14-يناير-2020

تشهد عديد الولايات مظاهر احتفالية بمناسبة عيد الثورة (أمين الأندلسي/وكالة الأناضول)

 

 

تسع سنوات مرت على الثورة التونسية التي قلبت المنطقة العربية وشغلت العالم، تسع سنوات على حكاية شعب انتفض لكرامته وواجه رصاص الدكتاتورية عار الصدر كاسرًا صمت نظام استبداد امتد على مدى أكثر من نصف قرن وأنهى حكم نظام بن علي الذي مارس أشنع انتهاكات حقوق الإنسان بحق التونسيين.

تسع سنوات مرت على ثورة "الشعب يريد إسقاط النظام" التي رددها أحرار العالم ومضطهديه لتؤسس تونس جمهورية جديدة قوامها الديمقراطية في مسار مازال متواصلًا يواجه العراقيل لكنه ماض في طريقه.

تثير المهرجانات السنوية بمناسبة عيد الثورة جدلًا بين من يرى أنها محاولة لإفراغ الثورة من أهدافها وجعلت عيد الثورة يومًا فلكلوريًا، وبين من يتحدث عن تغييب الاحتفالات في بعض الجهات تهميشًا لحدث الثورة

بعد تسع سنوات على يوم هروب الطاغية وثورة شعب لم يقبل أن يهدر دم أبنائه برصاص السلطة الظالم رافعًا مطلب الحرية والكرامة الوطنية، تأتي الذكرى التي تقام بمناسبتها احتفالات ومهرجانات في عديد الولايات بالخصوص تلك التي انطلقت منها الشرارة الأولى يوم 17 ديسمبر/كانون الأول 2010 وهي سيدي بوزيد والقصرين التي دفعت عشرات الشهداء وغيرها من المدن الداخلية التي عانت التهميش على مدى عقود.

مهرجانات سنوية أثارت جدلًا في هذه الجهات بين من يرى أنها محاولة لإفراغ الثورة من أهدافها وجعلت عيد الثورة يومًا فلكلوريًا، وبين من يتحدث عن تغييب الاحتفالات في بعض الجهات تهميشًا لحدث الثورة.

اقرأ/ي أيضًا: تسع سنوات على الثورة.. تنكر السلطة متواصل لعائلات الشهداء والجرحى

صباح الشاذلي (جريحة الثورة): نريد الاحتفاء لا الاحتفال بالثورة

تقول جريحة الثورة ورئيسة جمعية "ملتقى أحرار القصرين" صباح الشاذلي لـ"ألترا تونس" إن مثل هذه المهرجانات هي للرقص والغناء مضيفة باستياء "يريدون من خلالها إعادتنا إلى المهرجانات النوفمبرية وقد تم إفراغها من محتواها من خلال دعوة المنظومة البائدة لتنظيم التظاهرات وتسييرها".

صباح الشاذلي (جريحة الثورة): الوجوه القديمة للنظام تصدرت المهرجانات ليلقي شعراء البلاط قصائدهم يتغزلون بالنساء في يوم الشهيد 

وتؤكد قائلة:" نحن كجهة قدمنا 24 شهيدًا وأكثر من 12 ألف جريح لكن ما يدمي القلب أن الأحداث ارتبطت بيومين هما 17 ديسمبر و14جانفي وتم تناسي أحداث 8 و9 و10 و11 جانفي الأيام التي سقط فيها الشهداء والجرحى".

وتشدد جريحة الثورة على أن الوجوه القديمة للنظام تصدرت المهرجانات ليلقي شعراء البلاط سابقًا قصائدهم يتغزلون بالنساء في يوم الشهيد وتتساءل "أيعقل الاحتفال بالثورة بشكل يتناسى دماء أزهقت وجرحى مازالت قائمتهم الرسمية لم تنشر ومازال بعضهم يئن ألمًا لمصابه؟".

وتؤكد محدثتنا على وجود تعمد واضح لطمس مطالب الثورة موضحة أن الهدف هو "الاحتفاء بالثورة وليس الاحتفال، وهي مناسبة للتذكير بأن هناك شعبًا انتفض وثار ضد الاستبداد وأن هناك شهداء سقطوا بالرصاص من أجل أن ننعم اليوم بالحرية ونحن مازلنا نطالب بالكرامة والشغل والعدالة الاجتماعية غير أنه توجد سياسة ممنهجة لترذيل الثورة من قبل الدولة العميقة التي مازالت تحكم".

