05-يونيو-2023
قضاة قضاء عدالة

نبهت إلى "فداحة ما تروج له من مخططات بالإضافة إلى ما ترمي إليه من ترهيب القضاء والقضاة" (حسن مراد/ Defodi images)

الترا تونس - فريق التحرير

 

عبّرت جمعية القضاة التونسيين، الاثنين 5 جوان/يونيو 2023، عن تنديدها الشديد بما وصفتها بـ"الحملات الخطيرة" ضد رئيس الجمعية ومسؤوليها ومنتسبيها، منبهة إلى "فداحة ما تروج له من مخططات بالإضافة إلى ما ترمي إليه من ترهيب القضاء والقضاة".

وقالت الجمعية، في بيان صادر عن مكتبها التنفيذي، إنه جاء في تصريحات أحد المعلقين في قناة "التاسعة" الخاصة جملة من "الأكاذيب والافتراءات والاتهامات بغاية الوصم السياسي لرئيس الجمعية ومسؤوليها ومنتسبيها في انفلات أخلاقي تام وخروج  مشين على قواعد وأخلاقيات المهنة الصحفية بما يشكل جرائم تقع تحت طائلة القانون".

جمعية القضاة التونسيين: عودة صفحات الكذب والتشويه والاتهام والافتراء والسحل الإلكتروني إلى النشاط المكثف والمنسق بعد اختفائها لمدة وجيزة وهي صفحات تديرها جهات تدعي قربها من السلطة السياسية

كما سجّلت جمعية القضاة "عودة صفحات الكذب والتشويه والاتهام والافتراء والسحل الإلكتروني والاعتداء على ذمم وشرف الأشخاص والعائلات إلى النشاط المكثف والمنسق بعد اختفائها لمدة وجيزة"، مشيرة إلى أن "هذه الصفحات تديرها جهات تدعي قربها من السلطة السياسية وخدمة خياراتها"، على حد قولها.

وذكّرت بأنه "سبق لها أن رفعت عديد الشكايات ضد الصفحات المذكورة ظلت إلى اليوم تراوح مكانها، الأمر الذي مكن هذه الصفحات من مواصلة نشاطها ومثّل غطاء للقائمين عليها للإفلات من أي محاسبة قانونية وشجع أصحابها على المضي قدمًا في ممارساتهم إمعانًا في هتك الحرمات والأعراض دون رادع واختلاقًا لأفعال باطلة ولا أساس لها من الصحة"، حسب ما ورد في نص البيان.

جمعية القضاة التونسيين تنبه إلى "خطورة ما قد تخفيه هذه الاعتداءات الممنهجة من أغراض مبيتة" محذرة من أن تكون هذه الحملة تمهيدًا مرتّبًا لمزيد استهداف القضاء والقضاة 

واعتبرت الجمعية أن "عودة هذه الحملات واستهدافها لرئيس الجمعية ونشطائها ليس صدفة إذ تزامن مع تنفيذها وقفة احتجاجية بالتنسيق مع هيئة الدفاع عن القضاة المعفون بمناسبة مرور سنة على مجزرة الإعفاءات وما تلا الوقفة من تصريحات إعلامية ذكّرت الرأي العام بخطورة تلك المجزرة وبتعطل الحركة القضائية وعودة السلطة التنفيذية لتعيين القضاة مباشرة بواسطة مذكرات من وزيرة العدل ونددت بتدخل السلطة التنفيذية في القضاء وتداعيات ذلك على استقلال القضاء وواقع الحقوق والحريات في البلاد"، على حد تقديرها. 

واستنكرت جمعية القضاة، في ذات الصدد، ما اعتبرته "صمت السلطة السياسية عن هذه الأفعال والاعتداءات التي تقع تحت أنظار وزيرة العدل والصادرة من أشخاص وصفحات يدعون قربهم من الرئيس التونسي قيس سعيّد والدفاع عن خياراته".

 

 

كما نبّهت إلى "خطورة ما قد تخفيه هذه الاعتداءات الممنهجة من أغراض مبيتة في شكل حملات اتصالية منسقة تدار في أغلبها بواسطة صفحات مشبوهة على منصات التواصل الاجتماعي وتنشط خارج القانون"، محذرة من أن تكون هذه الحملة تمهيدًا مرتّبًا لمزيد استهداف القضاء والقضاة بغاية إسكات كل صوت يتمسك باستقلالية القضاء ويكشف مظاهر التدخل في عمله، وفق تعبيرها.

جمعية القضاة تستنكر ما اعتبرته "صمت السلطة السياسية عن هذه الأفعال والاعتداءات التي تقع تحت أنظار وزيرة العدل والصادرة من أشخاص وصفحات يدعون قربهم من الرئيس والدفاع عن خياراته"

وحذرت من أي توجه في سياق هذه الحملات للزج برئيس الجمعية فيما يعرف بقضايا "التآمر على أمن الدولة" طبق ما يردده القائمون على تلك الصفحات على خلفية دفاعه عن مبادئ القضاء المستقل وعن حقوق القضاة المعفيين ظلمًا، حسب ما ورد في ذات البيان.

