الترا تونس - فريق التحرير
أثارت الكلمة التي أدلى بها رئيس الجمهورية قيس سعيّد، السبت 10 أفريل/ نيسان 2021، خلال بيان صحفي مشترك مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تفاعلات عديدة وطرحت أسئلة لدى عديد النشطاء على منصات التواصل.
واعتبر البعض أن استناد سعيّد للارتجال خلال كلماته يجعلها تقتصر على "الإيحاءات والحشو" وتسقط في "التكرار" والغموض، كما علّق الصحفي أيمن زمالي الذي استشهد كمثال بجملة لم تكن واضحة المعنى "سنقهر معًا كل العقبات والصعوبات بكل الوسائل، هذه الحركات التي لا تؤمن بالدولة".
اعتبر البعض أن استناد سعيّد للارتجال خلال كلماته يجعلها تقتصر على "الإيحاءات والحشو" وتسقط في "التكرار" والغموض
واستغرب آخرون من الطريقة التي أعلن بها رئيس الجمهورية التونسي عن موقف تونس من سد النهضة والخلاف حوله، إذ كان قد صرح، خلال البيان الصحفي المشترك، أن "الأمن القومي لمصر هو أمننا وموقف مصر في أي محفل دولي سيكون موقفنا، مؤكدًا أن تونس لا تقبل المساس بأمن مصر المائي".
ولم يخل تعبير سعيّد من تعميم لم يكن واضحًا حول مدى تطابق المواقف التونسية في المحافل الدولية فعلًا مع كل المواقف المصرية، وهو ما استغربه عديد المدونين. فيما ذهب البعض إلى اعتبار أن موقفه المعلن حول سد النهضة والذي كان بالوقوف إلى جانب مصر منطقيًا ومنتظرًا.
يعلّق الصحفي علاء الدين زعتور، في هذا السياق، "نقد زيارة سعيّد إلى القاهرة من وجهة نظر حقوقية يظل أمرًا مشروعًا ووجهة نظر محترمة، لكن التهكم على موقفه (والموقف الرسمي التونسي عمومًا) بشأن ملف سد النهضة الإثيوبي والوقوف إلى جانب مصر (والسودان) أمر يدعو للاستغراب حقيقة. ما عبر عنه سعيد هو الموقف الطبيعي الذي كان سيعبر عنه أي رئيس تونسي مهما كان اسمه".
وتساءل زعتور "إلى ذلك، من المهم التذكير بأن التونسيين لا يعرفون موقف رئيسهم من عدة ملفات إقليمية وتطورات عرفتها بلدان مجاورة (مصر، سوريا، إلخ..)"، في إشارة إلى تواصل غموض مواقف رئيس الجمهورية من عديد القضايا عربيًا خاصة الأزمة السورية.
ويقول المهندس سفيان بن عبد الله "قضية سد النهضة هي قضية حياتية للشعب المصري.. وعلى تونس دعم المصريين والسودانيين بما تقدر خصوصًا أنها على رأس المقعد غير الدائم بالأمم المتحدة.. يجب فصل هذه القضية عن الدكتاتور والمجرم الذي يحكمها..".
لم يخل تعبير سعيّد من تعميم لم يكن واضحًا حول مدى تطابق المواقف التونسية في المحافل الدولية فعلًا مع كل المواقف المصرية، وهو ما استغربه عديد المدونين
يُذكر أن رئيس الجمهورية قيس سعيّد يؤدي زيارة رسمية إلى مصر من 9 إلى 11 أفريل/ نيسان 2021، وذلك بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كما ورد في بيان سابق للرئاسة التونسية.
وقد أوضحت الرئاسة حينها أن هذه الزيارة تندرج "في إطار ربط جسور التواصل وترسيخ سنة التشاور والتنسيق بين قيادتي البلدين، فضلاً عن إرساء رؤى وتصورات جديدة تعزز مسار التعاون المتميّز القائم بين تونس ومصر بما يُلبّي التطلعات المشروعة للشعبين الشقيقين في الاستقرار والنماء"، وفقها.
وقد تلى الإعلان عن الزيارة ردود فعل مختلفة، من أهمها تدوينة للرئيس التونسي السابق محمد المنصف المرزوقي، الذي كان قد علّق حول الزيارة "عفوًا يا روح محمد مرسي، عفوًا يا رفات شهداء رابعة وغيرها من المجازر الفظيعة، عفوًا يا آلاف المقبورين أحياء في سجون السيسي أيًا كانت مشاربكم السياسية.. هذا الرجل لم يعد يمثلني، هذا الرجل لا يمثل الثورة التي سمحت له بالوصول للسلطة..".
في المقابل، قال مدير ديوان المرزوقي سابقًا وأستاذ التاريخ عدنان منصر "يسعى قيس سعيّد لتحقيق نوع من المعادلة بين المحاور الإقليمية المختلفة: الدوحة ثم القاهرة ثم أنقرة ثم أبوظبي: برنامج يؤكد سعيًا واضحًا للموازنة"، ويستدرك "فيما عدا ذلك، هل هناك خطة تونسية واضحة لتقديم مضامين تُنجِح هذه الزيارات؟ لا أعتقد".
منصر: "هناك قصور دبلوماسي كبير، وفيما عدا الرغبة في التمايز بل وفي مناكفة التوجهات الدبلوماسية التي رسختها حركة النهضة، ليس هناك خطة تونسية للاستفادة من هذه القدرة على الانفتاح الدبلوماسي"
ويوضح "هناك قصور دبلوماسي كبير، وفيما عدا الرغبة في التمايز بل وفي مناكفة التوجهات الدبلوماسية التي رسختها حركة النهضة، ليس هناك خطة تونسية للاستفادة من هذه القدرة على الانفتاح الدبلوماسي. صحيح أن البيئة الإقليمية تشهد تطورات تساهم في تدعيم هذا الانفتاح (المصالحة الخليجية، التقارب التركي المصري، التطور اللافت في المشهد الليبي) لكن ذلك لا يعني وجود خطة دبلوماسية تونسية واضحة وذات مضمون تستفيد من تلك التطورات".
ويضيف "من نافل القول إن المسألة الديمقراطية غائبة تمامًا لدى قيس سعيّد. هذه مسألة لا يبدو أنه يعيرها أي اهتمام، وهذه زاوية هجوم جيدة لخصومه الإسلاميين. بالنسبة لرئيس جاء من خارج الساحة السياسية والحقوقية، يعتقد قيس سعيّد أن هذا الموضوع ثانوي، وأنه لا ينبغي له أن يحدد توجهاته في السياسة الخارجية. لا أحد يتوقع فعلاً أن يتعرض قيس سعيّد في لقاءاته بالمسؤولين المصريين لوضعية حقوق الإنسان في مصر، ولآلاف السجناء الذين يقبعون في السجون المصرية دون محاكمة، ولا عن الاتهامات بالتعذيب والقتل خارج القانون ولا حتى لوضعية الصحافة وللصحفيين المعتقلين".
وكما كان منتظرًا، لا تمر تصريحات سعيّد وزياراته الخارجية، على قلتها، من ردود فعل مختلفة حد التناقض أحيانًا بالنظر لغموض العديد من العبارات المعتمدة، لكن الصورة حول رؤية سعيد الخارجية وخياراته تتضح تدريجيًا في بعض المجالات أيضًا خاصة مقارنة بالأشهر الأولى لتوليه الحكم.
اقرأ/ي أيضًا:
سعيّد: لن نقبل بالمساس بالأمن المائي لمصر وموقفها في أي محفل دولي هو موقفنا