02-يونيو-2020

رئيس مرصد "رقابة" والنائب السابق عماد الدائمي

 

يعدّ عماد الدائمي من أبرز الشخصيات التي تقود المعركة ضد الفساد طيلة السنوات الأخيرة في تونس، وذلك منذ أن كان نائبًا في البرلمان السابق إلى غاية اعتزاله العمل الحزبي وتوجهه إلى العمل المدني بتأسيسه "مرصد رقابة".

وتميّز الدائمي بإثارته لملفات خطيرة للفساد وبالخصوص الفساد النقابي والفساد في وزارة النقل مع إثارته للأسماء المتورطة علنًا وتقديمه لملفات مكتملة البراهين إلى القضاء، في مقاربة لافتة للأنظار في مكافحة الفساد زادت من شعبيته بل جعلت اسمه يُتداول لرئاسة الحكومة بعد انتخابات 2019.

يعدّ عماد الدائمي من أبرز الشخصيات التي تقود المعركة ضد الفساد طيلة السنوات الأخيرة في تونس

والدائمي رئيس "مرصد رقابة" لمكافحة الفساد، هو نائب سابق عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، وكان مدير الديوان الرئاسي زمن الرئيس السابق المنصف المرزوقي، وهو من وجوه النضال السياسي في المهجر ضد الاستبداد.

حول انتقاله من العمل السياسي الحزبي إلى العمل المدني في مجال مكافحة الفساد، وحصيلة أعمال "مرصد رقابة"، وتقييمه لأداء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ولمسار العدالة الانتقالية، عدا عن ملفات الفساد المرتبطة بالاتحاد العام التونسي للشغل وملفات أخرى، تواصل "الترا تونس" مع الدائمي وكان الحوار التالي:


  • ماهو موقفك من الدعوات لاعتصامات من أجل إلغاء الدستور وحلّ البرلمان، هل تعتقد أن لها علاقة بأجندات خارجية تستهدف الديمقراطية في تونس؟

هي دعوات مرتبطة بأجندات خارجية تستهدف المسار الديمقراطي في البلاد بدون أدنى شك. ولكن الجهات المعوّل عليها لتنفيذ هذا المخطط الخارجي هي جهات سخيفة وليس لديها أي امتداد في الشارع التونسي وبالتالي هذه الدعوات غير ذات جدوى وغير ذات قيمة في الشارع التونسي ولم نكن ننتظر أكثر من الذي حصل في الاعتصام أمام البرلمان في باردو الذي كان فضيحة بالنسبة لمنظميه.

نعتقد أن هذه الدعوات لا ترتبط ولا تنسجم مع أولويات التونسيين لهذه المرحلة المرتبطة بالاستقرار والمرتبطة بالخروج من الأزمة والمرتبطة بحلّ الإشكاليات الحقيقية التي يعانيها التونسيون.

هذه الدعوات ترتكز على حالة من الاحتقان والغضب بسبب ضعف تناول الحكومة أو تعاطي الحكومة مع القضايا والأولويات الحقيقية وهي تريد الركوب على هذه الحالة من الاحتقان.

هناك في المقابل وعي كبير في الشارع التونسي وابتعاد عن مثل هذه الدعوات التي نجحت عام 2013 في القيام بتغيير في المسار دون إسقاطه. وهذه المرة لن تنجح أبدًا وليس لديها أي امتداد في الشارع وليس لديها قيادات سياسية وازنة قادرة على إعطائها حد أدنى من المصداقية أمام التونسيين.

  • ما هي أسباب قرارك بالانتقال من العمل السياسي الحزبي إلى العمل المدني في مجال مكافحة الفساد؟ كيف تقيم هذه التجربة؟

الانتقال من العمل السياسي والبرلماني إلى المدني كان قرارًا واعيًا ومدروسًا وكان تواصلًا لمسار مدروس توجهت فيه داخل البرلمان للعمل في مكافحة الفساد.

عماد الدائمي: الجهات المعوّل عليها لتنفيذ المخطط الخارجي لاستهداف الديمقراطية التونسية هي جهات سخيفة وليس لديها أي امتداد في الشارع التونسي

اخترت التقليص من المشاغل الحزبية لتخصيص أكثر وقت لهذا العمل المدني، حيث أنني قادر على الإضافة أكثر في هذا المجال الذي يستحق الاهتمام خاصة وأن الهياكل والمؤسسات المعنية لم تكن في مستوى انتظارات التونسيين.

التجربة الحزبية مهمة جدًا وكانت تجربة ثرية جدًا بنجاحاتها وإخفاقاتها.  

