02-مارس-2023
 أطباء تونس

الجامعة العامة للصحة: مذكرة الوزير تتضمن اعتداءً صارخًا وخطيرًا على حرية الأعوان في ممارسة عديد الأنشطة وعلى حرياتهم الشخصية (صورة أرشيفية/ياسين القايدي/الأناضول)

 

أصدر وزير الصحة التونسي، يوم الاثنين 27 فيفري/شباط 2023، مذكّرة إلى مسؤولي الوزارة ومنظوريهم من الأعوان يطالبهم من خلالها بعدم المشاركة في أي تظاهرة تنظمها هيئات أجنبية أو جمعيات أو منظمات وعدم حضور أي اجتماعات في إدارات أخرى لا ترجع بالنظر إلى وزارة الصحة، قبل الحصول على ترخيص مسبق من الوزير، وفق ما نقلته جريدة "الشعب نيوز" التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل.

وزير الصحة يصدر مذكّرة إلى مسؤولي الوزارة وأعوانها يطالبهم من خلالها بعدم المشاركة في أي تظاهرة تنظمها هيئات أجنبية أو جمعيات أو منظمات وعدم حضور أي اجتماعات في إدارات أخرى لا ترجع بالنظر إلى الوزارة قبل الحصول على ترخيص مسبق

واعتبرت الأخيرة، مساء الأربعاء 1 مارس/آذار 2023، على موقعها الإلكتروني، أن "المذكّرة سابقة تحد من حرية الأعوان في ممارسة أنشطة مدنية أو جمعياتية خارج إطار عملهم وتقيّدهم بأوامر لا عقلانية وتمنعهم من الحياة الاجتماعية".

وأكدت، في ذات السياق، أن "هذه المذكرة تثير جدلًا كبيرًا ستكون له تداعياته في صورة اتخاذ أي إجراء إداري ضدّ من لا يلتزم بها، خاصّة وأنها تتنافي والدستور وتشريعات العمل وتُخضع الأعوان على سخرة المشغّل".

تصاعد الجدل بشكل سريع إزاء "مذكرة وزير الصحة" إذ أصدرت الجامعة العامة للصحة (تتبع اتحاد الشغل أيضًا) بيانًا، مساء الأربعاء، عبرت فيه عن "تنديدها واستنكارها" للمذكرة عدد 11 بتاريخ 27 فيفري/شباط 2023، الصادرة عن وزير الصحة، معتبرة أنها تتضمن اعتداءً صارخًا وخطيرًا على حرية الأعوان في ممارسة الأنشطة المدنية والجمعياتية والنقابية والثقافية وعلى حرياتهم الشخصية".

الجامعة العامة للصحة: مذكرة الوزير تتضمن اعتداءً صارخًا وخطيرًا على حرية الأعوان في ممارسة الأنشطة المدنية والجمعياتية والنقابية والثقافية وعلى حرياتهم الشخصية

ودعت الجامعة العامة للصحة منظوريها "لرفض هذه المذكرة وعدم التقيّد بها نظرًا لمخالفتها لكل التشريعات والدستور والاستعداد جيدًا للتمسك بالحقوق والمكاسب والانخراط في كل التحركات والتجمعات والأشكال النضالية".

 

 

وتعددت ردود الفعل، على منصات التواصل الاجتماعي، إزاء المذكرة وكانت في معظمها تحذر من "تهديداتها" للحق في التنظم النقابي والعمل الجمعياتي والحزبي، فيما ذهب البعض للتذكير بخلفية الوزير الذي أصدر المذكرة.

الجامعة العامة للصحة دعت منظوريها "لرفض هذه المذكرة وعدم التقيّد بها نظرًا لمخالفتها لكل التشريعات والدستور والاستعداد جيدًا للتمسك بالحقوق والمكاسب والانخراط في كل التحركات والتجمعات"

يتعلق الأمر بوزير الصحة الحالي علي المرابط وقد عيّن على رأس الوزارة منذ أوت/أغسطس 2021 بحكم أمر رئاسي، ومما يميزه كونه طبيب وعسكري أيضًا برتبة عميد وقد واصل مهمته على رأس وزارة الصحة منذ تعيين حكومة نجلاء بودن في أكتوبر/ تشرين الأول 2021 أيضًا.

