09-مايو-2018

تعتقد العبيدي أن المرأة الحقيقية تجمع بين الأنوثة والقوة الجسدية

فتاة أنيقة رشيقة تمشي في الشارع مرحًا، حتى اعترضها 4 فتيان سلبوها هاتفها الجوال وكالوا لها وابلًا من الشتائم وسط صمتها وعجزها عن الثأر لنفسها. هذا ليس مشهدًا من فيلم أو ومضة إشهارية لمناهضة العنف ضد المرأة، بل هي حادثة حقيقية تعرّضت لها الشابة فدوى العبيدي التي قررت منذ ذلك اليوم أن تمارس رياضة بناء الأجسام حتى تكون قادرة على الدفاع عن نفسها، كما تحدثت لـ"الترا تونس".

تقول فدوى العبيدي، التي أصبحت تمتلك عضلات بارزة، إنّ الحادثة التي تعرّضت إليها قبل سنتين مثّلت لحظة مفصلية في حياتها بعد اتخاذها قرارًا بممارسة رياضة بناء الأجسام التي ستحدث تغييرات على مستوى بنيتها الجسدية. وتضيف العبيدي، في حديثها مع "الترا تونس"، أنّ لحظات الضعف التي عاشتها وهي تتعرض للسطو والعنف اللفظي خلّفت لديها يقينًا بأن العضلات البارزة والأجسام القوية ليست حكرًا على الذكور بل هي حماية للإناث من المخاطر التي قد تعترضهن في حياتهن اليومية.

الفتاة التي آمنت برغبتها في أن تكون ذات جسد قوي قرّرت أن تخوض تحدّيًا ضدّ نفسها وتحدّيًا ثانيًا ضدّ المجتمع ونظرته

الفتاة التي آمنت برغبتها في أن تكون ذات جسد قوي قرّرت أن تخوض تحدّيًا ضدّ نفسها وهي المولعة بجسدها الرشيق وشديدة الاهتمام بصيحات الموضة، وتحدّيًا ثانيًا ضدّ المجتمع الذي مازال يعتقد في اقتصار رياضة بناء الأجسام على الذكور فقط. وفي رياضة لا تغوي الإناث كثيرًا، وجدت فدوى العبيدي لنفسها موطئ قدم في قاعة رياضة يهيمن عليها الطابع الذكوري وحملت الأوزان الثقيلة وتحمّلت عبء الإجهاد في التمارين في سبيل رغبتها.

[[{"fid":"99807","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"1":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":272,"width":500,"class":"media-element file-default","data-delta":"1"}}]]

العبيدي قرّرت أن تخوض تحدّيًا ضدّ نفسها وضدّ المجتمع (فيسبوك)

اقرأ/ي أيضًا: بطولة شاب قهر مرضه النّادر بـ"كمال الأجسام"

وعن سبب اختيارها لهذه الرياضة دون غيرها، تشير العبيدي إلى أنها كانت تعاني من عدم ثقة في النفس وتعجز عن الدفاع عن نفسها كلما تعرّضت إلى عملية سلب من قبل بعض المنحرفين ورأت في بناء عضلاتها وتقوية جسدها متنفسًا وفرصة لإثبات ذاتها. وتتمرّن الفتاة، التي تبلغ من العمر 23 سنة وتدرس بالسنة الثالثة في التعليم العالي، منذ سنتين اتسمتا في بدايتهما بعدم المواظبة على التمارين، لكن منذ ما يقارب الـ9 أشهر لم يعد بناء الأجسام مجرّد هواية بالنسبة لفدوى، التي تعقد العزم على المشاركة في مسابقات عالمية.

وتؤكّد أنها لن تتخلى عن طموحها في أن تحترف رياضة بناء الأجسام من خلال المشاركة في مسابقات عالمية على اعتبار أنه لا توجد مسابقات للفتيات في تونس، مشيرة إلى أنّ المسألة تتطلب إمكانيات مادية وجسدية ستعمل على توفيرها بالتوازي مع دراستها.

يا "وحش"..  يا "تايزن" .. "بدنها كيف الراجل".. كلمات تسمعها فدوى العبيدي (شابة تونسية) يوميًا حتى صارت تحفظها عن ظهر قلب

تمضي فدوى يومها بين دراستها في مجال "الالكترونيك" والتربص والتمرين في قاعة الرياضة التي ترتادها 6 أيام في الأسبوع مساء أو في الصباح الباكر. وبعد التزامها بنظام غذائي وانتظام مواعيد تمارينها تمكّنت من اكتساب وزن زائد بصفة طبيعية ودون أي مكمّلات، وفق روايتها لـ"الترا تونس".

عندما تراها لأول مرة تبدو لك كنجمات الإعلانات بوجهها المرتّب وأحمر شفاهها الداكن لكن لا تلبث أن تشدّك عضلات ساعديها البارزة كعضلات رياضيي ألعاب القوة ورافعي الأثقال. وهي اختارت أن تبرز عضلات صدرها وساعديها على حساب عضلاتها السفلى وتقول إن الامر يتطلّب سنوات كي تبلغ المستوى البدني الذي تطمح إليه.

[[{"fid":"99808","view_mode":"default","fields":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false},"type":"media","field_deltas":{"2":{"format":"default","field_file_image_alt_text[und][0][value]":false,"field_file_image_title_text[und][0][value]":false}},"link_text":null,"attributes":{"height":248,"width":500,"class":"media-element file-default","data-delta":"2"}}]]

تواجه فدوى العبيدي السخرية يوميًا لكنها تتمسك بخياراتها (فيسبوك)

اقرأ/ي أيضًا: الـ"بلوغينغ".. صيحة رياضية جديدة في تونس

الانتقادات والسخرية التي تتعرّض لها يوميًا لم تثن فدوى العبيدي عن المضي قدمًا في التمرينات التي أعادت إليها ثقتها في نفسها وفي قدرتها على مواجهة الآخر. يا "وحش"، يا "تايزن"، "بدنها كيف الراجل"، كلمات تسمعها الفتاة يوميًا حتى صارت تحفظها عن ظهر قلب ولكنها لا تلقي لها بالًا، وتواصل تمريناتها لتحصل على جسد يميزها عن الآخرين ويخطّ عنوان اختلافها.

إصرار صاحبة العضلات على مواصلة تمارينها الرياضية واكتساب المزيد من العضلات لم يثنها عن التزين وارتداء فساتين وتنانير وكعب عال في رسالة صارخة تقطع مع الاعتقاد السائد بأن رياضة كمال الأجسام والأنوثة خطان متوازيان لا يلتقيان. وتؤمن فدى العبيدي أن المرأة الحقيقة هي التي تجمع في شخصيتها بين الأنوثة والقوة الجسدية وترى أن عضلاتها البارزة تزيد إطلالتها جاذبية.

وتعتبر أنه من الخطأ الاعتقاد بأن بناء العضلات يجعل من الأنثى شبيهة بالذكر بل على العكس هي فرصة لإثبات أن المرأة والرجل يقفان على قدم المساواة حتى في ممارسة الرياضة.

فدوى العبيدي تؤكّد بإصرارها على مواصلة ممارسة رياضة بناء الأجسام أن الأنوثة صرح لا يهوي بمجرّد امتلاك عضلات بارزة وأن نظرتها لنفسها واقتناعها بما تفعله يجعلانها تتجاهل كل عبارات السخرية التي تتلقاها يوميًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

أنس جابر.. لاعبة التنس التونسية التي بلغت العالمية

نورس الخلصي.. تحدي تونسية في عالم الكيك بوكسينغ