20-أغسطس-2021

العملة يشتكون من فقدان أجورهم وغياب التغطية الاجتماعية (فيسبوك)

 

تعود الاحتجاجات الاجتماعية مجددًا إلى الشوارع في مدينة سيدي بوعلي من ولاية سوسة وذلك بحرق العجلات المطاطية وإغلاق الطريق الوطنية عدد 1 التي تعتبر الشريان الرئيسي لحركة النقل وطنيًا.

المئات من عملة مصنع "ألبان سيدي بوعلي" المتمركز بالجهة أشعلوا الاحتجاجات بعد أن وجدوا أنفسهم في صراع مع المالكين الأصليين من جهة، وسلطة الإشراف من جهة أخرى، لفترة ناهزت الثلاث سنوات بعد غلق المصنع وتوقف عملية الإنتاج.

إدارة مصنع ألبان سيدي بوعلي أعلنت منذ 2018 عن أزمة مالية استدعت تسريح عدد من العملة لتتعطل ديمومتها اقتصاديًا وينهار الإنتاج مما تسبب في أزمة اجتماعية خانقة لزهاء 550 عاملًا

مصنع ألبان سيدي بوعلي وحدة صناعية ضخمة بالجهة وهي شركة خفية الاسم تأسست في فيفري/ شباط 1974 وطرحت أسهمها بالبورصة التونسية وتساهم في الإنتاج الوطني للحليب ومشتقاته وتملك طاقة تصديرية ضخمة، كما أنّها من الشركات التي تساهم في رأسمالها بنوك تونسية لا تزال تحافظ على حصصها.

منذ سنة 2018، أعلنت إدارة الشركة عن أزمة مالية استدعت تسريح عدد من العملة لتتعطل ديمومتها اقتصاديًا وينهار الإنتاج مما تسبب في أزمة اجتماعية خانقة لزهاء 550 عاملًا، الأمر الذي نتجت عنه تحركات عمالية واسعة عن طريق نقابة العملة تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل وبإشراف من مكتبه الجهوي بسوسة.

من احتجاجات عمال مصنع ألبان سيدي بوعلي (فيسبوك)

وقد تزامنت أزمة شركة الألبان الصناعية بسيدي بوعلي منذ تلك الفترة مع أزمات مماثلة في مصنع ستيب بسيدي الهاني ثم مصنع المعامل الآلية بالساحل الذي لا يزال مغلقًا إلى اليوم، وهذا ما زاد الاعتقاد بأن إفلاس هذه الشركات الضخمة كان برغبة من مالكيها نتيجة خيارات استثمارية خاصة.

وقال علي كحلون عضو النقابة الأساسية لمصنع ألبان سيدي بوعلي في تصريح لـ"الترا تونس"، بعد يومين من الاحتجاجات المتتالية في سيدي بوعلي: "إن هذه الاحتجاجات هي نتيجة تراكمات سنوات من النضال من أجل إعادة المصنع لسابق عهده، ونحن كعملة متشبثون بمطالبنا وبضرورة إجبار المساهمين على استئناف المصنع لنشاطه الإنتاجي".

وأضاف كحلون: "نحن اليوم نقف هنا بعد أن أغلقنا الطريق الوطنية وكنا قد نفّذنا وقفات احتجاجية مماثلة في 2019 وذلك لشد انتباه سلطات الإشراف وإشعارهم بعمق الأزمة التي نعاني منها، غير أن كل هذه التحركات تقابل بالتجاهل التام ودون طرح الحلول الجدية التي تخرجنا من المأزق".

عضو النقابة الأساسية لمصنع ألبان سيدي بوعلي لـ"الترا تونس": الحل الأول هو استعادة الدولة لأسهمها في الشركة، أما الحل الثاني فهو تمكين مستثمر قادر على استعادة المصنع لنشاطه وضخ الأموال اللازمة مع المحافظة على الموارد البشرية

وأضاف: "لقد اشتعلت الاحتجاجات بعد جلسة تفاوضية منذ ثلاثة أيام في مقر وزارة الصناعة وبحضور ممثلين عن المركزية النقابية والمكتب الجهوي للاتحاد بسوسة، غير أن الجلسة التفاوضية باءت بالفشل ولم تأت بأي جديد".