في مناسبات سابقة، وخاصة إثر تعيين وزير للفلاحة مؤخرًا من أصحاب الخلفية العسكرية كذلك، طرح نشطاء استفسارات عدة حول تعيين عسكريين على رأس الوزارات، إذ لم يكن من المعمول بهذا التوجه سابقًا وطرحت أسئلة حول مغزاه، بين مستحسن للأمر على اعتباره سيرسخ مزيد الانضباط على مستوى العمل الحكومي وبين متخوّف من أي تهديد للحقوق والحريات والتي تؤكد عليها القوانين والدستور التونسي.

طرح نشطاء استفسارات عدة حول مغزى تعيين عسكريين على رأس الوزارات بين مستحسن للأمر على اعتباره سيرسخ مزيد الانضباط على مستوى العمل الحكومي وبين متخوّف من أي تهديد للحقوق والحريات

مذكرة وزارة الصحة

 

مذكرة وزارة الصحةمذكرة وزارة الصحة

 

وذهب نقابيون إلى اعتبار المذكرة تستهدف خاصة تحركات المنظمة النقابية الفاعلة في الشأن التونسي ـ الاتحاد العام التونسي للشغل ـ خاصة وهي تصدر أيامًا قليلة قبل تحرك عمالي، يقول الاتحاد إنه سيكون ضخمًا يوم السبت 4 مارس/آذار الجاري في بطحاء محمد علي الحامي، تنديدًا بما اعتبره "استهداف العمل النقابي" بعد إيقافات طاولت نقابيين في قطاعات مختلفة، بعضها إثر إضرابات قال الاتحاد إنها "قانونية"، إضافة إلى مطالب أخرى.

ذهب نقابيون إلى اعتبار المذكرة تستهدف خاصة تحركات الاتحاد العام التونسي للشغل مع العلم أنها تصدر أيامًا قليلة قبل تحرك عمالي دعت له المنظمة الشغيلة

 

 

 

يُذكر أن العلاقة بين الرئيس التونسي قيس سعيّد والمنظمة الشغيلة لا تبدو في أفضل حالاتها منذ فترة وقد تعددت الأمثلة على ذلك إذ حاولت الأخيرة تقديم مقترحات للحوار السياسي والاجتماعي في أكثر من مناسبة، تجاهلها سعيّد أو عبر بوضوح عن رفضه لها، كما يقول اتحاد الشغل إن الحكومة الحالية ترفض المفاوضات الاجتماعية لتحسين وضعية العمال أو تتراجع عن تعهداتها في حال عقدتها.

وتصاعد الخلاف مؤخرًا بعد توجه السلطات نحو مقاضاة عدد من النقابيين وهو ما اعتبر تصعيدًا لافتًا تجاه المنظمة الشغيلة، التي لعبت خلال العشرية التي تلت اندلاع الثورة في تونس دورًا بارزًا تحصلت على إثره على جائزة نوبل للسلام رفقة منظمات أخرى، إضافة لدورها اللافت في فترة النضال ضد الاستعمار الفرنسي وعقود لاحقة.

ويندرج التطور الأخير، وفق مراقبين، في إطار سياق متكامل، يستهدف الأجسام الوسيطة وقد انطلق مع الأحزاب والنقابات ويتجه نحو المنظمات والجمعيات والإعلام وغيرها من الأجسام الوسيطة، التي وٌجهت لها في مناسبات عديدة من السلطةوحتى شعبيًا، عديد الانتقادات و"شُوهت" صورتها، لأسباب مختلفة، منذ سنوات.

 

  • تحيين: الخميس 2 مارس/آذار 2023، الساعة 11  صباحًا توقيت تونس

أصدرت وزارة الصحة بيانًا توضيحيًا، الخميس 2  مارس/آذار 2023، إثر الجدل الذي أحدثته المذكرة، قالت فيه إن "طلب الترخيص المسبق قبل الحضور أو المشاركة في التظاهرات أو الاجتماعات أو الملتقيات في المؤسسات التي لا ترجع بالنظر إلى وزارة الصحة، يخص فقط الدعوات الموجهة بصفتهم المهنية ولا علاقة له بحرية ممارسة حقوقهم الفردية والجماعية".