10-فبراير-2020

وقع حقل نوارة بسبب الخلافات والصراعات رهينة ما يمكن نعته على سبيل المجاز الاختطاف أو "القرصنة السياسية والنقابية"

 

ألترا تونس- فريق التحرير

 

الحديث عن حقل نوارة للغاز الطبيعيّ بولاية تطاوين لا يزال يفتقر إلى الوضوح والشفافية، فالتواريخ والأرقام المذكورة تقدّم حقيقة مبتورة بعضُ عناصرها محجوبة بل "مسيّسة"، هذا ما صرّح به مهندس في الجيولوجيا وعلوم الأرض لـ"ألترا تونس" اختار التحفّظ عن ذكر اسمه. 

من أهم الاحترازات التي كشف عنها محدثنا ما تعلق بالفرق بين حجم الإنتاج آجلاً أو عاجلاً وضخامة البنية التحتية والتجهيزات في حقل نوّارة

محدّث "الترا تونس" يوكّد أنّ الإعلان عن دخول حقل نوارة في الإنتاج الفعلي يوم 5 فيفري/ شباط 2020 سابق لأوانه أو يحتاج إلى التنسيب والتدقيق، ذلك أنّ حقل نوارة يكتسي ضخامته من صلته بحقل أخر وقعت برمجته ولم يتم إنجازه بعدُ، وهو حقل برج الخضراء، وإن شئنا مزيد التبسيط قلنا إنّ "نوارة" الذي لا يتعدى عدد الآبار فيه التسعة هو بمثابة حقل تصب فيه آبار أخرى من حقل آخر، كما ينبغي التنصيص، حسب نفس المصدر، على أنّ خمسة أبار فقط من تسعة تمّت تجربتها إلى حدّ الآن. "فبلوغ 2.7 مليون متر مكعب يوميًا لا يعدو أن يكون مجرد تقديرات، حتى لا يتوهم المواطن أنّ الغاز قد غمر الجنوب، فيترجم تلك المعطيات الضبابية بعبارات من قبيل "وينو الغاز" وأسئلة من قبيل أين ذهبت عائدات هذه الثروة؟".

من أهم الاحترازات التي كشف عنها محدثنا ما تعلق بالفرق بين حجم الإنتاج آجلاً أو عاجلاً وضخامة البنية التحتية والتجهيزات، فقد بلغت كلفة المشروع، حسب الأرقام الرسمية 3.5 مليار دينار، في تشير بعض المصادر غير المؤكدة أن هذه التكلفة قد تضاعفت، والإنتاج المتوقع، حسب تقدير محدثنا، قد لا يتناسب مع هذا الجهد الاستثماري، وشبه هذه المفارقة باستعمال شاحنة كبرى لنقل كيس من الخضر.

بين الشاهد وموسي معركة التضخيم والتقزيم

ردًا على سؤال "ألترا تونس" حول التضارب بين التصريحات التي تستخف بالمشروع والبيانات التي تضخم من مزاياه، قال المهندس الجيولوجي "لا تعجب فالخطاب السياسي دأبه المبالغة مدحًا أو ذمًّا".

تلك التصريحات بدت قائمة على نوعين من المغالطات، المغالطة الأولى صدرت عن يوسف الشاهد، رئيس الحكومة المكلف بتصريف الأعمال، فقد عرض يوم 5 فيفري/ شباط 2020 نصف الحقيقة حينما نوّه بالمكاسب دون تحيينها وتنسيبها وإبراز شروط تحققها  وقد استدرك هذا الأمر بعد يوم واحد حينما صرّح "بأن بداية الإنتاج تعني معاينة أول متر مكعب من الغاز الطبيعي وقع استخراجه" وأضاف قائلاً "طبعًا لن يدرك حقل نوارة المائة بالمائة من الإنتاج المتوقع، ذلك أنّ 2.7 مليون متر مكعب ماهمش باش يخرجو مالنهار لول"، ( وقد لا ندرك هذا الرقم قبل سنتين على الأقل حسب بعض المصادر)، هذا الإيضاح كان ضرورياً وهو كفيل بلجم أحلام المواطنين وتعديل انتظاراتهم.

تؤكّد كل المصادر أنّ عملية تشغيل ثلاثة آبار قد تمّت فعلاً، بهذا يكون الشاهد قد بالغ تضخيمًا لحدث الافتتاح وتكون موسي قد بالغت تهميشًا واستخفافاً بهذا "اليوم التاريخي"

المغالطة الثانية تتفق مع الأولى في مجانبة الصواب، لكنها تختلف عنها في المقصد، فقد نفت عبير موسي، رئيسة لجنة الطاقة والثروات الطبيعية، خبر دخول حقل نوارة حيز الاستغلال، وعدّت كلام الشاهد خال من الصحة فما حصل بالنسبة إليها لا يعدو أن يكون مجرّد تجربة فنية، في حين تؤكّد كلّ المصادر أنّ عملية تشغيل ثلاثة آبار قد تمّت فعلاً، بهذا يكون الشاهد قد بالغ تضخيمًا لحدث الافتتاح وتكون موسي قد بالغت تهميشًا واستخفافاً بهذا "اليوم التاريخي". 

فضلاً عن التجاذب السياسي كان للطرف النقابي رأي في حقل نوارة، فقد كشف الاتحاد الجهوي للشغل بولاية تطاوين عن استغرابه من عملية التدشين السابقة لأوانها، وفق تقديره، معللاً ذلك في بيان احتجاجي بأنّ حقل نوارة لم تكتمل أشغاله، فالعديد من القنوات المعدة لنقل الغاز لم يتم تركيزها إلى حدّ الآن.

اتضح من خلال هذه الأصوات المتعددة أن حقل نوارة لم يتم التعامل معه باعتباره مشروعًا استثماريًا يقيّم تقييمًا موضوعيًا وإحصائيًا وعلميًا، إذ وقع بسبب الخلافات والصراعات رهينة ما يمكن نعته على سبيل المجاز الاختطاف أو "القرصنة السياسية والنقابية".

 

اقرأ/ي أيضًا:

بقيمة استثمارية تبلغ 3,5 مليار دينار: حقل نوارة يدخل حيّز الإنتاج

سيسهم في تقليص العجز الطاقي: قريبًا دخول حقل "نوارة" حيز الاستغلال