08-أبريل-2020

لا تتضمن المبادرة التشريعية أية إجراءات عملية لدعم الصحافة (الشاذلي بن إبراهيم/جيتي)

 

تقدم النائب مبروك كورشيد بمبادرة تشريعية مستعجلة، يوم 12 مارس/ آذار الماضي تهدف حسب وثيقة "شرح الأسباب" إلى "أخلقة الحياة السياسية والاجتماعية" بتحوير الفصول 245 و247 من المجلة الجزائية. تعددت ردود الفعل من منظمات المجتمع المدني رفضًا لهذا المشروع الذي تعرّض كذلك إلى نقد كبير في شبكات التواصل الاجتماعي مما دفع النائب كورشيد إلى سحب هذه المبادرة التشريعية بعد أن قام عدد من النواب المشاركين في هذه المبادرة بسحب إمضاءاتهم.

يقدم الباحث الصادق الحمامي لقرّاء "ألترا تونس" في هذا المقال قراءة تفسيرية نقدية لهذه المبادرة التشريعية على ضوء للتجارب الدولية. كما يتناول البدائل الممكنة لهذه المبادرة التشريعية والضرورية للتصدي لظاهرة الأخبار الكاذبة.

تمثل المبادرة التشريعية حول "أخلقة الحياة السياسية والاجتماعية" أول مبادرة من هذا النوع في سياق تعاظمت فيه استخدامات الميديا الاجتماعية في الحياة السياسية 

تمثل المبادرة التشريعية حول "أخلقة الحياة السياسية والاجتماعية" أول مبادرة من هذا النوع في سياق تعاظمت فيه استخدامات الميديا الاجتماعية، فيسبوك تحديدًا، في الحياة السياسية واستثمارها في منظومات الاتصال السياسي.

اقرأ/ي أيضًا: هل التلفزة التونسية مرفق عمومي حقًا؟

وتقدم المبادرة نفسها على أنها جاءت لحماية "الديمقراطية الناشئة من الأخبار المكذوبة عبر منصات وسائط أو منصات التواصل الاجتماعية بالطرق الإلكترونية". وتشير وثيقة شرح الأسباب إلى أن "عديد الدول الراسخة (ألمانيا وفرنسا) سنت قوانين حمائية من الأخبار الزائفة تعرف كما تقول الوثيقة بقوانين مقاومة الفايك نيوز".

يربط نص شرح الأسباب الأخبار الكاذبة أساسًا بـ"هتك الأعراض والمس من سمعة الأفراد والجماعات والمؤسسات"، وتشير كذلك إلى أن غياب النصوص الخاصة بهذه الظاهرة مما يدفع القضاء إلى "اللجوء إلى نصوص غير منطبقة في كل الأحوال".

أما مصدر الأخبار الكاذبة فهو حسب نص شرح الأسباب المال الفاسد الذي يريد أن يتلاعب بإرادة الناخبين، وأخيرًا تقدم هذه المبادرة نفسها على أنها داعمة للإعلام.

وتركز قراءتنا النقدية على أربعة مسائل أساسية: التجارب الدولية التي يستند إليها والدروس المستخلصة منها، والمقاربة التي اعتمدتها هذه المبادرة لطرح قضية الأخبار الكاذبة، والغموض الذي يكتنف مضمونها وأخيرًا الحلول التي غيّبتها هذه المبادرة التشريعية.

أولًا: تقييم المبادرة التشريعية لأخلقة الحياة السياسية والاجتماعية على ضوء التجارب الدولية

الاستشارة الأوروبية حول الأخبار الكاذبة: نظم الاتحاد الأوروبي استمارة واسعة حول ما يسمى التضليل الإخباري (désinformation) عام 2018 وشملت المواطنين وشركات الميديا الاجتماعية ومؤسسات الصحافة والميديا من صحافة مكتوبة ووكالات أنباء ومواقع إخبارية إلكترونية ومنصات للتحري ومنظمات المجتمع المدني.

