طالبوا بالانتداب المباشر دون المرور بمناظرات.. الدكاترة الباحثون يعتصمون

نفّذ عدد من العاطلين عن العمل من أصحاب الشهائد العليا، ممن تجاوزت مدة بطالتهم عشر سنوات، وقفة احتجاجية يوم الاثنين 11 أوت/أغسطس 2025 بالعاصمة، في خطوة جديدة من سلسلة تحركاتهم للمطالبة بحقهم في التشغيل عبر الانتداب المباشر ودون المرور بمناظرات جديدة.

قال ممثل صوت الدكاترة الباحثين، حمدة كوكة، في تصريح لـ"الترا تونس"، إن تحركات الدكاترة ستتواصل، مؤكدًا: "نحن مرابطون أمام وزارة التعليم العالي ولن نتحرك أو نغادر حتى يتم تحقيق مطالبنا حتى لو كلفنا البقاء هنا أيامًا، نريد انتدابًا استثنائيًا مثل كل القطاعات التي تمت تلبية مطالبها".

وتابع:" عددنا قليل ولن يكلف انتدابنا ميزانية الدولة الكثير، خاصةً وأنها حلت مشاكل قطاعات أخرى في الأشهر الماضية، مثل قطاع التعليم، الذي كانت تكلفة انتدابهم أعلى بكثير من كلفتنا".

ممثل صوت الدكاترة الباحثين لـ"الترا تونس": نحن مرابطون أمام وزارة التعليم العالي ولن نتحرك حتى يتم تحقيق مطالبنا، نريد انتدابًا استثنائيًا مثل كل القطاعات التي تمت تلبية مطالبها

كشف ممثل صوت الدكاترة أن "عدد الدكاترة العاطلين عن العمل في تونس يتراوح بين 6000 و7000 فقط، وهو رقم يقل عن عدد المناصب الشاغرة في الجامعات التونسية"، وفق قوله، مشيرًا إلى أن وزارة التعليم العالي تخفي هذه المعطيات، لأنها تكشف أن المناظرة الوطنية مجمدة دون مبرر حقيقي. واعتبر أن هذه الأزمة "مفتعلة وتغذيها الإدارة العميقة وبعض اللوبيات الجامعية المستفيدة من التمويلات ومن نظام التوظيف القائم على المحسوبية أو الفساد".

وأضاف كوكة أن الرئيس التونسي كان قد اقترح في فيفري/شباط الماضي انتداب 5000 دكتور خلال سنة 2025، و2000 آخرين سنة 2026، بهدف تصفية الرصيد المتراكم من العاطلين عن العمل نتيجة تعليق المناظرة الوطنية لمدة خمس سنوات، على أن يتم بعد ذلك، انطلاقًا من سنة 2030، تنظيم مناظرة سنوية تراعي حاجيات الجامعات.

كما أعرب عن أسفه لما وصفه بـ"نزيف الكفاءات" نحو الخارج، موضحًا أن ثلثي الدكاترة التونسيين غادروا البلاد منذ الثورة، بعد أن تم تكوينهم بأموال الدولة، ليعملوا لاحقًا في تطوير قطاعات الصحة والهندسة والبحث العلمي في دول مثل فرنسا وكندا وألمانيا ودول الخليج.

وتابع أن من بقي في تونس يعيش أوضاعًا مهنية هشة، حيث يشتغل كثيرون منهم بعقود وقتية أو ساعات تدريس محدودة، ويتقاضون أحيانًا ما لا يتجاوز 2000 دينار سنويًا، تُصرف لهم مع تأخيرات كبيرة، وفق تعبيره.

وفي نفس السياق، قالت يسرى ناجي، ممثلة عن أصحاب الشهائد العليا ممن طالت بطالتهم، في تصريح لـ"الترا تونس"، إن "أهم المطالب التي نرفعها هو مطلب الانتداب المباشر دون أي قيد أو شرط، فنحن رافضون رفضًا كليًا للمناظرة، لأننا أبناء الجامعة الوطنية العمومية، وأبناء المناظرات الوطنية، ومن غير المعقول بعد عشرين سنة من البطالة أن نُعاد إلى المناظرة من جديد".

