16-سبتمبر-2022
فيتش رايتينغ

اعتبرت أن مزيد التأخر في التوصل لاتفاق من شأنه أن يتسبب في مزيد من التدهور على مستوى القدرة على تحمل الديون في تونس (ullstein bild/Getty)

الترا تونس - فريق التحرير

 

اعتبرت الوكالة العالمية للتصنيف الائتماني ''فيتش رايتنغ''، ليل الخميس 15 سبتمبر/أيلول 2022، أن الاتفاق المعلن عنه بين الحكومة التونسية والاتحاد العام التونسي للشغل حول الزيادة في الأجور بالنسبة للقطاع العام والوظيفة العمومية سيزيل عقبة رئيسية أمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي يعتبر أساسيًا لتوفير السيولة الخارجية والتصنيف الائتماني لتونس.

وأضافت، في بيان لها، أن ذلك يأتي "بعد تسجيل تحسن في ميزانية تونس في النصف الأول من سنة 2022، على الرغم من أن رقم العجز المنخفض المعلن عنه كان بسبب التأخر في دفع تعويضات الدعم".

واعتبرت الوكالة أن "الحكومة أحرزت تقدمًا في إدارة الوضع المالي في النصف الأول من العام الجاري، بصرف النظر عن أن شح السيولة لعب دورًا في ذلك"، لافتة إلى أن "تحصيل الإيرادات كان قوياً، بالتوازي مع التعافي من جائحة كورنا، في حين يبدو أن نفقات الأجور تقترب من المستويات المدرجة في الميزانية لسنة 2022"، مرجحة أن "يتم احتواؤها على المدى المتوسط ​​نتيجة للاتفاق المبرم مع الاتحاد العام التونسي للشغل".

فيتش رايتينغ: الاتفاق المعلن عنه بين الحكومة واتحاد الشغل في تونس حول الزيادة في الأجور سيزيل عقبة رئيسية أمام توصل تونس لاتفاق مع صندوق النقد الدولي

وذكرت فيتش رايتينغ بأن "الحكومة التونسية كانت قد أعلنت عن عجز في الميزانية قدره 471 مليون دينار تونسي في النصف الأول من العام الجاري ، أي ما يعادل 0.3٪ من توقعات الوكالة للناتج المحلي الإجمالي للعام بأكمله لسنة 2022"، مشيرة إلى أن ذلك "يتناقض مع توقعاتها بأن يصل العجز العام إلى 8.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، بينما هدف الحكومة الأصلي للعجز يصل إلى 6.7٪، والذي تم تحقيقه قبل اندلاع حرب أوكرانيا التي أدت إلى ارتفاع تكاليف دعم الغذاء والمحروقات"، وفق ما جاء في البيان.

وتابعت: "ومع ذلك، فإن بيانات النصف الأول من سنة 2022 لا تأخذ بعين الاعتبار تأخر الحكومة في دفع تعويضات لبعض المؤسسات العمومية المسؤولة عن تقديم المنتجات المدعّمة، والتي من شأنها أن تضيف ما لا يقل عن 1.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي إلى رقم العجز في النصف الأول من العام الجاري"، حسب تقديرها.

وذكرت أن التأخير في دفع مستحقات الدعم يأتي في أعقاب ارتفاع مفاجئ في تكلفة الدعم، وهو يعكس انخفاض السيولة الوقائية في تونس وخيارات التمويل المحدودة.

فيتش رايتينغ: الارتفاع في النفقات في النصف الثاني من سنة 2022 سيعمق العجز المالي بشكل أوسع بكثير في نهاية العام

وأشارت الوكالة الدولية إلى أن ديوان الحبوب، المسؤول عن شراء المنتجات الغذائية في الأسواق الدولية وتوزيعها بأسعار منخفضة في تونس، لم يتلق تحويلات جديدة من الحكومة لتغطية تكاليف الدعم بين مارس/آذار وجوان/يونيو ولجأ إلى الاقتراض من البنوك العامة بضمان حكومي". ولفتت إلى أن الإنفاق خارج الميزانية العمومية على المنتجات الأساسية (معظمها من الحبوب) بلغ أكثر من مليار دينار تونسي في الربع الثاني من سنة 2022، أي حوالي 0.7٪ من الناتج المحلي الإجمالي"، مستدركة أنه قد "تمت تسوية متأخرات السداد من الحكومة في أوت/أغسطس بمساعدة قروض مخصصة من البنك الدولي ومؤسسات أخرى"، وفق نص البيان.