  • هل تدعم قرار المنصف المرزوقي باعتزال النشاط السياسي؟ وبما تفسر الانسحابات المتتالية من محيطه طيلة السنوات الماضية بحيث لم يبق بجانبه إلا قلة قليلة أنت أبرز وجوهها؟

الدكتور المرزوقي سيظل رمزًا من الرموز وعلامة من العلامات الكبرى في المشهد السياسي التونسي. ولم يكن المناخ السياسي مواتيًا حين توليه رئاسة الجمهورية، وقد كان سياسيًا سابقًا لزمانه لم يفهمه التونسيون.

على المستوى الحزبي، هو شخص دفع ثمن عدم تنظم حزب المؤتمر. كان وفيًا في كل مناسبة لمقتضيات المرحلة ولما وصل لرئاسة الجمهورية انضبط لما يقتضيه العمل بعيدًا عن العمل الحزبي.

للمرزوقي صورة طيبة عند الكثير من التونسيين ولدى العرب ويحظى بسمعة كبيرة دوليًا.

في النهاية، مسيرته السياسية هي مسيرة ناجحة وقراره كان شخصيًا وهو قادر على الإضافة في فضاءات أرحب. هو الآن محاضر وكاتب ولديه متابعين لفكره في كل أنحاء العالم.

اقرأ/ي أيضًا: حوار| عبد المجيد الزار: الدولة تضرب المنتج التونسي ونرفض "الأليكا"

  • هل عماد الدائمي معني برهان تجميع العائلة الاجتماعية الديمقراطية في يوم ما؟

أنا اخترت الطريق وحددت أولوياتي في هذه المرحلة وهي ليست حزبية. التجميع استحقاق ولو كان بإمكاني دعمه سأدعمه من موقعي المدني. لكنني لن أكون في مبادرة سياسية وسأعمل على هذه المواجهة الوطنية ودعم جهود محاربة الفساد.

  • منذ تأسيس "مرصد رقابة"، ما هي حصيلة الملفات المُحالة على القضاء؟

عند تأسيسنا "مرصد رقابة"، راكمنا عملًا كبيرًا اُنجز قبيل تأسيس المرصد وواصلنا بعد التأسيس العمل بنسق أكبر. قدمنا من 15 إلى 20 قضية في هذه الفترة بنسق متسارع كلها متعلقة بملفات فساد كبيرة أو متوسطة و حتى صغرى.

عماد الدائمي: الدكتور المرزوقي سيظل رمزًا من الرموز وعلامة من العلامات الكبرى في المشهد السياسي التونسي

هدفنا استراتيجي وهو عدم الاكتفاء برفع الشعارات وإنما العمل مع القضاء النزيه من أجل ردع المتورطين في الفساد. هناك ملفات تحرّكت وأشخاص في السجن وآخرين محل تحقيق وبحث، وهناك ملفات قادمة سيكون لها تأثير على الرأي العام تهدف إلى القيام بتعزيز ثقة المواطنين في القضاء وتشجيع المواطنين على التبليغ عن الفساد.

  • أكثر المؤاخذات على عدد من الأجهزة الناشطة في مجال مكافحة الفساد أنها كانت انتقائية حتى أن اتهامات بلعب دور سياسي طغى على بعضها. فما هي الضمانات الممكنة ليكون "مرصد رقابة" موضوعيًا في طرحه للملفات؟  

منهجيتنا تقوم على بعدين وهو ما يميزنا على هياكل أخرى: بعد موضوعي قانوني علمي مرتكز على المستندات وعلى الأرقام الصحيحة، وبعد نضالي باستعدادنا لتسمية الأسماء بمسمياتها وعدم انتظار إصدار الأحكام في وقت يواصل فيه الفاسدون البقاء في وظائفهم. كلما أعلمنا الرأي العام بكل جرأة دون خوف، كلما كانت النتيجة أحسن. ونحن نؤمن بأن التشهير بالمفسدين جزء من الحرب على الفساد.

  • تمت عدة إصلاحات تشريعية بعد الثورة للقطع مع الفساد، مع إنشاء مؤسسات مختصة لمكافحته مع بروز دور للإعلام في إثارة قضايا الفساد، ألا تعتقد أن هذه الحرب المعلنة بقيت مجرد ظاهرة صوتية لم يتم تفعيلها قضائيًا وإجرائيًا؟

هناك تناقض كبير في المشهد التونسي بين المنظومة القانونية والتشريعية وهي منظومة متطورة جدًا يمكن أن تضاهي الأمم المتقدمة، وبين المشهد الراهن الذي يرجع الى عدم تفعيل الأدوات وعدم تشجيع الموطنين على اعتمادها.