وفي هذا السياق، حملت جمعية القضاة التونسيين السلطة التنفيذية مسؤولية السلامة الجسدية للقضاة المستهدفين وعائلاتهم على إثر تصاعد الخطاب التحريضي ضدهم دون رادع، مجددة تضامنها التام مع كل القضاة الذين شملتهم الحملات الظالمة ومع رئيس الجمعية  ومساندتها لهم ضد أي قرارات تعسفية أو تتبعات جائرة مهما كانت طبيعتها، ومهيبة بجميع القضاة الالتفاف حول هياكلهم وممثليهم حماية لهم من محاولات النيل منهم ومن هياكلهم باستعمال الإجراءات التأديبية والجزائية ضدهم استعمالًا جائرًا، حسب توصيفها.

جمعية القضاة التونسيين: السلطة التنفيذية تتحمل مسؤولية السلامة الجسدية للقضاة المستهدفين وعائلاتهم على إثر تصاعد الخطاب التحريضي ضدهم دون رادع

وجدّدت تمسكها بتتبع الأشخاص المعنيين والصفحات المذكورة ومن يديرها جزائيًا وكل الضالعين في هذه الحملات واتخاذ كل الإجراءات اللازمة للغرض، مطالبة النيابة العمومية بتحمل مسؤولياتها في التعامل مع الشكاوى التي تمّ إيداعها منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2021 بكامل الجدية وتحميل المسؤوليات لمن يتحملها.

كما طالبت جمعية القضاة الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري "الهايكا"، في ما هو من اختصاصها، بأن "تتحمل مسؤوليتها في التصدي لهذا الانفلات الإعلامي"، ونقابة الصحفيين التونسيين فيما يدخل ضمن صلاحياتها وواجبها بـ"مجابهة هذا الوضع المتفاقم في قنوات تلفزية تبيح لنفسها رعاية خطاب الثلب والافتراء وتتجه إلى عموم والتونسيين بحديث خطير ملؤه الكذب والتحريض والكراهية"، وفق البيان ذاته. 

 

 

يذكر أن جمعية القضاة كانت قد نظمت، الخميس 1 جوان/يونيو 2023، وقفة احتجاجية أمام قصر العدالة بتونس العاصمة بمناسبة الذكرى الأولى للإعفاءات الرئاسية التي طالت 57 قاضيًا، بالتنسيق مع هيئة الدفاع عن القضاة المعفيين في تونس.

وقال رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمادي، في كلمة له خلال الوقفة الاحتجاجية، إن هذا التحرك يأتي للتذكير بما وصفه بـ"اليوم الأسود في تاريخ القضاء التونسي الذي شهد إعفاءات ظالمة في حق القضاة خارج كل المسارات القانونية"، معقّبًا: "هذه المظلمة الكبرى دعونا مرارًا وتكرارًا لرفعها من قبل الرئيس التونسي قيس سعيّد، لأن عدم تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية ليس له أي علاقة بدولة القانون".

 

 

وتابع الحمادي: "هذه الأزمة القضائية امتدت على مدار سنة كاملة ولا يمكن أن تتواصل أكثر في ظل الوضعية الكارثية التي يعيشها القضاة المعفيون اليوم على كل المستويات"، مؤكدًا: "حتى القضاة المباشرين اليوم يعملون تحت القصف والترهيب وسيف الإعفاءات والتعيينات المباشرة لوزيرة العدل"، وفقه.

كما شدد أنس الحمادي على أن القضية اليوم ليست قضية القضاة فحسب وإنما هي قضية كل فئات الشعب التونسي، باعتبار أن عديد الانتهاكات شملت صحفيين وسياسيين وقضاة وغيرهم، واتخذت في حقهم إجراءات يمينًا ويسارًا دون محاسبة"، حسب ما جاء على لسانه.

ويعيش القضاء التونسي منذ 25 جويلية/يوليو 2021 أزمة، انطلقت بحلّ المجلس الأعلى للقضاء ووضع مجلس مؤقت محلّه بتسمية أعضائه من قبل الرئيس التونسي قيس سعيّد، ثم تدعّمت بإصدار سعيّد، في 1 جوان/يونيو 2022، أمرًا رئاسيًا يتعلق بعزل 57 قاضيًا في تونس، وقد أثار ذلك ضجة واسعة على المستوى الحقوقي في الداخل والخارج. 

وعلى الرغم من صدور أحكام قضائية من المحكمة الإدارية، في 10 أوت/أغسطس 2022، تقضي رسميًا بإيقاف تنفيذ 49 قرار إعفاء، إلا أن وزارة العدل التونسية رفضت تفعيل هذه الأحكام وإعادتهم إلى عملهم، ومنذ ذلك الحين يخوض القضاة تحركات من أجل المطالبة برفع هذه "المظلمة"، وفق توصيفهم.