01-ديسمبر-2017

تتساوى التونسية مع الرجل في مسائل الطلاق (جويل ساجات/أ.ف.ب)

 

عند الحديث عن المرأة في تونس، دائمًا ما ينتقل الحديث إلى مجلة الأحوال الشخصية التي تمثّل دستور المرأة التونسية والضامنة لحقوقها في المجال العائلي، ومنها حق الطلاق. ودائمًا ما يتساءل غير التونسيين، من العرب خاصة، إذا ما كان طلاق الزوجة التونسية سهلًا أم صعبًا، وهل توجد مساواة مع زوجها في مسائل الطلاق أم لا؟

نرصد لكم 5 أمور من المهم معرفتها لتساعدكم على الإجابة.

حق الطلاق مكفول للتونسية لكنه ينقسم إلى ثلاثة أنواع وحسب النوع تختلف الإجراءات المرافقة والطرف الذي يقدم تعويضًا للآخر

1- للتونسية حق الطلاق في كل الأحوال

لا يمكن للزوجة التونسية أن تظلّ حبيسة لزوج لا تريده، فهي تتمتع بحقّ الطلاق في كل الحالات، غير أن حق الطلاق موقوف عمومًا على نوع الطلاق الذي سلكته لحل الرابطة الزوجية. يوجد في تونس 3 أنواع من الطلاق هي الطلاق بالتراضي، وثانيًا الطلاق للضرر بناء على طلب أحد الزوجين بسبب الضرر الصادر من الآخر، وأخيرًا "الطلاق إنشاء" أي بناء على رغبة أحد الزوجين دون موافقة الآخر ودون إثبات ضرر معين.

إن أرادت التونسية أن تتطلّق بالتراضي، فعليها الحصول على موافقة زوجها، ووقتها يقدمان دعوى مشتركة للطلاق أو تقدّم هي دعوى ويؤيدها الزوج. وإن لم يرض الزوج، فيمكنها طلب الطلاق إن كان قد سبب لها ضررًا مثل الاعتداء بالعنف المادي أو اللفظي، أو عدم النفقة، أو العجز الجنسي وغيره من أشكال الضرر، غير أنه يجب على الزوجة أن تثبت هذا الضرر وأن يكون ضررًا جديًّا يقنع القاضي بحق الزوجة في الطلاق. ولو تطلّقت الزوجة بهذه الصّورة، يمكن لها الحصول على تعويض عن الضرر المادي والمعنوي من زوجها.

وإن لم يرض الزوج بالطلاق، ولم يصدر عنه ضرر يمكن إثباته، لا يبقى للزوجة إلا طرق باب الطلاق إنشاء أي أن تعبّر أمام القاضي عن عدم رغبتها في إكمال حياتها مع زوجها، ولا يمكن للقاضي في هذه الحالة إلا أن يستجيب لدعوتها، ولكن عليها دفع تعويض لفائدة زوجها.

اقرأ/ي أيضًا: الطلاق في مصر.. حالة كل 6 دقائق!

2- لا طلاق إلا في المحكمة

لا يكون الطلاق في تونس إلا بقرار قضائي، فمجرّد تلفّظ الزوج بلفظ الطلاق لا أثر له. ويؤدي وجوب المرور بالمحكمة إلى لزوم توكيل محامي واحترام الإجراءات القضائية. وإن يمكن الفصل في الطلاق بالتراضي في وقت معقول، فإن الطلاق للضرر أو إنشاء يأخذ الكثير من الوقت، حيث يجب على الزوجة مثلاً إثبات الضرر وهو ما قد يستوجب سماعًا للشهود أو استحضار خبراء.

ولا يفرّق القانون التونسي بين الزوج والزوجة في الطلاق، ولذلك مثلاً لم يتحدث عن الخلع أو التطليق على غرار عديد القوانين العربية، حيث تحدث عن الطلاق بعرض حالاته الثلاث والتي تشمل الزوجين معاً دون تمييز.