ويذكر أن الاتحاد الجهوي للشغل بسوسة قد تبنى قضية عمال شركة ألبان سيدي بوعلي منذ اندلاع الأزمة وقد هدد بإضراب عام جهوي بالشراكة مع منظمات وطنية أخرى من أجل حلحلة عدة إشكالات تنموية بالجهة من بينها وضعية مصنع سيدي بوعلي.

اقرأ/ي أيضًا: عمال من شركة الحليب بمنوبة يقررون الاحتجاج أمام قصر قرطاج

ويشار إلى أن مسألة إفلاس المصنع تتعهد بها إحدى محاكم سوسة خاصة وأن حجم الديون قد تراكم مع دائنين من مزودين وغيرهم، كما أن العملة فقدوا أجورهم وظلوا دون تغطية اجتماعية، كما تم قطع الماء والكهرباء لعدم الخلاص.

 ومنذ سنة 2018، تمت إحالة عدد كبير من العملة على البطالة التقنية مقابل 70% من الأجر، ثم تم التخلي عن خلاص العملة بالكامل بما في ذلك المنح.

من احتجاجات عمال مصنع ألبان سيدي بوعلي (فيسبوك)

وتذكر تقارير إنتاجية للشركة أن "المصنع كان ينتج قبل سنة 2006 قرابة 300 ألف لتر حليب يوميًا، ويصل خلال فترة الذروة في شهري مارس/ آذار وأفريل/ نيسان إلى حدود 400 ألف لتر. وذلك قبل أن تتدهور الأوضاع خلال السنوات الأخيرة 2015 – 2016  ليصل رقم الإنتاج إلى حدود 30 ألف لتر يوميًا".

وخلال حوارنا مع عضو النقابة الأساسية علي كحلون أكد أنّ "من الحلول التي طرحناها بجدية هي استعادة الدولة لأسهمها في الشركة، ونحن مؤمنون بقدرتها الإنتاجية، أما الحل الثاني فهو الدفع نحو تمكين مستثمر قادر على استعادة المصنع لنشاطه وضخ الأموال اللازمة والمحافظة على الموارد البشرية المسيّرة له".

ويذكر أنه في سنة 1997 تم التفويت في مصنع ألبان سيدي بوعلي من الدولة لمستثمرين خواص وأبقت على حصتها بنسبة 15% (أسهم البنك الفلاحي) وذلك إثر خسائر ضخمة بسبب اختلال السوق وعدم تسويق الإنتاج داخليًا وخارجيًا.

الكاتب العام الجهوي لاتحاد الشغل بسوسة لـ"الترا تونس": سوسة تشهد في السنوات الأخيرة أزمة اقتصادية دفعت العديد من أرباب العمل إلى الامتناع عن تسديد أجور العمال وإغلاق العديد من المؤسسات

إن أزمة شركة ألبان سيدي بوعلي تعكس صعوبات المؤسسات الاقتصادية السنوات الأخيرة والتي تعيش شبح الإفلاس وذلك بسبب الظرف الاقتصادي الذي تمر به البلاد والأزمات المالية العاصفة مما دفع بآلاف العمال نحو البطالة القسرية، وما زاد الوضع تأزمًا عجز الصناديق الاجتماعية وتراكم ديونها، الأمر الذي أضرّ الطبقات الاجتماعية الوسطى.

وصرّح الكاتب العام الجهوي لاتحاد الشغل بسوسة قاسم الزمني لـ"الترا تونس" أن "جهة سوسة تشهد في السنوات الأخيرة أزمة اقتصادية على مستوى المؤسسات الصناعية دفعت العديد من أرباب العمل إلى الامتناع عن تسديد أجور العمال وإغلاق العديد من المؤسسات شملت قطاعات مثل التعدين (شركة المعامل الآلية بالساحل) وشركة حليب تونس سيدي بوعلي، وشركة تاف تونس، وعليه فإن الاتحاد العام التونسي للشغل يتمسك بالدور الاقتصادي والاجتماعي للدولة بتخصيص اعتمادات لإنقاذ هذه المؤسسات وعدم التعامل مع مثل هذه المؤسسات بمنطق ربحي فقط ورسم خطة لإنقاذ وضع تضررت منه فئات هشة".

من احتجاجات عمال مصنع ألبان سيدي بوعلي (فيسبوك)

 

اقرأ/ي أيضًا:

معهد الإحصاء: تراجع عدد المشتغلين بـ21.9 ألفًا خلال الثلاثي الثاني لسنة 2021

غلق المؤسسات الخاصة في تونس.. عمال مطرودون في مواجهة التشرد والبطالة