حوار| رئيس نقابة الفلاحين: الديوان عاجز عن احتواء أزمة الزيت ولا بد من خطط ناجعة
31 ديسمبر 2024
قال رئيس نقابة الفلاحين التونسيين الميداني الضاوي إنّ الديوان الوطني للزيت في تونس غير جاهز لاحتواء أزمة زيت الزيتون التي تعيش على وقعها البلاد واستيعاب صابة الزيت، وإنّ صغار الفلاحين لا يمكنهم تخزين الزيت بسبب التزاماتهم المالية. كما أكد أنّ نقابة الفلاحين ترحب بالإجراءات الجديدة التي تضمنها قانون المالية لسنة 2025 لدعم قطاع الفلاحة.
كل هذه المواضيع وغيرها تقرؤونها في حوار خاص لرئيس نقابة الفلاحين التونسيين مع "الترا تونس".
- أولاً، كيف تُقيّم واقع قطاع الفلاحة في تونس؟
قطاع الفلاحة في تونس تأثّر في السنوات الأخيرة بأزمة الجفاف التي عاشت على وقعها البلاد لفترة طويلة، وهو ما تسبب في تراجع الإنتاج في بعض القطاعات، فمثلاً تم تسجيل تراجع في صابة الحبوب سنة 2023 بنسبة 60% مقارنة بسنة 2022، حيث تم تجميع نحو 6.5 ملايين قنطار.
رئيس نقابة الفلاحين: قطاع الفلاحة في تونس تأثّر في السنوات الأخيرة بأزمة الجفاف وهو ما تسبب في تراجع الإنتاج في بعض القطاعات، فمثلاً تم تسجيل تراجع في صابة الحبوب سنة 2023 بنسبة 60% مقارنة بسنة 2022
لكن صابة الحبوب في سنة 2024 تحسنت بشكل لافت رغم تواصل تراجع التساقطات، حيث تم تجميع نحو 6.5 ملايين قنطار وهو رقم جيّد باعتبار أنّ قطاع الفلاحة في تونس يساهم بنسبة 12% في الناتج المحلي ويوفر مواطن شغل لنحو 13% من اليد العاملة.
- كيف أثر تراجع أسعار زيت الزيتون على المنتجين وصغار الفلاحين في تونس؟
في البداية، يجب الإشارة إلى أنّ تونس لم تسجل صابة قياسية في زيت الزيتون هذا الموسم وإنما تم تسجيل زيادة في الإنتاج بنسبة 50%، حيث قدرت صابة الزيتون سنة 2024 بنحو 340 ألف طن أي ما يعادل مليون و700 ألف طن من زيت الزيتون مقابل مليون و200 ألف طن سنة 2023.
رئيس نقابة الفلاحين: الفلاحون اليوم تكبدوا خسائر كبيرة جراء تراجع أسعار زيت الزيتون مقابل ارتفاع تكلفة الإنتاج واليد العاملة، وهم لا يزالون يأملون أن ترتفع الأسعار كي يتمكنوا من سداد ديونهم
وبالفعل فقد أربك تراجع أسعار زيت الزيتون في تونس المنتجين وصغار الفلاحين خصوصًا وأنّ الأسعار لم ترتفع على الرغم من الإجراءات العاجلة التي أقرتها وزارة الفلاحة التونسية والديوان الوطني للزيت.
مع الأسف، الفلاحون اليوم تكبدوا خسائر كبيرة جراء تراجع أسعار زيت الزيتون مقابل ارتفاع تكلفة الإنتاج واليد العاملة، وهم لا يزالون يأملون أن ترتفع الأسعار كي يتمكنوا من سداد ديونهم واسترجاع مصاريفهم.
- إلى أين وصلت أسعار زيت الزيتون في تونس مع قرب انتهاء موسم الجني؟
بلغ سعر اللتر الواحد من زيت الزيتون 12 دينارًا وهو السعر الذي يبيع به أصحاب المعاصر، لكنّ الفلاحين والمنتجين يبيعون الكلغ الواحد والذي ينتج حوالي 1.10 لتر من الزيت بـ 8 دنانير.
هذا السعر ضعيف جدًا ولا يمكنه تغطية المصاريف الكبيرة التي يدفعها الفلاحون يوميًا لإنجاح الصابة، ونحن كنقابةٍ للفلاحين اقترحنا أن يتمّ إقرار سعر يراعي المنتج والمستهلك. ونجدد تأكيدنا أنّ الفلاح لا يمكنه تحقيق الأرباح المنتظرة إذا تم بيع زيت الزيتون بسعرٍ أدنى من 15 دينارًا.