لا يكون الطلاق في تونس إلا بقرار قضائي، فمجرّد تلفّظ الزوج بلفظ الطلاق لا أثر له كما أن القانون التونسي لا يتضمن إمكانية الخلع

3 - قاضي الأسرة والصلح مطلوب

لا يمكن للمحكمة أن تصدر حكمًا بالطّلاق إلا بعد أن يقوم قاضي الأسرة، وهو قاض من الرتبة الثانية أي أنه أتمّ عشر سنوات في القضاء على الأقل، ببذل جهد في محاولة الصلح بين الزوجين، فعلى القاضي محاولة تقريب وجهات النظر بين الزوجين وإقناعهما بمواصلة حياتهما الزوجية. ولا يمكن للقاضي النظر في القضية إلا بحضور الزوجين معًا، فإن قامت الزوجة بالدعوى ولم يحضر الزوج، يؤجل القاضي النظر في القضية ويستعين بمن يراه صالحًا لمعرفة مقر الزوج لاستدعائه.

وإن كان يوجد أبناء، يجب على القاضي عقد 3 جلسات صلحية على الأقل بين كل واحدة والأخرى 30 يومًا، بمعنى مرور 90 يومُا على الأقل في محاولات الصلح، غير أنه في حال كان الطلاق رضائيًا، يمكن للقاضي الاكتفاء بجلسة واحدة. وعمومًا، لا يمكن للمحكمة أن تقضي بالطلاق إلا بعد فترة تأمل تدوم شهرين قبل طور المرافقة، أملًا في أن يراجع الطرفان قرارهما.

اقرأ/ي أيضًا: مغربيات بعد الطلاق.. فخورات بقرارهن

4 - التأخير.. معضلة القضاء التونسي

يعاني القضاء التونسي من مشكل الحجم الكبير للقضايا الذي يبلغ حوالي 4 ملايين قضيّة طلاق يفصل فيها أقل من ألفي قاضٍ في مختلف محاكم البلاد، وهو ما يؤدي لاستطالة مدة الفصل، خاصة في قضايا الطلاق التي تفترض بأصلها جلسات صلحية، إضافة وأنه غالبًا، عدا حالات الطلاق بالتراضي، يلجأ الزوج المدعى عليه للاستئناف ومن ثمّ للتعقيب لمنع الطلاق أو للتقليص من مبلغ التعويض.

5- في النهاية.. عدد مرتفع لقضايا الطلاق

كشفت وزارة العدل التونسية مؤخرًا أنه خلال السنة القضائية 2014/2015 بتت المحاكم في 14892 حالة طلاق أي ما يزيد عن 1248 حكم طلاق في الشهر الواحد و41 حكمًا يوميًا أي ما يفوق 3 حالات طلاق في الساعة الواحدة. ويتصدر الطلاق إنشاء الترتيب بزهاء 7200 قضية، ثم الطلاق بالتراضي بأكثر من 6200 قضية، فيما لا يتجاوز الطلاق بسبب الضرر 1485 قضية.

وتشير الأرقام أن الزوج التونسي هو الأكثر طلبًا للطلاق حيث يقف وراء ثلثي دعاوى الطلاق، فيما تقف التونسيات وراء الثلث المتبقي أي أكثر من 5800 قضية طلاق رفعتها الزوجة ضد زوجها في السنة القضائية المذكورة أعلاه.

ويتبيّن بالنهاية أن القانون التونسي منح الزوجة حقها في الطلاق كالزوج عبر ثلاث حالات محدّدة، غير أنه قبل نيل حكم الطلاق، يجب على الزوجة أن تمرّ عبر إجراءات مطوّلة وجلسات صلحية علّها تراجع موقفها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الطلاق في العراق.. أزمة مستجدة فوق الدم

الطلاق السوري في بلاد اللجوء.. حوادث أم ظاهرة؟