وتمخض عن الاستشارة تقرير أنجزه خبراء مستقلون يتضمن مقترحات عديدة  منها وضع مدونة سلوك تلتزم بها منصات الميديا الاجتماعية، ووضع مدونة سلوك لمنصات الميديا الاجتماعية تفرض معايير الشفافية على هذه المنصات التي يجب أن تقوم بتفسير الآليات التي تستخدمها لعرض المضامين على المستخدمين (algorithmes) وآليات لمساعدة الصحافة والمواطنين على التحري في الأخبار والدفاع عن مؤسسات الميديا.

ومن المقترحات أيضًا التعاون بين منصات الميديا الاجتماعية ومؤسسات الميديا الأوروبية للتصدي للأخبار الكاذبة وحملات التضليل ودعم مكانة المضامين الإخبارية الجيدة التي تتيحها الصحافة والميديا في منصات الميديا الاجتماعية وتيسير وصول المستخدمين إليها.

التجربة الألمانية: صدر تشريع ألمانيا عام 2018 لدفع منصات الميديا الاجتماعية على إدارة المضامين(modération) بشكل أكثر فعالية. وينصّ القانون "NetzDG" على تغريم منصات الميديا الاجتماعية بغرامة مالية يمكن أن تصل إلى 50 مليون  أورو عندما لا تقوم بحذف مضامين ذات علاقة بخطاب الكراهية أو بالأخبار الكاذبة. وينصّ القانون الألماني على ضرورة أن تضع منصات الميديا الاجتماعية آلية تسمح بالتبليغ على مضامين أو مطالبة منصات الميديا الاجتماعية بالتحري ثم حذف أو تعطيل هذه المضامين.

كما يفرض القانون على منصات الميديا الاجتماعية تقديم تقارير كل ثلاثة أشهر عن سياساتها في مجال الإجراءات الخاصة بالمضامين غير القانونية (كراهية، عنصرية، أخبار زائفة) ومعلومات عن عدد الشكاوى والقرارات التي تم اتخاذها تنشر إلى العموم. وقد قوبل التقرير برفض أحزاب سياسية ومنظمات المجتمع المدني. ومن الانتقادات التي وجهت لهذا القانون أنه يعطي السلطة لمنصات الميديا الاجتماعية بإدارة حرية التعبير في ألمانيا بالحذف والحجب والرقابة والصنصرة.

التجربة الفرنسية: وسن البرلمان الفرنسي عام 2018 قانونًا للتصدي للتلاعب بالأخبار (loi organique  relatives à la lutte contre la manipulation de l’information) في الفترات الانتخابية يهدف إلى حماية الحياة الديمقراطية من الأخبار الكاذبة.

في فرنسا طرح مشروع قانون ثان ضد خطاب الكراهية في الميديا الاجتماعية

وينطبق القانون في الفترة الانتخابية فقط وذلك قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات الوطنية: التشريعية أو الرئاسية أو الأوروبية. تعرّض القانون إلى نقد كبير من عديد الأطراف السياسية ومنظمات حقوق الإنسان والمنظمات المهنية الصحفية خاصة وأن فعاليته في الانتخابات الأوروبية الأخيرة كانت معدومة إذ لم تقدم أي قضية بالاعتماد عليه.

ويوفر القانون آلية لإثارة دعوى قضائية لإيقاف بث خبر كاذب، على أن تتوفر فيه عدة شروط ومنها أن يكون الخبر الكاذب صريحًا ينشر بطريقة كبيرة واصطناعية ويمكن أن تساهم في تهديد الأمن العام ونزاهة الانتخابات. ويمكن للقضاء في ظرف 48 ساعة أن يصدر حكمًا بإيقاف نشر المادة. ويتضمن القانون كذلك أحكامًا متعلقة بالتعاون مع منصات الميديا الاجتماعية في الفترات الانتخابية يجبرها على تعيين ممثل قانوني تتعامل معه السلطات العمومية.

اقرأ/ي أيضًا: ملف خاص: مستقبل الصحافة التونسية بعد انتخابات 2019

وفي فرنسا أيضًا، طرح مشروع قانون ثان ضد خطاب الكراهية في الميديا الاجتماعية (loi contre les contenus haineux sur Internet) يتعلق بالتصدي لخطاب الكراهية أي كل المنشورات التي تحرض على العنف ضد شخص ما على أساس أصله أو جنسيته أو عرقه أو جنسه وميولاته الجنسية والهوية الجندرية أو إعاقته. ويجبر القانون المنصات الميديا الاجتماعية على حذف هذه المضامين في غضون 24 ساعة.