- وزارة الفلاحة والديوان الوطني للزيت أقرّا إجراءات عاجلة لدعم قطاع زيت الزيتون، إلى أيّ مدى يمكن اعتبار هذه الإجراءات ناجعة؟
من المهم جدًا الإشارة إلى أنّ المنتجين توقعوا أن يساهم الديوان الوطني للزيت في إنقاذ الموسم وتعديل الأسعار ودعم الفلاّحين خصوصًا الصغار منهم، لكن ذلك لم يحدث.
رئيس نقابة الفلاحين: الفلاحون توقعوا أن يساهم الديوان الوطني للزيت في إنقاذ الموسم وتعديل الأسعار ودعم الفلاّحين خصوصًا الصغار منهم، لكن ذلك لم يحدث
وكي لا تتم مغالطة الرأي العام، يجب الإشارة إلى أنّ ديوان الزيت غير مؤهل في الوقت الحالي لاستيعاب كل كميات زيت الزيتون الموجودة لهذا الموسم، خصوصًا وأنّ الدولة التونسية عولت منذ التسعينات على القطاع الخاص لشراء الزيت وتصديره.
لذلك من غير المعقول أن يتم في ليلة وضحاها تحميل الديوان الوطني للزيت مسؤولية شراء كل كميات زيت الزيتون، بل يجب تأهيله وتحضيره من خلال تجهيز المخازن وآلات نقل الزيت المناسبة، إضافة إلى توفير الدعم اللوجستي والمادي له بما يمكنه من تحمل مسؤوليته على أكمل وجه.
ومن المهم جدًا مصارحة الرئيس التونسي قيس سعيّد بأنّ الديوان الوطني لزين غير مستعد حاليًا لتحمل مسؤوليته تجاه صابة زيت الزيتون.
رئيس نقابة الفلاحين: صغار الفلاحين عادة ما يقومون بعمليات الإنتاج بالاعتماد على القروض والتداين ولا أمل لهم سوى بيع الصابة لدفع مصاريف الإنتاج وتكاليف اليد العاملة والقروض، لذلك لا يمكنهم بأي شكل من الأشكال تخزين صابة زيت الزيتون
أما بالنسبة للقرارات العاجلة التي تم إقرارها بأمر من أعلى هرم السلطة مثل تقديم منح على تخزين زيت الزيتون فهي غير مجدية ولن تنفع المنتجين كثيرًا، فمثلاً صغار الفلاحين في تونس غير معنيين إطلاقًا بتخزين زيت الزيتون.
فصغار الفلاحين عادة ما يقومون بعمليات الإنتاج بالاعتماد على القروض والتداين ولا أمل لهم سوى بيع الصابة لدفع مصاريف الإنتاج وتكاليف اليد العاملة والقروض، لذلك لا يمكنهم بأي شكل من الأشكال تخزين صابة زيت الزيتون. يمكن القول إنّ منحة التخزين التي أقرها الديوان الوطني للزيت يمكن أن يستفيد منها أصحاب المعاصر وكبار الفلاحين فقط بينما لا تخدم مصلحة صغار الفلاحين.
- أمام تفاقم أزمة زيت الزيتون، ماهي الحلول التي تقترحها نقابة الفلاحين لدعم هذا القطاع المهم؟
قطاع الزيتون هو حلقة متكاملة تبدأ من المنتج وتنتهي عند المصدر، ومن المهم جدًا اليوم تقديم الدعم لهذا القطاع بقرار سياسي واضح باعتبار أنّ زيت الزيتون هو شريان مالي هام جدًا لتونس واقتصادها.
رئيس نقابة الفلاحين: قطاع الزيتون هو حلقة متكاملة تبدأ من المنتج وتنتهي عند المصدر، ومن المهم جدًا اليوم تقديم الدعم لهذا القطاع بقرار سياسي واضح باعتبار أنّ زيت الزيتون هو شريان مالي هام جدًا لتونس واقتصادها
لذلك نقترح أولاً تدخل البنوك لضخ الأموال ودعم ديوان الزيت والمنتجين لتسهيل عملية الخزن والتصدير، بالإضافة إلى ضرورة البدء في صرف منح التمويل منذ انطلاق موسم جني الزيتون وليس بداية من شهر جانفي/يناير مع العلم أنّ موسم جني زيت الزيتون يبدأ منتصف شهر أكتوبر/تشرين الأول.
