06-أغسطس-2018

إعادة افتتاح دار الثقافة ابن خلدون بعد ترميمها مع المحافظة على هندستها (قيس المتهمم)

نهج ابن خلدون بالعاصمة تونس هو تفريعة صاخبة عن شارع الحبيب بورقيبة بمقاهيه وباراته ومطاعمه، لكنه أيضًا نهج الثقافة والفنون بامتياز. فلا أعتقد أن مثقفًا تونسيًا أو عربيًا أو إفريقيًا أو أجنبيًا لم تطأ قدماه هذا المكان العجيب متوجهًا لإحدى قاعات السينما الموجودة بالنهج أو قاصدًا دار الثقافة ابن خلدون، إحدى أعرق المؤسسات الثقافية بتونس.

هذه الدار أعيد افتتاحها مساء الجمعة 3 أوت/ آب 2018، بعد مدة غلق دامت ما يناهز الثلاث سنوات رممت خلالها بالكامل، مع المحافظة على هندستها الإيطالية الفاخرة حيث لم تتغير الدار في مستوى جمالية واجهاتها ومكوناتها المعمارية الداخلية بل تجمّلت وتزيّنت.

تعتبر دار الثقافة المغاربية ابن خلدون من أعرق دور الثقافة في البلاد التونسية فقد عايشت عن كثب أغلب الأحداث الثقافية في البلاد كما تتميز بهندسة إيطالية فاخرة

وقد أفاد وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين في الكلمة التي ألقاها خلال حفل الافتتاح، الذي حضرته العديد من الوجوه الثقافية من مختلف الاختصاصات، أن تكاليف الترميم قد قدرت بما يناهز 1,983 مليون دينار وذلك من أجل إعادة ألق هذه المؤسسة الثقافية التي لها فضل كبير على الثقافة التونسية منذ بداية ستينيات القرن الماضي إلى الآن وجعلها في حلة تتناسب واللحظة التاريخية التي تعيشها تونس.

اقرأ/ي أيضًا: رسم مائة شخصية في تاريخ تونس.. مشروع وطني بريشة شباب مبدع

[[{"fid":"100936","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":333,"width":500,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

أعيد افتتاح دار الثقافة ابن خلدون بعد 3 سنوات من الغلق (قيس المتهمم)

وأشار إلى أن وزارته تدخلت أيضًا لترميم 48 فضاء ثقافي بكامل مدن الجمهورية معتبرًا أن هذه التدخلات هي بمثابة إعادة الاعتبار للثقافة والمثقفين. وأضاف أنها تقوم على مبدإ أساسي ودستوري وهو لامركزية الفعل الثقافي مؤكدًا أن سنة 2019 ستكون السنة الوطنية لصيانة المؤسسات الثقافية.

هذا وتعتبر دار الثقافة ابن خلدون من أعرق الدور في البلاد التونسية فقد عايشت عن كثب بحكم موقعها الجغرافي بالعاصمة تونس أغلب الأحداث الثقافية وكانت شريكة فاعلة فيها مثل أيام قرطاج السينمائية والمسرحية والمعرض السنوي لاتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين وأنشطة معرض تونس الدولي للكتاب، فضلًا عن الندوات واللقاءات الفكرية والفنية الوطنية والدولية. كما تحتوي الدار على مقرات لجمعيات مدنية نذكر منها جمعية النهوض بالنقد السينمائي.

وقد زار دار الثقافة ابن خلدون أغلب المثقفين والفنانين السينمائيين والمسرحيين العرب والأجانب في إطار أنشطتها الثقافية والفنية.

اقرأ/ي أيضًا: "أوسّو نحّيلي الداء الي نحسّو": مهرجان"أوسّو" شاهد على المخيال الشعبي

[[{"fid":"100937","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"2":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":333,"width":500,"class":"media-element file-default","data-delta":"2"}}]]

حضرت افتتاح دار الثقافة ابن خلدون عديد الوجوه الثقافية في تونس (قيس المتهمم)

أما التونسيون فكلهم تقريبًا مروا من هذا الدرب، الشاعر محمد الصغير أولاد أحمد، المفكر هشام جعيط ، الروائي حسن نصر، السينمائي النوري بوزيد، المسرحي محمد إدريس، الناقد توفيق بكار..

وقد تداولت على إدارة الدار أسماء كانت لها بصمتها الخاصة ولها تصوراتها الثقافية المتميزة انطلاقًا من مديرها المؤسس محيي الدين القليبي مرورًا بالكاتب والممثل سمير العيادي والصحفي والمترجم محمد رضا الكافي والسينمائي منير فلاح والمسرحي منير العرقي.

مديرة دار الثقافة المغاربية ابن خلدون لـ"الترا تونس": مسؤولية الدار ليست بالهينة وتتطلب تصورات وبرامج عمل استثنائية تليق بعراقتها وإرثها الراسخ في ذاكرة المثقفين التونسيين

وأكدت مديرة دار الثقافة المغاربية ابن خلدون بختة الوسلاتي، في تصريح لـ"الترا تونس"، أن هذه المؤسسة لها تاريخ ثقافي وسياسي طويل فهي شاهد أساسي على آلاف الأنشطة الثقافية منذ تأسيسها سنة 1962 إلى اليوم، إضافة إلى أنها ومنذ 1993 أصبحت ذات خصوصية وهي البعد المغاربي لأنشطتها، وبالتالي فإن مسؤوليتها ليست بالهينة وتتطلب تصورات وبرامج عمل استثنائية تليق بعراقة الدار وإرثها الراسخ في ذاكرة المثقفين التونسيين، وفق تصريحاتها.

كما حضر الافتتاح المؤرخ وباحث الآثار التونسي محمد حسين فنطر، الذي أكد لـ"الترا تونس" أن مقر دار الثقافة ابن خلدون بات معلمًا أثريًا لابد من الحفاظ عليه وصيانته فهو بني بداية عشرينيات القرن الماضي وافتتح تقريبًا سنة 1926. وأضاف أنه بني من قبل الجالية الإيطالية لأغراض دينية في البداية لكنها تحولت إلى ثقافية، مشيرًا إلى جمال وعمق لوحة الفسيفساء الرخامية التي تتوسط البهو السفلي لدار ابن خلدون. وبيّن دقة صنعتها وجودة رخامها ودفاعها عن الفنون والآداب والفلسفة باعتبارها غلالًا يانعة في شجرة الحياة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مهرجان قرطاج الدولي.. السّياق التاريخي ومراكمة الذاكرة الثقافية

مسرح السيليوم بالقصرين.. حينما يولد الأمل من خاصرة العدم