27-سبتمبر-2019

زياد بن عمر المنسّق العام الوطني لنقابة "اتحاد الأساتذة الجامعيين الباحثين التونسيين" المعروفة اختصارًا باسم "إجابة"

 

يخوض الأساتذة الجامعيين المنضوين تحت النقابة المستقلة لـ"اتحاد الأساتذة الجامعيين الباحثين التونسيين" المعروفة اختصارًا باسم "إجابة" اعتصامًا مفتوحًا منذ الأسبوع الأول لشهر سبتمبر/أيلول 2019 بمقرّ وزارة التعليم العالي والبحث العلمي احتجاجًا على تعطل الحوار بصفة فجئية مع الوزارة بخصوص تطبيق اتفاق 7 جوان/يونيو 2018.

وتعدّ "إجابة" أول نقابة مستقلة للأساتذة الجامعيين الباحثين في تونس، تأسست سنة 2012 بإرادة نضالية من أساتذة لم يعجبهم أداء نقابة أساتذة التعليم العالي التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل. وتضمّ النقابة المستحدثة 3500 منخرطًا ومن أبرز وجوهها نجم الدين جويدة، وعائدة كمون وعبد القادر بوسلامة.

تعدّ "إجابة" أول نقابة مستقلة للأساتذة الجامعيين الباحثين في تونس تأسست سنة 2012 وهي تضمّ 3500 أستاذًا منخرطًا

وانبنت على فكرة أساسية هي بعث خيمة نقابية يتداول داخلها مطالب مؤجلة منذ تأسيس الجامعة التونسية سنة 1958 أهمها بعث النظام الأساسي الخاص بالأساتذة الجامعيين الباحثين، وتحديد طرق الانتخاب من أجل تمثيلية حقيقية للأساتذة حسب الأصناف، وضبط آليات الارتقاء حسب النشر العلمي، ومزيد حوكمة قطاع التعليم العالي والبحث العلمي وتحسين تأجير الأساتذة الجامعيين الباحثين.

وبذلك وبخصوص مستجدّات الأزمة المستمرة منذ أشهر بين "إجابة" ووزارة التعليم العالي، التقى "ألترا تونس" زياد بن عمر المنسق العام لـ"إجابة" وهو أستاذ جامعي ومدير قسم اللغة الأنقليزية بكلية الآداب بسوسة فكان الحوار التالي:


  • تتُهم نقابة "إجابة" بإفساد الحياة الجامعية عبر مناخ التوتر الدائم داخل الجامعات خاصة وأن إضراباتها المتتالية كادت تحوّل السنة الجامعية الفارطة إلى سنة بيضاء. كيف تردّون على هذا الاتهام؟ 

ما يروّج حول نقابة "إجابة" هو نوع من التجني والتشويه والإساءة إلى نقابة محترمة ومناضلة، كانت نشأتها من أجل الدفاع عن حقوق الأساتذة الجامعيين الباحثين الذين يحملون صفة دكتور ممّن أفنوا أعمارهم في العلم والبحث وتدريس أجيال وراء أجيال من أبناء الشعب.

وقد حاولنا أن نكون شريكًا حقيقيًا في الحياة الجامعية عبر مقترحاتنا العملية التي قدمناها للوزارة لكن هناك من يعرقلنا ويندس بيننا وبين الوزارة، ولهؤلاء نقول إننا ماضون نحو أهدافنا النبيلة حتى لا يتحول الأستاذ الجامعي إلى "هامشي" داخل المجتمع. ولا يفوتني هنا أن أذكر أنه من العيب أن يؤجر الدكتور بالجامعة التونسية 1760 دينارًا تونسيًا.

  • تتحدث عن عرقلة تتعرض لها نقابة "إجابة" وكأنك تشير إلى الإتحاد العام التونسي للشغل؟

حق التنظم في تونس تضمنه القوانين التي تسمح لأي قطاع بتأسيس نقابته الخاصة، ونحن كأساتذة جامعيين باحثين خيّرنا بعد تفكير معمّق تأسيس  نقابة "إجابة" على غرار نقابات المهندسين والأطباء والصحفيين، وذلك عندما شعرنا أن النقابة المنضوية تحت راية الاتحاد العام التونسي للشغل لا تعبر عن هواجسنا وأحلامنا ولا تتبنى مطالبنا ولا تدافع عنا بجدية.

زياد بن عمر: أسّسنا "إجابة" لأن نقابة اتحاد الشغل لا تدافع عنا بجديّة ومن العيب أن يؤجر الدكتور بالجامعة التونسية 1760 دينارًا

اقرأ/ي أيضًا: الخبير محمد بن فاطمة: منظومة التربية منهارة ولا بدّ من منهجية للإصلاح (حوار)

ونحن لم ندعو الآساتذة الجامعيين الباحثين إلى ترك النقابة الأخرى كما هو مزعوم، لقد كان الالتفاف حولنا طوعيًا لجديتنا وطرحنا للقضايا الحقيقية للقطاع ونحن الأن نعدّ 3500 منخرطًا .

وحتي نكون صرحاء مع الرأي العام، إن ما قامت به "إجابة" طيلة هذه السنوات من نضالات ومكاسب رمزية دفعت بوزارة التعليم العالي للجلوس إلينا والتحاور معنا وإمضاء اتفاق هو الأول من نوعه وعدّ سابقة في تاريخ الجامعة التونسية. وكل هذا أقلق وأحرج فعلًا الاتحاد العام التونسي للشغل الذي سعى للدفاع عن نفسه عبر عرقلتنا وهو ما لمسناه في تعاطي الوزارة مع ملفاتنا.

  • ما هو فحوى اتفاق 07 جوان 2018 الذي تصفونه بالتاريخي؟ وهل توصلتم فعلًا إلى ترجمته على أرض الواقع؟

 لا بدّ من التذكير البداية أن "إجابة" قامت بسلسلة من النضالات انطلقت بعدد من الوقفات الإحتجاجية الناجحة أمام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وذلك بداية السنة الجامعية 2017/2016 وهددت بإضراب إداري وكان ذلك بمثابة الرسائل الواضحة لوزارة الإشراف التي تأكدت أننا لا نلين وأننا بتنا قوة لا تكسر.

زياد بن عمر: كان الالتفاف حولنا طوعيًا لجديتنا وطرحنا للقضايا الحقيقية للقطاع ونحن الأن نعدّ 3500 منخرطًا

وفي السنة الجامعية الموالية، نفذنا ثلاث وقفات احتجاجية جديدة عُدّت الأكبر في تاريخ الجامعة التونسية، إذ كانت الأولى أمام مجلس نواب الشعب بحضور ما يناهز 4500 أستاذ والثانية أمام مقر رئاسة الحكومة بالقصبة بمشاركة ما يناهز 3000 أستاذ، والثالثة أمام وزارة التعليم العالي بحضور ما يقارب 1200 أستاذ.

هذه السلسلة من التحركات دفعت بالوزارة إلى الجلوس طاولة المفاوضات وإمضاء اتفاق هام يوم 7 جوان/يونيو 2018 الذي تضمن عدد من النقاط الجوهرية ملخصها إعتبار نقابة "إجابة" شريك رسمي في مسار إصلاح منظومة التعليم العالي والبحث العلمي، ومراجعة النظام الأساسي لمختلف المدرسين الجامعيين بمختلف رتبهم،، ومراجعة سلم وآفاق التدرج المهني والانعكاسات المالية وإعداد روزنامة عمل واضحة تضبط الأولويات، وتحديد سقف زمني لإنهاء اشغال مراجعة القانون الأساسي للمدرسين الجامعيين الباحثين معتعهد الوزارة بالترفيع في ميزانية التعليم العالي والبحث العلمي بنسبة 0.75 في المائة من الميزانية العامة للدولة وذلك على مدى ثلاث سنوات.

مراسل "ألترا تونس" مع المنسق الوطني لنقابة "إجابة" زياد بن عمر

  •  لكن ما الذي حدث في الأثناء ما انجرّ عنه دخولكم في سلسلة جديدة من التحركات آخرها الاعتصام المفتوح بمقر الوزارة المتواصل منذ الأسبوع الأول لشهر سبتمبر/أيلول 2019؟

بعد التوقيع على الاتفاق وإنفراج الأزمة، تقدمنا أشواطًا في رسم ملامح النصوص القانونية للنظام الأساسي، واتفقنا على تحديد مواعيد المناظرات خاصة وأن الخارطة الجامعية التونسية تحتاج الآن قرابة 1200 أستاذ جامعي باحث.

زياد بن عمر: قرار الارتقاء الآلي يمسّ من قيمة الشهادة العلمية التونسية

لكن وبشكل فجئي انقطع الوصل من طرف الوزارة وتعطلت المفاوضات من دون تفسير لذلك وتم إدخالنا في دوامة من المماطلة، فما كان منا إلا أن شرعنا في التحرك من جديد فكانت البداية سلمية ثم تحولنا إلى الإضراب الإداري بداية من جانفي 2019، فردّت الوزارة بقطع أجور الأساتذة قصد تجويعهم وإهانتهم، فما كان منا سوى التصعيد فخضنا الاعتصام الشهير تحت مدرج الوزارة والذي دام 63 يومًا.

عدنا للمفاوضات من جديد مع بداية جوان/يونيو 2019 لكنها مفاوضات اتسمت بالبطء والمراوغة الوزارية وعدم الاستجابة لمطلبين أساسيين وهما إرجاع الموقوفين عن العمل من المعتصمين والكف عن إسنادهم التوابيخ وقطع الأجور، وأيضًا التراجع عن قرار الارتقاء الآلي المعروف بـ"المستلّ" من محضر مجلس الجامعات لما فيه من مسّ من قيمة الشهادة العلمية التونسية، وهو ما أدى بنا إلى الاعتصام الحالي.

اقرأ/ي أيضًا: منسّق المرصد التونسي للمياه: الدولة تتجه لخوصصة قطاع المياه (حوار)

  • كيف ترون الحل بعد تعطل المفاوضات وإنسداد الأفق خاصة بعد قرار مجلس الجامعات بالارتقاء الآلي للطلبة حتى تنطلق السنة الدراسية الحالية بشكل طبيعي؟

قرار الارتقاء الآلي هو قرار سياسي اتخذته الحكومة وهو نوع من ممارسة العنف الرمزي على الطلبة، لكن نحن كنقابة مستقلة للأساتذة الجامعيين الباحثين ولكي نحلحل هذه الأزمة العالقة نقترح الصلح الشجاع. ويجب على الوزارة لتبيّن حسن نواياها أن تقرر رفع الإجراءات التأديبية ضد الأساتذة، ونحن ستكون إجابتنا مباشرة بفك الاعتصام ومن ثمة العودة للمفاوضات وإنجاح السنة الجامعية.

زياد بن عمر: "إجابة" لا تنتمي لأي حزب وغير مدعومة لا من حركة النهضة ولا من غيرها

  • تعاني الجامعة التونسية الكثير من الهشاشة في المستوى الاجتماعي والبنية التحتية. كيف تنظرون إلى هذه المسائل؟

نقابة "إجابة" طالبت وتطالب بمراجعة سياسة التشغيل وتلح أن تكون المناظرات هي السبيل الوحيد للعمل داخل الجامعة، وأيضًا مراجعة طريقة العقود وجعلها واضحة ويجب أن تتوج بالترسيم حسب ما تنص عليه قوانين الوظيفة العمومية. 

وبخصوص ملف المتعاقدين وما يعانونه من ضيم، تتبنى "إجابة" مطالبهم كاملة وتدافع عنهم وهم أولوية بالنسبة لها. كما طالبنا بتحسين البنية التحتية للجامعات وصيانتها وذلك بالترفيع في ميزانية الوزارة وانتداب اليد العاملة المختصة.

  • هل يمكن القول إن أزمتكم مع وزارة التعليم العالي ألقت بظلالها على أجواء الانتخابات الرئاسة السابقة لأوانها؟

كما هو معلوم فإن الجامعة هي التي انتصرت في الانتخابات الرئاسية عبر أساتذتها وطلبتها الذين تطوعوا ضمن حملة الأستاذ قيس سعيّد وأنجحوها وأثبتوا فعلًا أنهم قادرين على الفعل والتغيير. هؤلاء أنفسهم ساندوا نقابتنا ودعموها إيمانًا منهم بأننا نستطيع في لحظة ما أن نكون صوتهم أمام حكومة لم تحرك ساكنًا أمام ملف التعليم العالي.

زياد بن عمر: الجامعة هي التي انتصرت في الانتخابات الرئاسية عبر أساتذتها وطلبتها الذين تطوعوا ضمن حملة الأستاذ قيس سعيّد

  • توجه لكم تهمة الإصطفاف الحزبي وخاصة دعم حركة النهضة لكم، هل من توضيح؟

"إجابة" لا تنتمي لأي حزب وغير مدعومة لا من حركة النهضة ولا من غيرها. ما يروّج حولنا هي مجرد افتراءات وتكتيك حتى ينفض الناس من حولنا وربما جرنا لمسائل ليست من صميم أهدافنا.

وهنا لا بد من الإشارة أن أغلب الأحزاب التونسية لا تهتم بملف الجامعة وليس لديها خبراء يتابعون ما يحدث في الحياة الجامعية ويقدمون الحلول و البدائل. وها نحن نرى نزيف هجرة الأساتذة الجامعيين بتسجيل 4500 أستاذًا مهاجرًا من جملة 12.500 أستاذًا هم خيرة ما أنتجت تونس من عقول، ولكن الأحزاب والسياسيين لا يحركون ساكنًا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

المهدي المبروك: قيس سعيّد متصوّف ثوريّ قد يرقى إلى الشخصية الجامعة (حوار)

كلثوم كنو: هذه أهداف مبادرة "مواطنون" ولا إرادة سياسية لإصلاح القضاء (حوار)