24-مايو-2022
محامون القايدي

طالبوه بـ"الاعتذار عن رئاسة اللجنة الاستشارية الاقتصادية" (صورة أرشيفية/ ياسين القايدي/ الأناضول)

الترا تونس - فريق التحرير

 

عبرت مجموعة من المحامين التونسيين، الثلاثاء 24 ماي/أيار 2022، عن رفضها القطعي لـ"توريط عميد المحامين إبراهيم بودربالة للمحاماة التونسية في المشروع التسلّطي لرئيس الدولة"، معتبرة أن "تمييزه بتعيينه رئيسًا لإحدى لجان الجمهورية الجديدة دون بقية رؤساء المنظمات الوطنية، ليس إلا مكافأة ومقابلًا مهينًا على انخراط العميد في التبرير لكل خيارات وانتهاكات الرئيس التونسي قيس سعيّد طيلة الأشهر الماضية"، حسب تقديرها.

محامون تونسيون: عميد المحامين بصدد توظيف المحاماة لحساب السلطة الحالية وهي بصدد إعداد مشهد إخراجي مبتذل لحوار شكلي ضمن تنفيذ مخطّطها لاستهداف المكتسبات الديمقراطية

وأكدت، في بيان لها، أن "عميد المحامين بصدد توظيف المحاماة لحساب السلطة الحالية وهي بصدد إعداد مشهد إخراجي مبتذل لحوار شكلي ضمن تنفيذ مخطّطها لاستهداف المكتسبات الديمقراطية"، مذكرة بأن ذلك يمثّل مخالفة حتى لبيان مجلس الهيئة بتاريخ 12 ماي/أيار الذي أكد عدم قبوله "أي حوار شكلي وبمخرجات مسبقة" والرّافض لتهميش القوى السياسية والمنظمات الوطنية. 

وفي هذا السياق شدد المحامون الموقعون على البيان على أن توظيف العميد للمحاماة فيما لقبتها بـ"المسرحية" "يضرب استقلالية المهنة في مقتل، كما يتعارض مع قيمها وثوابتها وتاريخها كقوّة مضادّة لأنظمة التسّلط وانتهاك الحقوق والحريات"، حسب رأيهم. 

كما أشاروا إلى أن "اتخاذ قرارات مصيرية تهمّ الوطن ودور المحاماة خاصة في السياق السياسي الدقيق حاليًا لا يمكن أن تظل موقوفة على اجتهاد شخص العميد، باعتبار أن مثل هذه القرارات من اختصاصات الجلسة العامة الخارقة للعادة التي تنظر في "المسائل المتأكدة وذات الأهمية الوطنية" بحسب الفصل 54 من مرسوم المهنة".

محامون تونسيون يدعون عميد المحامين لـ"الاعتذار عن رئاسة اللجنة الاستشارية الاقتصادية والكف عن  مزيد توريط المحاماة في مسار غير دستوري بات اليوم يهدّد الدولة ومصير شعبها"

وأكد المحامون في هذا الصدد أنه "كان على العميد إما الدعوة للجلسة العامة الخارقة للعادة أو المسارعة لتنظيم الجلسة العامة الانتخابية، وذلك بدل قيامه ومجلس الهيئة الحالي، قبل بضع أسابيع من نهاية العهدة، بتوريط المحاماة في قرار مصيري سيحفظه التاريخ جيدًا، مع شوائب تمريره في أجواء انقسام داخل هياكل المهنة وصفوف المحامين"، وفق ما جاء في نص البيان.

ودعا الموقعون على البيان العميد إبراهيم بودربالة إلى "حفظ ماء وجه المحاماة التونسية وذلك بالاعتذار عن رئاسة اللجنة المذكورة والكفّ عن مزيد توريط المحاماة في مسار غير دستوري بات اليوم يهدّد الدولة ومصير شعبها وليس فقط المكتسبات الديمقراطية"، على حد تقديرهم.

كما سجلوا أداء مؤسسة العمادة بعد "الزجّ بنفسها في الدفاع المستميت عن السلطة الحالية، مقابل موقفها السلبي في الدفاع عن المكتسبات الديمقراطية وأيضًا عن الزملاء المحامين وبينهم العميد السابق عبد الرزاق الكيلاني ممّن تم تتبّعهم نكاية على مواقفهم السياسية"، مشددين على أنه "موقف أساء لصورة المحاماة وتاريخها أمام الرأي العام الحقوقي الدولي والمحلي"، وفق البيان ذاته.

