حوار| أستاذ القانون البنكي محمد النخيلي: تفاصيل "الشيك الجديد" ومزاياه وتحدياته
14 فبراير 2025
منذ صدور القانون عدد 41 بتاريخ الثاني من أوت/ أغسطس 2024 والمتعلق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية الخاصة بالشيكات بهدف منع التداول نهائيًا بالصكوك دون رصيد والتقليص من المخاطر المرتبطة بها، ما فتئت التساؤلات تثير جدلًا في تونس لم ينته حتى بعد دخول الشيك أو الصك حيز التفعيل في 2 فيفري/شباط 2025.
وللإجابة عن هذه التساؤلات وتقديم أكثر تفاصيل حول هذه الصيغة الجديدة، يحاور "الترا تونس"، عضو اللجنة القانونية القارة بالمجلس البنكي والمالي وأستاذ القانون البنكي محمد النخيلي:
- كمختص في القانون البنكي، هل يمكن أن تبسط لنا مراحل استعمال الشيك في نسخته الجديدة؟
يتم تعمير الصك بكتابة المبلغ واسم المستفيد ويقوم هذا الأخير بوضع رمز الاستجابة السريعة الخاص بها عبر منصة رقمية موحدة خاصة بالمعاملات بالصكّ، تمكن المستفيد من الصكّ من التثبت الفوري من وجود رصيد كاف له أو من وجود اعتراض على خلاصه. فإذا كان صاحب الصك اختار أن تصله رسالة على هاتفه الجوال، تبلغه بالعملية وتتضمن رقمًا سريًا يقدمه للمستفيد حتى يستطيع حجز المبلغ فله ذلك، وإن كان الحريف لم يفعّل هذه الخاصية ولم يبلغه البنك بها فإن المبلغ يحجز تلقائيًا دون أن تصل صاحب الصك أي معلومة عن العملية.
أستاذ القانون البنكي محمد النخيلي لـ"الترا تونس": كان علينا أن نبدأ أولًا بتركيز وربط كل أنحاء البلاد بخدمات الجيل الخامس من الإنترنات 5G قبل استعمال الصك الجديد
وفي حال رفض الصك لعدم توفر المبلغ المطلوب، فإن ذلك لا يترتب عنه أي أداءات بنكية ولا بدّ أن يتم إعادته إلى صاحبه، فإذا لم يقم بهذه العملية وتوجه به إلى البنك فيمكن أن يعرّض نفسه للتتبعات القانونية لإمكانية توفر قرينة استعمال الصك على وجه الضمان ويعاقب بـ2 سنوات سجنًا.. لهذا فليس من مصلحته الاحتفاظ به.
- في حال لم أفعّل خاصية الرسالة على الهاتف الجوال للتثبت من العملية، هل هناك مخاطر؟
إنّ الخطر يكمن في إمكانية أن يكتب المستفيد من الصك مبلغًا خاطئًا على سبيل المثال: المبلغ 100 دينار ويحدث أن يتم زيادة صفر فيصبح 1000 دينار في هذه الحالة لا تصلك رسالة للتتبث وطلب إصلاح الرقم قبل السماح بإتمام العملية ويسحب المبلغ 1000 دينار ويظل الحريف في انتظار أن يعيد له المستفيد 900 دينار.
لهذا فان خاصية التثبت عبر الرسالة الهاتفية مهمة جدًا، لكن هذا لا ينفي إشكالًا آخر يتعلق خاصة بمعاملات الشركات، فصاحب المؤسسة لا يمكن أن يقوم طوال الوقت بالتثبت من الرسالة ومدّ المستفيد بالرقم السري الذي يصله خصوصًا وأن هذه المعاملات تتم عبر موظفين وعملة، لذلك فإنّ بعضهم سيسمح بأن تصل الرسائل لأشخاص آخرين غيره.
محمد النخيلي لـ"الترا تونس": من الغريب أن مؤسسات عمومية لم تنخرط في المنصة الإلكترونية مثل "القباضات" التي لا تقبل التعامل بالصكوك، فكيف تركز الدولة هذه الصيغة الجديدة ولا تنخرط مؤسساتها فيها؟
كما أن عملية انتظار وصول الرسالة الهاتفية ووضع رمز الاستجابة السريعة على المنصة الإلكترونية يحتاج لتدفق أنترنت و"كأننا سبّقنا الحصيرة قبل الجامع" إذ كان علينا أن نبدأ أولًا بتركيز وربط كل أنحاء البلاد بـ5G ثم نبدأ في استعمال الصك الجديد.
فقد يهرب الحريف في اللحظات التي يثبت فيها المستفيد، ويترك صكه وهو يعلم أنه بلا رصيد، ويكون قد أخذ حاجته من سلع ومواد ويجد المستفيد نفسه مجبرًا على إثبات هذه العملية عند توجهه للبنك وأن الصك بقي عنده بلا رصيد رغمًا عنه ولم يأخذه كضمان بل إن صاحبه هرب، وحتى يستطيع أن يتتبعه قانونيًا.
- ألا تبدو العملية معقدة جدًا؟
فعلًا، العملية معقدة جدًا، والأمثلة على ذلك كثيرة، فمثلًا يمكن أن يحجز المبلغ ويتوجه المستفيد إلى البنك حاملًا الصك لكن يرفض منحه المبلغ لأن الإمضاء غير واضح أو لأي سبب آخر يتعلق بما كتب فيه خطيًا.
لذلك كان من الأجدر أن يستعمل الذكاء الاصطناعي في التطبيقة ونسخ كل المعطيات الموجودة في الصك والتثبت من كل تفاصيله وصحته منذ الوهلة الأولى.
- هل كل المؤسسات قادرة على قبول الشيكات الجديدة والتعامل معها؟
للأسف، من الغريب أن المؤسسات العمومية لم تنخرط في المنصة الإلكترونية مثل "القباضات" التي لا تقبل التعامل بالصكوك فكيف تركز الدولة هذه الصيغة الجديدة ولا تنخرط مؤسساتها فيها؟ فالأجدر أن تكون هي السباقة وهي المثال الذي يتبعه الجميع.
محمد النخيلي لـ"الترا تونس": كأنّ بالمشرّع فكّر في معاملات المواطن البسيطة فقط حين فرض 30 ألف دينار كحد أقصى للشيك، في حين أن معاملات الشركات -المتعامل الأكبر بهذه الصيغة- تدفع مبالغ أكبر بكثير
وأعتقد أنّ سبب رفضهم هو الوقت، فهم يرون أن انتظار الرقم السري من المواطن سيطيل الانتظار وسيعطل العملية في المكاتب الإدارية لذلك يفضلون طرق استخلاص أخرى.
إلى جانب ذلك، لا يمكن أن ننسى أن الديوانة تطلب صكًا مصدقًا (Le chèque certifié) لهذا نحن نتساءل لماذا فرض المشرع 30 ألف دينار كحد أقصى للشيك في حين أن معاملات الشركات وهي النسبة الأكبر التي تتعامل بهذه الصيغة تدفع مبالغ أكبر بكثير وكأننا بالمشرّع فكّر في معاملات المواطن البسيطة لا في المؤسسات والشركات الكبرى؟
- هل ستكون الكمبيالة هي الحل الوحيد بعد الصيغة الجديدة للشيك؟
الصك عاد لدوره الحقيقي وهو الخلاص الحينيّ، وكل من يستعمله كضمان سيدخل السجن، وبالتالي فإن الكمبيالة هي وسيلة خلاص مؤجل وتعود لدورها الأصلي علمًا وأنّ كثيرين مازالوا يعتمدون عليها في البيع بالتقسيط.
كما أنّ عددًا من البنوك بدأت تفكّر في مدّ الحرفاء ببطاقة خلاص تدفع المبلغ كاملًا ثم يتم اقتطاعه على أقساط من الرصيد. عدد آخر من التجار أصبح يسمح بالاقتطاع من مرتب الموظف مباشرة بعد القيام بعدة إجراءات قانونية.
وبالتالي، فإن المتعاملين في السوق سيجدون الحلول البديلة عن "الشيك" وسنحتاج بعض الوقت حتى يتعود الجميع على هذه الآليات الجديدة.
الكلمات المفتاحية