وعلى الرغم من أنّ قطاع الزيتون محدد بأجل فهو يظل مصدرًا هامًا للعملة الصعبة بالنسبة لتونس، ومن المهم جدًا اتخاذ القرارات وتطبيقها بأسرع وقت ممكن ووضع خطط استباقية قبل كل موسم.
- هناك مطالب بضرورة تثمين زيت الزيتون التونسي، لماذا تأخرت هذه الخطوة كثيرًا؟
التثمين يعتبر أهم عنصر بعد الإنتاج لذلك تتعالى الأصوات الداعية لضرورة تثمين زيت الزيتون التونسي وذلك لقطع الطريق أمام الدول التي تقوم بتصدير زيتنا ومن ثمة تقوم بخلطه بزيوتها المحلية وبيعها مع التأشير على أن الزيت منتجهم الخاص دون الإشارة إلى أنه تونسي.
رئيس نقابة الفلاحين: من الضروري اليوم العمل على تثمين زيت الزيتون والتخلي تدريجيًا عن بيع زيت الزيتون السائب خصوصًا وأن الزيت التونسي معروف بجودته العالية التي تُرجمت في مئات الجوائز العالمية
لذلك من الضروري اليوم العمل على تثمين زيت الزيتون والتخلي تدريجيًا عن بيع زيت الزيتون السائب خصوصًا وأن الزيت التونسي معروف بجودته العالية التي تُرجمت في مئات الجوائز العالمية.
وفي سنة 2023 ثمنت تونس نحو 26 ألف طن من زيت الزيتون في حين تم بيع بقية الإنتاج في شكل زيت سائب وهو رقم ضعيف، لهذا تونس مطالبة بالسعي لتثمين زيتها والدفاع عن اسمها وجودة مُنتجها أمام العالم.
- بينما انشغل الرأي العام بأزمة زيت الزيتون، واجه موسم الزراعات الكبرى إشكاليات عديدة منها نقص البذور والأسمدة، هل تم تجاوز هذه الإشكاليات؟
نعم رغم أنّ بداية موسم البذر اصطدمت بنقص البذور والأسمدة غير أنه تم عاجلاً تجاوز كل تلك الإشكاليات وتم إنجاح موسم البذر الذي انتهى بنجاح وتمت زراعة مليون و250 ألف هكتار.
- كثر الحديث في الأشهر الأخيرة عن مرض الجلد العقدي الذي يصيب الأبقار، هل يهدد هذا المرض قطيع الأبقار ويؤثر على إنتاج الحليب؟
الأمراض المعدية التي تصيب الماشية يمكنها أن تضعف القطاع لكن يمكن مكافحتها ومنع انتشارها من خلال توفير التلاقيح اللازمة، وهذا ما حصل مع مرض الجلد العقدي الذي يصيب الأبقار في تونس حيث تدخلت وزارة الفلاحة لتلقيح القطيع.
وحسب آخر المعلومات التي لديّ فإنّ عملية التلقيح ناجحة وناجعة والأرقام المتداولة حول عدد الإصابات ليست مفزعة، وهناك أمراض عديدة أصابت الماشية في تونس وتم التصدي لها بنجاح.
رئيس نقابة الفلاحين: الأمراض المعدية التي تصيب الماشية يمكنها أن تضعف القطاع لكن يمكن مكافحتها ومنع انتشارها من خلال توفير التلاقيح اللازمة، وهذا ما حصل مع مرض الجلد العقدي الذي يصيب الأبقار في تونس
لذلك يمكنني القول إنّ ما يهدد قطاع تربية الأبقار هو تراجع سعر بيع الحليب الذي أثر على المنتجين بشكل لافت، فمن غير المعقول أن يتمّ بيع اللتر الواحد من الحليب بـ1.340 دينار فقط وهو سعر ضعيف جدًا ووجب الترفيع فيه لحماية المنتجين وصغار الفلاحين وتشجيعهم على عدم التخلي عن قطيعهم.
ونحن اقترحنا أن يتم بيع اللتر الواحد من الحليب بـ1.700 دينار، في ظل ارتفاع أسعار العلف والأدوية بسبب الحرب الروسية-الأوكرانية إلى جانب ارتفاع تكلفة الإنتاج واليد العاملة، وطبعًا لا نزال ننتظر التجاوب مع مطالبنا والاستماع إلى أصواتنا.
