14-يونيو-2021

لا يزال مصير طلبة معهد العلوم الإنسانية بتونس ضبابيًا في ظل عدم تمكنهم من اجتياز الامتحانات على خلفية تواصل اعتصام الطالبة "رحمة الخشناوي"

 

ونحن على مشارف نهاية السنة الجامعية "الكوفيدية" الثانية 2020-2021، وبينما يتلقى الطلبة نتائجهم في مختلف جامعات ومعاهد الجمهورية، يرفع منذ أيام، طلبة معهد العلوم الإنسانية بتونس "ابن شرف"، وعددهم يفوق الـ 3000 طالب، شعار "سيّب الدوفوار" وذلك احتجاجًا على عدم تمكنهم من اجتياز امتحاناتهم طيلة هذه السنة. السبب: اعتصام "الطالبة بالسنة ثالثة عربية رحمة الخشناوي (29 سنة)" ورفاقها، منذ أشهر، بقاعات الامتحان وأمام مكتب الكاتب العام وذلك على خلفية قرار طردها من المعهد، الذي تراه طردًا "تعسفيًا وغير قانوني" حسب ما أكدته الطالبة لـ"الترا تونس".

ولئن يبدو الموضوع للوهلة الأولى كأي مشكل إداري جامعي بين الطلبة والإدارة، إلا أنه ما إن تتسرب الحسابات السياسية والمزايدات الإيديولوجية إلى مشكل، كان يمكن أن يكون حله بسيطًا، حتى تحوله إلى ما يشبه حربًا مفتوحة تحرق الأخضر واليابس. من المذنب ومن البريء؟ من الظالم ومن المظلوم؟  القضية في ابن شرف شبيهة، وبدون مبالغة، بقضية "لوكربي".


الروندة الأولى 2018-2019: بين كر وفر

تعود تفاصيل القضية الراهنة إلى خريف 2018، بعد تراكمات سابقة، عند اتخاذ مجلس التأديب بالمعهد، برئاسة المدير السابق "نور الدين النيفر"، قرار طرد الطالبة رحمة الخشناوي، كاتب عام المكتب الفيدرالي للاتحاد العام لطلبة تونس بمعهد ابن شرف، على خلفية المناوشات والخلافات المعتادة بين طلبة المنظمة التي تنتمي لها الطالبة UGET (المحسوب على الخط اليساري) وطلبة الاتحاد العام التونسي للطلبة UGTE (ذي المرجعية المحافظة). 

يرفع طلبة معهد العلوم الإنسانية بتونس "ابن شرف" منذ أيام شعار "سيّب الدوفوار" احتجاجًا على عدم تمكنهم من اجتياز امتحاناتهم طيلة هذه السنة بسبب اعتصام الطالبة بالسنة ثالثة عربية، رحمة الخشناوي، ورفاقها بقاعات الامتحان على خلفية قرار طردها من المعهد

عند ذلك، اعتصمت الطالبة وأعضاء منظمتها بالمعهد ضد القرار، ما أدى إلى تعطل الدروس وتعكر المناخ الجامعي نتيجة لأحداث عنف، كما استأنفت قرار الطرد عبر مراسلة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مستندة إلى إخلالات شابت عملية طردها من المعهد، وفق روايتها.

تدارك الوزير آنذاك سليم الخلبوس الأمر وأعادت الطالبة الترسيم يوم 11 مارس/آذار 2019. وللتذكير، راجت في تلك الفترة تسجيلات صوتية للمدير السابق النيفر وهو يحرض أحد الأشخاص للقيام باعتداءات على الأستاذة، وهو ما كان سببًا وراء استقالته ليحل محله المدير الحالي محسن الخوني، يساري الفكر والهوى وسليل العائلة النقابية، والذي سبق أن كرمته منظمة UGET في ذكرى 5 فيفري/شباط (ذكرى الانتفاضة الطلابية لسنة 1972).

صورة من حساب رحمة الخشناوي على فيسبوك تجمع كلًّا من المدير محسن الخوني والطالبتين نورس الدوزي ورحمة الخشناوي (نشرت بتاريخ 30 مارس 2021)

 حسب رواية رحمة، كان الخوني قد ساند اعتصامات المنظمة التي دعمت بدورها، كطرف نقابي طلابي وباعتبار الظرفية التي تمر بها المؤسسة، ترشحه لتولي الإدارة مطلع سنة 2019 مقابل وعود متبادلة بين الطرفين، وفق قول الطالبة.

