15-يناير-2022

الرئيس السابق لجمعية أمراض القلب وجراحة القلب والشرايين الدكتور فوزي عدّاد

 

مرّ أكثر من عامين على ظهور فيروس كورونا الذي حير الأطباء والعلماء. ولئن تطورت الأبحاث والدراسات حول التحولات التي يشهدها، إلا أن عديد الأسئلة التي لا تزال تثار حول هذا الفيروس خاصة مع ما تشهده بلدان عدة حول العالم من ارتفاع عدد الإصابات بالمتحور "أوميكرون" من فيروس كورونا.

فما هي خصائص المتحور "أوميكرون"؟ وما مدى تأثير انتشاره على الوضع الصحي في تونس؟ وهل يعتبر آخر حلقات دورة حياة فيروس كورونا؟

"الترا تونس" تحاول الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها في حوار مع الرئيس السابق لجمعية أمراض القلب وجراحة القلب والشرايين الدكتور فوزي عدّاد.

  • في البداية ما تقييمكم للوضع الوبائي العالمي والمحلي؟

يشهد العالم انتشارًا سريعًا للمتحور "أوميكرون" الذي انطلق من إفريقيا الجنوبية وانتقل إلى أوروبا من بوابة انجلترا وهذا ما جعل منظمة الصحة العالمية تتوقع إصابة 50% من الأوروبيين خلال الشهرين القادمين. أما في تونس، فقد كنا في انتظار ما سيحصل. نحن لسنا بمعزل عن العالم، إذ ارتفعت نسبة التحاليل الإيجابية من 7٪ إلى 28%. علمًا وأنّ هذه الأرقام لا تعكس الوضع الوبائي الحقيقي لأننا لا نملك الإمكانيات الكافية للقيام بالتحاليل للجميع، ومن المتوقع أن نصل إلى 50 ألف حالة في قادم الأيام.

  • ماهي خصائص "أوميكرون"؟ وفيمَ يختلف عن بقية المتحورات؟

"أوميكرون" أصبح "النجم" الحالي لمتحورات فيروس كورونا. تؤكد جميع البيانات العلمية أنه أقل خطورة من المتحور "دلتا" لكنه أكثر خطورة من فيروس "ألفا" الأصلي، بينما يكون أكثر عدوى من المتحوّرين الآخرين.

الدكتور فوزي عدّاد: دراسات تونسية أثبتت وجود إشكال على مستوى الغشاء الداخلي للشرايين لدى الذين أصيبوا بفيروس كورونا، وآثار الفيروس تبقى على مستوى القلب والشرايين بعد 200 يوم من الإصابة

يبدو أن ذلك مرتبط بحقيقة أن متحور "أوميكرون" يتكاثر أكثر في الأنف والحنجرة والشعب الهوائية وليس في الرئتين. وبالتالي، لدينا أشكال أقل خطورة، مع لجوء أقل إلى المستشفى. وحتى بالنسبة للأشخاص الذين يضطرون إلى الإقامة في المستشفى، تكون مدة إقامتهم أقصر.

اقرأ/ي أيضًا: تونس: جوازات تلقيح للبيع "حسب الطلب" ووزارة الصحة في مرمى الانتقادات

 تؤكد دراسة في الولايات المتحدة أنه مقارنة بالأشخاص المصابين بدلتا، فإن أولئك المصابين بـ"أوميكرون" لديهم نصف مخاطر دخول المستشفى، وأن خطر دخول العناية المركزة انخفض بنسبة 75٪ وخطر الموت تقلص بنسبة 90٪.

  • كيف تفسرون هذا الانتشار السريع لمتحور "أوميكرون"؟

التفسير الأول هو أن التلقيح قام بالحماية الكافية وخلق مناعة فأصبح المتحور يتحرك في صفوف الأطفال وهذا ما سرّع عملية الانتشار نظرًا لتواصلنا الدائم مع هذه الفئة العمرية. أما التفسير الثاني هو أن فيروس كورونا تأقلم مع الإنسان وأصبح انتشاره مسألة عادية على اعتبار أنه في دورة حياة الفيروسات يبدأ شديدًا وخطيرًا ليتطور ويضعف ويتعايش مع الإنسان.

