"علوش En ligne".. الأضحية في تونس بين الأصالة والرقمنة
5 يونيو 2025
تخيّل أنك بلمسة زر من بيتك تستطيع أن تتجوّل وسط "رحبة الأضاحي". لا ضجيج ولا أجواء مشحونة، فقط خراف مصوّرة من كل الزوايا، ببيانات دقيقة، وخدمة توصيل مجانية.
قد تبدو لك الفكرة غريبة، ولكنّها أصبحت واقعًا يعيشه عدد متزايد من التونسيين، بفضل بعض التجارب لبيع الخرفان عن بعد، سواء عن طريق تيك توك أو فيسبوك أو عبر مواقع إلكترونية مختصّة.
ولكن الأمر محلّ خلاف بين التونسيين، فيما يرى البعض أن شراء الأضاحي عبر الأنترنت هو "حل عصري يواكب تطور الحياة"، يراه آخرون "انحرافًا عن جوهر العبادة وروحها الأصيلة" فهم لا يستطيعون عيش متعة عيد الأضحى إلّا باللقاءات المباشرة مع المربّين والمفاوضات في الأسعار وتقليب الخرفان.
"الترا تونس" رصد بعض الآراء في علاقة بهذا الموضوع، تفاصيلها في التقرير التالي.
أصبح شراء أضحية العيد عبر الأنترنت واقعًا يعيشه عدد متزايد من التونسيين.. إلا أن الأمر لا يزال محلّ خلاف بين من يرى أنه "حل عصري يواكب تطور الحياة" ومن يعتبره "انحرافًا عن جوهر العبادة وروحها الأصيلة"
يبرز اسم حامد الغربي، رجل في الأربعين من عمره، كواحد من الوجوه الجديدة التي تحمل رؤية مبتكرة للفلاحة التونسية. انطلق من خلفية علمية متينة في مجال البيولوجيا والبيو تكنولوجيا، وأسّس مشروع "مزارع مريم" في منطقتي سيدي ثابت وطبربة، جمع فيها بين الزراعة الكبرى، كغراسة الزيتون، وتربية المواشي، وإنتاج العسل.
تحدّث الغربي عن فكرة المشروع لـ"الترا تونس": "عادةً ما يلتجئ المستهلك التونسي إلى الوسيط لشراء جلّ المنتجات الفلاحيّة، لذلك أردنا كسر هذه السلسلة لنقوم بإيصال المنتوج من الفلاح للمواطن مباشرة".
من هذا المنطلق، أطلق وفريقه منصة إلكترونية لبيع المنتجات، بدأت بالعسل، ثم توسعت للخضروات والماشية، مع إصرار كبير على الجودة والشفافية، وفق تأكيده.

