08-يناير-2022

مواقف كثيرة قد يتعرض لها الإنسان في حياته اليومية ويكون لها بالغ الأثر على نفسيته وحياته بصفة عامّة (صورة توضحية/ Getty)

مقال رأي

 

هل تعرّضتم يومًا إلى التنمّر؟ عايشتم موقفًا مؤلمًا أو شاهدتم إساءات متكرّرة لأشخاص آخرين ربّما هزّت كيانكم من شدّة قسوتها؟ أو ربّما عانيتم من تداعياتها دون أن تدرون؟

التنمّر ظاهرة ما فتئت تظهر حتّى امتدّت وانتشرت على نطاق واسع. عبرت الزّمان والمكان لتطال مختلف الفضاءات والمجالات، الشّوارع، أماكن العمل، الأسرة، المقاهي، الفضاء الرّقمي، ومختلف الفضاءات العامّة… مواقف كثيرة قد يتعرّض لها الإنسان في حياته اليوميّة ويكون لها بالغ الأثر على نفسيّته وحياته بصفة عامّة. قد تتجسّد هذه المواقف في عدّة أشكال، ربّما في شكل سخرية واستهزاء أو استقواء شخص على آخر واستضعافه والتفوّه بالبذاءات والإهانات اللّفظيّة.

ولا شكّ أنّ التنمّر ظاهرة عالميّة وليست حكرًا على المجتمع التونسي فقط، لكن لنُحيي الإنسان بداخلنا ونحاول تسليط الضّوء على بعض جوانب هذا الموضوع. أليس موضوعًا يوميًّا مُستحدثًا يستحقّ أن نتطرّق إليه ونسعى لمعالجته؟ ما رأيكم؟

لنبدأ إذًا…

  • ما هو التنمّر؟

دعونا أوّلًا نُزيل بعض الغموض عن مصطلح التنمّر ونوضّحه أكثر. تُعرّف اللجنة الأستراليّة لحقوق الإنسان، وهي منظمة قانونية مستقلّة، التنمّر على أنّه تعمّد إيذاء شخص أو مجموعة أشخاص بالكلمات أو الأفعال والتسبب لهم في أضرار نفسيّة، جسديّة أو اجتماعيّة. وعادة ما يحاول المتنمّرون فرض سيطرتهم على الطرف المقابل وجعله موضع ضعف وعجز.

 التنمر هو تعمّد إيذاء شخص أو مجموعة أشخاص بالكلمات أو الأفعال والتسبب لهم في أضرار نفسيّة، جسديّة أو اجتماعيّة. وعادة ما يحاول المتنمّرون فرض سيطرتهم على الطرف المقابل وجعله موضع ضعف وعجز

يمكن أن يحدث التنمّر في أيّ مكان. يمكن أن يكون في المدارس أو في المنزل أو في العمل أو في المساحات الاجتماعية عبر الإنترنت أو عبر الرسائل النصية أو البريد الإلكتروني، ويكون إمّا جسديًا أو لفظيًا أو عاطفيًا، ويُسبّب للمتنمّر عليه الضّيق أو الأذى.

تعريف تُؤيّده منظّمة الأمم المُتّحدة للتّربية والعلم والثّقافة "اليونسكو" في تقرير نشرته سابقًا. تعتبر أنّ التنمّر كلّ سلوك عدوانيّ ينطوي على أفعال سلبيّة متكرّرة غير مرغوب فيها لإيذاء فرد أو مجموعة أفراد. ويتّخذ أشكالًا مختلفة تشمل التنمّر الجسدي، النّفسي، الجنسي والإلكتروني.

اقرأ/ي أيضًا: أشهر 7 عبارات نقولها في التربية.. نقتل بها أبناءنا

وإذا أردنا الغوص في موضوع التنمّر تتبادر إلى أذهاننا قصص كثيرة تعجّ بها مجتمعاتنا. بعض القصص يرتفع صداها عاليًا ليروي حكايتها ويرتقي بالوعي المجتمعي عسى البعض يُدرك ويعتبر، وقصص أخرى تُقبر في النّفوس تاركة حسرة ولوعة كبيرة إمّا خوفًا أو جهلًا أو استسهالًا لفعل التنمّر. بل أصبح البعض يستسهل هذا السّلوك الّذي قد يحتلّ منابرنا الإذاعيّة، فيتنصّل البعض من مسؤوليّته الاجتماعيّة والأخلاقيّة ويُطلق خطاباته المسمومة.