وعلى صعيد متصل، شددت مجموعة المحامين التونسيين على أنه "من حق المحامين نقد أداء هياكل المحاماة في الفضاء العام وذلك حينما تتصدى هذه الهياكل للشأن العام، وأن ذلك لا يمسّ من واجب الاحترام ومبدأ التضامن"، داعية العميد إبراهيم بودربالة لـ"الكفّ عن اتهام المحامين الرافضين لخياراته بأنهم متحزّبون أو موالون لأحزاب سياسية معيّنة"، و لـ"احترام حرية تعبير المحامين عن مواقفهم علانية بعيدًا عن الهرسلة والتشويه". 

محامون تونسيون يطالبون العميد بـ "الدعوة للجلسة العامة الانتخابية في أقرب وقت ممكن تأكيدًا لاحترامه لمرسوم المهنة وقيمها، وقطعًا للطريق على أي شكوك خاصة في سياق سياسي يشهد استهدافًا للمنظمات الوطنية والقطاعية"

وذكر المحامون العميد بأنه "لم يبق على نهاية عهدته على رأس الهيئة الوطنية للمحامين إلا زهاء شهرين فقط، وهو ما يتطلّب منه العمل على رصّ الصفوف بين المحامين وتهيئة أجواء مثالية لعقد الجلسة العامة الانتخابية، وذلك بدل العمل على مزيد شقّ الصفوف داخل الهياكل والمحامين، والترفيع في منسوب التوتّر والسخط، بما يمسّ من وحدة المحاماة ويضعفها"، حسب تقديرهم. 

كما أهابوا بالعميد "الدعوة للجلسة العامة الانتخابية في أقرب وقت ممكن تأكيدًا لاحترامه لمرسوم المهنة وقيمها وتقاليدها، وقطعًا للطريق على أي شكوك خاصة في سياق سياسي يشهد استهدافًا للمنظمات الوطنية والقطاعية من داخل أسوارها".

ودعوا كل المحامين، وبمختلف توجهاتهم السياسية والأيديولوجية، لليقظة والتصدّي لأي "توريط للمحاماة التونسية في أي مشروع تسلّطي وفرداني"، مؤكدين أن "الالتزام بمبادئ المحاماة واستقلاليتها، عن أي جهة كانت، هو حجز الزاوية لحسن أداء رسالة المحاماة"، مذكّرين إياهم أن قدر المحاماة تاريخيًا أن تبقى قوّة معارضة لأي مشروع استفراد بالسلطة، وذلك كما كانت وكما يجب أن تظلّ دائمًا، وفق البيان ذاته.

 

مُحـامون يدعـون العميـد الأستـاذ إبراهيـم بـودربـالـة للكـفّ عن توريط المحاماة فـي المشـروع التسلّطي لرئيس...

Posted by Karim Marzouki on Tuesday, May 24, 2022

 

يذكر أن الرئيس التونسي قيس سعيّد كان قد عيّن عميد المحامين التونسيين إبراهيم بودربالة رئيسًا لما سُمّيت بـ"اللجنة الاستشارية الاقتصادية والاجتماعية"، وهي إحدى اللجان الثلاثة المكونة لـ"الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة"، التي تم الإعلان عنها رسميًا في مرسوم رئاسي صدر بتاريخ 20 ماي/أيار 2022.

وتتكون اللجنة الاستشارية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية التي يرأسها بودربالة من ممثلين عن اتحاد الشغل، الأعراف، اتحاد الفلاحة، اتحاد المرأة، رابطة حقوق الإنسان ويترأسها عميد المحامين ويتم تعيينهم بأمر رئاسي.


الأزمة السياسية

 

وتعيش تونس على وقع أزمة سياسية حادة منذ استحواذ الرئيس التونسي، منذ 25 جويلية/يوليو الماضي، على السلطة التنفيذية بإقالته رئيس الحكومة حينها هشام المشيشي ثم حله البرلمان والانطلاق في الحكم بمراسيم في خطوة وصفها خصومه "بالانقلاب"، ويعتبرها "تصحيحًا للمسار"، وسط انتقادات داخلية وخارجية من التوجه لترسيخ حكم فردي.

ومن المنتظر أن تقوم ما أسماها سعيّد "الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة"، تحت إشرافه بصياغة دستور جديد لتونس، سيتم طرحه فيما بعد للاستفتاء في 25 جويلية/يوليو القادم ثم إجراء انتخابات برلمانية في 17 ديسمبر/ كانون الأول.