ويعترف حامد بأن "ثقافة الشراء أونلاين مازالت لم تترسّخ بعد عند التونسي، فالخوف من الغشّ بقي حاجزًا بينه وبين الشراء عبر الأنترنت"، لكنه يؤمن في المقابل بأن هذه الثقافة قابلة للتغيير تدريجيًا وأنّ المصداقية هي المفتاح، وفقه.
واحدة من أبرز التجارب التي خاضها كانت تسويق "علوش العيد" عن بعد، وهي مغامرة يصفها بـ"الصعبة جدًّا"، نظراً لرفض شريحة من المواطنين شراء علوش دون معاينة. لكنّه أوجد الآليات المناسبة لجعل المستهلك يعيش تجربة حقيقيّة وذلك من خلال تصوير شامل للخروف، وعرض مقاييسه، ولونه، ووزنه، وكل تفاصيله الدقيقة.
لعل أبرز ما ميّز المبادرة هو تفهمها لفئة من التونسيين الذين يرفضون التنقل للرحبة نظرًا لأنّها موضع تجمّع لأصناف مختلفة من الناس، من المثقّف وصولاً للمختلسين واللصوص، لذلك تتحرج بعض النسوة عند الذهاب إلى هناك، وفق محدّثنا، الذي يضيف بقوله: "الرحبة ما تساعدش النساء، تمشي وتلقى كل أنواع العباد، أما معانا تنجم تختار وهي مرتاحة، وحدها أو مع العائلة، وتتفرّج في العلالش أونلاين مما يخلق أجواء ممتعة في البيت".
صاحب مشروع لـ"الترا تونس": تجربة تسويق "علوش العيد" عن بعد كانت صعبة جدًّا نظراً لرفض شريحة من التونسيين اقتناء الأضحية دون معاينتها بصفة مباشرة
ويتابع محدثنا: "استهزأ الناس بالفكرة في البداية وتندّروا، ولكنّ ذلك ساعدنا في الانتشار ومع الوقت أصبحنا وجهة العديد من التونسيين"، هكذا وصف حامد بداياته وها هو اليوم بعد خمس سنوات يتحدّث عن شراء قياسي للأضاحي وارتفاع للزبائن عامًا بعد عام.
وعن الأسعار يؤكّد الغربي: "نحن مربون ولسنا قشارة. أسعارنا معقولة جداً، وأحياناً أقل حتى من أسعار المسوقين. فمثلاً نقدّم "العلوش الخشين" وزنه 50 أو حتى 60 كيلوغرامًا، بأسعار تتراوح بين 1.300 و1.500 دينار، بينما يصل سعره في السوق إلى 1.700 أو 1.800 دينار"، وفقه.
ويشدّد على أنّه "رغم تقلبات الأسعار في الأسواق، فإن الموقع الإلكتروني يحافظ على السعر نفسه دون تغيير على امتداد أيام البيع التي تنطلق قبل شهر من العيد".
يشير صاحب المشروع إلى أن كل الفئات الاجتماعية تتعامل مع خدمة البيع عن بعد، سواء مديرو الأعمال أو العمال والموظفون، وحتى العائلات الفقيرة، بالإضافة إلى أنه يعتبر أنهم "أصبحوا حلقة وصل بين التونسيين المقيمين بالخارج وأهلهم في تونس"، وفقه.

ويقول لـ"الترا تونس": "الكثير من المواطنين بالخارج يشترون الخرفان لأمهاتهم أو أخواتهم، ونحن نقوم بإيصاله. كما أنّ بعض الناس يقومون بالصدقات عبر الموقع ليصل الخروف مباشرة للعائلة المستفيدة بكل سرية واحترام."
ورغم بساطة النموذج، تبقى مرحلة التوصيل هي الأصعب، لما تتطلبه من تنسيق دقيق وانعدام الهامش للخطأ فوفق محدّثنا: "أصعب مرحلة هي التوصيل. لازم كل شيء يكون مضبوط. نوزّع في تونس الكبرى، وكل علوش يمشي لعنوانه دون تأخير"، على حد قوله.
ويروي حامد الغربي موقفاً طريفاً حدث معهم: "كنت أتناقش مع أحد الزبائن الذي تنقّل لمعاينة خروف أعجبه عبر الموقع، فتفاجأنا بشرائه في نفس اللحظة عبر الأنترنت لذلك دائمًا ما أوصي بعمليّة الحجز المسبق لضمان بقاء المنتج".
ويختم صاحب مشروع "مزارع مريم": "من المهم جدًّا التثبّت من الخروف قبل الدفع، ونقوم بالتقييم بعد العيد سواء في علاقة بجودة اللحم والكميات والخدمات".
عبّر شق من التونسيين عن رفض قاطع لفكرة اقتناء الأضحية عبر الأنترنت، معتبرين أن خوض هذه التجربة قد يؤدي إلى الوقوع ضحية "عملية غش" وفقهم
من جهة أخرى التقى "الترا تونس" مع محمد المالكي وهو رجل سبعيني معروف بتمسكه بالعادات والتقاليد الأصيلة، فعبّر بشكل واضح وحازم عن رفضه القاطع لفكرة شراء الأضحية عبر الأنترنت، معتبرًا أن ذلك "مخالف لروح السنة النبوية ومبدأ الأمانة في الذبح"، وفقه.
يقول المالكي بنبرة صارمة: "الأضحية عبادة وليست مجرد عملية شراء لقطعة لحم. فالرسول أوصانا باختيار الأضحية بعناية حتى يكون الكبش حسن الهيئة، سليمًا من العيوب، وأقرن، وهذه المواصفات لا يمكن التأكد منها عبر الصور أو المنصات الإلكترونية. تي علوش تشوفه بعينك، تقلبه وتعاود تشوف، هذا مش قطوس في شكارة".
ويرى المالكي أن "التعامل مع الأضحية يجب أن يكون مباشراً، فيه نية خالصة لله ووعي بالتضحية"، على حد تعبيره، مضيفاً: "أنا لا أقبل أن يختار لي أحد أضحيتي عن بعد، ولا أثق بمن يعدني بأفضل الأضاحي عبر الأنترنت. كيف أثق في شخص لا أعرفه، ولم أر ما يبيعه؟ العلوش لازم يكون قدّامك، تشوفه، تلمسه، وتتأكد من صحته. فشراء الأضحية عبر الأنترنت قد يؤدي إلى الغش، أو أن قد تصلك أضحية مريضة أو ناقصة، وهذا فيه مخالفة شرعية"، حسب تعبيره.
الكلمات المفتاحية