وفي نفس الوقت، هناك غياب للإرادة السياسية يعني الدخول في مواجهات مع لوبيات متنفذة وهناك من لا يجرؤ على ذلك.

نحن نريد أن نخرج من هذه الثنائية الغريبة بتشريك المواطنين في النفاذ إلى المعلومة وتعزيز مشاركة المواطنين في هذه الأنشطة وفي دور الرقابة وهو ما سيؤدي إلى ضغط على مختلف المتدخلين حتى تكون الأمور أكثر فاعلية.

عماد الدائمي: تم ابتزاز قيادات نقابية زمن بن علي وإدخالها في مقايضة السلم الاجتماعي بمصالح خاصة

  • إلى أي مدى يمكن اعتبار قانون النفاذ للمعلومة مدعمًا للشفافية؟ هل أن المواطن التونسي مستثمر لهذا الحق؟ 

النفاذ إلى المعلومة هو أقوى وأهم أدوات مكافحة الفساد، ولم يحظ بتوضيح كاف لدى المواطنين الذين يجهلون هذا الحق وهذا قد يكون سياسة مقصودة، وهو دور الدولة ومؤسساتها ومؤسسات المجتمع المدني.

نحن في المرصد استعملنا النفاذ إلى المعلومة أكثر من 400 مرة ونقوم بذلك يوميًا. وقد قررنا تكوين المواطنين ومساعدتهم على النفاذ إلى المعلومة عبر دورات تكوينية.

  • يعتبر البعض إثارتك لقضية تمويل الاتحاد العام التونسي للشغل بمثابة إثارة لعشّ دبابير، هل هذا صحيح؟ كيف ذلك؟ 

لا أبدًا، الاتحاد يظلّ منظمة وطنية لها دورها ولديها مسؤولية في التوازن داخل المشهد، وبقاء الاتحاد مهم للتصدّي للنزعة الليبرالية المتوحشة التي تريد الهيمنة على البلاد.

وقد تم ابتزاز قيادات نقابية زمن بن علي وإدخالها في مقايضة السلم الاجتماعي بمصالح خاصة. وترعرع الاتحاد في مناخات غياب الشفافية وإخفاء المعطيات المالية ولم يتم تغيير القيادات القديمة التي لم تستوعب ضرورة الانسجام مع المرحلة الجديدة.

هو ليس انحيازًا لليبرالية أو استهداف للاتحاد هي محاولة لدفع الاتحاد لطرح التساؤلات وطرح الأولويات المطروحة في المرحلة الحالية والانفتاح وفتح الصناديق السوداء. 

  • ما هي أهم مظاهر الفساد النقابي حسب رأيك؟ وهل تعتقد بوجود حماية تحول دون تتبع اتحاد الشغل والنقابيين في قضايا الفساد؟

طيلة فترة بن علي، كان هناك نوع من الحصانة للقيادات النقابية مقابل قبولهم وعدم تصديهم وهو ما تواصل وربما تعزّز بعد الثورة بسبب ضعف الدولة. الاتحاد كان القوة الأكثر تنظمًا واستثمر هذه القوة ليس فقط لتعزيز القوة العمالية بل أيضًا لتعزيز المكاسب.

اقرأ/ي أيضًا: حوار| الطيب البكوش: اتحاد المغرب العربي لم يمت وليبيا تعيش حربًا بالوكالة

للأسف لم تكن هناك نية للتصدّي لهذه الممارسات، أغلب القيادات الجهوية والمركزية والنقابات الأساسية في المؤسسات العمومية تواصل التمتع بالتفرغ النقابي رغم أنه ممنوع قانوناً ورغم محاكمة قيادات تجمعية بالسجن بتهمة وضع موظفين على ذمة التجمع.

هناك تجاوزات أخرى عديدة متعلقة بالحصول على امتيازات غير قانونية وساعات إضافية وغيرها. ولاحظنا أن العمل النقابي أصبح ملجأ للعديد من الفاسدين لحماية مصالحهم.

  • كيف تقيّم تفاعل الاتحاد مع القضايا التي أثرتموها سواء في علاقة مباشرة بهذه المنظّمة أو في خصوص قضايا متعلقة بمسؤولين منه في مؤسسات معينة؟

قبل تقديم الملفات للقضاء، كان لنا لقاء مع الأمين العام وحاولنا البحث عن أرضية مشتركة، لكن النوايا الإيجابية كانت للأسف في اتجاه واحد. قدمنا 3 قضايا للقضاء بخصوص تجاوزات كبرى منها التفرغ النقابي، والدعم المالي من الدولة الذي يتجاوز 5 مليون دينار وقضية فساد قيادات نقابية في مؤسسات عمومية.

