06-يونيو-2022
احتجاجات أمام محكمة بتونس

(صورة أرشيفية لوقفة احتجاجية بتونس رفضًا لحل المجلس الأعلى للقضاء /ياسين القايدي/ الأناضول)

الترا تونس - فريق التحرير

 

عبرت مجموعة من الجمعيات التونسية، الاثنين 6 جوان/يونيو 2022، عن تضامنها المطلق مع قاضيتين تم إعفاؤهما بأمر رئاسي من الرئيس التونسي قيس سعيّد من أجل تهمة "زنا"، معربة عن "صدمتها من هذا الاعتداء الخطير على الحياة الخاصة للأشخاص وعن هذا الانتهاك الجسيم لكرامة النساء".

وأفادت الجمعيات، في بيان مشترك لها، أنه "بعد صدور اﻷمر الرئاسي الذي يعفي 57 قاضيا وقاضية من مهامهم، تم تداول ملف قاضية تضمّن شهادة طبية ومحضر حرّر بإقليم الأمن بمنطقة الأمن بقابس، وتبين أنه تم إعفائها من أجل تهمة "زنا"، وأن القضية قد صدر في شأنها حكم ابتدائي بعدم سماع الدعوى، وهي ما زالت أمام أنظار محكمة الاستئناف. كما تمّ تداول محضر صادر عن الفرقة الخاصة للحرس الوطني بإقليم سوسة، يخص قاضية ثانية متهمة بنفس التهمة"، مشيرة إلى أن "تهم الزنا، هي من بين التهم التي أثارها الرئيس التونسي قيس سعيّد في خطابه الذي مهّد لأمر إعفاء القضاة". 

جمعيات تونسية: انتهاج أعلى سلطة في الدولة خطاب الوصم الأخلاقي والتشهير بمسائل تتعلق بالحياة الخاصة للأفراد هو مؤشر خطير  يدل على تعفن الحياة السياسية في تونس

وتابعت أنه "على إثر الجلسة العامة للمجلس الوطني الطارئ لجمعية القضاة التونسيين وسماع عدد من شهادات المعفيين والمعفيات، تجندت بعض الصفحات المشبوهة والمعروفة بضلوعها اﻹجرامي في عمليات السحل اﻹلكتروني وممارسة العنف الاجتماعي عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى ترويج محاضر ووثائق هي من أنظار القضاء للتشهير بالقاضيتين بصفتهما الحلقة الأضعف ولكونهما  نساء مستضعفات في مجتمع أبوي وذكوري"، وفق توصيفها.

واعتبرت الجمعيات الموقعة على البيان أن "انتهاج أعلى مؤسسة في الدولة خطاب الوصم الاجتماعي والأخلاقي والتشهير بجوانب تتعلق بالحياة الخاصة للأفراد هو مؤشر خطير  يدل على تعفن الحياة السياسية في البلاد"، مؤكدة أن "خطورته تتعاظم حين يتعلق الأمر بوصم نساء أخلاقيًا، مما يفتح الباب أمام الإقصاء الاجتماعي ويبيح الحملات الممنهجة للعنف الرمزي وللتشهير بالنساء بصفتهن نساء، رغم أنه لم تمض مدة طويلة على اعتراضه على مثل هذه الاعتداءات وذلك عندما طالت شخص الرئيس وعائلته"، حسب ما ورد في نص البيان.

جمعيات تونسية: تداول وثائق رسمية على فيسبوك مؤشر سلبي يعبّر على ضعف أجهزة الدولة واختراقها وانتهاك حقوق المتقاضين وسرية المعطيات الشخصية 

كما شدد على أن "هذا الخطاب الرسمي والحملات المتتالية من بعده يشكلان عائقًا أمام اهتمام النساء بالشأن العام وتوليهن الوظائف السامية بالدولة وهو ما يتعارض مع روح القانون 58 الرامي إلى القضاء عن التمييز والعنف المسلط على النساء"، مُدينة كافة أشكال العنف المسلط على النساء بما في ذلك العنف عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي ذات الإطار، اعتبرت الجمعيات أن "تداول وثائق رسمية على صفحات فيسبوك مؤشر سلبي يعبّر على ضعف أجهزة الدولة واختراقها وانتهاك حقوق المتقاضين وسرية المعطيات الشخصية التي يكفلها القانون"، رافضة إقحام الحياة الخاصة والمعطيات الشخصية للنساء في المعارك المتعلقة بالقضاء وبالشأن العام، مؤكدة أن "قضايا الزنا لا تهم الرأي العام والمجتمع في شيء حتى من الناحية القانونية، علاوة على كونها من الجرائم التي تجاوزها الزمن لمخالفتها لروح القانون والمنطق السليم وتعلقها بالحياة الخاصة للأفراد وحرياتهم ولا أدل على ذلك من تداول وثائق تثير إجراء كشف العذرية، تلك الممارسة القروسطية التي تمثل اعتداء على حرمة الجسد بل وشكلًا من أشكال العنف التي يمنعها القانون عدد 58 لسنة 2017"، وفق ما ورد في نص البيان.