منذ فترة غير بعيدة قام أحد الإعلاميّين المشهورين عبر موجات الإذاعة الأكثر استماعًا في تُونس بضرب أخلاقيّات المهنة الصّحفيّة عرض الحائط وممارسة فعل التنمّر من خلال سُخريته من حارسة المرمى الإيرانيّة الّتي تعرّضت بدورها إلى حملة تنمّر وسُخرية أمام أنظار العالم إثر نزع حجابها على أرضيّة الملعب وانتهاك حُرمتها الجسديّة. لا نعلم أيّ معايير جماليّة يُمكن أن يضعها إنسان ليتجرّأ ويسمح لنفسه بالسّخرية من الذّات البشرية.

منذ فترة قام أحد الإعلاميين عبر موجات الإذاعة الأكثر استماعًا في تُونس بالسخرية من حارسة المرمى الإيرانية التي تعرضت لحملة تنمّر إثر نزع حجابها على أرضية الملعب. كما سبق أن تهكم على عميد الأدب العربي طه حسين

هي ليست المرّة الأولى لممارسة هذا السّلوك. سبق وتمّ التهكّم من قبل نفس المُذيع على عميد الأدب العربي طه حسين في محاولة للمسّ من كرامة الإنسان. والأمثلة حول هذا الموضوع عديدة ومتنوّعة قد يطول الحديث عنها، فلكلّ منّا قصّته الّتي عاشها أو شهدها في محيطه.

ومن البديهيّ أنّ التنمّر أصبح ظاهرة عالميّة ليست حكرًا على المجتمع التّونسي فحسب، خاصّة مع تطوّر شبكات الميديا الاجتماعيّة الّتي فاقمت هذا الفعل.

 يشمل سلوك التنمّر مختلف الفئات. من فئة الأطفال إلى فئة الكبار. فهو يمكن أن يحدث في أيّ مرحلة عمريّة لكنّه حسب البحوث والدّراسات ارتبط منذ قديم الزّمان بالأطفال بصفة خاصّة، فعادة ما يُكتسب هذا السّلوك في مرحلة عمريّة مُبكّرة وينشأ داخل خليّته الأولى وهي الأسرة. يتكرّر ويكبُر ثمّ يزداد حدّة مع التقدّم في العمر. وهو ما يُثير داخلنا عدّة تساؤلات أوّلها لماذا يتنمّر النّاس؟

  • الدوافع الاجتماعية للتنمر

 لنتّفق بداية على تفسير هذه الظاهرة. لا يوجد سبب واحد وراء قيام النّاس بالتنمر، من المؤكد أنّ ثمة أسباب عديدة تؤدي إلى الإقدام على هذا الفعل. توصّلت العديد من البحوث والدراسات العلمية في هذا المجال إلى أنّ هناك أشخاصًا كثيرين ينخرطون في هذا الفعل، هم غالبًا ما يشعرون بالعجز ونقص تقدير الذّات ويعانون من انعدام الأمن ويشعرون بحاجة لممارسة قوّتهم وسيطرتهم على الآخرين.

إذا أردنا فهم أسباب التنمّر علينا أن نحاول الغوص أكثر في عقل المُتنمّر ونتمعّن جيّدًا في ماضيه ونبحث بعمق عن الجذور التي شكّلت تلك الشخصية المتنمّرة.

حسب دراسة نُشرت في المجلة العربيّة للعلوم ونشر الأبحاث تُساهم التنشئة الاجتماعية بشكل كبير في ظهور مشكلة التنمّر. فهي الإطار الاجتماعي الذي تتشكل فيه شخصية الطفل. والذي من خلاله يمكن أن يبني كل فرد ملامح شخصيته وفق الثقافة والقيم التي يتبناها في سنّ مبكرة. تتكوّن ظاهرة التنمر داخل الأسرة، وفي ظلّ ضعف الرابط الاجتماعي بين أفرادها وغياب الحوار والتواصل تتطور وتنمو بشكل أكبر وتتواصل داخل أسوار المدرسة باعتبارها المؤسسة الاجتماعية الثانية التي تضطلع بدور تنشئة الفرد.