اقرأ/ي أيضًا: معهد العلوم الإنسانية بتونس.. اعتصام و"عنف" وتأجيل للامتحانات

يرد المدير محسن الخوني في تصريح لـ"الترا تونس": "أولًا زيارتي للاعتصامات التي قامت بها الـUGET لم تكن من باب التعاطف وإنما لإبقاء جسور التواصل قائمة. وكان ذلك عندما كنت أستاذًا وخاليًا من المسؤوليات الإدارية التي تحتم الحياد. كذلك مساندتي لمطالبهم آنذاك كانت نتيجة لما راج من تسجيلات للمدير السابق وهو يحرّض على زملائي من الأساتذة، وهو ما لا أقبله كأستاذ بالمعهد وكنقابي أيضًا، لكنني كنت دائمًا ضد العنف المادي الذي تمارسه هذه الطالبة ضد المدير السابق".

رحمة الخشناوي لـ"الترا تونس": طردي ليس مشكلة، لكن المشكل الحقيقي هو التعسف في استغلال السلطة. مجلس التأديب غير قانوني إذ لم يحضره ممثل الطلبة الذي ينص القانون على وجوب حضوره، كذلك لم تتح الفرصة لـ 4 مُحامي دفاع للدفاع عني

وتابع القول: "بالنسبة للوعود المتبادلة لقاء ترشحي للإدارة، فهذا كلام مردود على أصحابه لأنني لم أطلب الإدارة وإنما طلب الترشح والانتخاب يكون من طرف الأساتذة ولا دخل للطلبة والنقابات في ذلك وفق قانون 2008 والمنقح في 2017. أما بالنسبة لتكريمي في ذكرى 5 فيفري/شباط، فقد كنت مديرًا آنذاك وقد تمت دعوتي وبعض الزملاء الآخرين، وأجبت الدعوة أملًا في فتح صفحة جديدة مع الطلبة بالنظر لأنه حينها كانت هناك بوادر انفراج للأزمة، بمبادرة إعادة النظر في العقوبة التي كان قد وقع اتخاذها من طرف المدير السابق وقد دعمتها الوزارة آنذاك، وقد حضرت سعيًا لبعث مناخ حضاري سلمي. كذلك شددت في أكثر من مرة على أنني على نفس المسافة من جميع الطلبة بغضّ النظر عن إيديولوجياتهم وقناعاتي الشخصية، وهو ما تحتمه المسؤولية التي أتحملها كمدير للمعهد. لست مديرًا عن اليسار أو اليمين".

في أواخر شهر ماي/آيار 2019 وعند الإعلان عن نتائج آخر سنة، تقول رحمة: "شككت أن هناك تلاعبًا في أعدادي. عند ذلك طلبت الاطّلاع على أوراق امتحاناتي. وتفاجأت عندها بأن أوراقي مشطوبة شطبًا غير قانوني، وغير مبرر، وهو ما لا يستجيب لمعايير الإصلاح المتبعة" تضيف رحمة. عند ذلك قامت الطالبة بمراسلة رئاسة الجامعة، جامعة تونس المنار، والتفقدية العامة لوزارة التعليم العالي، فيما بدا لها من إخلالات.

بينما يقول المدير الخوني: "لا يوجد أي قانون يمنع المصححين من ترك أثر شطب على ورقة الطالب. وقع اطلاعها على الورقة بحضور رئيس لجنة الامتحان والأستاذ المصحح وكتب تقرير في الغرض، وهو محل بحث الآن من طرف التفقدية، وغادرتنا حينها مقتنعة لكنها عادت من الغد لحركاتها الاحتجاجية العنيفة"، حسب توصيفه.

مصطفى الكريمي (ممثل الطلبة عن مرحلة الإجازة والماجستير بمجلس جامعة تونس المنار) لـ"الترا تونس": تغيب عن مجلس التأديب المنعقد بخصوص ملف الطالبة رحمة الخشناوي أركان المحاكمة العادلة

ويضيف: "كذلك، وفي فترة ما، وهذا أخصكم بالاطلاع عليه، طلب مني الوزير السابق حاتم بن سالم ورقة الامتحان لكني رفضت ذلك لعدم قانونية الطلب، لكن مكنته من نسخة. وعلمت لاحقًا أنه طلب من اثنين من الأساتذة التدقيق في العدد المسند في مكتب الوزير وانتهوا إلى ما انتهى إليه أساتذة المعهد"، وفق روايته.

