23-سبتمبر-2020

رئيس الجمهورية قيس سعيّد (صفحة رئاسة الجمهورية/ فيسبوك)

الترا تونس - فريق التحرير

 

أشرف رئيس الجمهورية قيس سعيّد، مساء الثلاثاء 22 سبتمبر/أيلول 2020، على اختتام الدورة 38 للندوة السنوية لرؤساء البعثات الدبلوماسية والدائمة والقنصلية التي انعقدت بقصر الرئاسة بقرطاج تحت عنوان "تونس ومحيطها المباشر: من أجل شراكة لتعزيز الأمن والسلم ودفع التنمية المتضامنة".

واستحضر رئيس الدولة في كلمة ألقاها بالمناسبة تاريخ العمل الديبلوماسي التونسي منذ الاستقلال، داعيًا إلى الاستفادة من المؤسسات المحدثة وتطويرها، وفق بلاغ نشرته رئاسة الجمهورية على صفحتها بموقع التواصل "فيسبوك".

قيس سعيّد: يجب النأي بتونس عن سياسة المحاور وعن سياسة الاصطفاف والحرص على التمسك بسيادتها كاملة

وأوضح أن الإنسانية اليوم في حاجة إلى فكر جديد للعلاقات بين الشعوب والأمم في عهد جديد يجد فيه كل انسان حقوقه المرتبطة بحقه في الحياة وفي الكرامة، ويقطع مع الجوع والفقر ومع سقوط الضحايا والأبرياء.

ولفت إلى أهمية أن تأخذ الندوة حجم التحديات الجسيمة التي تواجهها بلادنا على أصعدة مختلفة وتعكس عمق التحولات المتسارعة التي أصبحت تميز العلاقات الدولية .

وهنّأ رئيس الجمهورية من شملتهم الحركة الديبلوماسية والقنصلية، مبينًا أنهم مطالبون بتنزيل قيمة العمل الديبلوماسي منزلة العقيدة لخدمة الوطن وحمايته والذود عنه.

وشدد، في ذات الصدد، على دورهم في التأسيس لديبلوماسية نشيطة ومبادرة وفاعلة تسهر على رفد الجهود الوطنية لتحقيق مصالح بلادنا العليا وتعرّف بمواقفها وتحشد المساندة لمبادراتنا، إلى جانب خدمتها للقضايا العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

ودعا رئيس الجمهورية إلى النأي ببلادنا عن سياسة المحاور وعن سياسة الاصطفاف مع الحرص على التمسك بسيادتنا كاملة، مؤكدًا أهمية الاستقرار في الداخل حتى يكون لنا صوت مسموع في الخارج لافتًا إلى ضرورة أن تكون السياسة بوجه عام والسياسة الخارجية مستندة إلى السيادة الشعبية والى مطالب الأغلبية.

ودعا إلى التمسك بالمرجعيات وبثوابتنا وباستقلالية قرارنا والالتزام بالشرعية الدولية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول مع الرفض القاطع لأن تتدخل أي دولة في شؤوننا. وذكّر بأن تونس دولة واحدة ورئيسها واحد وديبلوماسيتها واحدة، معربًا عن رفض ارتهان إرادتنا لأي كان.

سعيّد يدعو من شملتهم الحركة الدبلوماسية إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول

واعتبر رئيس الجمهورية أن مفاهيم الشراكة والأمن والسلم والتنمية المتضامنة من المبادئ الأصيلة في السياسة الخارجية لبلادنا والتي آلينا على أنفسنا مزيد ترسيخها بجوارنا المباشر سواء في اطار ثنائي أو ضمن آليات العمل متعدد الأطراف.

وأوضح أننا مدعوون لتعميق الحوار الاستراتيجي حول مختلف المسائل المطروحة من أجل تحقيق انتظارات شعوب المنطقة عبر بلورة تصورات مشتركة لعالم أكثر أمنًا واستقرارًا ومن أجل علاقات دولية أكثر توازنًا وتضامنًا.

وجدد حرص تونس على مواصلة أداء رسالتها الإنسانية الرائدة من أجل بلورة شراكة شاملة ومتضامنة ومتوازنة انطلاقًا من المغرب العربي والعالم العربي والمنطقة الإفريقية والمتوسطية.

وشدد على ضرورة تنسيق الجهود وتعميق التشاور مع الأشقاء والأصدقاء بخصوص القضايا المطروحة من أجل الدفاع عن مصالحنا الاستراتيجية وأولوياتنا السياسية والتنموية والأمنية وإيجاد حلول ناجعة للقضايا العادلة، والتي لا تزال عالقة، والحد من مخاطر الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية .

وأشار إلى حصول انحرافات وتجاوزات كثيرة في السنوات الأخيرة، مشددًا على أن المسؤول يجب ان يكون في خدمة الدولة لا في خدمة طرف في ائتلاف أو تحالف.