 تتكوّن ظاهرة التنمر داخل الأسرة، وفي ظلّ ضعف الرابط الاجتماعي بين أفرادها وغياب الحوار والتواصل تتطور وتنمو بشكل أكبر وتتواصل داخل أسوار المدرسة باعتبارها المؤسسة الاجتماعية الثانية التي تضطلع بدور تنشئة الفرد

ووفق جمعية الشباب الخيرية العالمية Ditch the Label أُجريت دراسة استطلاعية على مجموعة كبيرة من الأشخاص المُستجوبين، أفضت إلى بيانات علمية دقيقة وواقعية في محاولة لتحديد الدوافع الكامنة وراء التنمر، واتضح  أن الأشخاص الذين تعرّضوا لصدمات في الماضي كوفاة شخص عزيز أو انفصال الوالدين هم أكثر عرضة لاكتساب سلوك عُدواني وممارسة التنمر.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا يكره أبناؤنا المدرسة؟

كما تبيّن أن 66 ٪ من الأشخاص الّذين اعترفوا بالتنمّر هم من الذكور نظرًا للثقافة السائدة في أغلب مجتمعاتنا والتي تتمثل في اختلاف تربية الذكور عن الإناث، من خلال تلقين الرجال معايير وأدوار جنسانية مختلّة وجعلهم كائنات مجرّدة من العواطف والأحاسيس التي يعتبرونها حكرًا على جنس الإناث فقط، ما يُولّد داخلهم سُلوكًا عُدوانيًّا ويدفعهم إلى ارتكاب أفعال عنيفة. ناهيك عن ضعف تقدير الذّات والذي يتمثّل في إخفاء الشّخص المُتنمّر شعوره الفعلي تجاه نفسه.

وقد أظهر البحث أنّ الذين تنمّروا على الآخرين غالبًا ما يستخدمون التنمّر كآلية دفاع ذاتيّة لاعتقادهم أنّهم سيتمكّنون من مُجابهة التنمّر ضدّهم. وتبيّن أنّ الحياة الأسريّة الصّعبة الّتي يسودها العنف وعدم التّفاهم وخطابات الكراهيّة وضعف الوصول إلى التّعليم والضّغوط المجتمعيّة قد تساهم بشكل كبير في نموّ مثل هذا السّلوك لدى الفرد.

 كلّها عوامل وإن اختلفت غالبًا ما تتبعها تداعيات نفسيّة بالغة الأثر سواء على المدى القريب أو البعيد.

  • تداعياته النفسية

من الطبيعي أنّكم تتساءلون الآن عن أثر سلوك التنمّر وتداعياته. إذًا دعنا نتعمّق أكثر في أبعاده النّفسيّة.

يُؤثّر التنمّر بشكل سلبيّ على الصحة النفسيّة للإنسان. فهو يُؤدّي إلى مشاكل عاطفيّة وسلوكيّة واجتماعيّة وأحيانًا جسديّة قد تزداد حدّة مع مرّ السنين. حسب وكالة الأنباء العالمية "رويترز" أثبتت دراسة أمريكيّة أن الأطفال الذين تنمروا والذين تعرّضوا للتنمر كانوا أكثر عُرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق ونوبات الهلع بعد سنوات. وجد الباحثون أنّ الاضطرابات النفسية المرتبطة بالتنمر قد تستمرّ إلى منتصف العشرينات من العمر.

وحسب بحث أجراه أطباء نفسيون بريطانيون لبيان آثار التنمّر في مرحلة الطفولة بعد مرحلة البلوغ  تبيّن أن الآثار الاجتماعية والجسدية والعقلية السلبية للتنمر في مرحلة الطفولة استمرّت تداعياتها بعد مرور نحو 40 عامًا. في المقابل يُقرّ دليل العلاج النّفسي Psychology today أنّ التنمّر من بين الأسباب الرّئيسيّة لانقطاع الشّباب عن الدراسة والانخراط في السّلوك العنيف والعُدواني الّذي قد يتحوّل في بعض الأحيان إلى سلوك إجراميّ.

يؤثّر التنمر بشكل سلبي على الصحة النفسية للإنسان. فهو يؤدي إلى مشاكل عاطفية وسلوكية واجتماعية وأحيانًا جسدية قد تزداد حدة مع مر السنين

من جهتها  تشير جمعيّة علم النّفس الدُّوليّة وهي جمعيّة علميّة عالميّة تضمّ مجموعة من الخبراء والباحثين في العلوم النّفسيّة من مختلف القارّات، إلى أن التنمر قد يُؤدي إلى عواقب نفسية وصحية طويلة الأمد.