"يوم 21 جوان/يونيو 2019، تسلمت الطالبة استدعاء للاستجواب من قبل مجلس تأديب المعهد، أين وجهت لها تهم: تعطيل سير امتحان، اقتحام مكتب المدير واحتجازه ومحاولة قتله حرقًا.. "هذا المدير الذي كان صديقنا وساعدنا، تغيّر إثر توليه الإدارة ولم يعجبه أن نتقدم بشكوى للتفقدية والجامعة. عند ذلك، يوم 2 أوت/أغسطس 2019، قرر مجلس التأديب طردي مرة ثانية طردًا نهائيًا من جامعة تونس المنار"، حسب الطالبة.

وتستطرد: "مجلس التأديب غير قانوني إذ لم يحضره ممثل الطلبة الذي ينص القانون على وجوب حضوره، كذلك 4 مُحامي دفاع لم تتح لهم الفرصة للدفاع عني" ، مردفة: "كما رفض الرجوع لكاميرات المراقبة أمام مكتبه".

ويضم مصطفى الكريمي، ممثل الطلبة عن مرحلة الإجازة والماجستير بمجلس جامعة تونس المنار عن الـUGET، صوته إلى صوت رحمة فيقول: "تغيب عن مجلس التأديب المنعقد أركان المحاكمة العادلة"، حسب تقديره.

ويعلّق المدير: "أولًا لم أتهمها بمحاولة قتلي حرقًا وإنما بتعطيلي عن العمل. التهديد بالحرق هو مسألة جنائية وهي موضوع تتبع جنائي قضائي الآن. بالنسبة لمجلس التأديب، رفضت ترأسه لأني صرت طرفًا في القضية وهذا يعتبر سابقة تصير للمرة الأولى في الجامعة التونسية. وعينت الجامعة من يحل محلي لضمان نزاهة جلسة التأديب. كذلك، انعقد المجلس في فصل الصيف بعد انتهاء السنة الجامعية وانتهاء المدة التمثيلية للطلبة. أضف إلى ذلك، لم يكن هناك ممثل طلبة في تلك السنة لأنها منعت بالعنف، بمعية رفاقها، تنظيم انتخابات ممثلي الطلبة. ورغم كل هذا، وافقنا على حضور زميلتها نورس الدوزي، ممثلة طلبة سابقة، للدفاع عنها"، وفق روايته.

محسن الخوني (مدير معهد ابن شرف) لـ"الترا تونس": الطالبة اقتحمت المعهد وألقت الطاولات خارج القاعات ومنعت الطلبة من الدخول واعتصمت داخل قاعة المجلس العلمي معلنة الإضراب العام ةأتلفت المعدات وقطعت أسلاك الإنترنت

ويتابع: "أيضًا، قدمنا إلى المحامين الملف كاملًا واطلعوا عليه. إلا أن المحامين تشبثوا بطعون شكلية غير قانونية تخللت، حسب رأيهم، علمية طردها. رفضناها ورفضتها أيضًا المحكمة الإدارية بقرار يوم 18 سبتمبر/أيلول. وليس ذنبي أن المحكمة لم تبت في الأصل. وأنا أرحب بقرار المحكمة إن أنصفتها كما أن طردها كان فقط من جامعة تونس المنار، إذ لها أن تسجل بأي جامعة أخرى. وأخيرًا بالنسبة لكاميرات المراقبة، مكنّاهم من الأشرطة والتسجيلات، والتي أحلناها أيضًا إلى النيابة العمومية ضمن ملف الشكوى وهي محل نظر الآن، كما أنه ليس هناك كاميرات داخل مكتبي وإنما أمام المكتب فقط، وبالتالي التسجيلات لا تتضمن ما تعرضت له من احتجاز لكن هناك شاهدة على ما وقع داخل المكتب"، حسب تصريحه.

بخصوص إمكانية الترسيم بمؤسسة جامعية أخرى، يقول بشير العبيدي، الكاتب العام للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، لـ"الترا تونس" إن هناك تضامن إداري بين المدراء ورؤساء الجامعات على عدم قبول ترسيم رحمة، بما في ذلك وزيرة التعليم العالي الحالية ألفة بنعودة الصيود أيام كانت رئيسة جامعة تونس قرطاج: "عقدنا عدة جلسات في الوزارة وفي مقر الرابطة، لمحاولة الوصول إلى حل لكن على ما يبدو أن هناك إصرارًا على حرمان هذه الطالبة من البقاء في هذا المعهد" وفق تقديره.

