اقتصاد

صابة الزيتون في تونس.. التمويل والجودة يضعان قطاع الذهب الأخضر أمام مفترق طرق

27 سبتمبر 2025
صابة الزيتون في تونس.. التمويل والجودة يضعان قطاع الذهب الأخضر أمام مفترق طرق
انطلقت الاستعدادات لموسم جني الزيتون 2025-2026 منذ أواخر أوت 2025، وسط حالة من التوجس لدى الفلاحين (صورة توضيحية/ فتحي بلعيد/ أ ف ب)
أسماء البكوش
أسماء البكوشصحفية من تونس

في ظل حالة من القلق المتزايد بسبب تأخر "تخضير" المحصول وعدم اليقين بخصوص الأسعار، ارتفعت الأصوات المهنية والتشريعية في تونس لوضع قطاع زيت الزيتون على طاولة الأولويات.

فقد ناشد فتحي الأبيض، رئيس اتحاد الفلاحة بزغوان، الدولة بضرورة دعم التخزين وشراء صابة صغار الفلاحين لمنع انهيار الأسعار، مقترحًا تحويل الدعم من زيت الصوجا المستورد إلى المنتج الوطني.

وعلى النقيض، دعا محمد النصراوي، كاتب عام جامعة منتجي الزيتون، إلى التريث في التقديرات، مؤكدًا أن الصابة رهينة أمطار الخريف واستقرار السوق.

بالتوازي مع هذه المطالب، أكد سامي بالحاج علي (منتج ومصدّر) أنّ الحل المستدام يكمن في تكثيف التوعية لضمان الجودة العالمية، بينما بلور نواب في البرلمان هذه الإشكاليات والحلول في تقرير نهائي رُفع إلى رئيس الجمهورية، محذرين من إهمال ثروة قادرة على ضخ 10 آلاف مليار دينار في الميزانية.

  • رئيس اتحاد الفلاحة بزغوان: عجزنا عن سداد تكاليف الجني قد يدفعنا إلى ترك الزيتون على الأشجار

فقد أكد فتحي الأبيض، رئيس اتحاد الفلاحة بزغوان، انطلاق الاستعدادات لموسم جني الزيتون 2025-2026 منذ أواخر أوت/أغسطس 2025، معربًا عن حالة من التوجس والمخاوف الجدية التي تثقل كاهل الفلاحين.

وينبع هذا القلق بشكل أساسي من تأخر "تخضير الزيتون"، وهو أمر غير معتاد في هذا الوقت من العام، بالإضافة إلى الغموض الذي يكتنف سعر زيت الزيتون، خاصة في ظل الأخبار التي تفيد بامتلاك المنافسين الرئيسيين كـإسبانيا وإيطاليا صابة كبيرة لهذا الموسم.

فتحي الأبيض (رئيس اتحاد الفلاحة بزغوان) لـ"الترا تونس": أطالب الدولة بضرورة دعم التخزين وشراء صابة صغار الفلاحين من الزيتون لمنع انهيار الأسعار، وأقترح تحويل الدعم من زيت الصوجا المستورد إلى المنتج الوطني

ولمواجهة هذه التحديات، طالب كبار الفلاحين الدولة بتوفير منح لشراء براميل التخزين (السيترنات)، مؤكدين أن التخزين يمثل الأداة الوحيدة للتحكم في سعر المنتج التونسي ومنع بيعه بأرخص الأثمان تحت الضغط.

كما شدد الأبيض في تصريحه لـ"الترا تونس" على ضرورة التفات الدولة إلى صغار الفلاحين ومنحهم منحة للتجميع والعصر واقتناء زيتهم، محذرًا من أن عجزهم عن سداد تكاليف الجني قد يدفعهم إلى ترك الزيتون على الأشجار، إذا كان السعر أقل من التكلفة.

وأخيرًا، وجه دعوة إلى إعادة النظر في سياسة الدعم، مقترحًا دعم زيت الزيتون التونسي ليصبح جزءًا من العادات الغذائية المحلية، بدلاً من استمرار دعم زيت الصوجا المستورد، الذي يستنزف العملة الصعبة ويشجع الفلاح الأجنبي.

  • كاتب عام جامعة منتجي الزيتون: يجب التريث الشديد وعدم التعويل على الأرقام والمعلومات المتداولة حاليًا

من جانبه، دعا محمد النصراوي، كاتب عام جامعة منتجي الزيتون، إلى التريث الشديد وعدم التعويل على الأرقام والمعلومات المتداولة حاليًا، مؤكدًا أنها غير دقيقة لغياب التقديرات الرسمية من وزارة الفلاحة والمجلس الدولي للزيتون.