وفقًا للباحثين فإنّ الأشخاص الّذين تعرّضوا للتنمّر وهم أطفال واجهوا عدّة صعوبات نفسيّة في مرحلة مُتقدّمة من العمر كالشّعور بمعاملة غير عادلة من قبل الآخرين والشّعور المتواصل بالإحباط والتّشاؤم والتوتّر، أثّرت التداعيات النفسية السلبية بشكل كبير على صحتهم البدنية وأدت إلى مشاكل صحية خطيرة مثل النوبات القلبية والسكتة الدماغية وارتفاع ضغط الدم، نظرًا إلى أنّ التنمّر قد يؤدّي إلى تفاعلات شخصيّة مرهقة.

اقرأ/ي أيضًا: في قصص الأطفال.. زلّات وانحرافات (1/2)

وتُؤكّد البحوث والدّراسات التّابعة لجمعيّة علم النّفس أنّ التنمّر قد يُقوّض العلاقات الاجتماعيّة وأنّ التّفاعلات السّلبيّة الّتي قد تظهر في بيئة العمل قد تضعف إنتاجيّة الفرد وتُقلّل من أهدافه وتزيد من خطر استهلاك مُضادّات الاكتئاب. فماذا عن التنمّر الإلكتروني؟

  • التنمّر الإلكتروني وسُبل مجابهته

مع التطوّر التّكنولوجي الّذي أصبحنا نشهده تفاقمت ظاهرة التنمّر بشكل كبير خاصّة التنمّر من خلال الأجهزة الرّقميّة المُستحدثة. وغالبًا ما يُنظر إلى التنمّر على أنّه جزء لا يتجزّأ من ثقافة الشّباب.

تُعرّف اليونيسيف التنمّر الإلكتروني بـ"التنمّر عبر الإنترنت باستخدام التقنيات الرقمية. ويمكن أن يحدث على وسائل التواصل الاجتماعي، منصّات التّراسل، منصّات الألعاب الإلكترونية والهواتف الخلوية. وهو سلوك متكرر يهدف إلى تخويف الأشخاص المستهدفين أو إغضابهم أو التشهير بهم. كنشر الأكاذيب عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو إرسال رسائل مُؤذية وتهديدات للآخرين".

لا يختلف التنمّر الإلكتروني عن التنمّر المباشر. بيد أن التنمّر عبر الإنترنت يترك بصمة رقمية، أي سجلاً يمكن أن يكون مفيداً وأن يوفر دليلاً من أجل إيقاف الإساءات. وحسب اليونيسيف لا يقلّ التنمّر الإلكتروني ضررًا عن التنمّر الواقعي. فهو أيضًا قد يُؤثّر على الإنسان عقليًّا، بدنيًّا وعاطفيًّا وقد يقود في بعض الحالات إلى الانتحار.

لا يختلف التنمّر الإلكتروني عن التنمّر المباشر. بيد أن التنمّر عبر الإنترنت يترك بصمة رقمية، أي سجلاً يمكن أن يكون مفيداً وأن يوفر دليلاً من أجل إيقاف الإساءات. وحسب اليونيسيف لا يقلّ التنمّر الإلكتروني ضررًا عن التنمّر الواقعي

وبما أنّنا تطرّقنا إلى أنّ مواقع التواصل الاجتماعي قد منحت فرصة وجرأة أكبر لممارسة فعل التنمر حان الوقت لندرك أهمية التّعامل معها والوقاية من خطرها.

ففي الفضاء الرّقمي تمكّن خاصيّة عدم الكشف عن الهويّة المتنمّرَ من ممارسة سلوكه العدواني لأنّه يشعر أنّه بعيد المنال وآمن من العقاب، فيصبح التنصّل من الهويّة والاختباء وراء أسماء مستعارة ومُزيّفة أمرًا يسيرًا قد لا يُتيحه الفضاء الواقعي لممارسة تسلّطه عبر شبكات التواصل.

حسب  مركز أبحاث التنمّر عبر الإنترنت  أظهرت الأبحاث الاستطلاعيّة أنّ أولئك الّذين يتعرّضون للتنمّر عبر الفضاء الرّقمي هم أكثر عرضة للمعاناة أكاديميًّا، عاطفيًّا، نفسيًّا وسلوكيًّا. سلوك قد يختلف حسب الخصائص الدّيمغرافيّة ويستوجب الاهتمام والمراقبة والحوار والقيام بالمبادرات التّعليميّة والتوعوية والنفسية خاصة لدى فئة المراهقين والشباب.

