28-مايو-2019

تصاعد الخلاف حول مرشح الجبهة للانتخابات الرئاسية وتحديد مرشحيها للقائمات التشريعية (ميشال فوكو/Getty)

 

الترا تونس - فريق التحرير

 

قدّم 9 نواب من كتلة الجبهة الشعبية، الثلاثاء 28 ماي/آيار 2019، استقالتهم لمكتب البرلمان من الكتلة بما سيفقدها وجودها القانوني في حالة عدم سحب الاستقالات بعد مضي 5 أيام وذلك على اعتبار أن العدد الأدنى لتكوين كتلة هو 7 نواب. ولم يظل حاليًا إلا 6 أعضاء عن حزب العمال والتيار الشعبي بعد استقالة بقية النواب من الكتلة بالخصوص ممثلي حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد.

وكانت كتلة الجبهة الشعبية هي الكتلة الوحيدة التي لم تطرأ عليها أي تغييرات منذ انتخابات 2014 لتشهد الآن وقبل أقل من 5 أشهر من الاستحقاق الانتخابي المقبل، موجة استقالات بما يجعل الكتلة البرلمانية في طريق الانحلال بما يؤشر على مدى حدّة التوترات داخل الجبهة الشعبية.

ونقلت مصادر متواترة أن هذه الاستقالات جاءت على خلفية استمرار الخلافات بين مكونات الجبهة لتحديد مرشحها للانتخابات الرئاسية المسبقة بين دعم ناطقها الرسمي حمة الحمامي، الذي أكد حزب العمال أنه يحظى بدعم أغلب أحزاب الجبهة، والنائب ورئيس لجنة المالية بالبرلمان منجي الرحوي المدعوم من حزبه الوطنيين الديمقراطيين الموحد.

قدّم 9 نواب من كتلة الجبهة الشعبية استقالتهم لمكتب البرلمان من الكتلة بما سيفقدها وجودها القانوني في حالة عدم سحب الاستقالات بعد مضي 5 أيام

وكان قد صرح عضو المجلس المركزي للجبهة الشعبية وأمين عام التيار الشعبي زهير حمدي، في تصريح أمس الإثنين لوكالة تونس إفريقيا للأنباء (الوكالة الرسمية)، إن اصرار شق وصفه بالأقلي على ترشيح منجي الرحوي مازال قائمًا وأثر على العلاقة بين مكونات الجبهة، مشيرًا إلى أن استمرار هذا الإشكال سيؤثر على كافة المسارات الانتخابية المقبلة والأنشطة السياسية بما فيها المتعلقة بالانتخابات التشريعية.

وكان قد بدأ الخلاف حول مرشح الجبهة للانتخابات الرئاسية بعد اقتراح حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (الوطد) بصفة علنية بتاريخ 4 مارس/آذار الماضي منجي الرحوي مرشحًا للانتخابات الرئاسية صلب الجبهة، وهو اقتراح انتقده قيادات منها في مقدمتها حمة الهمامي الذي اعتبر أن هذا الاقتراح "أحرج" الجبهة. وهو ما قابله تصعيد من قيادات حزب "الوطد" على غرار تحذير أمينه العام زياد الأخضر من اتخاذ قرارات فوقية داعيًا إلى استشارة موسعة للحسم في المرشح للرئاسيات، وتأكيد الرحوي أن الهمامي ليس "المرشح الطبيعي" للجبهة.

وقد أعلنت الجبهة الشعبية لاحقًا في بلاغ بتاريخ 19 مارس/آذار 2019، أن أغلبية مكوناتها قررت ترشيح ناطقها الرسمي حمة الهمامي للانتخابات الرئاسية 2019. وأكدت أن اجتماع الأمناء العامين هو الإطار المخول رسميًا للبت في آلية الحسم في اختيار المرشح بناء على تفويض رسمي في الغرض من قبل المجلس المركزي.

وقد حمل البيان إمضاء كل من أحزاب العمال، والتيار الشعبي، ورابطة اليسار العمالي، وحزب الطليعة العربي الديمقراطي، وحركة البعث، وحزب الوطد الاشتراكي والحزب الشعبي للحرية والتقدم وذلك دون حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (الوطد) الذي أعلن لاحقًا أن الإعلان عن ترشيح الهمامي دون توافق "يفقده إجماع عموم مناضلي الجبهة الشعبية وأنصارها".

تمثل استقالة 9 نواب من الكتلة البرلمانية مؤشرًا لافتًا على مأزق الجبهة الشعبية للتوافق داخلها بشكل حاسم حول مرشحها للانتخابات الرئاسية وأيضًا حول تحديد ممثليها في القائمات التشريعية

ويؤكد مراقبون، في المقابل، أن الخلاف الرئيسي داخل مكونات الجبهة الشعبية يتعلق بالخصوص بتحديد مرشحي قوائمها للانتخابات التشريعية المقبلة، في ظل سعي كل حزب داخلها لتصعيد مرشحه في رئاسة القوائم خاصة في الدوائر الانتخابية المرجح أن تحصلها الجبهة على أحد مقاعدها على الأقل.

ويشير متابعون إلى أن حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (الوطد) وبعض الأحزاب الأخرى تعمل على ضمان مواقع متقدمة في القائمات التشريعية على حساب حزب العمال الذي يوصف بأنه أكبر أحزاب الجبهة وأكثرها قدرة على التعبئة الجماهيرية.

وتمثل استقالة 9 نواب من الكتلة البرلمانية مؤشرًا لافتًا على مأزق الجبهة الشعبية للتوافق داخلها بشكل حاسم حول مرشحها للانتخابات الرئاسية وأيضًا حول تحديد ممثليها في التشريعية، وذلك في امتحان جدّي لقدرة الجبهة على تسوية الخلافات داخلها عبر آلياتها وتحديدًا عبر مجلسها المركزي الذي يضم بالخصوص الأمناء العامين للأحزاب المكونة لها.

ويظل السؤال حاليًا، هل تنجح المحاولات من أجل سحب استقالة النواب التسعة والحيلولة دون انحلال الكتلة البرلمانية أم ستتصاعد الأزمة داخل الجبهة الشعبية بما قد يؤدي إلى تفتتها أو انسحاب أحزاب منها على الأقل بما سيؤثر على حظوظها في الانتخابات التشريعية المقبلة؟

 

اقرأ/ي أيضًا:

الخلافات داخل الجبهة الشعبية.. مؤشرات وتساؤلات

ترشح القروي للرئاسيات 2019: جدل وتحذير على مواقع التواصل