وفي بلجيكا، يسعى المجلس الأعلى للاتصال البلجيكي (الهايكا البلجيكية) لتطوير مقاربة  جديدة تقوم على التنظيم "التعديل المشترك" للميديا الاجتماعية. ويتضمن مقترح الهيئة نظامًا لتلقي الشكاوى تضعه منصات الميديا الاجتماعية، إضافة إلى آليات تواصل بين هذه المنصات وهيئة تنظيم القطاع السمعي البصري، حتى لا تظل هذه المنصات فقط مجرد منصات لإيواء المضامين وعلى التزام الشفافية.

ومن الدول الأخرى التي سنت قوانين يعتبر من أكثر القوانين زجرية، سنغافورة التي يجبر فيها القانون منصات الميديا الاجتماعية على التعاون مع السلطات الحكومية، بل إن حكومة سنغافورة طلبت من فيسبوك منع المستخدمين من حقّ النفاذ إلى صفحة موقع إخباري معارض للحكومة.

ويتضمن القانون عقوبات بدنية يمكن أن تصل إلى عشر سنوات. ومن الأحكام الطريفة الغريبة التي تضمنه هذا القانون أن ينشر المستخدم المحكوم عليه في إطار هذا القانون تصحيحًا لتدوينته الناقدة للحكومة، إضافة إلى وضع رابط نحو موقع حكومي. واعترضت منظمة العفو الدولية ومنظمات حقوقية أخرى على هذا القانون الذي اعتبرته منافيًا لحرية التعبير.

وفي الجزائر، يمكن للقضاء أو الشرطة بمقتضى مشروع "قانون الوقاية من التمييز وخطاب الكراهية"، مراقبة "جميع أشكال التعبير التي تنشر أو تبرر التمييز، وتلك التي تتضمن أسلوب الازدراء أو الإهانة أو العداء أو البغض أو العنف الموجهة إلى شخص أو مجموعة من الأشخاص على أساس الجنس أو العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الإثني أو الانتماء الجغرافي أو الإعاقة أو الحالة الصحية". ويتضمن القانون إحداث مرصد لخطاب الكراهية وأحكامًا بغرامات مالية وأحكام بالسجن.

تبيّن تجارب الدول الديمقراطية أن القوانين الخاصة بالأخبار الكاذبة نادرة جدًا

تبيّن تجارب الدول الديمقراطية أن القوانين الخاصة بالأخبار الكاذبة نادرة جدًا، وهي لا تتضمن في كل الأحوال عقوبات بدنية ما. كما تؤكد كلها على مسؤولية منصات الميديا الاجتماعية خاصة في مستوى وضع آليات الشفافية في الحملات السياسية وفي إدارة مواد الأخبار الكاذبة ووضع آليات للإبلاغ عنها.

كما أن التجارب الدولية أيضًا تؤكد على دور التربية على التعاطي النقدي مع مضامين الميديا الاجتماعية.  أما النصوص التي تتضمن عقوبات سالبة للحرية فنجدها في الدول غير الديمقراطية أو ذات الأنظمة السلطوية. وعلى هذا النحو فإن الاستناد على المثالين الألماني والفرنسي في وثيقة شرح الأسباب في غير محله لأن القانونين لا يتضمنان عقوبات سالبة للحرية. 

ثانيًا: هل تتصدى حقًا المبادرة التشريعية للأخبار الكاذبة؟

لا تتناول المبادرة التشريعية الأخبار الكاذبة أو ظاهرة تفشي الأخبار الكاذبة كما تناولتها المبادرات الدولية. فالأخبار الكاذبة هي في تعريفها البسيط هي المضامين المزيفة والكاذبة التي تتخذ شكل الأخبار الصحفية صممت خصيصًا للتأثير على إرادة الناخبين والتلاعب بالرأي العام وتوجيه الناخبين.

