06-نوفمبر-2021

أكرم العدواني مخرج سينمائي تونسي وفي رصيده أكثر من 15 شريطًا سينمائيًا وثائقيًا

 

تعد السينما الوثائقية المخبر الأول لأغلب السينمائيين، من خلالها يمرّون نحو التسريد السينمائي بأنواعه مثل الروائي الدرامي أو المباشر أو الكوميدي.. ونحو التخييل وإعادة بناء الواقع بطريقة شاعرية مغايرة وبأدوات متاحة كالجرأة وتشقيق زوايا المواضيع المطروقة. السينما الوثائقية هي درب الأصيل نحو الحقيقة في أي مجتمع ووسيلة من وسائل صون الذاكرة وحفظها من كل أذى. لذلك هي لا تغيب عن التظاهرات السينمائية الكبرى التي تخصص لها أقسامًا وتتوج المخرجين في مجال الوثائقي وتعتبرهم شركاء في كتابة تاريخ مجتمعاتهم.


ومن المخرجين السينمائيين التونسيين الذين أغوتهم السينما الوثائقية وتلبسوا بها وقطعوا فيها شوطًا مهمًا نجد المخرج "أكرم العدواني" الذي شارك في فعاليات الدورة 32 لأيام قرطاج السينمائية في المسابقة الرسمية للقسم الوثائقي بشريط عنوانه "أبي فيمَ أفنيت شبابك" وهو شريط جديد يتناول جانبًا من شخصية المناضل اليساري التونسي الراحل "جيلبار نقاش".

أكرم العدواني درس السينما بتونس ويشتغل بالسينما الوثائقية منذ بداية الألفية الثالثة وفي رصيده أكثر من 15 شريطًا سينمائيًا وثائقيًا بين القصير والطويل ويعد حاليًا واحدًا من أهم مخرجي الوثائقي في تونس

وأكرم العدواني درس السينما بتونس ويشتغل بالسينما الوثائقية منذ بداية الألفية الثالثة وفي رصيده أكثر من 15 شريطًا سينمائيًا وثائقيًا بين القصير والطويل ويعد حاليًا واحدًا من أهم مخرجي الوثائقي في تونس له مشاركات في عدة مهرجانات سينمائية بالوطن العربي والعالم... وقد التقاه "الترا تونس" بمناسبة مهرجان أيام قرطاج السينمائية لهذه السنة وتنافذ معه حول عدة محاور ثقافية وفنية فكان الحوار التالي:

  • لماذ اخترت شخصية جيلبار نقاش لتكون محور شريطك الوثائقي الأخير "أبي فيمَ أفنيت شبابك"؟ هل لأنها شخصية مثيرة للكاميرا وللتاريخ؟

جيلبار نقاش أو "بابي" كما يحلو للتونسيين مناداته هو رجل وطني ورمز من رموز اليسار التونسي، لكن هذه الشخصية لا تمنحنا كل شيء وهنا يكمن دور الفن ودور السينما التي تمكننا من النظر إلى الشخصية بامتلاء، والسؤال الذي طرحته كاميرا الشريط هو: هل "بابي" راض تمام الرضا عن مسيرته الحياتية بما حوت من هزائم وانتصارات؟ وقد حاولت الإجابة عن ذلك بتشريك شخصية محورية في الشريط وهو "سليم نقاش" نجل "جيلبار" وهنا قدم العمل وجهًا آخر للشخصية المركزية التي أحاطها التاريخ مغلقًا الباب دوننا لكن للحقيقة أوجه أخرى...

اقرأ/ي أيضًا: وثائقي "مجاذيب".. حينما تكون الطريق إلى عالم السطمبالي والجذب بلا معالم

"سليم" يشتغل بالمسرح في إيطاليا ويحقق نجاحات ثقافية هناك لكنه يتساءل فكريًّا وفلسفيًّا حول تجربة والده ورحلته السيزيفية وفي العديد من اللقطات في الشريط يظهر جيلبار ساخرًا من الحياة ومن الواقع السياسي والإديولوجي الحالي أو سليم ساخرًا مما كان يقوم به والده... الشريط هو مراجعة أفكار الشخصية أمام الكاميرا كما يقدم بشكل من الأشكال استياء عائلة نقاش من الرحلة النضالية لوالدهم الذي تعذب جراء الاعتقالات والمنافي والسجون.

إعلان مشاركة فيلم "أبي فيمَ أفنيت حياتك؟" لأكرم العدواني في الدورة 32 لأيام قرطاج السينمائية
  • كيف تلقى اليسار التونسي هذا الشريط والحال أنه يتناول رمزًا من رموزهم؟

اليسار التونسي مستكين ومشتت ومنهك... ولا أعلم ردة فعلهم تجاه الشريط.