طاهر الطاهري (رابطة حقوق الإنسان): لا تزال الثورة تصارع الثورة المضادة

في المقابل، يستغرب رئيس فرع الرابطة التونسية لحقوق الإنسان بقبلي طاهر الطاهري غياب المهرجانات عن ولاية قبلي التي قدمت 5 شهداء هم حاتم بالطاهر، ورياض بن عون، وماهر بلحاج، ورامي العابد وطارق الظريف قائلًا لـ"ألترا تونس": "لعلمكم لم يعد هناك احتفالات أساسًا في قبلي ولا توجد أي تظاهرة تذكر بأن 14 جانفي هو يوم ثورة".

اقرأ/ي أيضًا: الرضيعة يقين القرمازي أصغر شهداء الثورة: بأي ذنب قتلوها؟

ويعتبر الطاهري أن التونسيين كانت لديهم انتظارات كبيرة من الثورة لكن النظام القديم مازال موجودًا ومازالت الثورة تصارع الثورة المضادة وفق قوله، مضيفًا أن حرية التعبير، باعتبارها أهم مكسب للثورة، باتت مهددة مشيرًا إلى محاكمة أحد شباب الجهة من أجل كتابة تدوينة على "فيسبوك" ضد نائبة في البرلمان.

"أنا شخصيا تم رفع قضية ضدي وضد نقابي وضد مدير إذاعة خاصة بسبب تدوينة كشفنا فيها فساد ثلاثة أطباء يقدمون شهائد طبية نفسانية لتبرير غيابهم عن مستشفيات الجهة وطالبنا بحقنا في الصحة، انظروا بعد تسع سنوات من الثورة إلى أين وصلنا؟" هكذا يختم حديثه معنا.

لسعد البوعزيزي (ناشط سياسي): المسار لا يزال طويلًا

من جانبه، يشدد الناشط السياسي وأحد وجوه الثورة في سيدي بوزيد لسعد البوعزيزي على أن لكل ثورة تجارها وسماسرتها كمديري المهرجانات الذين حولوها إلى حفلات فارغة يقتاتون منها، لكن الثورة ماضية وبصدد تحقيق انتصارات وفي مسار شاسع لتحقيق كل أهدافها مهما حاولوا العبث بها وتغيير مساراتها، وفق تعبيره.

لسعد البوعزيزي (ناشط سياسي): نحن حتى الثوريين نفكر بطريقة انتهازية ونرغب في جني حصاد الثورة سريعًا وهو أمر خاطئ

ويرى البوعزيزي أن كل ثورة لابد أن تجد رجالاتها الداعمين وعلى الجهة الأخرى أعداؤها اللذين يتربصون بها ويسعون لجعلها مجرد احتفال مشابه لاحتفالات 7 نوفمبر (تاريخ تولي بن علي السلطة). وهو يضيف أن الثورة المضادة لازالت موجودة في الإدارات والوزارات وفي عقلية الأمني وفي وزارة الداخلية التي شهدت أقسى أنواع التعذيب والتنكيل بالبشر.

ويدعو الناشط السياسي الى ضرورة الانتباه قائلًا: "جميعنا حتى الثوريين نفكر بطريقة انتهازية ونبحث عن المردودية ونرغب في جني حصاد الثورة سريعًا وهو أمر خاطئ".

فالمسار، برأيه، مازال طويلًا، خاتمًا حديثه لـ"ألترا تونس: "لن ينجحوا في تزوير التاريخ مهما فعلوا ومهما حاولوا، نحن في عصر التكنولوجيات الحديثة التي ساهمت في الثورة وهي دوّنت وحفظت بالصوت والصورة تاريخها وحقيقتها".

 

اقرأ/ي أيضًا:

"14 غير درج - أوان تونس".. تاريخ الثورة لم يُكتب بعد رغم زخم المادة

شهداء ثورة تونس وجرحاها.. تهميش وتوظيف