ولا تتضمن الفصول المقترحة تعريفًا دقيقًا للأخبار الكاذبة، بل تكتفي بتعريف القذف على أنه "إفشاء لخطاب كاذب أو مشكوك في صحته بين مستخدمي الوسائل الإلكترونية ومرتادي منصات التواصل الاجتماعي من أنه أن يسيء إلى الأفراد أو المؤسسات سواء أكان ذلك بالنشر أو بالافتعال أو التوزيع أو الإرشاد إليها بصفة أصلية أو عرضية". وهذا التعريف لا يحدد بشكل دقيق الأخبار الكاذبة ويمكن أن يعرض أي فرد ينشر آراء تتضمن معطيات غير دقيقة أو حتى خاطئة إلى عقوبة بدنية. إن المتمعّن في النص يتبين له بكل وضوح أن الأحكام الجديدة التي يراد إدراجها في المجلة الجزائية تتعلق أساسًا بجرائم الثلب والشتم.

بيّنت دراسة "مراقبة الحملات الانتخابية على وسائل التواصل الاجتماعي" التي أنجزتها منظمة عتيد أن الصفحات غير الملتزمة بالقوانين الانتخابية

ومن المؤشرات التي تبين أن هذه الأحكام الجديدة المقترحة ذات علاقة ضعيفة إن لم تكن غائبة بالأخبار الكاذبة التي يمكن أن تؤثر في الانتخابات، غياب الإشارة إلى ضرورة تنقيح القانون الانتخابي حتى يأخذ في الاعتبار الجرائم المتصلة بالاستخدامات غير القانونية لمنصات الميديا الاجتماعية في الانتخابات خاصة في مستوى الإشهار السياسي.

فقد بيّنت دراسة "مراقبة الحملات الانتخابية على وسائل التواصل الاجتماعي" التي أنجزتها منظمة عتيد أن الصفحات غير الملتزمة بالقوانين الانتخابية هي صفحات يتم استخدامها لخوض حملات ضد المنافسين  السياسيين.

ثالثًا: مصادر الأخبار الكاذبة ومسؤولية الأحزاب السياسية

تعتبر وثيقة شرح الأسباب أن مصدر الأخبار الكاذبة هو "المال الفاسد" ولا تشير أبدًا إلى مسؤولية الأحزاب السياسية نفسها، فظاهرة الأخبار الزائفة هي ظاهرة سياسية بامتياز. فلا شك أن الأخبار الزائفة متصلة بالصراع السياسي بين الأحزاب التي تستخدمها في إطار التأثير على الرأي العام.

 لا بد من فتح نقاش عام حول نتائج الأخبار الكاذبة على الحياة السياسية والانتخابات

وفي هذا الإطار، لا يتضمن شرح الأسباب أية إشارة إلى استخدامات الأحزاب السياسية للأخبار الكاذبة كوسيلة من وسائل أدارة الصراع السياسي. وكأن الأخبار الكاذبة هي انحراف أخلاقي يقوم به بعض المواطنين أو "المال الفاسد" في حين أنها هي استراتيجية تحظى بالتخطيط والتمويل من أطراف سياسية أو من فاعلين سياسيين بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر.

رابعًا: في استبعاد المقاربة التشاركية والتفاوضية

تبين التجارب الدولية أن قضايا الأخبار الكاذبة وتأثيراتها على الحياة السياسية والانتخابات تتخذ في كثير من الأحيان مسارًا تشاوريًا، كما تدل على ذلك الاستشارة الأوروبية والتقارير والدارسات التي تصدرها البرلمانات في هذا المجال لفهم الظاهرة ومقاربتها مقاربة شاملة. ويمكن هنا أن نذكر بالدراسة التي أصدرها البرلمان البريطاني حول الأخبار الكاذبة والتضليل الإخباري في فيفري/ شباط قبل الماضي. ولا شك أن غياب هذه المقاربة التشاركية والتفاوضية يفسر ردود فعل 42 منظمة التي أدانت هذه المبادرة التشريعية.

اقرأ/ي أيضًا: هل للصحافة الاستقصائية مستقبل في تونس؟

وفي هذا الإطار، لا بد من فتح نقاش عام حول نتائج الأخبار الكاذبة على الحياة السياسية والانتخابات تساهم فيها كل الأطراف المعنية بهذا الموضوع على غرار البرلمان والأحزاب السياسية والحكومة والهيئات الدستورية وخاصة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والمنظمات المهنية (خاصة في مجال الصحافة والميديا) ومنظمات المجتمع المدني للبحث عن مقاربات تتلاءم والسياق التونسي.

