14-فبراير-2020

توظيف كبير لمواقع التواصل الاجتماعي في الحملات الانتخابية في انتخابات 2019 (Getty)

 

 

أفادت الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات (عتيد)، في تقريرها حول مراقبة الحملات الانتخابية على وسائل التواصل الاجتماعي، أن 40 في المائة من جملة 291 صفحة من صفحات "فيسبوك" في تونس المصنفة "على درجة عالية من الالتزام السياسي" تفتقد للشفافية فيما يخص انتماءها السياسي أو ملكيتها أو فئتها الحقيقية.

وأوضحت أن هذه الصفحات تحظى بمتابعة كبيرة بين 20 ألف ومليون متابع، وانخرطت في تمرير رسائل سياسية قبل بضعة أشهر فقط من الانتخابات وهي التي تقدم نفسها بشكل عام كصفحات ترفيهية أو ساخرة دون الإعلان عن أي توجه أو انتماء سياسي. واعتبرت أن استمرار هذه الصفحات في نشر وترويج المنشورات السياسية هو دليل على وجود على مآرب سياسية واضحة.

عتيد: 40 في المائة من جملة 291 صفحة من صفحات "فيسبوك" في تونس المصنفة "على درجة عالية من الالتزام السياسي" تفتقد للشفافية

وبينت أن صفحات "فيسبوك" التي تفتقد للشفافية فيما يخص انتماءها السياسي أو ملكيتها أو فئتها الحقيقية أنتجت ثلثي المنشورات السياسية دون إعادة نشر من مصادر أو صفحات إعلامية.

وقالت "عتيد" إنه تم رصد تطابق نمطي بين الصفحات في نشرها للمحتوى السياسي مما يشير إلى أن هذه الشبكات يديرها نفس المسؤول أو أن هناك عملًا منسقا بشكل أو بآخر، مع ملاحظة تعبيير بعض هذه الصفحات انتماءها السياسي خلال فترة المراقبة.

كما بيّن التقرير أنّ صفحات "فيسبوك" الرسمية للمترشحين والأحزاب امتثلت في الغالب للقوانين الانتخابية مثل عدم استخدام خطاب الكراهية، واحترام قوانين الانفاق والسقف الانتخابي خلال الحملة، واحترام فترة الصمت الانتخابي.

في المقابل، تجاهلت الصفحات والشبكات غير الرسمية هذه القوانين بنشر منشورات ذات محتوى تشهيري وتضليلي. كما أقدمت على ترويج منشوراتها السياسية من خلال الإشهار خلال فترة حملة الانتخابات التشريعية بل وفي فترة الصمت الانتخابي في خرق واضح لقوانين الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

وأكدت المنظمة أن جزءًا كبيرًا من الحملات السياسية على فيسبوك تمت من قبل أطراف فاعلة غير معلنة لولائها السياسي وبالتالي لم تُكتشف من طرف هيئات المراقبة كالهيئة العليا المستقلة للانتخابات أو الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري. وشملت الحملة الانتخابية الالكترونية علاوة على المحتوى السياسي العادي منشورات سياسية ممولة مما يثير تساؤلات حول هوية من قام بتمويل هذه الحملة الخفية والتي تكون في الغالب سلبية، وفق ما ورد في التقرير.

لاحظ التقرير ضمن ملاحظات الانتخابات الرئاسية تجاهل معظم المترشحين التراتيب الانتخابية على الأقل في جانب واحد خلال فترة الصمت الانتخابي مع استثناء رئيسي مع المترشح قيس سعيّد

وأكد التقرير أنه تم محو قسم كبير من الحملات السياسية مع حذف بعض صفحات "فيسبوك" التي تمت مراقبتها بالكامل، مع إزالة صفحات أخرى جميع محتواها السياسي وعادت إلى فئتها الأصلية السابقة غير السياسية. وقالت إنه في غياب مكتبة إعلانات "فيسبوك" في تونس، يختفي سجل الإعلانات السياسية بما في ذلك حالات التشهير أو التضليل الحاصلة طوال الحملة.

ولاحظ التقرير ضمن الملاحظات المتعلّقة بالانتخابات الرئاسية تجاهل معظم المترشحين التراتيب الانتخابية على الأقل في جانب واحد من خلال الاستمرار في التواصل خلال فترة الصمت الانتخابي، مع استثناء رئيسي مع المترشح قيس سعيّد الذي لم يكن له وجود رسمي على "فيسبوك" أو أي وسيلة تواصل اجتماعي بعدم ضبط شبكات الصفحات التي تعمل لدعم ترشيحه وعدم ملاحظة إعلانات ترويجية لصالحه.