وأوضح أن حالة عدم الاستقرار التي تشهدها بعض دول المنطقة أدت إلى تفاقم ظاهرة الإرهاب والهجرة غير المنظمة وهي تهديدات خطيرة وتحديات جسيمة تواجه الأمن والاستقرار وعلاقات التعاون في المنطقة والعالم داعيًا إلى مقاربة هذه الآفة وغيرها مقاربة جديدة لأن الحلول الأمنية وإن كانت ضرورية فإنها تظل وحدها غير كافية.

وذكّر بأن تونس من أكثر الدول التي دفعت الثمن باهضًا جراء الوضع في ليبيا مجددًا وقوف بلادنا إلى جانب الأشقاء الليبيين ورفضها تجزئة ليبيا، مؤكدًا أن حل الوضع داخل ليبيا لا يمكن أن يكون إلا ليبيًا ليبيًا.

وبين أن الشراكة في المغرب العربي وفي إفريقيا وفي البحر المتوسط تقتضي العمل على بلورة رؤى واضحة تتيح تجاوز الخلافات المفتعلة القادمة من وراء الحدود في أكثر الأحيان، وتقتضي إحكام التخطيط لمستقبل العلاقات وضبط مضامينها وأولويتها وحشد الإمكانيات لتنفيذها.

رئيس الجمهورية: تونس ستتحمل كامل مسؤولياتها في إطار عضويتها في مجلس الأمن الدولي لدفع مسارات التسوية السلمية للأزمات

ولفت، في هذا السياق، إلى ضرورة التعويل على روابطنا التاريخية مع الأشقاء في المغرب العربي وفي إفريقيا وعلى شراكتنا المتميزة والتي يجب أن تكون أيضًا متوازنة مع الاتحاد الأوروبي لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والكاملة.

وذكر بترؤس تونس للجامعة العربية معربًا عن الأسف لعدم تنظيم قمة الدول العربية، كما أشار إلى استعداد بلادنا لتنظيم قمة الفرنكوفونية العام المقبل، مبينًا أننا نتعامل مع اللغات دون عقد ودون أن نمس باستقلالنا.

وأكد أن تونس ستتحمل كامل مسؤولياتها في إطار عضويتها في مجلس الأمن الدولي لدفع مسارات التسوية السلمية للأزمات وللدفاع عن المصالح الاستراتيجية والأولويات السياسية والأمنية والتنموية لفضاءاتنا المباشرة بالتنسيق الدائم مع مختلف الأشقاء والأصدقاء.

ودعا، في هذا السياق، إلى مضاعفة الجهود لإيجاد حلول جماعية لكل التحديات الراهنة وتكريس القيم الكونية النبيلة، معتبرًا أنه لا يمكن لأي دولة بمفردها إدارة الأزمات المستجدة والتوقي منها والحد من انتشارها وتجاوزات تداعياتها.

وذكر، في هذا الصدد، بمبادرة تونس بطرح مشروع قرار مجلس الأمن الدولي حول جائحة الكوفيد 19 معربًا عن افتخاره لاعتماد مجلس الأمن بالإجماع للقرار عدد 32-25 لسنة 2020 حول الجائحة المذكورة.

وأكد رئيس الجمهورية أن تحقيق تطلعات شعوب المنطقة وآمالها يمر أساسًا عبر المسارعة باستعادة زمام المبادرة لإنهاء بؤر التوتر والأزمات وتسريع مسارات التسوية السياسية ووضع حد للمعاناة الإنسانية للشعوب المعنية وتأسيس مناخ إقليمي يرتقي بعلاقات دول المنطقة إلى مستوى أعلى ويضع ضمن أولوياته تحقيق الأمن والاستقرار والمعالجة السريعة لقضايانا الملحة وفي مقدمتها المديونية.

ودعا إلى مقاربة هذه المسألة مقاربة جديدة مع الدول المانحة ومع المؤسسات المانحة لأن الديون في كثير من الأحيان لم يتمتع بها الشعب التونسي وعديد الشعوب الأخرى، لافتًا إلى أن الكثير من خيراتنا وكذلك ثرواتنا البشرية صارت تهاجر إلى الشمال من ذلك أن أكثر من 500 طبيب في العام الماضي هاجروا إلى أوروبا.

وختم رئيس الدولة كلمته بالتأكيد على أن الديمقراطية ليست شعارًا يرفع بل ممارسة يومية حقيقية تقوم على مؤسسات نيابية تمثيلية ممثلة تمثيلًا أمينًا لصاحب السيادة وهو الشعب وترسيخ حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية ومعالجة جذور الخلافات والأسباب العميقة للنزاعات.

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

محمد البحري: تصريحات عبير موسي مغلوطة وتصب في خانة "الصراعات السياسية"

نجيب الشابي لـ"ألترا تونس": نحو تشكيل حزب جديد يعتمد على تشبيب الحركة السياسية