  • هناك جدل كبير في علاقة بالوضع داخل المؤسسات التربوية. ما مدى خطورة "أوميكرون" على الأطفال؟ وما الذي يمكن أن ينقذ الوضع في هذه المرحلة الحساسة؟

الدكتور فوزي عدّاد: أرى أن من الأجدر إغلاق المدارس خلال هذه الفترة لمدة أسبوعين من أجل كسر حلقات العدوى وحماية أطفالنا

لقد تجاوزت نسبة الأطفال والشباب (المتراوحة أعمارهم بين يوم و17 عامًا) الذين تم إدخالهم إلى المستشفى بعد ظهور المتغير "أوميكرون" النسب المئوية في الموجات السابقة. وهذا ما جعل المدارس تتحول بسرعة كبيرة إلى بؤر عدوى، بسبب ارتفاع نسبة الأطفال غير المطعمين بالإضافة إلى عدد كبير من المدرسين الذين لا يزالون غير محصنين. لذا أرى أن من الأجدر إغلاق المدارس خلال هذه الفترة لمدة أسبوعين من أجل كسر حلقات العدوى وحماية أطفالنا.

اقرأ/ي أيضًا: تفشي كورونا في مدارس ومعاهد تونس يثير القلق.. والوزارة في مرمى الانتقادات

  • على الرغم من أن الدراسات الأولية أظهرت انخفاض خطر الإصابة بأمراض خطيرة أو دخول المستشفيات بسبب "أوميكرون" بالمقارنة بـ"دلتا"، فإن شبكات الرعاية الصحية في إسبانيا وبريطانيا وإيطاليا وغيرها وجدت نفسها في ظروف شديدة الصعوبة، فما مدى تأثيرات انتشاره على الوضع الصحي في تونس؟

لا أزال متفائلًا في علاقة بالوضع في تونس نظرًا لانخفاض متوسط عمر السكان، وانخفاض نسبة الأشخاص غير الملقحين ضد كورونا، والذين أصيب جزء كبير منهم بفيروس كورونا مرة واحدة على الأقل.  لذلك من المتوقع أن يكون معدل الوفيات منخفضًا هذه المرة وسيكون ذلك بالفعل انتصارًا كبيرًا للتطعيم. ومع ذلك، يجب وضع استراتيجية جديدة لأن الفيروس يتجاوز جميع إجراءاتنا في وقت قياسي.

إننا نواجه اليوم وجهًا آخرَ من الوباء بفضل جهود التلقيح والتعلم المستمر. سأقول إن "الحاجز النفسي" لخطر الموت الكبير بسبب الفيروس قد سقط وهو بالفعل انتصار عظيم. في نهاية المطاف سينتهي هذا الفيروس بـ"تطعيم" الجميع في وقت قياسي. هل نواجه "أنفلونزا قوية" أو "كوفيد -19" موهن؟ ستكون الأسابيع القليلة المقبلة حاسمة لاتخاذ القرار على المدى الطويل بخصوص هذا الفيروس.

  • هل نتحدث عن نهاية للوباء؟

الدكتور فوزي عدّاد: تستمر الأوبئة عادة ما بين سنتين وثلاث سنوات. سيكون عام 2022 بالضرورة نهاية هذا الوباء مع الحفاظ على انتشار الفيروس والذي سيقتل فقط الأكثر هشاشة

تستمر الأوبئة عادة ما بين سنتين وثلاث سنوات. سيكون عام 2022 بالضرورة نهاية هذا الوباء مع الحفاظ على انتشار الفيروس والذي سيقتل فقط الأكثر هشاشة كما تفعل الأنفلونزا حاليًا دون حصر العالم بأسره.

  • يكثر الحديث في هذه الفترة عن كورونا طويلة المدى. لو تقدم لنا بعض التفاصيل بخصوصها؟

أثبتت عديد الدراسات أن 60٪ من المصابين بفيروس كورونا تستمر معهم عدة أعراض لمدة تراوح الستة أشهر. ومن بين هذه الأعراض الإرهاق الدائم، وتغير في نظام دقات القلب إذ تصبح غير منتظمة وسريعة، بالإضافة إلى ضيق في التنفس. وحتى الرياضيون يفقدون البعض من مؤهلاتهم الجسدية.

وهناك أيضًا دراسات تونسية أثبتت وجود إشكال على مستوى الغشاء الداخلي للشرايين، فآثار الفيروس تبقى على مستوى القلب والشرايين بعد 200 يوم من الإصابة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

علم النفس يجيب عن سؤال "الترا تونس": كوابيس كورونا قد ترافقنا حتى بعد الشفاء!

الوباء والدولة والفرد زمن الخوف