف إلا أن وكيل الجمهورية بها تخلى عنه لوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بالكاف الذي قرر إحالته على الدائرة الجناحية في جلستها التي تنعقد غرة نوفمبر/تشرين الأول 2021 وذلك رغم تقديم الدفاع ما يثبت أنه مصاب بمرض نفسي مزمن ويحمل إعاقة عضوية".

اقرأ/ي أيضًا: المحامي نجيب حسني: إحالة شباب على القضاء العسكري إثر نشر تدوينات مناهضة للرئيس

ودعا محمد نجيب حسني، في هذا الإطار، كل الحقوقيين للمطالبة بالإفراج عن المدونين المعتقلين و"خاصة المصاب بمرض نفسي"، مستنكرًا "غياب فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بالكاف" في علاقة بالإيقافات الحاصلة هناك، على حد قوله.

المحامي والنائب السابق بالمجلس التأسيسي محمد نجيب حسني يستنكر "غياب فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بالكاف في علاقة بالإيقافات الحاصلة هناك"

  • الاعتداء على الناشط بدر بعبو

في تقريرها الأخير، تعرضت المنظمة التونسية لمناهضة التعذيب أيضًا إلى حادثة اعتداء تعرض لها ناشط حقوقي هو بدر بعبو، وقدمت تفاصيلها. تذكر المنظمة الحقوقية أنه "ليلة 18 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وفي حدود التاسعة ليلاً، على مستوى شارع جون جوراس بالعاصمة، تعرض الناشط الحقوقي إلى الاعتداء بالعنف الشديد من قبل شخصين أحدهما يرتدي زيًا أمنيًا رسميًا. وتم استهدافه بالاعتداء على مستوى الوجه والرأس والدوس على الرقبة مما خلف له رضوضًا وزرقة وحمرة على مستوى كامل الوجه حسب صورة فوتوغرافية وثقت المخلفات. وعلاوة على العنف فقد تم الاستيلاء على حاسوب الضحية والوثائق التي كانت بحوزته".

وتقدم محامو بعبو بشكاية موثقة إلى النيابة العمومية وإلى تاريخ 27 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي ولم تتخذ النيابة أي تدابير استعجالية رغم أن الجريمة تكتسي طابعًا تلبسيًا، وفق المنظمة. 

  • استنكار سابق من نقابة الصحفيين وأحزاب ومنظمات.. وتواصل التتبعات أمام القضاء العسكري

يُذكر أن نقابة الصحفيين التونسيين كانت قد استنكرت، في مناسبات عدة، تتبع المدونين والمدنيين بشكل عام من خلال القضاء العسكري على اعتبار مواقفهم وآرائهم على منصات التواصل وبعض المواقع الإلكترونية. 

وكانت النقابة قد أصدرت كمثال في 28 جوان/ يونيو 2021 بلاغًا استنكرت فيه "تطويع القضاء العسكري لتتبع الأصوات المعارضة لسياسة رئاسة الجمهورية"، مضيفة في البلاغ نفسه "نعتبر لجوء رئاسة الجمهورية إلى القضاء العسكري في قضايا تتبع المدونين على خلفية تدويناتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، تقييدًا لحرية التعبير وتراجعًا في مجال الحريات".

كانت نقابة الصحفيين التونسيين قد استنكرت في جوان الماضي "تطويع القضاء العسكري لتتبع الأصوات المعارضة لسياسة رئاسة الجمهورية"

وعدّت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين هذه الممارسات "خطرًا على حرية التعبير والحقوق المكفولة بنص الدستور والتي من المفروض أن يسهر رئيس الجمهورية المدني على حمايتها".

اقرأ/ي أيضًا: نقابة الصحفيين تستنكر تتبع رئاسة الجمهورية لمدونين عبر القضاء العسكري

كما أكدت النقابة رفضها المطلق العودة إلى "هرسلة الأصوات المعارضة والناقدة والتي تذكرنا بممارسات الأنظمة الدكتاتورية والعسكرية وتنسف مكتسبات الثورة خاصة حرية التعبير". كما شددت على أن "الثلب والشتم وهتك الأعراض لا يندرج ضمن حرية التعبير ومن حق الجميع التقاضي أمام القضاء المدني بدل إقحام المؤسسة العسكرية في نزاعات أطرافها مدنية". 

كما استنكر ذات الإيقافات بعض الأحزاب والسياسيين في تونس، معتبرين أن ذلك يعدّ تقييدًا لحرية التعبير التي يكفلها الدستور التونسي للجميع. ويُذكر أن بعض الإيقافات والمحاكمات، خاصة التي شملت صحفيين مؤخرًا، تم تداولها والتنديد بها من قبل منظمات أجنبية وتعرضت لها دول غربية في بعض البيانات والندوات الصحفية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تتبعات ضد مدونين وإحالتهم على المحكمة العسكرية: أحزاب وسياسيون ينددون

أمل وعمل: القضاء العسكري صار أداة الرئيس في تصفية حساباته السياسية والشخصية

الخارجية الأمريكية تعبر عن قلقها وخيبة أملها من تجاوزات طالت الصحافة في تونس