وفيما يتعلّق بالانتخابات التشريعية، لاحظ التقرير أنّ الحملة الانتخابية سلبية في غالبها مبنية على مهاجمة الخصوم السياسيين عوضًا عن تقديم المترشحين أو تقديم البرامج الانتخابية، كما شمل ذلك التضليل والميزوجينية تجاه بعض المترشحات.

كما ذكر في العينة التي قامت الجمعية بمراقبتها أنّ الحملة التشريعية شهدت استخدامًا أوسع للمنشورات المروجة. ولم تبد هذه الفترة نفس العدد المرتفع من الرسائل العادية المجانية (الاستخدام العادي لصفحات الفيسبوك والمنشورات دون استخدام بدائل مدفوعة لترويج المنشورات) مقارنة بالحملة الرئاسية.

هذه توصيات "عتيد"

وضمنت "عتيد" في تقريرها توصيات ذكرت فيها ضرورة أن يوفر "فيسبوك" مكتبة إعلانات مناسبة لتونس على غرار ما يوفره في البلدان الأخرى. ويجب أن تشمل مكتبة الإعلانات سجلًا لجميع المنشورات السياسية المروجة (السابقة والحالية) لكل صفحة مع إمكانية أن يقدم تقريرًا مفصلًا متاًحا للعموم يسمح لأي شخص من "ستكشاف وفلترة وتنزيل بيانات الإعلانات ذات الصلة بالقضايا الاجتماعية والانتخابات والسياسة، والاطلاع على إجمالي المبالغ التي تم إنفاقها، وحجم الإنفاق حسب معلنين محددين وبيانات الإنفاق حسب الموقع الجغرافي.

أكدت الجمعية أن وسائل التواصل الاجتماعي تشهد تطورًا سريعًا وبالتالي يجب أن تكون القوانين المنقحة مرنة بما فيه الكفاية لاستيعاب الاستخدامات الجديدة المحتملة لوسائل التواصل الاجتماعي

وقالت الجمعية إن هذه المعلومات قد تكون ضرورية بالنسبة للهيئة العليا المستقلة للانتخابات ولعموم المواطنين للتمكن من تحديد هوية القائمين على الإعلانات ومعرفة الفئات المستهدفة ومحتويات الرسائل التي يتم نشرها وعدد الأشخاص الذين تصلهم الرسائل وقيمة المبالغ التي يتم إنفاقها على هذه الحملات.

كما أكد التقرير على ضرورة أن يحترم "فيسبوك" القوانين الانتخابية التونسية وخاصة خلال فترة الصمت الانتخابي من خلال رفض ترويج الرسائل السياسية وبذل جهود أكبر لحظر نشر الرسائل السياسية العادية في الصفحات السياسية المصرح بها.

كما دعت "عتيد" إلى مراجعة القانون الانتخابي كي يتسنى للهيئة العليا المستقلة للانتخابات مراجعة وتحديث التراتيب الانتخابية بأن تأخذ بعين الاعتبار حقيقة أن جزءًا كبيرًا من الحملات السياسية تجري على وسائل التواصل الاجتماعي. وقالت إن ذلك ينبغي أن يستند إلى تقييم ما بعد انتخابات 2019 وبناء على الدروس المستفادة خاصة تلك المستسقاة من تجارب الدول الأخرى.

وأكدت الجمعية أن وسائل التواصل الاجتماعي تشهد تطورًا سريعًا وبالتالي يجب أن تكون القوانين المنقحة مرنة بما فيه الكفاية لاستيعاب الاستخدامات الجديدة المحتملة لوسائل التواصل الاجتماعي أو ظهور منصات جديدة للتواصل الاجتماعي على الساحة السياسية.

يُذكر أن "تقرير" عتيد حول مراقبة الحملات الانتخابية على وسائل التواصل الاجتماعي تم اعداده بدعم من المكتب الفيدرالي للشؤون الخارجية الالمانية وبدعم فني من المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

فيسبوك وانتخابات 2019: هل حان وقت دق ناقوس الخطر؟

المتلاعبون بالأرقام..