ممثلة عن أصحاب الشهائد العليا ممن طالت بطالتهم لـ"الترا تونس": أهم المطالب التي نرفعها هو مطلب الانتداب المباشر دون أي قيد أو شرط، فنحن رافضون رفضًا كليًا للمناظرة

وأشارت ناجي إلى أن أصحاب الشهائد العليا الذين طالت بطالتهم يعتبرون أن وضعيتهم لا تختلف عن الملفات الاجتماعية التي تمت تسويتها في السنوات الأخيرة، مثل ملف عمال الحضائر والمعلمين والأساتذة النواب، حيث تم إدماجهم دون إخضاعهم لمناظرات. وأضافت: "مادام توجه الدولة هو العدالة الاجتماعية، فإن الأولى اليوم هي فئة من طالت بطالتهم من أصحاب الشهائد العليا، ولا عدالة اجتماعية دون إنصاف هذه الفئة، لأنها ستكون عدالة منقوصة".

وثمّنت المتحدثة جهود الرئاسة التونسية وإشارتها المتكررة لملفهم في أكثر من مناسبة، مؤكدة أن الرئاسة سبق أن تحدثت عن "مقاربة شاملة لتسوية وضعيتهم"، معتبرة ذلك مؤشرًا إيجابيًا. لكنها في المقابل شددت على أهمية الإسراع قائلةً: "نطالب بالسقف الزمني لأنه مهم جدًا بالنسبة لنا، فأقل واحد منا لديه 10 سنوات من البطالة، وحين يتأخر الانتداب يومًا واحدًا، يمرّ عليه وكأنه سنة كاملة، لذا الزمن ليس في صالحنا، ونطالب بأن لا يتجاوز تنفيذ مطالبنا شهر سبتمبر/أيلول 2025، إما عبر تكويننا أو مباشرتنا لوظائفنا".

اقرأ أيضًا: من قابس في اتجاه قصر قرطاج.. مسيرة على الأقدام للمطالبة بالتشغيل

وأوضحت ناجي أن أصحاب الشهائد العليا قاموا بالعديد من الوقفات الاحتجاجية سابقًا، "لكنهم لم يتلقوا أي تفاعل أو رد رسمي من السلطات إلى اليوم، رغم الوضع الاجتماعي الصعب الذي يعيشه أغلبهم، حيث يعيشون تحت خط الفقر، ودون مورد رزق، ولا يملكون دفاتر علاج أو تغطية اجتماعية أو أبسط مقومات العيش الكريم"، وفق قولها.

ولفتت إلى أن طول مدة البطالة وتدهور الظروف المعيشية أدى إلى إصابة بعضهم بأمراض خطيرة، بينما فقد آخرون حياتهم وهم في خضم النضال من أجل حقهم في التشغيل. وأضافت: "هناك زميل لنا كان يتساءل وهو على فراش الموت، قبل يوم واحد فقط من وفاته، هل سأشهد اليوم الذي يتم فيه انتدابي وأظفر بالعمل الذي أستحقه بعد سنوات من النضال والانتظار، لكنه توفي قبل أن يرى ذلك اليوم".

ودعا المحتجون السلطات إلى إصدار أمر رئاسي أو قانون من البرلمان يضمن تشغيلهم، مع مراعاة عامل السن وطول مدة البطالة، مؤكدين أنهم سيواصلون تحركاتهم الميدانية حتى تتم الاستجابة لمطالبهم بشكل ملموس.

وكان وزير التعليم العالي والبحث العلمي، منذر بلعيد، قد صرّح يوم الاثنين 7 جويلية/يوليو 2025، بأن الوزارة شرعت منذ عدة أشهر في حصر احتياجات المؤسسات الجامعية ومراكز البحث العمومية من أساتذة التعليم العالي، تمهيدًا لفتح باب الانتداب. وأوضح أن معالجة هذا الملف لن تتم إلا على مراحل، ومن خلال المناظرة، بحسب تعبيره.