جدل الالتحاق بالمعاهد النموذجية في تونس.. وزارة التربية تتفاعل
سبق أن توجّه عدد من الأولياء في خطوة تصعيدية، إلى المندوبيات الجهوية للتربية للمطالبة بالحصول على أوراق الامتحانات والتحقق من الأعداد المسندة لأبنائهم، في محاولة للكشف عن أي تجاوزات محتملة

كيف تمر بالجمارك في تونس؟ دليل للمغتربين والعائدين
كيف يعمل نظام الجمارك في تونس؟ أبرز الإجراءات والخطوات في هذا المقال عن الديوانة التونسية

قصة خبيب حمدي.. ما لا يُرى بالعين يُدرك بالإرادة
خبيب حمدي لـ"الترا تونس": "هو طريقك مهما ساعدك الناس وساندوك، في الأخير ستجتازه لوحدك ولك القرار. وتكتشف مع الوقت أن حياة كل فرد فينا متقلّبة لا يمكن السيطرة على كلّ تفاصيلها ولا نملك دائمًا رفاهية الاختيار"

وزارة التربية تتعهد باستكمال إدماج الأساتذة والمعلمين النواب سنة 2026
أعلن وزير التربية نور الدين النوري، يوم الاثنين 14 جويلية 2025، عن انطلاق الوزارة في التحضير لإدماج الدفعة الثانية من الأساتذة والمعلمين النواب، وذلك بداية من سنة 2026، مؤكدًا أن الملفات المعنية ستخضع للدراسة خلال الفترة القادمة لضمان التحاقهم بالوظيفة العمومية بصفة رسمية

بعد دعوات لمقاطعة حفل الشاب مامي.. مدير مهرجان الحمامات يرد
أثار إعلان مشاركة الفنان الجزائري الشاب مامي، ضمن فعاليات مهرجان الحمامات الدولي لسنة 2025 موجة من الانتقادات وفي المقابل، دافعت إدارة المهرجان عن خيارها

أنس جابر تتراجع إلى المرتبة 71 عالميًا بعد انسحابها من ويمبلدون
شهد التصنيف العالمي الجديد لرابطة محترفات التنس (WTA)، الصادر يوم الاثنين 14 جويلية 2025، تراجعًا جديدًا للاعبة التونسية أنس جابر، التي خسرت 12 مركزًا لتتراجع إلى المرتبة 71 عالميًا

الرباعي الراعي للحوار الوطني في تونس يرشّح فرانشيسكا ألبانيزي لجائزة نوبل للسلام
فرانشيسكا ألبانيزي هي محامية وخبيرة قانونية دولية إيطالية، تشغل منذ عام 2022 منصب المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة