(نشر في 28-12-2024/ 12:30)
الترا تونس - فريق التحرير
أثار خطاب الرئيس التونسي قيس سعيّد، في آخر مجلس وزاري، حول "الوحدة الوطنية" عديد التفاعلات في صفوف نشطاء وسياسيين، نظرًا للسياق الذي جاء فيه خاصة وأن الوضع العام في البلاد يتسم بالتأزم على جل الأصعدة فضلًا عن مناخ الكراهية والتخوين الذي عمّ البلاد.
أثار خطاب الرئيس حول "الوحدة الوطنية" عديد التفاعلات في صفوف نشطاء وسياسيين نظرًا للسياق الذي جاء فيه خاصة وأن الوضع العام في البلاد يتسم بالتأزم على جل الأصعدة فضلًا عن مناخ الكراهية والتخوين الذي عمّ البلاد
وكان قيس سعيّد قد قال، في المجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 26 ديسمبر/كانون الأول 2024، إنّ "سنة 2024 ستكون سنة كل التحديات وتجسيد آمال الشعب التونسي وانتظاراته المشروعة في الشغل والحرية والكرامة الوطنية".
وتابع قائلًا: "تحديات كثيرة سنرفعها وأهم سدة في مواجهة كل أشكال التحديات في ظل هذه الأوضاع المتسارعة وغير المسبوقة التي يشهدها العالم اليوم، تتمثل في وحدة وطنية صمّاء تتكسّر على جدارها كل المحاولات اليائسة لضرب الاستقرار"، حسب تعبيره.
وسرعان ما أثارت كلمة الرئيس عدة ردود فعل على الساحة السياسية، وتساءل نشطاء كيف يمكن الحديث عن وحدة وطنية اليوم بعد أنّ استفحل خطاب الكراهية والتخوين.
تساءلت أستاذة القانون الدستوري سلسبيل القليبي عن الوحدة الوطنية التي نريد "والبلاد تغرق في الكراهية والبغض والتخوين والترصّد للآخر"
ودوّنت أستاذة القانون الدستوري سلسبيل القليبي، على صفحتها بفيسبوك، إنّ "العُزوة والوحدة الوطنية ضروريان أكثر من أي وقت آخر في ظرف يتميّز بمحيط عالمي عدائي ومحيط إقليمي دقيق ومتقلّب ووضع داخلي حرج يتميّز بهشاشة اقتصادية ومالية ممكن غير مسبوقة في تونس"، مستدركة القول: "لكن أي وحدة وطنية ممكنة والحال أنّ البلاد غارقة في الكراهية والبغض والتخوين والترصّد للآخر؟".
وأضافت متسائلةً: "أي وحدة وطنية ممكنة والحال أن الناس يعيشون في كنف الخوف والغبن والقهر والظّلم؟"، حسب ما جاء في تدوينتها.
ومن جانبه، تساءل القيادي في حزب التيار الديمقراطي (معارضة)، هشام العجبوني، عمّا إذا كان الرئيس، في طرحه مسألة الوحدة الوطنية، مطلعًا على وضع الحقوق والحريات في البلاد وعلى ما يحدث من "ظلم وانتهاكات وتنكيل"، وفق تعبيره.
هشام العجبوني يتساءل عمّا إذا كان الرئيس، في طرحه مسألة الوحدة الوطنية، مطلعًا على وضع الحقوق والحريات في البلاد وعلى ما يحدث من "ظلم وانتهاكات وتنكيل" وعودة إلى "مربع الخوف والرعب"
وذكّر العجبوني، في هذا الصدد، بـ"الظلم الذي أصبح مستشريًا بطريقة غير مسبوقة وعديد التونسيين، من سياسيّين وإعلاميّين وصحفيّين ونقابيّين ومدوّنين ونشطاء بالمجتمع المدني، يقبعون في السّجون بتهم واهية وتافهة وعلى أساس ملفّات فارغة"، حسب ما جاء في تدوينته.
وتابع قائلًا: "عدنا إلى مربّع الخوف والرّعب بعد أن تحرّرنا منهما بفضل الثورة ودم الشهداء وتضحيات المناضلين"، مشددًا على أنه "لا يمكن بناء وطن متقدّم ومزدهر وعادل في ظل استشراء الخوف من عصا البوليس أو القضاء"، وفق التدوينة ذاتها.
ومن جهته، قال الأمين العام لحزب التيار الشعبي، المساند للرئيس ولمسار 25 جويلية، زهير حمدي، في تدوينة له على فيسبوك، إنّ "الدعوة إلى الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية ينبغي أن تتحول من دائرة الخطاب إلى التجسيم على أرض الواقع".
زهير حمدي: تعبئة الشعب التونسي بكل مكوناته وقواه السياسية والمدنية ونخبه على قاعدة الثوابت الوطنية والسيادة وقيم الديمقراطية والحرية هو الضمانة الوحيدة لهذه الوحدة الوطنية
وأضاف في هذا الصدد: "كي تتحول الوحدة الوطنية إلى واقع ملموس ينبغي الاتفاق على شروط تحققها ومقتضياتها"، مشددًا على أنّ "تعبئة الشعب التونسي بكل مكوناته وقواه السياسية والمدنية ونخبه على قاعدة الثوابت الوطنية والسيادة وقيم الديمقراطية والحرية هو الضمانة الوحيدة لهذه الوحدة وأداتها في نفس الوقت"، حسب تصوره.
ويأتي هذا الحديث عن الوحدة الوطنية يومين بعد قضاء محكمة التعقيب بتونس برفض جميع مطالب التعقيب أصلًا فيما يعرف بقضية "التآمر على أمن الدولة"، الموقوف على ذمتها سياسيون من الصف الأول في المعارضة التونسية، ما يعني تثبيت التهم عليهم وإحالة الملف على أنظار الدائرة الجنائية.
وكانت محكمة التعقيب، قد نظرت الثلاثاء 24 ديسمبر/كانون الأول، في الطعون التي تقدمت بها هيئة الدفاع عن المتهمين في القضية التي تعود أطوارها إلى فيفري/شباط 2023، حين تمّ إيقاف عدد من السياسيين والناشطين في المجتمع المدني والمحامين من أجل تهم تتعلق بالخصوص بـ"تكوين وفاق بغاية التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي".
وقد مر 22 شهرًا على انطلاق حملة الإيقافات التي طالت معارضين سياسيين في تونس في القضية الأولى فيما يعرف بـ"التآمر على أمن الدولة" التي تمت إثارتها على خلفية لقاءات جمعت المعارضين المعنيين من أجل البحث عن حلول في علاقة بالأزمة السياسية بالبلاد، وفق ما أكدته هيئة الدفاع عنهم في أكثر من مناسبة.