الاتحاد رفض الانصياع لقرارات هيئة النفاذ للمعلومة وتوجه بطعن للمحكمة الإدارية، وأضاع فرصة للتاريخ ودخل مسارًا خاطئًا للأسف، والحال أنه يتمتع بالتمويل العمومي وهو مجبر على الشفافية.

الاتحاد لم يكن في مستوى الانتظار وكان مخيبًا للآمال. نأمل أن تكون القيادة القادمة مؤمنة بضرورة التأقلم مع الواقع الجديد الذي أفرزته الثورة خاصة وأن أغلبية أعضاء المكتب التنفيذي غير متاح لهم المشاركة في الانتخابات القادمة لذلك نأمل التغيير.

  •  تتحدثون في صفحة المرصد عن "موسم صيد الحيتان الكبيرة"، هل لك أن تفسر لنا ما الذي تقصدونه ومن تقصدون تحديدًا؟

نحن نقصد بذلك وجوه نافذة على المستويين المالي والسياسي تريد أن تحافظ على مصالحها. هي ملفات كبرى في المشهد السياسي ونحن لن نتردد في طرحها.

عماد الدائمي: الحصانة البرلمانية لا تحول دون المحاكمة الشعبية للفاسدين

كانت هناك حماية خلال فترة الشاهد وكانت حربًا انتقائية على الفساد باستعمال أجهزة الدولة لتصفية الحسابات. وليس من المصلحة تضليل مسار العدالة، فالتعاون مع العدالة هو استحقاق.

بالنسبة لحديثنا عن وجود قضية فساد تهم سياسي ووزير، بلغنا أن 4 أو 5 شخصيات اعتقدت نفسها أنها المقصودة، ووصلتنا إشارات مباشرة وغير مباشرة واتضح أنهم في نفس الوضعية أي أنهم متورطون في الفساد. هنا نعتقد أن الضغط الإعلامي هي نقطة مهمة ضد اللوبيات. ونحن التزمنا بعدم ذكر الاسم إلا عندما يتم إعلام البرلمان وسحب الثقة من هذه الشخصيات.

  • تحدثتم مؤخرًا عن تقدمكم بقضية فساد ضد وزير سابق ونائب حالي في البرلمان، إلى أي مدى برأيك يمكن أن تقيد الحصانة البرلمانية المساءلة والمحاسبة؟

الحصانة البرلمانية لا تحول دون المحاكمة الشعبية للفاسدين. ورأينا في المدة الفارطة حملات شعبية ضد برلمانيين أقسى من الحكم القضائي حتى أننا أحيانا تردنا التماسات من البعض بتقديم الملف للقضاء والتستر عن ذكر الاسم أو الإفصاح عن الملف.

  • يحمّل البعض القضاء مسؤولية إفلات الفاسدين من العقاب، هل توافق هذا الرأي؟ وبما تفسّر خروج بعض المورطين في قضايا فساد مالي وجبائي من السجن؟

القضاء يتحمل جزءًا من المسؤولية منها التأخير في البت وخاصة أغلب القضايا الراكدة في الرفوف، بعضها اختفت للأبد وبعضها اختفت مؤيداتها، لكن هناك رغبة أساسية من القضاء في لعب دوره في محاربة الفساد ومحاسبة المتورطين.

تم تقديم ملفات عديدة وموثقة ومدعومة بالأدلة والدولة مطالبة بتعزيز إمكانيات القضاء. أنا أعتقد أن الجيل الجديد سيحدث الفارق.

  • وصفت الوضع الحالي بأنه "منصة إطلاق لتونس"، هل تعتقد أن تونس فوتت فرصة محاسبة ومساءلة الفاسدين؟ 

أعتقد أننا فوتنا فرصة مهمة. كان بالإمكان إنجاز إصلاحات جذرية في فترة الفراغ حيث لا يوجد تعطيلات في المؤسسات وإنجاز تغيير جوهري. وأنا أستغرب تلكؤ الحكومة في تغيير مسؤولين ثبت تورطهم في الفساد، كالخطوط التونسية وشركة فسفاط قفصة وديوان المعابر البرية والحدود ومؤسسات عمومية أخرى. لم تحصل تغييرات شملت الأشخاص المتورطين والمنظومات الفاسدة. الأمل أن المنصات تأتي من وقت لآخر ونأمل استفاقة الحكومة.