كما أشار النصراوي في حديثه لـ"الترا تونس" إلى أن موسم الزيتون برمته مرهون بالأمطار، خاصة بعد صيف حار ضرب منطقة البحر الأبيض المتوسط، وأن الغيث النازل في الخريف هو ما سيحدد فعليًا حجم الصابة الحالية، وهو وضع ينطبق كذلك على الدول المنافسة كتونس مثل إسبانيا، مما يجعل من المبكر جدًا التكهن بصابة هامة لأي طرف.

محمد النصراوي (كاتب عام جامعة منتجي الزيتون) لـ"الترا تونس": الحذر الحالي من انخفاض الأسعار مع بداية الموسم أمر طبيعي وغير مقلق بالضرورة. وعملية "التخضير" ما تزال مبكرة ويبقى المطلب الأساسي هو تخزين زيت الزيتون وعدم التفريط فيه

كما نبّه إلى أنّ وضوح الرؤية لا يرتبط فقط بالإنتاج المتأثر بالمناخ، بل يتوقف أيضًا على استقرار الأسعار، مبيّنًا أنّ الحذر الحالي من انخفاض الأسعار مع بداية الموسم أمر طبيعي وغير مقلق بالضرورة. وفي سياق متصل، أشار إلى أن عملية "التخضير" ما تزال مبكرة، وأن أصحاب المعاصر ينتظرون الحصول على قروض بنكية لشراء الصابة.

ويبقى المطلب الأساسي هو تخزين زيت الزيتون وعدم التفريط فيه، داعيًا المختصين والخبراء إلى متابعة الأسعار والمخزون العالمي بشكل دقيق ومحدث لمد القطاع بالأرقام الصحيحة ومقاومة الشائعات.

  • منتج ومصدّر زيت زيتون: توفير مواصفات الجودة يضمن تصدير المنتج ويجعله يتفوق على أيّ منافس

في المقابل، أكد سامي بالحاج علي، منتج ومصدر زيت الزيتون، في تصريحه لـ"الترا تونس"، أنّ زيت الزيتون التونسي، الذي يمثّل إرثًا عائليًا وتاريخيًا، لا يُعلى عليه وقابل للتصدير بالكامل، لكن المشكلة الحقيقية التي لا يتم التعامل معها هي "الجودة" بمعاييرها العالمية.

 ويرى بالحاج علي أن توفير مواصفات الجودة يضمن تصدير المنتج ويجعله يتفوق على أيّ منافس.

سامي بالحاج علي (منتج ومصدر زيت زيتون) لـ"الترا تونس": من المهم إخضاع طرق العصر والتخزين للمواصفات العالمية، لكننا نلاحظ دخول بعض المعاصر التي تفتقر إلى شروط الحفظ الصحية، وتخزين الزيت في براميل قديمة أو بلاستيكية تقضي على جودته

وشدّد على ضرورة توعية وتكوين الفلاحين لتجنب الممارسات الخاطئة، مثل جمع الزيتون بعد أن يصبح لونه أسود بحجة زيادة كمية الزيت، رغم أن هذه الطريقة تؤدي إلى ارتفاع نسبة الأكسدة وفقدان الجودة، مما يجعله غير صالح للتصدير.

اقرأ/ي أيضًا: مختص في الفلاحة يكشف لـ"الترا تونس" أسباب تراجع عائدات صادرات زيت الزيتون

ودعا إلى ضرورة عصر الزيتون وهو أخضر للحصول على جودة عالية جدًا، وطالب الدولة بتشجيع الباعثين الشبان على تأسيس شركات لجمع الزيتون بـآلات متطورة لضمان السرعة والجودة، خاصة في ظل النقص الحاد في اليد العاملة.

كما أكد على أهمية إخضاع طرق العصر والتخزين للمواصفات العالمية، منتقدًا دخول بعض المعاصر التي تفتقر إلى شروط الحفظ الصحية، وتخزين الزيت في براميل قديمة أو بلاستيكية تقضي على جودته. وطالب وزارة الصناعة بدعم وتصنيع براميل التخزين محليًا لتخفيف عبء الاستيراد المكلف.

 

سامي بالحاج علي (منتج ومصدر زيت زيتون): يجب توعية وتكوين الفلاحين لتجنب الممارسات الخاطئة، مثل جمع الزيتون بعد أن يصبح لونه أسود بحجة زيادة كمية الزيت (فتحي بلعيد/ أ ف ب)

 

واعتبر أنّ الحل الجذري يقع على عاتق وزارة الفلاحة من خلال تكثيف الإرشاد والتوعية والتثقيف لكل الأطراف.