العدواني لـ"الترا تونس": السينما الوثائقية هي شغل فني وثقافي بالأساس هدفه الإمتاع وتحريك السواكن الذهنية ومساعدة المتلقي على طرح جميع أنواع الأسئلة، وليس من مهامها التأريخ لأن مهام المؤرخ تختلف عن مهام الفنان السينمائي

  • هل يمكن القول إن للسينما الوثائقية دورًا جوهريًا في المحافظة على ذاكرة الشعوب وإعادة الاعتبار إليها؟

السينما الوثائقية هي شغل فني وثقافي بالأساس هدفه الإمتاع وتحريك السواكن الذهنية ومساعدة المتلقي على طرح جميع أنواع الأسئلة، وليس من مهامها التأريخ لأن مهام المؤرخ تختلف عن مهام الفنان المشتغل بالسينما، قد يتقاطعان وقد يكمل أحدهما الآخر لكنهما في النهاية يسيران في دربين مختلفين.

  • "الطاهر الحداد"، "حروب المضيق"، "تاريخ النشاط الصهيوني في تونس منذ القرن التاسع عشر"، "سيرة عبد الأقدر الجزائري"، "بربر الجزائر بين التعريب والتغريب"، "إيطاليا على خط المواجهة "... هي بعض عناوين أفلامك التي تشي بأنك لست خطيًّا أو تشتغل على ذاكرة الوطن التونسي فحسب بل نرى كاميراك تسافر لتشتغل على ذاكراة الجوار؟

أحيانًا أشعر أني لست إزاء عمل سينمائي بل إزاء عمل صحفي وخاصة في مرحلة الاستقصاء وجمع المعلومات التي يتطلبها الشريط وتدقيقها، وفي أحيان أخرى، الحقيقة التي أشتغل عليها تحملني إلى حقائق جديدة، فالحقيقة حقائق والحقيقة المطلقة غائبة لذلك تجدني أسافر وأنجز أفلامًا تهم ذاكرة مجاورة كما حصل في شريط بربر الجزائر.

اقرأ/ي أيضًا: فيلم "النخيل الجريح".. درس المثقف الانتهازي

العدواني لـ"الترا تونس": يعد الوثائقي حمال هموم وأفكار وحمال حقائق حول ما يحدث هنا وهناك، والإنسان تواق بطبعه للحقيقة لذلك تستهويه كاميرا الوثائقي كفاعل سينمائي أو كمتلقٍّ

  • من خلال عدد من أفلامك الوثائقية يبدو المخرج أكرم عدواني صوتًا للأقليات، إلى أي مدى يبدو ذلك صحيحًا؟

اشتغلت على الأقليات في تونس وفي الجوار وذلك اعتقادًا مني بأن التعدد الإثني والديني والثقافي واللغوي داخل الفضاء الجغرافي الواحد لا يهدد الحياة ولا يهدد كيانات الدول بل يزيدها بهاء ويضفي عليها جمالًا حضاريًا. لذلك فإن إيماني شديد بأن أنسنة الأقليات بواسطة الفن والأنشطة الجمعياتية والمدنية هي السبيل الوحيد لبقائها واستمرارها والمحافظة عليها وحمايتها من كل أشكال التضييق، وفي النهاية هذا هو دور الكاميرا في السينما وفي الحياة.

  • منذ سنوات خصصت تظاهرة أيام قرطاج السينمائية قسمًا للسينما الوثائقية لعرض القصص والاحتفاء بكبار صناع السينما الوثائقية إلا أن الطلب على المشاركة به في الدورات الأخيرة بات لافتًا للانتباه، ما تفسيرك لذلك؟

 أيام قرطاج السينمائية هي فضاء نوعي للعرض السينمائي في مختلف المجالات وأيضًا هي فضاء للتفكير والجدل حول قضايا ومشاغل الشعوب، ويعد الوثائقي حمال هموم وأفكار وحمال حقائق حول ما يحدث هنا وهناك، والإنسان تواق بطبعه للحقيقة لذلك تستهويه كاميرا الوثائقي كفاعل سينمائي أو كمتلقٍّ.  

لقاء مراسل "الترا تونس" رمزي العياري مع المخرج السينمائي أكرم العدواني

 

اقرأ/ي أيضًا:

فيلم "فرططو الذهب" لعبد الحميد بوشناق: هشاشة الإنسان بواقعية سحرية سينمائية

صانع الكرتون أحمد المناعي: لا أخشى المضايقات والحرب العالمية 3 مشروعي القادم