عماد الدائمي: مسار العدالة الانتقالية في تونس لم يكن ناجحًا رغم بعض الإنجازات ونحن بصدد دراسة شبهات اختراق في الملفات التحكيمية

  • هل توافق الرأي أن المجتمع المدني في تونس يواجه مقاومة شرسة من الدولة ومؤسساتها للحيلولة دون دوره في مواجهة الظواهر السلبية بما فيها الفساد؟

المجتمع المدني في تونس تم إبعاده عن دوره الحقيقي بالدعم المالي للمنظمات الأجنبية، وأصبح في جزء كبير منه لا يتماشى بالضرورة مع مقتضيات المرحلة. أصبح صوت المنظمات المانحة وليس صوت الشارع وهو ما أفقده الكثير من بريق المجتمع المدني.

الدولة كذلك تحاول استعادة موقعها وأحيانًا على حساب المجتمع المدني، وأصبح هناك نوع من التصدي والتجاهل خوفًا مما تبقى من المجتمع المدني العامل وفق الأجندات الوطنية.

  • في موضوع العدالة الانتقالية، نعلم أنك كنت مرافقًا للمسار قبل انطلاقه. هل أنت راض عما تحقق إلى حد الآن؟ وهل تعتقد أن تونس أهدرت فرصة تحقيق المصالحة الوطنية؟

اشتغلت هيئة الحقيقة والكرامة في مناخ معادي منذ اللحظة الأولى وتعرضت إلى مؤامرات داخلية وخارجية وللأسف لم يحصل كشف الحقيقة ولا التعويض للضحايا.

وبسبب العداء الأيديولوجي، أهدرنا فرصة كبيرة رغم كل اجتهادات رئيسة الهيئة التي احترمها ومجهودات أعضاء الهيئة.

مسار العدالة الانتقالية في تونس لم يكن ناجحًا رغم بعض الإنجازات، ولكن الحصيلة العامة أضعف مما كنا ننتظر خاصة مع وجود شبهات اختراق ملفات تحكيمية نحن بصدد دراستها.

  • تحدّثتم عن استياء من أداء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، لماذا؟

استياءنا من أداء الهيئة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لأنها أضاعت على تونس 5 سنوات كاملة دون أن تفعل أهم جهاز في محاربة الفساد وهو جهاز التقصي، ولم تقم بالدور الوطني الذي يطمح له أغلب التونسيين، واكتفت بدور بروتوكولي يرتكز على إقامة الندوات والشراكات والإعلانات الجوفاء وابتعدت عن دورها في التقصي في الملفات.

عماد الدائمي: لدينا ثقة في وجود نية لدى محمد عبو للقيام بدوره في ضرب ظاهرة الفساد وتدعيم سلطة القانون

رئيس الهيئة اختار منذ البداية ألا يفعل لجنة التقصي التي لها صلاحيات كبرى. كان بالإمكان اقتلاع جذور الفساد في البلاد ولكن ما اُنجز في 5 سنوات كان أقل بكثير.

الهيئة لم تلعب دورها كاملًا في تقديم ملفات جاهزة ومكتملة للقضاء، فأغلبها كانت ملفات فارغة تم إغلاقها وقد تكون اُفرغت عمدًا لعدم إنجاح المساءلة.

  • هل هناك تنسيق اليوم مع وزير الدولة المكلف بالوظيفة العمومية ومكافحة الفساد، أي دور لمثل هذا التعاون في تركيز العمل على مكافحة الفساد؟

ليس هناك تنسيق مباشر لكن وجهنا إليه مراسلات في بعض الملفات. لدينا ثقة في وجود نية لدى الصديق محمد عبو للقيام بدوره في ضرب ظاهرة الفساد وتدعيم سلطة القانون، ولكنه غرق في صلاحيات عديدة جدًا وفي العمل الإداري نأمل أن يكون لديه الوقت والجهد للإشراف على إصلاحات المنظومات التي يدخل منها الفساد دون انتظار الأحكام القضائية لأن الزمن القضائي مختلف عن الزمن السياسي والإداري. ولا يمكن للحكومة رمي الكرة للقضاء ونأمل تفاعلها سريعًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

حوارات | كيف يفهم كبار أساتذة الفلسفة في تونس أزمة كورونا؟

حوار| جنات بن عبد الله: كورونا سيعمّق المديونية و"الأليكا" تهدد صناعة الأدوية