وفي سياق آخر، أوضح أن البنوك مستعدة لتمويل ملفات المصدّرين الجديين الذين يقدمون الضمانات اللازمة، لأن دعمهم يعود عليها بالأرباح في النهاية.

اقرأ/ي أيضًا: مختص: تأثيرات سلبية للرسوم الجمركية الأميركية على صادرات زيت الزيتون التونسي

وفي خطوة هامة، تقدم عدد من النواب بتقريرهم النهائي حول قطاع زيت الزيتون لرئيس البرلمان إبراهيم بودربالة ورئيس الجمهورية في 17 سبتمبر/أيلول 2025.

جاء هذا التقرير، الذي يمثل نتاج اجتماع "النقطة 74" الذي عُقد في 13 سبتمبر بحضور حوالي ألفي فلاح ومُعاصر ومُصدّر من جميع ولايات الجمهورية، ليلخص الإشكاليات والحلول لهذا القطاع الحيوي.

  • نائب بالبرلمان: المشكل الأبرز لهذا الموسم هو التمويل

وأكد النائب حسن الجربوعي في تصريحه لـ"الترا تونس" أنّ هذا الجهد ليس وليد اللحظة، بل يتبع سلسلة من المداخلات التشريعية بدأت منذ عام 2023.

وقد أوضح أن البرلمان تقدم في السابق بمقترح قانون لإعادة تنظيم ديوان الأراضي الدولية، مشيراً إلى أن الدولة تمتلك 15 مليون شجرة زيتون تعاني من الإهمال، وهو تناقض صارخ مع شعار "التعويل على الذات". 

حسن الجربوعي (نائب بالبرلمان) لـ"الترا تونس": الدولة تمتلك 15 مليون شجرة زيتون تعاني من الإهمال، وهو تناقض صارخ مع شعار "التعويل على الذات".. وهناك استهتار رسمي بالقطاع

وكشف الجربوعي عن استهتار رسمي بالقطاع، ظهر جلياً في ماي/أيار 2025 عندما فوجئ النواب بمديرين عامين في جلسات الاستماع يقرؤون مشروع القانون المقدم لهم منذ سنة لأول مرة.

 ورغم تقديم عريضة للحكومة في 12 ماي/أيار 2025 تتضمن حلولاً لـ 86 نائبًا، كان الرد الحكومي سلبيًا، مما دفع النواب إلى عقد اجتماع "النقطة 74" بمبادرة شخصية.

وكان المطلب الوحيد للفلاحين والمصدرين هو إحالة تقريرهم إلى رئيس الجمهورية مباشرة، لثقتهم بأن القرار يمكن أن يُتخذ "بجرة قلم"، خاصة فيما يتعلق بموسم الجني الحالي.

 

حسن الجربوعي (نائب بالبرلمان): تونس قادرة على توفير حوالي نصف مليون طن من زيت الزيتون، أي سدس حاجة السوق العالمية، مما يمنحها القدرة على التحكم في السوق العالمية (فتحي بلعيد/ أ ف ب)

 

وبحسب النائب، فإن المشكل الأبرز لهذا الموسم هو التمويل، مشددًا على أن تونس قادرة على توفير حوالي نصف مليون طن من زيت الزيتون، أي سدس حاجة السوق العالمية (3 ملايين طن)، مما يمنحها القدرة على التحكم في السوق العالمية.

وحذر النائب بالبرلمان حسن الجربوعي من أن القطاع يتعرض للإهمال والاستهتار رغم قدرته على إنقاذ الميزانية؛ فبعد أن وفر القطاع 500 مليار دينار في عام 2024، يمكنه أن يوفر 10 آلاف مليار دينار (أي خُمس الميزانية) هذا الموسم لو توفرت رؤية حقيقية. ويظهر هذا الإهمال في غياب تسعير الزيتون حتى الآن، وترك الفلاحين دون وسائل تخزين، بالإضافة إلى سياسة الدولة التي تدعم زيت "الصانغو" (الصوجا) المستورد وبيعه مما أدى إلى تراجع استهلاك الفرد التونسي من 20 لترًا سنويًا في الخمسينيات إلى لترين فقط حاليًا.