اقرأ/ي أيضًا: في قصص الأطفال.. زلّات وانحرافات (2/2)

ولمجابهة التنمّر عبر الإنترنت من الضّروري تحديده والإبلاغ عنه إلى مواقع التّواصل الاجتماعي. فقد سهّلت اليونيسيف الإبلاغ عن أيّ تنمّر مباشر عبر شبكات التّواصل خاصّة فيما يتعلّق بفئة المُراهقين. قد يساعدك في ذلك دليل فيسبوك أو دليل الوالدين على موقع انستغرام الذي يوفّر توصيات للوالدين وأولياء الأمور والبالغين الموثوقين حول كيفية التعامل مع التنمّر عبر الإنترنت، أو عبر مجمع مركزي يُتيح التعرّف على وسائل السلامة التي قد تضمن أمانك الرّقمي، أو عبر صفحات الدعم على مركز المساعدة التابع لليونيسيف أو عبر آلية الإبلاغ بالتغريدات من خلال النقر على خيار "أبلِغ عن تغريدة".

كما يمكنك مساعدة أصدقائك والإبلاغ عن حالات التنمّر الّتي قد يتعرّضون لها نيابة عنهم عبر الوسائل المتاحة في كلّ تطبيق رقميّ وكلّ ذلك بصفة سريّة ودون الكشف عن هويّتك. ويمكنك تفعيل إعدادات الخُصوصيّة في مواقعك على الميديا الاجتماعيّة.

لمجابهة التنمّر عبر الإنترنت من الضروري تحديده والإبلاغ عنه إلى مواقع التواصل الاجتماعي. فقد سهّلت اليونيسيف الإبلاغ عن أي تنمر مباشر عبر شبكات التواصل خاصة فيما يتعلق بفئة المراهقين

ووفق المجلّة الطبيّة الرقمية فإنّ تعزيز الثّقة بالنّفس والقدرة على إثبات المهارات الاجتماعيّة الجيّدة هي من أنجع السّبل لمكافحة التنمّر. كما تشترك الأسرة والمدرسة والمجتمع في المسؤوليّة التّوعويّة والدّعم الاجتماعي الّذي قد يُخفّف أو يُلغي التّداعيات السّلبية على الصحّة العقليّة لضحايا التنمّر وعواقبه الوخيمة. لأنّ تعليم الأطفال السلوكيّات الاجتماعية الإيجابية وتثقيفهم حول المواطنة الإلكترونية سيقودهم حتمًا إلى التعرّف على السلوك العدواني.

لذلك من المهمّ أن تحظى العائلة بدور المُراقب الإيجابي لحياة الأطفال والمراهقين وتسعى إلى صقل شخصيّتهم وتهذيب سلوكهم بطريقة فعّالة وتشجيعهم على بناء روابط اجتماعيّة متينة.

من المؤكّد أنّ فهم العوامل الاجتماعيّة والدّوافع النفسية وراء ممارسة سلوك المُتنمّر أمر بالغ الأهمية لإيقافه أو مجابهته خاصّة في مرحلة عمريّة مُبكّرة. لكنّ غضّ النّظر أو تجاهل مثل هذه الأفعال السامّة في مجتمعنا قد يساهم في تفاقم هذا السّلوك في مختلف الأوساط والفضاءات، وقد يُؤدّي بدوره إلى خلق بيئة سامّة. لذلك فإنّ إظهار اللاّمبالاة لفعل التنمّر قد يدعمه ويزيد من حدّته وضرره. علينا أن نكون مدركين لأهميّة كسر حلقة التنمّر منذ البداية وتعلّم تقبّل الآخر مهما كانت اختلافاته

في النّهاية قد يطول الحديث حول موضوع التنمّر، لكن هدفنا الأساسيّ هو تسليط الضّوء على أبرز أسبابه وآثاره العميقة لمعالجته واتّخاذ خطوات فعّالة لمنعه ومساعدة الأشخاص المستهدفين عبر محاولة فهم نفسيّة مرتكبي التنمّر ودراسة الخفايا الاجتماعيّة لهذا الموضوع لإدراك أهميّة احترام الذّات الإنسانيّة وتحقيق التقدّم المجتمعي ونشر قيم المحبّة والتّسامح.

 

  • المقالات المنشورة في هذا القسم تُعبر عن رأي كاتبها فقط ولا تعبّر بالضرورة عن رأي "ألترا صوت"

 

اقرأ/ي أيضًا:

التنمر.. جريمة تظل ندوبها مدى الحياة

ابني متنمّر يعتدي على أصدقائه.. ماذا أفعل؟