حوار| مختصة في علوم التصرف: لخلق الثروة يجب إصلاح الإدارة وتغيير منظومة التسيير
الدكتورة رياض الزغل: يحتاج كلّ منوال تنمية مهما كان نوعه إلى إرادة سياسية، تقطع مع الارتجال وتخطط للعمل وفق توجّه سياسي، اقتصادي ملائم

البيع عبر الإنترنات في تونس وانطلاق اقتطاع 3%.. تضييق الخناق على القطاع الموازي؟
المستشار الجبائي سليم المناعي يتحدّث بأكثر تفاصيل لـ"الترا تونس"

انطلاق قبول مطالب الحصول على دفتر الشيكات الجديد.. ما مصير الشيكات مؤجلة الدفع؟
أنيس الوهابي (خبير محاسب) لـ"الترا تونس": المشكل هو غياب وسائل لتمويل المؤسسات التونسية تلائم احتياجات التونسي الذي لا يملك ضمانًا

مشاركة 313 عارضًا من 29 دولة في الدورة 39 لمعرض تونس الدولي للكتاب
إبراهيم الكوني من ليبيا، عبد الفتاح دولة من فلسطين، محمد مصباح من تونس، مازارين بينجو من فرنسا.. من بين ضيوف المعرض

الإبقاء على مدير المعهد الثانوي بالمزونة بحالة سراح
كان قاضي التحقيق المتعهد بقضية حادثة المزونة، قد أسند إنابة عدلية للفرقة المركزية للحرس الوطني بالعوينة، التي باشرت الأبحاث لتحديد المسؤوليات، وقد تم على أساس ذلك الاحتفاظ بمدير المعهد الثانوي