خامسًا: تغييب مسؤولية منصات الميديا الاجتماعية

من النقائص الكبيرة للمبادرة التشريعية حول "أخلقة الحياة السياسية والاجتماعية" السكوت عن مسؤولية  منصات الميديا الاجتماعية وتغييب آليات التعاون معها، في حين أن كل المبادرات الدولية المتصلة بالأخبار الكاذبة تؤكد على هذا الدور خاصة في مستوى شفافية المعلومات عن الإشهار السياسي.

وفي هذا الإطار، تضمن تقرير منظمة "عتيد" عدة مقترحات جيدة ومنها أن يوفر فيسبوك ما يسمى"مكتبة الإعلانات" التي تتضمن سجلًا لجميع المنشورات السياسية المروجة السابقة والحالية لكل صفحة، مع إمكانية أن يقدم تقريرًا مفصلًا متاحًا للعموم يسمح لأي شخص من استكشاف فترة وتنزيل بيانات الإعلانات ذات الصلة بالقضايا الاجتماعية والانتخابات والسياسة.

لا تتضمن المبادرة التشريعية أية إجراءات عملية لدعم الصحافة

يمكن من الاطلاع على إجمالي المبالغ التي تم إنفاقها، وحجم الإنفاق حسب معلنين محددين وبيانات لإنفاق حسب الموقع الجغرافي". ومن المقترحات الأخرى أن تكون هناك قنوات اتصال رسمية أثناء الانتخابات بين الدولة التونسية ومؤسساتها وبين شركة فيسبوك "للتصرف بناء على تعليمات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لإغلاق الصفحات المعنية".

سادسًا: في تغييب دور الصحافة والميديا

تقدم المبادرة نفسها على أنها داعمة للإعلام بما أنه سلطة رابعة لـ"يمنع عنه الأيادي التي تعبث بهذا المكسب العام". في المقابل، فهي لا تتضمن أية إجراءات عملية لدعم الصحافة. ولابد من الإشارة هنا إلى أن المقاربات الدولية تؤكد على دور الصحافة والميديا في مواجهة الأخبار الكاذبة لأنها عندما تتوفر لها الشروط الملائمة من إمكانات وموارد وآليات للتنظيم الذاتي للقيام بواجباتها المهنية فإنها تمثل بديلًا حقيقيًا للميديا الاجتماعية.

المقاربة الشاملة والملائمة لخصوصيات السياق التونسية في مجال التصدي للأخبار الكاذبة لا يمكن أن تأتي من الأوساط السياسية لوحدها

وقد طوّر عدد كبير من المؤسّسات منصّات للتحري في الأخبار الكاذبة. أما في تونس فإن مؤسسات الصحافة والميديا في تونس لا يمكن لها بالنظر إلى إمكاناتها تطوير مثل هذه المنصات للتحري كما هو الحال في الدول الديمقراطية. 

خلاصة: من أجل مقاربة متعدد الأبعاد

ويمكن أيضًا أن نضيف إهمال المبادرة إلى آلية التربية على الثقافة الرقمية التي تدرب المواطنين على التعامل النقدي مع مضامين الميديا الرقمية والميديا الاجتماعية. هكذا نتبيّن أن هذه المبادرة التشريعية، إضافة إلى أنها جاءت في سياق غير ملائم، فإنها لا يمكن أن تمثل في كل الأحوال إجابة جيدة وشاملة لمشكلة الأخبار الكاذبة وتأثيراتها الخطيرة على الحياة السياسية والانتخابات.

ويبدو لنا أن المقاربة الشاملة والملائمة لخصوصيات السياق التونسية في مجال التصدي للأخبار الكاذبة لا يمكن أن تأتي من الأوساط السياسية لوحدها لأن الأخبار الكاذبة ظاهرة تغذيها الصراعات السياسية نفسها بل يجب أن تكون مقاربة تشاركية تستكشف كل الحلول الممكنة بما في ذلك الحلول القانونية والثقافية والتنظيمية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

المتلاعبون بالأرقام..

هل نحتاج حقًا إلى قناة إخبارية تلفزيونية؟