الكلمات المفتاحية

إضراب عام في قطاع البنوك والتأمين.. النقابات تتمسك بالمطالب والمجلس البنكي يشكّك في مبررات الإضراب

إضراب قطاع البنوك.. الاتحاد يتمسك بالمطالب والمجلس البنكي يشكك في المبررات

يعيش قطاع البنوك والمؤسسات المالية وشركات التأمين الاثنين والثلاثاء 3 و4 نوفمبر 2025 على وقع إضراب عام قطاعي، أُغلقت بموجبه مقرات البنوك والمؤسسات المالية أمام الحرفاء وتوقفت جميع الخدمات، للمطالبة بالزيادات في الأجور وتحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي للعاملين في القطاع


التمور تونس

صابة التمور التونسية.. كميات قياسية وجودة عالية مقابل تحديات التسويق

صابة قياسية للتمور في تونس، وجودة عالمية غير مسبوقة لـ "دقلة النور"، يقابلها "مصير مجهول" لأكثر من نصف الصابة، وانهيار في الأسعار..


قانون المالية 2024.jpg

من بينها إقرار ضرائب جديدة.. أبرز فصول مشروع قانون المالية 2026 في تونس

قدمت الحكومة التونسية، الأربعاء 15 أكتوبر 2025، إلى البرلمان مشروع قانون المالية لسنة 2026، متضمنًا عددًا من الإجراءات الجديدة لتعزيز موارد الصناديق الاجتماعية وزيادة مداخيل الدولة من الضرائب


الشركات الأهلية في تونس.. مرسوم جديد للإنعاش

الشركات الأهلية في تونس.. مرسوم جديد للإنعاش

الحزمة الكبيرة من الامتيازات التي أصبحت تتمتع بها الشركات الأهلية، تزيد في إعطاء وضع امتيازي خاصّ لهذا الصنف من الشركات بغاية تحفيز إنشائها وتعزيز دورها في النسيج الاقتصادي

تونس توقّع اتفاق تمويل مع البنك الدولي بـ430 مليون دولار لدعم التحول الطاقي
اقتصاد

تونس توقّع اتفاق تمويل مع البنك الدولي بـ430 مليون دولار لدعم التحول الطاقي

البنك الدولي: يساعد المشروع على خفض تكاليف إمدادات الكهرباء بنسبة 23%، وتحسين نسبة استرداد تكاليف الشركة التونسية للكهرباء والغاز من 60 إلى 80%

أيام قرطاج المسرحية 2025.. عروض متنوعة ويحيى الفخراني في الافتتاح
ثقافة وفنون

أيام قرطاج المسرحية 2025.. يحيى الفخراني والفاضل الجعايبي في الافتتاح

تتضمن برمجة هذه الدورة من أيام قرطاج المسرحية، 12 عرضًا ضمن المسابقة الرسمية، و15 عرضًا في قسم "مسرح العالم"، و16 عرضًا تونسيًا، و6 عروض عربية وإفريقية


تعرف على قيمة الزكاة في الزيتون والتمر
مجتمع

تعرّف على نصاب زكاة الزيتون والتمر في تونس للعام الهجري 1447

أعلن ديوان الإفتاء في تونس، يوم الخميس 13 نوفمبر 2025 عن نصاب زكاة الزيتون والتمر وسائر الثمار للموسم الفلاحي الحالي 1447هـ ـ 2025 م، وذلك مواكبة لانطلاق موسم جني الثمار، وفق بلاغ له

هيئة المحامين: إنشاء مرصد لمتابعة احترام معايير المحاكمة العادلة في تونس
سیاسة

هيئة المحامين: إنشاء مرصد لمتابعة احترام معايير المحاكمة العادلة في تونس

عقدت الهيئة الوطنية للمحامين بتونس جلسة عامة إخبارية في دار المحامي، يوم الأربعاء 12 نوفمبر 2025 بدعوة من العميد بوبكر بالثابت، أكدت خلالها على ضرورة حضور جميع الجلسات والترافع لضمان حضور المتهمين شخصيًا في قاعات المحاكم، مع رفض المحاكمات عن بعد لما تفتقر إليه من شروط قانونية، وتعد انتهاكاً لمبدأ المحاكمة العادلة عبر حرمان المتهم من الدفاع دون مبرر قانوني

الأكثر قراءة

1
میدیا

زياد دبار: تعليق نشاط جمعية "نواة" سابقة خطيرة وهو قرار سياسي مغلف بقرار إداري


2
اقتصاد

حوار| مستشار جبائي: ضغط جبائي مرتفع وتشجيع الاستثمار غائب في مشروع قانون المالية 2026


3
سیاسة

هيئة الدفاع: فتح تحقيق إداري في الاعتداء على جوهر بن مبارك بعد نقله للمستشفى


4
سیاسة

أحزاب تونسية: إدانة للتنكيل الممنهج بالسجناء السياسيين ودعوة لإطلاق سراحهم


5
سیاسة

تأخير النظر مجددًا في القضية الاستعجالية لإيقاف نشاط الوحدات الملوثة بقابس