جمعيات تونسية تهيب بكل القوى التقدمية والنسوية للتصدي لـ"استعمال النساء في الصراعات السياسية باسم الشرف الذكوري وإقحام الرقابة على أجسادهن"

وفي السياق ذاته، عبرت الجمعيات الموقعة على البيان عن صدمتها مما اعتبرته "وهن عدد من الملفات التي تم توظيفها للإيهام بوجود معركة يخوضها الرئيس التونسي ضد الفساد في القضاء والحال أن جل هذه اﻹعفاءات قد تمت في انتهاك خطير لأبسط مقومات دولة القانون وفي ضرب واضح لحقوق الدفاع المكفولة قانونًا وبشكل اعتباطي يترك الانطباع بوجود نزعة انتقامية، وبناء على تقارير أمنية ومصادر غير موثوقة ما يمكن أن يحصن المشتبه في فسادهم طالما ينصاعون لتعليمات السلطة القائمة"، على حد قولها.

وطابت الرئيس التونسي قيس سعيّد بـ"تقديم اعتذار علني للقاضيتين المعنيتين وللنساء التونسيات اللاتي تعددت الانتهاكات التي تطال كرامتهن وحرمتهن المعنوية في إفلات تام من العقاب وأحيانًا، كما في صورة الحال، بمباركة من الرئيس نفسه"، مهيبة بكل القوى التقدمية والنسوية من أجل التصدي لـ"استعمال النساء في الصراعات السياسية باسم الشرف الذكوري وإقحام الرقابة على أجسادهن"، حسب ما ورد في نص البيان.

 

بيان: دفاعا عن كرامة النساء والحرمة المعنوية وضد السحل الالكتروني وانتهاك حرمة وكرامة النساء بعد صدور اﻷمر الرئاسي...

Posted by Association Tunisienne des Femmes Démocrates on Monday, June 6, 2022

 

وكان رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي قد قال، الاثنين في تصريح لإذاعة "موزاييك أف أم"، إن "الرئيس صدّر بعض أسماء القضاة في قائمة القضاة الذين عزلهم، ليس ليقاوم الفساد الذي قاموا به، وإنما ليشوّه بها البقية". وتطرق الحمادي إلى الحديث عن قاضية قال إنه يتم "ذبحها وسحلها" في صفحات موالية للرئيس التونسي بمواقع التواصل الاجتماعي وذلك إثر اتهام الرئيس لها في كلمة له بمجلس وزاري بأنها "زانية"، معبرًا، في هذا الصدد، عن خشيته عليها وعلى حياتها". 

وكان قد صدر بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية (الجريدة الرسمية) أمر رئاسي عدد 516 لسنة 2022 مؤرخ في 1 جوان/يونيو 2022 يتعلق بعزل 57 قاضيًا في تونس. وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد أصدر أيضًا، في ذات العدد من الرائد الرسمي، مرسومًا يسمح له بـ"إصدار أمر يقضي بإعفاء كل قاض تعلّق به ما يمس من سمعة القضاء أو استقلاليته"، وفقه.

وكان سعيّد قد قال، في مقطع فيديو نشرته الرئاسة التونسية لاجتماع مجلس الوزراء بإشرافه، مساء الأربعاء 1 جوان/ يونيو 2022، إنه سيصدر قرارات وصفها بـ"التاريخية" ضد شخصيات (لم يسمّها) قال إنها ستصدر في أمر رئاسي وذكر أنها قامت بجملة من الجرائم وعددها، من بينها تهمة "الزنا"، وذلك دون أن يقدم بشأنها أي أدلة. وقد قوبل هذا القرار برفض واسع واستنكار من الطبقة الحقوقية والقضائية في تونس.