- هل تونس قادرة على تحقيق أمنها الغذائي في حال غيرت من سياستها الفلاحية الحالية؟
إذا توفرت الإرادة الحقيقية والرؤية الواضحة، فإنّ تونس قادرة على تحقيق أمنها الغذائي خلال السنوات المقبلة، خصوصًا أمام تواصل ارتفاع أسعار الحبوب وفي ظل تفاقم أزمة الغذاء في العالم جراء مخلفات جائحة كورونا والحرب الروسية-الأوكرانية.
رئيس نقابة الفلاحين: إذا توفرت الإرادة الحقيقية تونس قادرة على تحقيق أمنها الغذائي لذلك من الضروري أن يتم وضع سياسة غذائية تعتمد على الإنتاج المحلي وهي سياسة لا تتحقق إلا بتغيير السياسة الفلاحية والتوجه نحو دعم قطاع الفلاحة
ومن الضروري أن يتم وضع سياسة غذائية تعتمد على الإنتاج المحلي وهي سياسة لا تتحقق إلا بتغيير السياسة الفلاحية والتوجه نحو دعم قطاع الفلاحة ودعم المنتجين وتشجيعهم على الإنتاج.
وتونس سبق لها أن حققت فائضًا في إنتاج الحليب إضافة إلى تصديرها زيت الزيتون والتمور والطماطم، ونحن ندعو باستمرار إلى ضرورة دعم الفلاحين التونسيين للإنتاج وإيجاد تقنيات جديدة لمواجهة التغيرات المناخية ونقص التساقطات، والتقليص التدريجي من التوريد.
- تضمّن قانون المالية 2025 إجراءات جديدة لدعم الفلاحين وقطاع الفلاحة، كيف تقيمون هذه الإجراءات؟
نعم بالفعل تضمن قانون المالية لسنة 2025 إجراءات جديدة لدعم قطاع الفلاحة والفلاحين تلخصت في 11 بندًا، من بينها إحداث خط تمويل بقيمة 7 ملايين دينار لإسناد قروض للمؤسسات الناشطة في قطاع الفلاحة والصيد البحري، إضافة إلى إجراءات أخرى منها إقرار خط تمويل بقيمة 10 ملايين دينار للمؤسسات الصغرى والمتوسطة وتخصيص منح لمربي الأبقار.
نحن في نقابة الفلاحين التونسيين نرحب بكل خطوة جدية للإحاطة بالمنتجين ودعمهم، ولكن نطالب بضرورة العمل على إنجاز دراسات تستهدف أبرز القطاعات الفلاحية.
فمثلاً توفير دعم مالي ومنح لمربي الأبقار هو خطوة إيجابية ونرحب بها، لكن لا بدّ من معالجة المشكل الرئيسي الذي يعاني منه هذا القطاع وهو الترفيع في سعر بيع اللتر الواحد من الحليب من 1.340 دينار إلى 1.700 دينار، وهي خطوة تمكن الفلاح من تحقيق هامش من الربح يشجعه على مواصلة الإنتاج.

الكلمات المفتاحية

حوار| مختصة في علوم التصرف: لخلق الثروة يجب إصلاح الإدارة وتغيير منظومة التسيير
الدكتورة رياض الزغل: يحتاج كلّ منوال تنمية مهما كان نوعه إلى إرادة سياسية، تقطع مع الارتجال وتخطط للعمل وفق توجّه سياسي، اقتصادي ملائم

حوار| أستاذ القانون البنكي محمد النخيلي: تفاصيل "الشيك الجديد" ومزاياه وتحدياته
أستاذ القانون البنكي محمد النخيلي لـ"الترا تونس": المتعاملون في السوق سيجدون الحلول البديلة عن "الشيك" وسنحتاج بعض الوقت حتى يتعود الجميع على هذه الآليات الجديدة

البيع عبر الإنترنات في تونس وانطلاق اقتطاع 3%.. تضييق الخناق على القطاع الموازي؟
المستشار الجبائي سليم المناعي يتحدّث بأكثر تفاصيل لـ"الترا تونس"

مشاركة 313 عارضًا من 29 دولة في الدورة 39 لمعرض تونس الدولي للكتاب
إبراهيم الكوني من ليبيا، عبد الفتاح دولة من فلسطين، محمد مصباح من تونس، مازارين بينجو من فرنسا.. من بين ضيوف المعرض

الإبقاء على مدير المعهد الثانوي بالمزونة بحالة سراح
كان قاضي التحقيق المتعهد بقضية حادثة المزونة، قد أسند إنابة عدلية للفرقة المركزية للحرس الوطني بالعوينة، التي باشرت الأبحاث لتحديد المسؤوليات، وقد تم على أساس ذلك الاحتفاظ بمدير المعهد الثانوي