كما ذكرت وكالة فيتش رايتينغ أن الحكومة أجلت بعض مدفوعات تعويضات الدعم للشركة التونسية للكهرباء والغاز، مشيرة إلى أن "المتأخرات المتراكمة خلال الربع الثاني من سنة 2022 ناهزت ما لا يقل عن 800 مليون دينار تونسي، أو 0.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي"، وفقها.

وتوقعت الوكالة الدولية أن يعادل إجمالي الإنفاق على الدعم في عام 2022 لـ 8.2٪ من إجمالي الناتج المحلي، مقارنة بـ 1.5٪ المعلن عنها في جوان/يونيو للنصف الأول من سنة 2022"، مردفًا أن "الارتفاع في النفقات في النصف الثاني من العام الجاري سيعمق العجز المالي بشكل أوسع بكثير في نهاية العام". 

فيتش رايتينغ: مزيد تأخر تونس في تنفيذ الإصلاحات وفي التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي قد يدفعه لمطالبتها بإعادة هيكلة ديونها

كما توقعت الوكالة أن تستمر تونس في الاستفادة من الدعم الدولي، وأن تتمكن من تأمين اتفاق مع صندوق النقد الدولي في النصف الثاني من سنة 2022، مما سيفتح الباب أمام تمويل إضافي من الدائنين الرسميين في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول"، حسب تصورها.

واستدركت القول إن "المزيد من التأخير في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي أو في تنفيذ الإصلاحات من شأنه أن يتسبب في مزيد من التدهور في مقاييس القدرة على تحمل الديون في تونس، ما قد يدفع صندوق النقد الدولي إلى مطالبة تونس بإعادة هيكلة ديونها"، خالصة إلى أن "الدلائل التي تشير إلى أن التخلف عن السداد أصبح أكثر احتمالية قد تؤدي إلى خفض التصنيف الائتماني لتونس إلى "CCC"، وفق ما جاء في البيان ذاته.

وكان المتحدث الرسمي باسم الحكومة التونسية نصر الدين النصيبي قد قال، الجمعة 16 سبتمبر/أيلول 2022، إن تونس تأمل في التوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي قبل نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول 2022، وفق ما نقلت وكالة رويترز، وذلك بعد الوصول لاتفاق مع المنظمة الشغيلة في تونس (الاتحاد العام التونسي للشغل)، يتعلق بترفيع الأجور في القطاع العام والوظيفة العمومية.

وكانت قد وقعت الحكومة التونسية والاتحاد العام التونسي للشغل، مساء الخميس 15 سبتمبر/أيلول الجاري، اتفاقاً بشأن زيادة أجور القطاع العام بواقع 5%. وهذه تفاصيل الاتفاق بين الحكومة واتحاد الشغل كاملًا.

في المقابل لم تعلن الحكومة التونسية واتحاد الشغل عن أي اتفاق آخر بشأن ما يٌعرف بـ"الإصلاحات الاقتصادية" المطلوبة للحصول على حزمة إنقاذ مالي من صندوق النقد الدولي.

وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة نصر الدين النصيبي، في سياق متصل، "فريق التفاوض التونسي كان على اتصال طيلة يوم الخميس مع صندوق النقد الدولي بخصوص البنود الأخيرة للاتفاق مع الصندوق".

وأبلغ راديو إكسبريس المحلي "نأمل التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد قبل نهاية أكتوبر/تشرين الأول حتى تتمكن تونس من الوفاء بجميع التزاماتها بما في ذلك توفير السلع الغذائية ومنتجات الطاقة ودفع الأجور وخدمة الدين".

يُذكر أن تونس تعيش وضعًا ماليًا واقتصاديًا صعبًا جدًا مع ارتفاع في معدلات التضخم وغياب عديد السلع الغذائية والأساسية من الأسواق، واستياء شعبي من ذلك. بينما يطالب المانحون الأجانب وصندوق النقد الدولي بخفض/إلغاء الدعم الموجه لعدة مواد استهلاكية وإعادة هيكلة الشركات العمومية والضغط على كتلة أجور القطاع العام.