الروندة الثانية 2019-2020: بين ساحة المعهد وأروقة المحاكم

"طردي ليس مشكلة. لكن المشكل الحقيقي هو التعسف في استغلال السلطة" هكذا تصر رحمة التي انطلقت في الاحتجاج مع بداية السنة الجامعية الموالية، 2019-2020. من هنا ينطلق التصعيد عبر توجيه التهم المتبادلة حيث توجه المدير لمركز الأمن بباب بنات بشكاية ضد الطالبة مضمونها تعطيل حرية العمل وهضم جانب موظف عمومي.

تقول رحمة: "ما يعنيه بهضم جانبه هو أننا قلنا إن هناك شبهات تعامل مع حركة النهضة. أحد الأساتذة، عضو مجلس التأديب، هو عضو مكتب إطارات حركة النهضة، وبعد طردي، وقت ترقيته لتولي منصب نائب مدير المعهد" ومن هنا بداية المنعرج الإيديولوجي، وأدلجة القضية، وبالتالي انضمام أطراف أخرى من خارج المحيط الجامعي، من مختلف العائلات الإيديولوجية في البلاد، وهو ما أدى إلى مزيد تعفين المشكل، حسب ما تراه الطالبة.

 بشير العبيدي (كاتب عام رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان) لـ"الترا تونس": هناك تضامن إداري بين المدراء ورؤساء الجامعات على عدم قبول ترسيم رحمة، بما في ذلك وزيرة التعليم العالي الحالية

"لنتفق أولًا أن زملائي في الإدارة منتخبون" يعقب المدير. "كما أن مدير الدراسات هو محل احترام من الجميع. وداخل الجامعة هناك إطار مهني يجمعنا وقوانين تنظمنا ولا مكان للزبائنية الحزبية بيننا. ونيابة عن زميلي، محمد الغضبان، أقول إنه لا ينتمي إلى حركة النهضة وأتحمل مسؤوليتي في ذلك. وما هذا إلا محاولة تشويه وتضليل يراد بها إظهار القضية وكأنها يمين ضد اليسار".

ويضيف الخوني مستهجنًا: "هل قالت إنها، يوم 5 سبتمبر/أيلول 2019، اقتحمت المعهد وألقت الطاولات والكراسي خارج القاعات ومنعت العملة والطلبة من الدخول للترسيم واعتصمت داخل قاعة المجلس العلمي معلنة الإضراب العام؟ وبقي المعهد تحت سيطرتها وقامت بإتلاف المعدات وإخفاء مفاتيح القاعات وقطع أسلاك الإنترنت وهذا ما تمت معاينته وهو موضوع شكوى أيضًا. هل قالت إنها يوم 8 جانفي/يناير 2020، قامت صحبة طلبة آخرين بإفراغ جميع قاعات الامتحان من الطاولات والكراسي ومنعوا الطلبة من إجراء الامتحانات".

اقرأ/ي أيضًا: معهد العلوم الإنسانية بتونس: أزمة بين الطلبة والإدارة ومطالب بإقالة المدير

ويردف: "كذلك أعلنت يوم 15 جانفي/يناير 2020 الإضراب العام رفقة مجموعة من الغرباء عن المعهد. ويوم 26 فيفري/شباط 2020 اقتحمت مكتب الكاتب العام ومنعته من أداء مهامه للحيلولة دون تقديم الطلبة لترشحاتهم لانتخابات المجلس العلمي لتلك السنة وهذا موضوع شكاية بمحكمة تونس 2. ومنعت يوم 5 مارس/آذار 2020 انتخابات الطلبة بالمجلس العلمي بالقوة والعنف، وكان مدير التعليم العالي آنذاك شاهدًا على هذه الواقعة. وصولًا لاكترائها لمقهى أمام المعهد أين ترابط للوقوف أمام عودة الحياة الجامعية بالمعهد إلى الوضعية الطبيعية. هذا وعديد الممارسات الأخرى العنيفة تجاه زملائها من الطلبة والأستاذة أيضًا. هل هناك جامعة تونسية تعيش ما نعيش؟"، وفق تعبيره.

