15-سبتمبر-2021

محسن حسن: قانون المالية التعديلي هو اليوم أكثر من ضروري

الترا تونس - فريق التحرير

 

قال الخبير الاقتصادي والوزير الأسبق للتجارة محسن حسن الأربعاء 15 سبتمبر/ أيلول 2021، أنّه يُطلق صيحة فزع حول وضعية المالية العمومية، معتبرًا أنه "لا بدّ أن نعلن صراحة حالة الطوارئ الاقتصادية والمالية التي بلغت إلى مرحلة لا تشرّف التونسيين، فبداية هذه السنة المالية لم تكن بداية طيبة، وقانون المالية 2021 وقع إعداده بصفة متسرّعة خاصة وأنّ الموارد لم تكن واضحة بصفة جليّة".

محسن حسن: الدولة قد تلتجئ لتمويل نفقاتها من الأجور لطباعة الأوراق المالية، أو ما يعرف بالـ(planche habillée)

وتابع حسن في مداخلة له بإذاعة "شمس أف أم": "ما حدث هو أنّ البرلمان صادق على قانون مالية نفقاته واضحة ومحدّدة في حين أنّ موارده غير واضحة، وهذا الوضع يستدعي مراجعة قانون المالية 2021 واعتماد قانون مالية تعديلي" وفق قوله، مضيفًا: "الدولة قد تلتجئ لتمويل نفقاتها من الأجور لطباعة الأوراق المالية، أو ما يعرف بالـ(planche habillée)، قائلًا: "الدولة ذهبت في هذا سابقًا حين وقع ختم قانون المالية لسنة 2020 من خلال عملية مصادقة البرلمان على عملية إقراض الدولة من قبل البنك المركزي في حدود 2.8 مليار دينار" وفق وصفه.

وقال حسن إنّ البنك المركزي يقوم بدوره كما ينبغي حاليًا، لكن "لا بدّ من النظر في قانونه بما يمكّنه من أن يساهم في تمويل خزينة الدولة بطريقة مباشرة لأنه لا يمكن أن يذهب في تمويل الخزينة إلى ما لا نهاية، فإذا ارتفع التضخم تتراجع المقدرة الشرائية للمواطن والمقدرة التنافسية للاقتصاد التونسي"، مضيفًا: "تونس وصلت إلى مرحلة أصبحت تتحدث فيها عن الأجور عوض أن نتحدث عن الاستثمارات العمومية والمشاريع الكبرى ودور الدولة في هذا الإطار، ومشاكل بلادنا أكبر من مشكل الأجور التي سنجد فيها حلًا في الأخير" وفق تعبيره.

محسن حسن: نفقات الدولة في الأربعة أشهر المتبقية من سنة 2021، ستكون في حدود 19 مليار دينار، في حين أنّ موارد الدولة لن تتجاوز في أفضل الحالات 9 مليار دينار، فمن أين سنحصل على الـ10 مليار دينار المتبقية؟

وبيّن حسن أنّ الحكومة السابقة التزمت بأن تتقدّم بهذا القانون التعديلي (التكميلي) في مارس/ آذار الفارط، "واليوم هو أكثر من ضروري لأسباب عديدة، لأنّ الفرضيات التي قام عليها قانون المالية 2021 لم تعد صالحة مثل سعر برميل النفط.. وقد توقع قانون المالية نموًا اقتصاديًا بـ4% وهو الذي لم يعد مقبولًا أو معقولًا في نظر جلّ المؤسسات المالية العالمية وحتى توقعات البنك المركزي التونسي والمؤسسات المالية التونسية التي تتوقع أن نسجّل في أفضل الحالات نموًا بـ2 أو 2.5%".

وأوضح الخبير الاقتصادي أنّ نفقات الدولة في الأربعة أشهر المتبقية من سنة 2021، ستكون في حدود 19 مليار دينار، فيهم 5 مليار دينار ديون داخلية، و2 مليار دينار ديون خارجية، و5.6 مليار دينار نفقات تأجير، في حين أنّ موارد الدولة لن تتجاوز في أفضل الحالات في هذه الأشهر الأربعة 9 مليار دينار ستتأتى من الموارد الجبائية، متسائلًا: "10 مليار دينار من أين سنحصل عليهم؟".

محسن حسن: وزارة المالية لم تنجح في إصدار أذون خزينة بقيمة 150 مليون دينار ولم تقنع البنوك بجدوى هذه العملية الاستثمارية وهي المرة الثانية التي تفشل فيها الحكومة في ذلك

وقال الوزير الأسبق إنّ العجز سيكون أكثر من 22 مليار دينار على كامل السنة، "وكان من المفروض أن يقع تجاوزه باللجوء إلى التداين الخارجي والداخلي والذي أصبح غير ممكن لأن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي حول برنامج جديد متوقفة وهو ما لا يمكننا من الخروج إلى الأسواق العالمية فضلًا عن تدنّي الترقيم السيادي لتونس ومن المنتظر أن يتراجع أكثر"، مضيفًا: "وصلنا في التداين الداخلي إلى الخط الأحمر، لا يمكن أن نقترض أكثر".

اقرأ/ي أيضًا: فريد بالحاج: يجب الإسراع بتشكيل حكومة والإعلان عن رؤية واضحة لتونس

وعن إمكانية اللجوء للبنوك التونسية من خلال إصدار رقاع الخزينة قال حسن إنّ وزارة المالية لم تنجح في إصدار أذون خزينة بقيمة 150 مليون دينار ولم تقنع البنوك بجدوى هذه العملية الاستثمارية وهي المرة الثانية التي تفشل فيها الحكومة في إصدار أذون خزينة طويلة المدى، وقال: "الاكتتاب في أذون خزينة على المدى الطويل يتطلب وضوح الرؤية من الدولة وهو ما ليس متوفرًا، ولهذا تحبّذ البنوك التونسية أن تقرض البنوك التونسية على المدى القصير، كما أن البنوك لا تملك الوضوح حول نسبة الفائدة على المدى الطويل" وفق وصفه.

وشدّد محسن حسن على أنّه من المفروض أن نذهب في حلول دائمة لا أن نعوّل على البنوك التونسية والاقتراض الداخلي لتمويل العجز، وقال: "لا بدّ من حكومة في أقرب الآجال كي تفتح باب التفاوض مع صندوق النقد الدولي لأننا مجبرون على الاتفاق معه على برنامج للتمويل والإصلاحات، وهناك حل آخر هو الدبلوماسية الاقتصادية، وعلى قيس سعيّد أن يتدخّل لرفع بعض الأموال من أصدقائنا، إذ لا بدّ من دعم لا يقلّ عن 10 مليار دينار، ويبقى خروجنا من هذا الوضع رهين خلق النمو والثروة، كما لا بدّ من تشجيع الاستثمار والتصدير والاستهلاك الداخلي، كي لا نصل إلى مرحلة لا نتحكم فيها في قرارنا ونعيش تحت الإملاءات" على حد قوله.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الدين الخارجي: خرافة "الإفلاس" والسيناريوهات المفترضة من خلال تجارب مقارنة

حوار| المحلل المالي نادر حداد: ثقة المقرضين الدوليين في تونس في تراجع