19-مايو-2020

قضية هزّت نظام بن علي في بداية التسعينيات (جيتي)

 

الترا تونس - فريق التحرير

 

في الحلقة الخامسة والعشرين من مسلسل "نوبة" الذي تدور أحداثه في فترة التسعينيات، دار حوار بين شخصية نافذة ظهرت أنها تقود شبكة فساد (أداها صلاح مصدق) مع شخصية "براداريس" (كمال التواتي) المنخرط في هذه الشبكة، ودعت الشخصية الأولى إلى تقليص أنشطة الفساد بعد فضيحة "couscous connection" التي تداولتها الصحافة العالمية بما مسّ من صورة البلاد وقتها.

أعاد مسلسل "نوبة" للذاكرة واحدة من أكبر القضايا التي هزت صورة نظام بن علي بداية التسعينيات

 

أعاد هذا المشهد لذاكرة التونسيين واحدة من أكبر القضايا التي هزت صورة نظام بن علي في أولى سنواته بعد تورّط الشقيق الأصغر للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وهو الحبيب الشهير باسم "المنصف"، في شبكة إجرام دولية لتبييض الأموال وتهريب المخدرات والدعارة نشطت في فترة الثمانينيات بين فرنسا وهولندا وتونس، قبل كشفها من طرف الشرطة الفرنسية بداية التسعينيات.

تورّط المنصف بن علي في شبكة مافيا دولية اختصت في تهريب المخدرات وتبييض الأموال بين تونس وفرنسا وهولندا

وبدأ كشف خيوط شبكة المافيا الدولية بعد اكتشاف الشرطة الباريسية بداية 1989 لمخطط لتهريب الهروين في منطقة "بلفيل" وأدت سلسلة التحقيقات إلى كشف عناصر المافيا ومن بينهم الهادي بن حسن، وهو قريب مدير المصالح المختصة في وزارة الداخلية فرج قدورة إضافة للمنصف بن علي.

قبضت الشرطة الفرنسية في مطار "أورلي" على شقيق بن علي قبل إطلاق سراحه بعد تدخّل السلطة في تونس بتقديمها لجواز سفر ديبلوماسي للخروج من الفضيحة.

تواصلت التحقيقات مع العثور على كميات من الهيروين بعشرات الكيلوغرامات إضافة لأموال ثبت أنه تم تبييضها في تونس بوجودها في حسابات شركات أجهزة كمبيوتر ومطاعم ومحلات تجارية مع ضخها في بنوك تونسية أيضًا، بالإضافة لاستثمار مئات الملايين من الفرنكات، العملة الفرنسية وقتها، في العقارات والسياحة الفاخرة.

وقد كان المنصف بعد صعود شقيقه إلى السلطة من أكبر رجال الأعمال وقد استغل نفوذه لتوسيع نشاطه في مجالات عدة من حانات ومطاعم وقاعات ألعاب وغيرها من الأنشطة.

بتاريخ 30 نوفمبر/تشرين الثاني 1992، قضت محكمة فرنسية بسجن المنصف بن علي غيابيًا لمدة 10 سنوات مع منعه من دخول الأراضي الفرنسي. وقد اُتهم بنقل الأموال داخل الشبكة الإجرامية بين هولندا وفرنسا وتونس. فيما اعتبر محاميه جاف ايف ليبورن أن موكله تعرض إلى "تلاعب سياسي" وبأنه لا يوجد دليل مادي يثبت مشاركته في غسيل الأموال.

حُكم أيضًا على عبد اللطيف بن اسماعيل، أحد عناصر المافيا، بالسجن لمدة 12 سنة وتم ترحيله إلى تونس عام 1999، وأفاد أنه أمضى 25 يومًا في مقر وزارة الداخلية تعرض خلالها للاستجواب والتعذيب من طرف أمن الدولة لمعرفة إن كان هو من كشف اسم المنصف بن علي للشرطة الفرنسية.  

وتوفي المنصف في مصحة في تونس العاصمة يوم 15 ماي/أيار 1996 في ظروف غامضة، وقد دُفن في نفس اليوم في مقبرة حمام سوسة.

تعددت فرضيات وفاة المنصف بن علي ومنها اغتياله من طرف المافيا فيما راجت بالخصوص فرضية مقتله على يد شقيقه زين العابدين بن علي

وتعددت فرضيات وفاته ومنها اغتياله من طرف المافيا فيما راجت بالخصوص فرضية مقتله على يد شقيقه زين العابدين بن علي في ظل الحديث عن توتر العلاقة بينهما بسبب هذه الفضيحة.

وتم استخراج رفاة المنصف بن علي بعد الثورة تحديدًا عام 2012 بإذن من قاضي التحقيق بعد طلب من ابنه سفيان بن علي الذي اتهم إطارات أمنية بحيازة معلومات حول حقيقة وفاة والده.

وأثبت التقرير الطبي وفق مصادر إعلامية متواترة أن المنصف بن علي لم يمت بسبب طلق ناري مع عدم الجزم في نفس الوقت بطبيعية الوفاة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

السجون التونسية زمن الاستبداد.. مسرح للانتهاكات المهينة للذات البشرية

"دحروج" و"شافط" و"المسخ".. التخفي الذي كشفته هيئة الحقيقة والكرامة