فيديو لأحد الطلبة وهو ينزف مشيرًا لتعرضه للعنف (مصدر الفيديو: ممثلة الطلبة عن UGTE غادة المحسني)

فيديو يوثق منع عملة من الدخول إلى المعهد (مصدر الفيديو: ممثلة الطلبة عن UGTE غادة المحسني)

في هذا المستوى، وعند تحول المشكل إلى النيابة العمومية، أمضت الطالبة، وفق روايتها، 30 يومًا في الإيقاف بسجن النساء بمنوبة. وهو ما أدى إلى انقطاع سبل التواصل والحوار بين طرفي النزاع. "بالنسبة لي، المطلب الوحيد الواضح هو أنه باعتبار أن مجلس التأديب غير قانوني وخروقاته الشكلية وظهور معطيات مؤثرة جديدة في القضية، وجب إما سحب العقوبة من وزارة التعليم العالي أو إعادة النظر فيها، وهو ما نطالب به كمنظمة".

الروندة الثالثة 2020-2021: الاعتصام الكوفيدي المفتوح

إلى غاية هذه اللحظة، تواصل رحمة ومن معها الاعتصام داخل المعهد. "استعملت مكبرات الصوت أكثر من مرة هذه السنة لمنع الامتحانات. كما تواصل اعتصامها حتى في أيام الحجر الصحي حتى والمعهد فارغ". هذا ما قاله لنا المدير محسن الخوني عن ظروف السنة الجامعية الحالية والوضع بالمعهد.

ويضيف: "طلبت من النيابة العمومية إخلاء المعهد من كل الاعتصامات حتى نتمكن من إجراء الامتحانات التي تعطلت مرتين بالعنف. كل مكونات المعهد، طلبة وأساتذة وعملة، يرفضون إعادة الكرة في الظروف الراهنة. وقد استدعت النيابة العمومية، منذ أيام، الطلبة المعتصمين للإدلاء بأقوالهم، لكنهم رفضوا المثول أمام الباحث. لا أعلم من يسند هذه المجموعة ومن أين يأتون بالقوة. كل السلط في البلاد على علم بوضعية المعهد وعلى الجميع تحمل المسؤولية"، هكذا وضح المدير استدعاءه للوحدات الأمنية التي دخلت المعهد محاولة فض الاعتصام.

الخشناوي لـ"الترا تونس": بالنسبة لي، المطلب الوحيد الواضح هو أنه باعتبار مجلس التأديب غير قانوني وخروقاته الشكلية، وجب إما سحب العقوبة من وزارة التعليم العالي أو إعادة النظر فيها

"بالنسبة لنا استدعاء الأمن للحرم الجامعي هو خط أحمر تجاوزه المدير"، هكذا عقّب بشير العبيدي.

في الأثناء، يوجد أكثر من 3000 طالب/ة لم يتمكنوا من إجراء امتحاناتهم لسبب أو لآخر ومهددون بسنة بيضاء، أو ربما أي لون يعبر عن الخيبة والحسرة. كحال البلاد، مرتهنون بين الأيادي المرتعشة وبارانويا الأفراد. "منذ دخلت إلى هذا المعهد وأنا أعيش هذا الكابوس الذي لا ينتهي" هكذا قالت لنا إحدى الطالبات التي طلبت عدم ذكر اسمها. "لا أستطيع إجراء الامتحان في ظروف التشويش والفوضى التي نعيشها، حتى ما أحفظه يتوه مني وأنا بين مطرقة الضجيج وسندان الامتحان. هذه ليست ظروفًا للدراسة".

صورة لاعتصام طلبة معهد ابن شرف أمام وزارة التعليم العالي يوم 10 جوان/يونيو 2021 (مصدر الصورة: غادة المحسني ممثلة الطلبة بالمعهد)

عرضًا نشير إلى أن الأمر عدد 2716 المنظم لمؤسسات التعليم العالي والمتمم للقانون 54/2008 في الباب الخامس المتعلق بمجالس الـتأديب، ينص على إمكانية تدخل الوزير لإقرار العقوبة أو إقرار عقوبة أدنى منها، فقط فيما يخص عقوبات الرفت. هنا يبقى الصمت الذي تتبعه وزيرة التعليم العالي ألفة بنعودة الصيود، موقفًا مريبًا. من المنطقي ألا تتدخل الوزارة في قرارات مجلس منتخب في حالة ما كان المشكل مهنيًا ورغم أن الأمر الآنف ذكره يسمح بذلك. أما وقد تحول إلى مشكل سياسي إيديولوجي مكلف اجتماعيًا، فإن صمت الوزيرة، باعتبار منصبها السياسي، يدعو للتساؤل عن أسباب التقصير، وفق ما يراه متابعو الموضوع.

 

اقرأ/ي أيضًا:

كيف يمكن تدارك الخلل في المسار التربوي منذ بداية انتشار كورونا؟

لماذا تتكاثر مؤسسات التعليم الخاص بشكل متواصل؟